قصة.. ناجي ناجي
_____________&
في ليلة قيض، والمنزل غارق في الظلام، في يوم من ايام اغسطس، كانت نبيهة سعيد سالم، ذات السابعة عشرة ربيعا، تتقلب فوق فراشها، لاتجد للنوم سبيلا، والدها ووالدتها يتظاهران بالنوم، كل على حدة، أجسادهم مجهدة وعيونهم مغمضة وقلوبهم تحترق، يتوقعون شيئا ما .. خبر ماء، كل ليلة تاتي على خبر سحل النقيب فلان، وقتل الملازم فلان في المطعم.. وقتل النقيب فلان في الشارع، وأخر في سوق القات، وكل هؤلا زملاء ابنهم الملازم محمد سعيد.
***
ليس في الخارج إلا أصوات الكلاب، تارة تاتي من بعيد، وتارة أخرى من قريب، وأنّات القبور تملا الأجواء محملة برائحة التراب العتيق، المتسللة من نوافذ المنزل المطلة على مقبرة الأوجينات، ومع اصوات الكلاب القريبة من باب المنزل، سُمع وقع خطوات خفيفة، فزّتْ الأم من فراشها وتربعت هامسة: (هذا محمد).
وكتمتْ صوتها، علَّها تسمع أكثر وضوحاً، ثم سمعت طرقة على الباب، طرقةً خفيفة، قالت همسا، ويدها على صدرها، تمنعُ فرار قلبها المتسارع نبضه من موضعه: (ورب الكعبة.. إنه محمد).
إنسحب الوالد سحباً على رؤوس أصابع قدميه، يتحسس في الظلام خطاه، حتى وصل إلى الباب بصدر يرتجف، وجسد يرتعش، واحساس يؤكد أنه محمد، ولا غير محمد، وبصوت منخفض، متحشرج، سأل : - من؟.
جاء الرد بصوت منخفض ايضا: - أنا.
رفع يديه إلى المزلاج، يفتحه ببطئ حتى لا يحدث صوتا، فإن للجيران آذان صاغية، إنفتح الباب فهرع محمد ورفيق أخر إلى الداخل، وببطء، أنغلق الباب، إحتضن ولده، وأحتضن رفيقه، كانت الوالده قد تمكنت من الوقوف وسحبت نفسها بجسم مرتعش ودموع منهملة، وظلت تحتظن ولدها فترة، أبعدها الوالد، وقادهم إلى الديوان، تأكد من أن نوافذ الغرفة أن الستائر مسدلة، أشعل الضوء، فجاء باهتا، كانا بملابس مدنية وعلى أكتافهم بنادقهم، بدت وجوههما معفرة بالتراب والإجهاد، قال الملازم محمد لوالديه: - لا نريد أحد يعرف بوجودنا، سننام هذه الليلة، وغداَ باذن الله، سنغادر إلى عدن .
اضطجع على جنبه وراح في نوم عميق، كان رفيقه قد سبقه (في سابع نومه.. كما يقولون )، استغرقت الرحلة ثلاثة ايام.
كانت نبيهه اثناءها تقف خلف باب غرفتها، منعها من الخروج وجود رجل أخر، ومضت مع والدتها إلى المطبخ لإعداد ما يمكن تقديمه للبطون الخاوية، حملت الأم صنية القهوة وأقراص الخبز والبيض المسلوق، حملتهم إلى الديوان، كان مصباحه قد اغمض جفونه، وعلى ضوء مصباح الممر المتسلل إلى الديوان عبر شقة الباب، رسم خطا نحيل إلى نصف أرضيته، كانا القادمان مستغرقان في النوم، قال الوالد هامسا : - ضعي الصنية في الزاوية، سيتناولان حين يفيقان .
انسحب الوالدان إلى غرفتهما عبر الممر بعد اطفئا ضوء المصباح، والفتاة قد عادت إلى فراشها.
ليس في الخارج إلا أصوات الكلاب، تارة تاتي من بعيد، وتارة أخرى من قريب، وأنّات القبور تملا الأجواء محملة برائحة التراب العتيق، المتسللة من نوافذ المنزل المطلة على مقبرة الأوجينات، ومع اصوات الكلاب القريبة من باب المنزل، سُمع وقع خطوات خفيفة، فزّتْ الأم من فراشها وتربعت هامسة: (هذا محمد).
وكتمتْ صوتها، علَّها تسمع أكثر وضوحاً، ثم سمعت طرقة على الباب، طرقةً خفيفة، قالت همسا، ويدها على صدرها، تمنعُ فرار قلبها المتسارع نبضه من موضعه: (ورب الكعبة.. إنه محمد).
إنسحب الوالد سحباً على رؤوس أصابع قدميه، يتحسس في الظلام خطاه، حتى وصل إلى الباب بصدر يرتجف، وجسد يرتعش، واحساس يؤكد أنه محمد، ولا غير محمد، وبصوت منخفض، متحشرج، سأل : - من؟.
