اخر الاخبار

طبيب ومشفى.. وحيدان يكافحان خطر الكوليرا في ريف شرعب

وكالة أرصفة للأنباء- وليد عبد الواسع
وحيداً يكافح الدكتور/ جلال الفهيدي، في مستشفى يفتقر إلى التجهيزات الكافية لمواجهة وباء الكوليرا بهذا الشكل المخيف، لإنقاذ حياة المصابين من أبناء بلدته شرعب وما جاورها من مناطق، وسط ظروف صعبة ومرعبة للغاية..



خلال الأسابيع الماضية طبب جلال، الذي يشغل مديراً لمستشفى الحرية الريفي، 450 حالة من المصابين بأعراض الكوليرا.. واجه جلال منفردا ثلاثين خائفا من الموت، حد توصيف الزميل صقر الصنيدي..

وظهرت حالات إصابة بمرض الكوليرا الخطير بمديرية شرعب الرونة بمحافظة تعز- جنوب غرب اليمن، وفقاً لمصادر طبية في المديرية قالت أن المرض بدأ ينتشر خلال الأسابيع الماضية هناك بشكل متسارع دون أي مكافحة أو اهتمام من قبل الجهات المختصة.

مواجهة مستمرة
على مدى 24 ساعة يعمل الدكتور/ جلال الفهيدي في مستشفى الحرية الريفي في مديرية شرعب الرونة بمحافظة تعز، برفقة 4 ممرضات، مستقبلاً حالات الإصابة بالكوليرا من مختلف عزل مديريتي شرعب الرونة والسلام، ومناطق أخرى تابعة لمحافظتي إب والحديدة..

يقول الدكتور جلال، بأن المستشفى الذي يديره استقبل أكثر من 450 حالة إصابة بوباء الكوليرا حتى تاريخ 19 مايو. وأوضح أن المستشفي يستقبل 30 حالة في اليوم الواحد على الأقل من مختلف الأعمار.
الطبيب جلال الفهيدي برفقة ممرضات المشفى

في الثلاثين من مايو كان مدير عام مستشفى الحرية الريفي- الدكتور/ جلال الفهيدي يضمد عيني الطفلة/ شيما محمد مهيوب، 12 عام، التي توفت نتيجة إصابتها بمرض الكوليرا، والحزن يرتسم على وجهه.

يتضاعف الحزن لدى جلال أكثر على حالات غير حالة شيماء، التي تموت قبل وصولها المشفى، كالطفل/ زياد نشوان حمود، البالغ من العمر خمسة أعوام، والذي اصطاده عزرائيل قبل وصوله مشفى الحرية الريفي.

توفي زياد أمام مرأى أسرته التي وجدت نفسها عاجزة عن إنقاذ طفلها، كونها لا تملك المال الكافي لإسعافه، فعائلها نشوان حمود يعمل بالأجر اليومي، وبالكاد يوفر القوت اليومي الكفيل بإسكات قرقرة أمعاء أطفاله الخاوية.. اكتفت الأسرة بالإيمان بالقضاء والقدر، وذرف الدموع وكثير من الحزن والأسى..

جائحة الموت
سبق زياد، شيماء بيوم واحد فقط، وهو من أهالي قرية زرمان، عزلة بني سري شرعب الرونة، البلدة الريفية التي توشحت الحزن، والخوف لف أنحاءها، فيما اعتري المواطنين الرعب والوجع معاً، وهم يفيقون على صدمة وفاة الطفل بوباء الكوليرا، الذي يجتاح عزل وقرى المديرية بشراسة.

وعادت الكوليرا بشراسة إلى مديرية شرعب الرونة بمحافظة تعز- جنوب غرب اليمن- وفق مصادر طبية قالت أن وباء الكوليرا عاد للانتشار بشكل مفزع في المديرية.

بحسب الدكتور الفهيدي فقد فارقت الطفلة شيماء، القادمة من منطقة بني سبأ مديرية شرعب السلام، الحياة نتيجة إصابتها بالكوليرا بعد وصولها مشفى الحرية الريفي بساعتين.

شيماء أعدت الحالة الثانية التي توفت بالمستشفى وخامس حالة على مستوي عزل ثلاث تابعة للمديرية، فيما هناك حالات توفيت قبل وصولها المشفى، وفق مصادر طبية.

وكانت المراكز الصحية بمديرية شرعب الرونة أطلقت في العشرين من مايو نداء استغاثة للتدخل العاجل لإنقاذ المديرية من جائحة وباء الكوليرا.

انتصار مجزوء
وفي إشارته إلى وفاة 10 حالات بوباء الكوليرا في شرعب الرونة وارتفاع المصابين إلى 750شخص، أعلن مكتب الصحة بالمديرية في الثاني والعشرين مايو خروج الوضع الصحي عن السيطرة، جراء ارتفاع عدد الوفيات المصابة بالكوليرا، واصفا الوضع بالكارثي.

غير أن الدكتور الفهيدي يؤكد أن "المستشفي استطاع أن يحتوي هذا العدد الكبير من المصابين وتقديم الخدمات الطبية اللازمة من دواء وفحوصات، رغم العجز بالكادر الطبي".

ومع ذلك يلفت الدكتور/ جلال إلى حاجة مستشفى الحرية الريفي إلى أسرة رقود للمرضي، وأيضاً طاقم طبي إضافي.

مشيراً إلى أنه يعمل بمفردة بالمستشفى الذي يديره مع بعض الطاقم لتقديم اللازم للمصابين بالكوليرا الذي ينتشر يوما بعد يوم وبشكل كبير.

نداء استغاثة
وسبق لمكتب الصحة بمحافظة تعز أن اعتمد مستشفى الحرية بمديرية شرعب الرونة ضمن 3 مراكز رئيسة لاستقبال الحالات في المحافظة مع بداية ظهور حالات الكوليرا وثبوت وجودها مخبريا كمراكز أساسية في مناطق تفشي الوباء.

كغيره من المراكز يكتظ المشفى بالكثير من الحالات، في وقت يفتقر إلى التجهيزات الكافية لمواجهة الوباء بهذا الشكل المخيف.

وتظل الأعداد المعلن عن إصابتها فوق طاقة المستشفى وشحة الإمكانيات وصعوبة مواجهة الوباء، في حين تتفاقم الكارثة على وقع اجتياح الوباء جغرافية شرعب الرونة.

يأتي ذلك وسط صمت وتجاهل من الجهات المعنية والمنظمات الدولية والمحلية المعنية والمختصة بإنقاذ الوضع الخطر.

يناشد الفهيدي الجهات الرسمية والمنظمات الدولية بإنقاذ حياة هؤلاء البشر من تلك الكارثة والوباء الفتاك وتقديم الدعم الكافي للمستشفى كي يستمر بعمله على أكمل وجه.

الطبيب الإنسان
ظل مستشفى الحرية خلال سنوات مضت هو المنقذ لمئات الحالات، يتقاطر إليه الناس من أعالي جبال ثلاث محافظات: تعز وإب والحديدة..

لكن المستشفى حالياً يعمل بطبيب واحد فقط، برفقة عدد من الممرضات، فكادره من الأطباء البالغ عددهم ستة غادروا المستشفى للبحث عن مصدر رزق بعد توقف المرتبات.

"كان ذلك في العام 2015 حين تسرب الأطباء من نافذة المشفى.. كانوا ستة أطباء، وتُرك جلال الفهيدي، وهو مدير عام المشفى، وحيداً مع ممرضات يعملن لإنقاذ المئات من المرضى": يوضح الزميل/ صقر الصنيدي..

يبذل الطبيب الفهيدي كل جهده لإنقاذ حياة مرضى ومصابين ينادونه هناك بالدكتور/ جلال، الذي نذر حياته في سبيل حياة أبناء بلدته، مجسداً أسمى قيم الإنسانية ومبادئ مهنته "الطب"..

يكتب الصحفي الصنيدي على صفحته بالفيس بوك: " وجود جلال في هذا الزمن يضيء الطريق بين جبال قتل عند أقدامها المئات أيام معارك المناطق الوسطى وتركوا ينزفون حتى الموت، كما روى لنا الآباء، لأن جلال كان صغيرا يومها، بينما القتل كان أكبر وها هو يعود كبيرا عبر الأوبئة الفتاكة"..

وكانت مديرية شرعب الرونة قد شهدت أواخر العام الماضي انتشارا واسعا للوباء خلف عشرات الضحايا إضافة إلى مئات الإصابات التي تم رصدها من قبل القائمين في مكتب الصحة.

غير أن الوضع يبدو هذه المرة أكثر خطورة، مع الانتشار المتسارع والمخيف للوباء في مناطق المديرية التي ظلت وشقيقتها السلام، خارج حسابات غزو مليشيا الحوثي وصالح، لتجتاحها الكوليرا، وتكاد تفتك بابنائها، وسط صمت وتجاهل المنظمات الدولية لهذه المأساة المنسية..

ورغم مخاطر الوضع المحيطة، يكافح الطبيب/ جلال الفهيدي، مستمراً في عمله على أكمل وجه في سبيل إنقاذ حياة مئات الخائفين من الموت الذي يلتهم جغرافيا شرعب الرونة.. ويأبى جلال أن يكون إلا إنسان..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016