اخر الاخبار

ممرات ضيقة"2"




قصة_ ناجي ناجي
____________&

احتقنت وجوه الجميع بالغضب، تلقى بجاش الأول تسعة ملاطيم من كل واحد في الديوان، خرج إلى الفناء، معلنا تذمره.
.              ***
بالفعل كان شادي الأول قد إلتف معه قليل من جماعته، فذهب بجاش إلى جماعته وعاد وحوله قليل منها، إلتحمت الجماعتان في تذمر واحد ضد الديوان والمداعة. 
وأعلنت مجاميع بجاش الثالث والرابع والخامس برائتهم من بجاش الأول وجماعته، فيما انظمت إليه جماعات بجاش الثاني والسبع والتاسع.
.              ***
تدارس الفئارنة الوضع، وانقاذا للديوان والمداعة، انقسموا كالعادة إلى قسمين، الأعداد الفردية ضد جمهور الفناء الغبي،  بقيادة فأرون الأول، والأعداد الزوجية مع جمهور الفناء الغبي، بقيادة فأرون الثاني.
خرجت الأرقام الزوجية إلى الفناء،  
فأشعل بجاش الأول الساحة تهليلا وترحيبا بفأرون الثاني، إحتج شادي الأول هاتفا:(تسقط المداعة والديوان).
وهتف بجاش:(تسقط المداعة والأعداد الفردية ).
رد شادي: (تسقط الأعداد الفردية والزوجية).
شد بجاش شادي من تلابيبه قائلا:  أتريدنا بلا فأرون، ألا تعلم أن فأرون هو الشمس والقمر، وهو الهواء والمطر !!؟؟ .
ثم أكد قائلا: نحن كالسمك إن عشنا بدون فأرون متنا. 
ثم صرخ صرخته المدوية: (ادركنا يافأرون). 
  قاد فأرون الثاني جمهور الثوار إلى داره، عبر الممر الضيق الفاصل بين الدارين، ذلك الممر الفاصل ايضا بين المدينة جنوبا، والجبانة شمالا، ولم يحل المساء إلا وقد اكتظ فناء منزل فأرون الثاني بالمتنادين من البجاشنة والشوادنه وبعض من الفئارنة، الذين هبوا من اصقاع المدينة،  ولم يعد المكان مناسبا للجموع المتجمعة، فخرج الجميع  عبر الممر الضيق، شمالا إلى الجبانة.
.               ***
اكتضت الجبانة بسكانها تحت الارض وفوق الارض في تلاحم عجيب، وكأن الذين فوق الارض، هم انفسهم تحت الارض، اقبل الناس بجنالهم وبغالهم وحنيرهم، واشتعلت مصابيح القاز، فانتشر الضوء في ارجاء الجبانة وتسامر القوم في حلقات، وابتسمت سماء الصيف بالحكايات  والنوادر، اختتمت  بصلاة الفجر وبدء طابوري الصباح يتلوها طابور الظهيرة، ويتبعها طابوري المساء. 
.               ***
تلك خمسة طوابر للايام الاستثنائية، مثل ايام الثورة والحداد وأيام الاعياد، وايام الزواج والولادة.
انبرىء فأرون الحادي عشر للاضطلاع بمهماته، وفقا للحاجات، واهمها ان يكون وسيلة اتصال  بين المتخاصمين والمختلفين، فهو ليس محسوبا على الاول، لان اصله كان الرقم العاشر، وليس محسوبا على الثاني لان اسمه كان الاول بنقطة، فهو الوحيد الذي كان له رقم وتغير إلى رقم، وأصبح له رقم اخر ولهذه قصة اخرى
قيل إنه من أم مفرد وأب زوجي،  لكنه كان في نموه تقلبات شديده،  ففي مرحلته الأولى كان شديد الشبه بفأرون الثاني، فاطلق عليه اسم فأرون العاشر، نسبة إلى الأرقام الزوجية، وحين بلغ العشرين صار شديد الشبه بفأرون الأول، فاطلق عليه اسم فأرون واحد ابونقطة، وفي مرحلة عمرية اخري، بدء خليطا منهما، ومختلف عنهما، فجسمه منعم وبشرته مشربة بحمرة، وشعر ابيض، قوي البنية، فتركه الجميع ليكون المرادد بينهما،  لكن هذه المهمة التي بدت في أول الامر عديمة الاهمية، مع الايام تعاظم شأنها، واصبح المرجح في خلافاتهما حتى ملّكوه ردحا من الزمن ثم اعادوه إلى مكانته الأولى في المراددة.
.           ***
ظلت الهتافات(مالنا إلا فأرون )، تتردد في طوابير الصباح والظهيرة والمساء، يصاحبها صوت الطبل والمزمار، فهي أيام ثورية متواصلة، تنقي الفكر، 
وتشحذ الهمم، وتزيل تشنجات عضلات الاجسام، 
كانت الهتافات تخرج من الجبانة فتلتقي بالهتافات الاتية من فناء فأرون الأول، (مالنا إلا فأرون) .
كان الشارع الشعبي للبجاشنة في مرحلة سابقة  قد صاغ هذا الشعار، لكنه الان بدا كتعبير  عن حالته بصدق واخلاص، حين اطلق شعار (مالنا إلا فأرون)، فهو لم يحدد أي فأرون، فاي فأرون يسد مكان اي فأرون، المهم أن يوجد فأرون في القيادة.
      *** 
في اسحار الليلة الثالثة، كان شادي الاول في خيمته نائما، دخل عليه مجموعة من الأفراد، لم يحس بهم، وحين احس بحركاتهم، كانوا فوق صدره، يكتمون أنفاسه، فتح عينيه فلم يرى شيئا في الظلام، أراد أن يتحرك، فوجد جسمه مكبلا، ويلتف على رقبته حبلا، وجحظت عينيه وانقطعت انفاسه.
يتبع 3 ........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016