اخر الاخبار

لماذا استدعت السعودية شيوخ اليمن الشمالي.. ولم تستدعي شيوخ الجنوب ؟




خاص (عدن)
_________&

"اليمن عمقنا العربي"، هكذا تحدث محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي في لقاء جمعه بعشرات من شيوخ وزعماء القبائل اليمنية في شمال اليمن، في اعقاب اجتماع، القى فيهم كلمة جدد فيها التأكيد على أهمية العلاقة السعودية اليمنية.

وقال الأمير محمد بن سلمان" إن المملكة تنظر لليمن على أنه العمق الاستراتيجي للأمة العربية، قائلاً لكبار مشايخ القبائل اليمنية: "نحن معكم في كل خطوة إلى آخر يوم في حياتنا".


عمق العرب

وجدد بن سلمان التأكيد عن التزام المملكة بالوقوف إلى جانب اليمن ودعم الشرعية فيها، مشيرا الى أن "أكبر خطأ قام به العدو (في إشارة إلى الحوثيين) أنه يحاول المس في عمق وصلب العرب"، مضيفا أن الوضع في المنطقة انقلب تماما خلال عام ونصف".

وأضاف "أننا نعلم أن رجال اليمن ليسوا بحاجة للمساعدة من أحد وأنهم اذا استنفروا سيقضون على العدو ولن يقفوا إلا في عقر داره، لكننا لا نستطيع في السعودية أو الدول العربية الأخرى أن نرى استنفار الرجل اليمني الا ونقف بجانبه سواء في الخير أو الشر".

تخليص اليمن من عدو غاشم
ونقلت صحيفة عكاظ السعودية عن شيخ قبلي من اليمن الشمالي التقته في الفندق الذي يقيم فيه قوله" لأنه يثق بحكمته وحنكته في عودة الأمن والاستقرار لليمن، ولأنه يحرص على بنائه من جديد، بعد تخليصه من عدو غاشم، تجاهل ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في حديثه للمشايخ الإشارة إلى الحوثيين والمخلوع صالح وأنصاره، وترفع عن الدخول معهم في جدل، وركّز على المستقبل".

وقال الكاتب عبدالله آل هتيلة في عكاظ" إن المتابع لحديث الأمير محمد بن سلمان إلى مشايخ اليمن، يدرك الأبعاد المهمة التي يرمي إليها، وتأكيده على ربط أمن اليمن بالأمن العربي، باعتباره عمقا إستراتيجيا، يحتل موقعاً مميزاً يتأثر بالأحداث ويؤثر فيها، محملاً الجميع مسؤولية المحافظة على يمن هو أصل العرب وملتقى حضاراتهم".

رسالة قوية
وقال الكاتب ان حديث بن سلمان إلى مشايخ اليمن عن أهمية البلد الجار إلى السعودية فانه قد وجه رسالة  قوية، بأن على الحوثيين والمخلوع صالح أن يتخلوا عن إيران، وأن يعودوا إلى جادة الصواب، وأن يرتهنوا للقرارات الدولية، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وأن ينهوا انقلابهم بتسليم السلطة للحكومة الشرعية، ليثبتوا للعالم أنهم أخطأوا بحق اليمن وشعبه، وأن لديهم الرغبة الجادة في بناء السلام العادل في ربوع اليمن الذين دمروه وقتلوا فيه الأبرياء".

ولفت الكاتب الى ان الرد من مشايخ قبائل اليمن جاء بالشكر والعرفان إلى دور المملكة العربية السعودية ودعمها المتواصل لليمن.

استراتيجية سعودية متواصلة
لم تغير الحرب اي شيء في استراتيجية المملكة العربية السعودية وعلاقتها بزعماء القبائل الذين تقدم لهم رواتب شهرية عن طريق ما يسمى باللجنة الخاصة، لكن الكثير من زعماء القبائل الذين يتلقون اموالا من الرياض قاتل البعض منهم إلى جانب الحوثيين.

دعم سعودي كبير لمشايخ يقاتل افرادها مع الحوثيين
يتركز الدعم السعودي لقبائل حاشد وبكيل كبرى قبائل اليمن الزيدي، لكن افراد تلك القبائل يقاتلون في صف الانقلاب والبعض منهم يشن هجمات على السعودية، لكن الرياض وفقا للعديد من المصادر لا تزال تقدم لهم دعما كبيراً، ومتواصلا".

لم تطلب المملكة من زعماء تلك القبائل اجبار افرادهم على عدم القتال في صف الحوثيين وقوات المخلوع صالح.

وكشفت مصادر  يمنية لـ(اليوم الثامن)" إن شيخ قبيلة بكيل محمد ناجي الشائف طالب المملكة العربية السعودية بزيادة الدعم قبيلة بكيل، ومنح ابناء القبيلة امتيازات خاصة".

وعلى الرغم من تأييد الشائف للانقلابين ومناهضة  التحالف العربي عند انطلاق عاصفة الحزم، الا انه حين شاهد السيطرة الحربية على كل اليمن، عاد لتأييد عاصفة الحزم ولكن بعد ان وصفت وسائل إعلام تابعه له وتمولها الرياض، التحالف العربي بـ(العدوان)".

الشائف: صالح رجل حكيم والحوثي رقم صعب
في العام 2012م، ظهر الشائف في مقابلة مع قناة اليمن اليوم للتعليق حول خلافه مع رئيس الحكومة اليمنية حينها محمد سالم باسندوة.

يعرف الشائف بانه احد رجالات صالح، حيث وقف الى جانب رئيس اليمن المعزول ابان الثورة الشعبية التي اطاحت به من الحكم في العام 2012م.

وقال الشائف حينها " ان علي عبدالله صالح رجل حكيم وقوي ومحبوب لدى عامة الناس، مشيرا الى انه لو ترشح للانتخابات الرئاسة المقبلة لفاز فيها .

وقال الشايف انه لولا هروب الفاسدون إلى ساحة الجامعة لانضم إليها لكن بعد ان التحق كبار الفاسدين الى الساحة فضل البقاء مع علي عبدالله صالح. مشيرا إلى ان اغلب مشايخ حاشد مع علي عبدالله صالح.

وعن علاقته بالحوثي قال الشائف ان الحوثي أصبح رقما صعبا ومن يقول غير ذلك غبي".

فرجل صالح، الذي اعلن تأييده للانقلابيين اثناء قصف طائرات التحالف العربي مطار صنعاء وقاعدة الديلمي العسكرية، الا انه اعلن تأييد العاصفة بعد اشهر.

ووصفت وسائل إعلام تابعة للشائف بينها موقع إلكتروني وقناة تلفزيون، التحالف العربي بـ(العدوان) وهو الوصف الذي يطلقه الانقلابيون على قوات التحالف الذي تقوده السعودية.

احتواء ام هروب
وقالت وسائل إعلام يمنية موالية لجماعة الإخوان " التوازنات القبلية في اليمن تعلب دوراً محورياً بالغ الأهمية، لا يمكن لصانع السياسية في الدولة أن يتجاهله، ولاسيما أن نظام القبيلة في اليمن أشبة ما يكون بفدرالية عرفية رخوة شديدة التفتت، حيث ما يزال النظام القبلي في اليمن محافظاً على أكثر سماته التقليدية التي ظلت عصية على التمدن، و رغم ذلك تعد القبيلة اليمنية عبر تاريخ الدولة الحديثة وقبلها، عاملاً مؤثراً في القرارات السياسية للدولة، و جزءاً أصيلاً من كوناتها الفعالة".

تقول تلك الوسائل الممولة سعوديا " إنه من الواضح أن السعودية تسعى من خلال هذه الخطوة إلى لي ذراع الحوثيين من الجانب المؤلم، وهو الجانب القبلي، الذي غفل عنه التحالف كثيراً في بداية الامر، ويسعى الأن إلى احتوائه، كـ خطوة تصحيحية، يرى كثيرون في الداخل اليمني أنها جاءت في وقتها المناسب".

ولا يبدو ان الاجتماع السعودي بمشايخ اليمن من باب الاحتواء لشيوخ القبائل، فهو ربما هروب من فشل عسكري او رضوخ لابتزاز القبائل اليمنية، التي تطالب بزيادة الدعم المالي لها.

وعلى الرغم من ان السعودية تقدم دعما شهريا منذ عقود لقبائل اليمن الشمالي الا انها لم تقم باي تحرك ضد الانقلابيين بل ان افرادها يقاتلون بشراسة ضد القوات الموالية للشرعية ويصفون تحالف السعودية بأنه عدوان على بلادهم.

تتمسك السعودية بالاستراتيجية القديمة التي اتخذها ملوك سابقون والمتمثلة في دعم قبائل اليمن الشمالي من أجل خلق تحالفات الهدف منها دحر شرور الجار، فاليمن الشمالي مثلت مصدر قلق للسعودية طوال العقود الماضية.

دعمت السعودية حكم الامامة في الشمال الا انه انهار ليأتي عقبه حكم جمهوري، سرعان ما نجحت السعودية في استمالته وخلق تحالفات معه، رغم وقوفه ضد الثورة التي قادها جمال عبدالناصر وقاتل فيها الجيش المصري بشراسة حتى استعاد الحكم من الملكيين إلى الجمهوريين.

تعتقد الرياض انه بالمال تستطيع حماية حدودها، لكن الحرب الأخيرة تركت اثرا في نفوس اليمنيين الشماليين الذين يرون العربية السعودية بانها دولة قادت تحالفا عربيا لتدمير بلادهم، رغم مناهضة جزء منهم لحلف الحوثيين وصالح.

لكن السعودية ترى انه لا خيار امامها غير انها تستمر في شراء ذمم شيوخ اليمن الشمالي للحد من تهديد اراضيها وخلق تحالفات جديدة، رغم الواقع الذي افرزته الحرب.

لن يحقق شيوخ الشمال رغبة السعودية في دعم الحرب ضد الحوثيين، لكنهم قد ينجحون في التخفيف من حالة العداء للسعودية في اليمن.

لكن السعودية تجاهلت بشكل ملفت لشيوخ اليمن الجنوبي الذين كان  لبلادهم الدور الابرز في هزيمة تحالف الحوثيين وصالح.

نجح الجنوبيون في الانتصار لبلادهم وللتحالف العربي الذي تقوده السعودية، الا ان الرياض لا تزال تتعامل بقطيعة مع زعماء القبائل الجنوبية.

وقد اثار اجتماع قبائل اليمن الشمالي ببن سلمان حالة من الجدل عقب استثناء مشايخ القبائل الجنوبية.

في هذا الصدد يقول القيادي الجنوبي أديب العيسي معلقا على الاجتماع" عقد في الرياض اجتماعا بالقبائل اليمنية مع سمو الامير محمد بن سلمان حضرت قبائل الشمال ولم يحضر من الجنوبيين سوى المنصب والعيدروس.. متسائلا" لماذا هذا التجاهل المتعمد لكل شيء في الجنوب برغم أن الحرب افرزت واقعا جديدا".

يبدو ان السعودية لا ترغب في خلق تحالفات مع الجنوبيين وتفضل ان تظل علاقتها منحصرة في اقليم اليمن الشمالي، على الرغم ان الجنوبيين اسهموا بشكل كبير في تنمية الاقتصاد السعودي عبر رؤوس اموال جنوبية.

لم يحضر الاجتماع شيوخ وسلاطين من الجنوب يعيشون في السعودية، حيث قالت مصادر حاضرة ان الاجتماع اقتصر على زعماء شمالية ولم يحضر من الجنوب غير شخصيتين ليسوا زعماء قبائل وانما شخصيات اجتماعية.

وربطت مصادر سياسية لـ(اليوم الثامن)" تجاهل شيوخ الجنوب من قبل حكومة المملكة في أنها تعتقد ان الجنوبيين لا يمكن يكون مصدر عداء للسعودية، وان الرياض تفكر جديا في خلق بيئة صديقة في الشمال خاصة في ظل الحرب وحالة الغضب الذي تولد لدى غالبية السكان في الشمال، الامر الذي استغله الانقلابيون في تجييش القبائل لخوض حرب بالنيابة عن طهران في مواجهة الخليج العربي والسعودية تحديدا.

تحالفات الرياض لن تأتي بجديد، فهي تحالفات صورية، لا يمتلك زعماء القبائل التأثير على افراد القبائل التي تصر على ان الحرب في اليمن هي حرب تقوم بها امريكا واسرائيل ضد بلادهم، وفقا لما يروج له اعلام الانقلاب.

تبقى السعودية بحاجة الى خلق تحالفات مع الجنوبيين الذين صدقوا في الحرب افضل من غيرهم، لكن المؤشرات تؤكد ان السعودية ماضية في الوقوف ضد تطلعات الجنوبيين وهو ما قد يصعب المسألة اكثر ويعرقل اي جهود لحلال السلام في البلد المضطرب منذ منتصف تسعينات القرن الماضي.

وتطل التحالفات اليمنية السعودية، محل ترقب لما بعد الحرب، حيث من المؤكد ان تظهر للسطح تحالفات جديدة، فالشماليون الذين نجحوا في ابتزاز السعودية عسكريا وماليا، لا يمكن ان يكونوا حلفاء للرياض مهما قدمت لهم من اموال فالحرب قضت على امل خلق تحالفات، وهو مشهد متكرر لمشهد العدوان اليمني على الجنوب في صيف 1994م، عين شن اليمنيون الشماليون حربهم المدمرة على الجنوب، الامر الذي ولد مقاومة سلمية في العام 2007م، اجبرت على خوض القتال مرة ثانية للدفاع عن بلادهم ضد الغزو الشمالي.

المصدر اليوم الثامن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016