جاء الرد بصوت منخفض ايضا: - أنا.
رفع يديه إلى المزلاج، يفتحه ببطئ حتى لا يحدث صوتا، فإن للجيران آذان صاغية، إنفتح الباب فهرع محمد ورفيق أخر إلى الداخل، وببطء، أنغلق الباب، إحتضن ولده، وأحتضن رفيقه، كانت الوالده قد تمكنت من الوقوف وسحبت نفسها بجسم مرتعش ودموع منهملة، وظلت تحتظن ولدها فترة، أبعدها الوالد، وقادهم إلى الديوان، تأكد من أن نوافذ الغرفة أن الستائر مسدلة، أشعل الضوء، فجاء باهتا، كانا بملابس مدنية وعلى أكتافهم بنادقهم، بدت وجوههما معفرة بالتراب والإجهاد، قال الملازم محمد لوالديه: - لا نريد أحد يعرف بوجودنا، سننام هذه الليلة، وغداَ باذن الله، سنغادر إلى عدن .
اضطجع على جنبه وراح في نوم عميق، كان رفيقه قد سبقه (في سابع نومه.. كما يقولون )، استغرقت الرحلة ثلاثة ايام.
كانت نبيهه اثناءها تقف خلف باب غرفتها، منعها من الخروج وجود رجل أخر، ومضت مع والدتها إلى المطبخ لإعداد ما يمكن تقديمه للبطون الخاوية، حملت الأم صنية القهوة وأقراص الخبز والبيض المسلوق، حملتهم إلى الديوان، كان مصباحه قد اغمض جفونه، وعلى ضوء مصباح الممر المتسلل إلى الديوان عبر شقة الباب، رسم خطا نحيل إلى نصف أرضيته، كانا القادمان مستغرقان في النوم، قال الوالد هامسا : - ضعي الصنية في الزاوية، سيتناولان حين يفيقان .
انسحب الوالدان إلى غرفتهما عبر الممر بعد اطفئا ضوء المصباح، والفتاة قد عادت إلى فراشها.
ساعة أو اكثر أو أقل، وهي ووالدها ووالدتها لم تغمض لهم جفن، فاجأتهم عناصر الأمن، يطلبون من الملأزم محمد سعيد ورفيقه الاستسلام، قام الملازم بهدوء اعصاب يتفقد نوافذ الغرفة، فوجدها مشبكة بالحديد، اخذ سلاحه بيده وزحف إلى الممر ليتأكد من بقية النوافذ، فالمنزل بطابق واحد، وان وجد نافذة غير مشبكة بالحديد، سيكون منها الخروج، زميله في ركن الغرفة بسلاحه متأهبا، وفي الممر وجد والده فسأله همسا، اجابه بأن جميع النوافذ مشبكة بالحديد، انهالت الرصاص على النوافذ الامامية والباب، لا مفر من المواجهة، اخرج الوالد سلاحه، وردوا على الرصاص بالرصاص، وقعت قذيفة حارقة على باب المنزل الخشبي، اشتعل الباب مرسلا دخانه الكثيف، ارسل الوالد المتمترس خلف الباب المحترق سيلا من الرصاص، ودفع بولده ورفيق للخروج تحت غطاء رصاص بندقيته، نجحا بتجاز الباب والفسحة الخارجية إلى الجهة المقابلة وولوجهم ممرا بين المنازل، استبدل الوالد خزينة الرصاص، وواصل اطلاقها، لكنه احس بغيمة ثقيلة في رأسه، ثم تهاوا إلى الأرض مرسلا انّته الاخيرة
***
***
قُتل أفراد من الأمن وقُتل محمد ورفيقه بعد خروجهما من الممر إلى الشارع الاخر، وقُتل الأب عند باب المنزل، ونجت نبيهة. التي رات والدها عند باب المنزل يطلق الرصاص لتغطية خروج محمد ورفيقه، دفعتها والدتها ألى داخل الغرفة واقفلت عليها الباب بالمفتاح وتلقت الرصاص فسمعت صرخةها، وانّتها وغرغرتها، ثم صمتها الدائم، بانتهاء المعركة، دخل عناصر الامن والجيران إلى المنزل، وكان صوت بكاء نبيهة عاليا، اداروا مفتاح باب الغرفة، فوجدوها في ركن الغرفة مع نشيجها ودموعها وفجيعتها، اخذ الامن جثث القتلى وانسحبوا،أاو لعلهم تركوا من يراقب خفية ، عرض عليها اكثر من جار اخذها، لكنها ابت، وعذروها، فهي في حالة صدمة وتشنج، جلس الحاج فاظل واخرون يحرسون المنزل من الخارج، وجلست زوجة الحاج فاظل بجوار نبيهه بقية الليل....
يتبع الحلقة الثانية...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق