قصة... ناجي ناجي
______________&
أشرقت الشمس باشعة رمادية على نبيهة، بقامتها القصيرة، وجسدها النحيل، وبشرتها الفاتحة، وشعرها الأجعد منسدل على صدرها وحول وجهها البيضاوي، بعينين واسعتين، غارقتين بالدموع، بظرف ساعة ليليلة حالكة، وجدت نفسها يتيمة لا أب ولا أم ولا أخ ولا عائل، متربعة في جلستها ورأسها بين يديها وبجوارها العمة نوريه / زوجة الحاج فاظل، لملمت العمة نورية شعر الفتاة إلى الخلف، وأحاطت رأسها بمنديل الرأس ( المصر).
صار المنزل مزار العابرين، منهم المتشفي ومنهم المتحسر ومنهم الغاضب ومنهم الهاذي بلا هدف، قال أحدهم: - هذه عاقبة المتمردين على الدولة، يهلكون أنفسهم وأسرهم
أجابه أخر: - هؤلا هم الدولة، والأخرون هم المتمردون
قال: - إن الله لا ينصر الباطل، إن الباطل كان زهوقا.
نهر الحاج فاظل المتحاورين، فمضى كل في سبيله.
أقبل صاحب المنزل، يتفقد الأضرار، الباب المحترق، الزجاج المتناثر، والرصاص المعلّم على الجدران، ثم أخذ قياسات الباب وذهب ثم عاد بباب حديد، قام بتثبيته وبمساعدة الحاج فاظل.
***
بإلحاح الحاج فاظل وزوجته، ذهبت نبيهه معهم، فكانا نِعم العم والعمة، في محنتها الصعبة.
***
في بيت الحاج فاظل، تكومت فوق فراش أعدته العمة زينب، بللت ريقها بجرعة ماء، حاولت العمة أن تطعمها، أجابت الفتاة بأن نفسها مسدود، وتود أن تنام، تمددت وهمدت، حامت حولها غيمة سوداء في ريح عاصف، تعلو بها وتهبط في هوه سحيقة، تصرخ وتتربع في جلستها مبللة بالعرق وصدرها يعلو ويهبط، تهدهدها المعمة وتعرض عليها الطعام، تتمدد فوق الفراش مغمضة العينيين:
- يا إبنتي، إرحمي نفسك، كلي لقمة ولو قليلة، من أجل خاطر عمك الحاج، كلي سكاب الدجاجة، إشربي مرقها وهو دافئ.
لكن الفتاة ممتنعة، مضى الضحى وأقبل الظهر والفتاة بين كوابيسها وتمنعها من الآكل، جلس الحاج يقلب يده حائرا، كيف يتعامل معها، فإن نجت من موت الرصاص، ستموت من الجوع، لا حول ولا قوة إلا بالله، هدهدها بيده، فتحت عيناها، طلب منها أن تتذوق شيئا من الدجاجة، أن تشرب من مرقها، أن تطلب منه ما في نفسها من الطعام وحين عجز، قال لها بصوت حازم: - لا تظني أنك بعد والدك لن يؤدبك أحد، أنا من سيؤدبك، إنهضي وتناولين طعامك، وإلا قسما لن تفلتي من العقاب.
وأشاح وجهه عنها، راحت العمة، تمسح على رأسها وظهرها وراحت تساعدها في تربعها، قربت إلى شفتيها المرق رشفت منه، ودست في فمها قطعة من السكاب، راحت تسرق النظر إلى الحاج ، كأنها تود أن تقول له أنها قد رضخت لكلامه وهي على يقين أنه صاحب قلب وأبيض، وأنها رضخت لخاطره، فرت من عينيه دمعة، سارع في مسحها وأقترب منها وقبلها في رأسها ومضى إلى الخارج ، سرت الحياة في جسمها النحيل، ثم تمددت ونامت بعمق، ثم أفاقت على صوت الأستاذة رؤوفة، مُدَرِّسة التاريخ، كانت عضوة في إحدى التنظيمات السرية، وهي التي مدتها بالمنشورات السرية خلال العام الدراسي الفائت، فلم تتفاجئ بزيارتها، لكنها تفاجئت بحديثها عن خالها المُلا حق من الأجهزة الأمنية لنشاطه السياسي، وأوصلت لها رسالة منه بأنه مهتم بها وسوف يأخذها إلى عدن حين تسمح له الظروف، وفي الزيارة التالية، أخذت المدرسة حقيبة صغيرة دست فيها ما يمكن أخذه من حاجيات الفتاه، وأهمها شهادة النقل إلى الصف الثالث إعدادي، وطلبت من الحاج بان يتصدق بمحتويات البيت، وأن يعيد المفتاح إلى صاحب البيت.
اتفقت الأستاذة مع الحاج، على طريقة خروج الفتاة الى بيت المُدرسة الكائن في شارع 26.
. ***
في الضحى، خرجت نبيهة مع الحاج فاظل، سارا بمحاذات سور مقبرة الأوجينات، ثم انعطفا يمينا إلى شارع 26، كانت المُدرسة تقف فوق فتبات شارع 26، عاد الحاج أدراجه، فيما سارت الفتاتان في الشارع يقصدان بعض المتاجر ويتلفتان خلفهما ليتأكدا من أن احدا لا يتبعهما، عند مجري السائلة قبل باب الكبير، حيث بائعين الجبن والحلاوه وزحمة الناس، توقفت سيارة لند روفر، إنفتح الباب وصعدت الفتاة، وإنطلقت السيارة باتجاه حوض الإشراف.
***
توقفت السيارة في جولة الحوض، فخرج من بين العمال الواقفين شخصان، كانوا على هيئة عمال بناء، صعد أحدهم إلى حوض السيارة، والأخر بجوار الفتاة التي عرفته بصعوبة، أنه خالها طاهر قاسم، بقامته المعتدلة وجسمه النحيل وسمرة فاتحة.
انطلقت السيارة، وقبل انتهاء شارع حوض الاشراف.. قبل محطة البترول، توقفت وصعد إلى حوضها شخصان أخران.....
أجابه أخر: - هؤلا هم الدولة، والأخرون هم المتمردون
قال: - إن الله لا ينصر الباطل، إن الباطل كان زهوقا.
نهر الحاج فاظل المتحاورين، فمضى كل في سبيله.
أقبل صاحب المنزل، يتفقد الأضرار، الباب المحترق، الزجاج المتناثر، والرصاص المعلّم على الجدران، ثم أخذ قياسات الباب وذهب ثم عاد بباب حديد، قام بتثبيته وبمساعدة الحاج فاظل.
***
بإلحاح الحاج فاظل وزوجته، ذهبت نبيهه معهم، فكانا نِعم العم والعمة، في محنتها الصعبة.
***
في بيت الحاج فاظل، تكومت فوق فراش أعدته العمة زينب، بللت ريقها بجرعة ماء، حاولت العمة أن تطعمها، أجابت الفتاة بأن نفسها مسدود، وتود أن تنام، تمددت وهمدت، حامت حولها غيمة سوداء في ريح عاصف، تعلو بها وتهبط في هوه سحيقة، تصرخ وتتربع في جلستها مبللة بالعرق وصدرها يعلو ويهبط، تهدهدها المعمة وتعرض عليها الطعام، تتمدد فوق الفراش مغمضة العينيين:
- يا إبنتي، إرحمي نفسك، كلي لقمة ولو قليلة، من أجل خاطر عمك الحاج، كلي سكاب الدجاجة، إشربي مرقها وهو دافئ.
لكن الفتاة ممتنعة، مضى الضحى وأقبل الظهر والفتاة بين كوابيسها وتمنعها من الآكل، جلس الحاج يقلب يده حائرا، كيف يتعامل معها، فإن نجت من موت الرصاص، ستموت من الجوع، لا حول ولا قوة إلا بالله، هدهدها بيده، فتحت عيناها، طلب منها أن تتذوق شيئا من الدجاجة، أن تشرب من مرقها، أن تطلب منه ما في نفسها من الطعام وحين عجز، قال لها بصوت حازم: - لا تظني أنك بعد والدك لن يؤدبك أحد، أنا من سيؤدبك، إنهضي وتناولين طعامك، وإلا قسما لن تفلتي من العقاب.
وأشاح وجهه عنها، راحت العمة، تمسح على رأسها وظهرها وراحت تساعدها في تربعها، قربت إلى شفتيها المرق رشفت منه، ودست في فمها قطعة من السكاب، راحت تسرق النظر إلى الحاج ، كأنها تود أن تقول له أنها قد رضخت لكلامه وهي على يقين أنه صاحب قلب وأبيض، وأنها رضخت لخاطره، فرت من عينيه دمعة، سارع في مسحها وأقترب منها وقبلها في رأسها ومضى إلى الخارج ، سرت الحياة في جسمها النحيل، ثم تمددت ونامت بعمق، ثم أفاقت على صوت الأستاذة رؤوفة، مُدَرِّسة التاريخ، كانت عضوة في إحدى التنظيمات السرية، وهي التي مدتها بالمنشورات السرية خلال العام الدراسي الفائت، فلم تتفاجئ بزيارتها، لكنها تفاجئت بحديثها عن خالها المُلا حق من الأجهزة الأمنية لنشاطه السياسي، وأوصلت لها رسالة منه بأنه مهتم بها وسوف يأخذها إلى عدن حين تسمح له الظروف، وفي الزيارة التالية، أخذت المدرسة حقيبة صغيرة دست فيها ما يمكن أخذه من حاجيات الفتاه، وأهمها شهادة النقل إلى الصف الثالث إعدادي، وطلبت من الحاج بان يتصدق بمحتويات البيت، وأن يعيد المفتاح إلى صاحب البيت.
اتفقت الأستاذة مع الحاج، على طريقة خروج الفتاة الى بيت المُدرسة الكائن في شارع 26.
. ***
في الضحى، خرجت نبيهة مع الحاج فاظل، سارا بمحاذات سور مقبرة الأوجينات، ثم انعطفا يمينا إلى شارع 26، كانت المُدرسة تقف فوق فتبات شارع 26، عاد الحاج أدراجه، فيما سارت الفتاتان في الشارع يقصدان بعض المتاجر ويتلفتان خلفهما ليتأكدا من أن احدا لا يتبعهما، عند مجري السائلة قبل باب الكبير، حيث بائعين الجبن والحلاوه وزحمة الناس، توقفت سيارة لند روفر، إنفتح الباب وصعدت الفتاة، وإنطلقت السيارة باتجاه حوض الإشراف.
***
توقفت السيارة في جولة الحوض، فخرج من بين العمال الواقفين شخصان، كانوا على هيئة عمال بناء، صعد أحدهم إلى حوض السيارة، والأخر بجوار الفتاة التي عرفته بصعوبة، أنه خالها طاهر قاسم، بقامته المعتدلة وجسمه النحيل وسمرة فاتحة.
انطلقت السيارة، وقبل انتهاء شارع حوض الاشراف.. قبل محطة البترول، توقفت وصعد إلى حوضها شخصان أخران.....
يتبع الحلقة الثالثة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق