اخر الاخبار

الأهواء في السياسة خفة عقل لا تحتمل




محمد ناجي أحمد*
_____________

كتب أحدهم أن علي عبدالله صالح وهو محاصر في أضيق هامش استطاع أن يخلق لنفسه عدة خيارات وكأنه في أفق لا محدود ،في حين أن عبدربه منصور هادي،وهو في الفضاء اللامحدود إقليما ودوليا يبدو مشلولا وعديم الحيلة... وهذا الرأي متخفف من وجهة نظري من حجب الأهواء ومزاحمة الذاتي للعوامل الموضوعية التي تعمل في المشهد اليمني ،ساخرة من أوهام الرغبات و"هنجمة " الصراع.

لقد كان الرئيس علي عبدالله صالح بفعل نزول جماهير "اللقاء المشترك "إلى الساحات، في أضعف حالاته.ظل يناور، ويكسب الوقت ويغير من معادلة الكثرة الجماهيرية، بفعل النفس القصير للجماهير وهوجتها.

وكان الرئيس هادي منذ 2012م يتحرك بقدرات أقل من رئيس فخري، متكئا على التجمع اليمني للإصلاح والقبيلة السياسية كذراع قبلي له، والفرقة الأولى مدرع بقيادة اللواء علي محسن كذراع عسكري للتجمع.

ولأن هذه القوى مثقلة بالمصالح، ولا تستطيع أن تتحرك إلاّ في إطار الاستجابة الشرطية وردود الأفعال، كسمة تخص الإخوان المسلمين، لتعم حلفاءهم –انسحب أداء هذه القوى على ضعف المبادرة لدى هادي وجمود وضعه.

يبدو أن المشهد السياسي في اليمن بعد سبع سنوات عجاف ظل محافظا على تراتب القوى مع إنهاك لتجمع الإصلاح، يقابله تنامي قوة المؤتمر الشعبي العام بسبب فاعلية حركة رئيسه علي عبدالله صالح، ووجود قوة جديدة في الساحة اليمنية، هم"أنصار الله " الذين تحولوا من حركة محاصرة في( صعدة )طيلة الحروب الستة إلى قوة عسكرية واقتصادية وجماهيرية نمت في مواجهة العدوان السعودي وتحالفه ،وتأتي في المرتبة الثالثة بعد "المؤتمر الشعبي العام "و"التجمع اليمني للإصلاح ".

لا شك أن الحرب لم يعد له أفق ،وأن إطالتها سيجعل من الفوضى المنضبطة التي تستثمر هنا وهناك –حربا منفلتة ودمارا شاملا ،لهذا أتوقع نهايتها، والبدء بالاتفاق على تسوية واستحقاقات سياسية ومن بينها "الانتخابات التوافقية ".

سبق أن كتبت مقالا بعنوان "ليست طبول حرب" وذلك قبل أسبوع من احتفال المؤتمر الشعبي العام بمرور 35سنة على تأسيسه، وقلت بأن هذه "طبول حشد لا طبول حرب" على النقيض من توقعات ورغبات ومخاوف العديدين، الذين كانوا "فئة واحدة تتكلم بأصوات عديدة ".

وفعلا جاء الحشد الجماهيري كما توقعت من حيث الضخامة والرسالة، فهو لم يكن لعناصر المؤتمر وأنصاره، وإنما شمل فئات اجتماعية أفقرتهم الحرب، فكانت ساحة السبعين بالنسبة لهم أملا في عودة مصادر رزقهم ومعيشتهم .فإذا كانت العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لصالح تنامي قوة "المؤتمر "وحشوده.

لقد حقق مهرجان السبعين أهدافا عديدة، منها استعادة ولاء كوادر المؤتمر في المناطق المسيطر عليها من قوات التحالف وشرعية هادي، وهي الكوادر التي عملت المسيرات المسماة ب"المليونية "التي كان يسيرها "تجمع الإصلاح "في تلك الجغرافيا إلى زعزعة تمسكها بتنظيم "المؤتمر" .ورسالة للولايات المتحدة الأمريكية، والتحالف السعودي مفادها أن المؤتمر لازال قويا، بل أقوى مما كان عليه في انتخابات 2006م.

ليس دقيقا ولا صحيحا أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت تنظر لعلي عبدالله صالح بأنه "كرت محروق"كنظرتها المعتادة لكل المستبدين الذين يصبح وجودهم عبئا عليها زأولا لأن صالح لم يكن حاكما مستبدا بالأمر والمال، ليس زهدا منه وإنما لأن طبيعة السلطة في اليمن: تركيبة وموازين القوى فيها تقوم على المحاصصة بين مراكز القوى العسكرية والقبلية والتجارية والدينية. ولأن الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل في سياستها، وانحيازاتها وفقا لمصالحها مع قدرة الآخرين وكفاءتهم وثقلهم فإنها طيلة السنوات الماضية لم تتعامل مع صالح على أنه "كرت محروق" لأنه استمر يتحرك سياسيا وجماهيريا وعسكريا بلياقة، وابتكار للمبادرات من خلال كوادره، وإصرار شبابي وكأنه ليس في الثمانينات من عمره.

صحيح أنه بحكم استحالة معاندة القدر أصبح مثقلا بالعقود التي عاشها، لكن في الحروب يتم التعامل مع الكفاءة والخبرة لامع السن. وعند التسويات سيكون التنحي من مقتضيات البيولوجيا وحتمية القدر.

إلاّ أنه يكون قد استطاع أن يجعل من "المؤتمر الشعبي العام "كتنظيم لتحالف المصالح –الرقم الأول في توازنات القوى السياسية.

* من حائط الكاتب في شبكة التواصل الاحتماعي بالفيس بوك، وبأذن مباشر منه..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016