اخر الاخبار

تفاحة بحر السكون




قصة قصيرة_ منصور السروري
______________________&


نظرا لعدم وجود كهربأ أو طاقة شمسية لتعبئة موبايلي وعدم وجود بث انترنت اضطررت لمغادرة مكان مسيرة البطون الخاوية بحثا عن فندق أو إستراحة في مدينة التربة ثاني أكبر مدن محافظة تعز وكانت المفاجئة أنه لا يوجد فندقا في مدينة التربة التي ليس ثمة مبالغة إن قلت أنها أكبر كثيرا من عواصم عدد من المحافظات اليمنية ناهيك عن حزام كبير من عزل وقرى محيطة بالمدينة هي على قدر كبير من التحضر و التمدن رفدت اليمن بأهم واشهر الشخصيات على كافة المستويات الوطنية والعلمية والتجارية والادارية..... الخ.
***
بحثت عن استراحات وتفاجئت أن ليس سوى استراحتان هما استراحة قشنون مكتوب على مدخلها أقدم استراحة بالتربة لكن ما أن تلج إلى داخلها حتى تولى هاربا من رائحة التوتان أو بالفصيح التبغ التقليدي أو غير التقليدي وأقصد به رائحة التبغ الممزوجة عجينته برائحة التفاح أو الليمون أو المعروف بالمعسل.
بحثت عن استراحة ثانية وفعلا عثرت على استراحة جديدة تسمى باستراحة السكون لا يزيد عمرها حد ما قيل لي عن ثلاثة أشهر فقط صحيح أنها نظيفة إلى حد مقبول غير أنها لا تختلف عن استراحة قشنون القديمة في انبعاث رائحة المعسل أو رائحة التبغ الممزوجة بعجينة رائحة التفاح والبرتقال.
***
اخترت زاوية من الاستراحة وجلست متكئاً على المتكأ ورحت التهم بقايا أوراق وأغصان الخيال الخضراء التي اشتريتها من أشهر مقوت يجلب أحسن قات من حق ماوية أو الميهال أو وادي وزان للتربة اسمه فهمي الحمادي.
حين كنت امتضغ عجينة القات وامتص نبيذه القاتل للوقت الرتيب رتابة كل أشياء البلاد أخذت رائحة المعسل تخنس متسللة إلى أنفي وصدري محرضة الرأس على الدوخة والمعدة على التقيئ بما في داخلها.
***
قرقرة النرجيلة لا تفتأ تتوقف
فوهة قصبة المداعة أو النرجيلة لا تغادر شفتي ابن مالك الاستراحة إلا عند دفع وريقات القات لفيه.
ما أن يمتص الدخان القادم من اشتعال التبغ بعجينة التفاح داخل بوري (قمع) النرجيلة حتى يخرخر الماء المصفر دخل بلبلة النرجيلة.
ما أن يزفر من صدره بالدخان إلى فيه وفتحتي أنفه حتى يتلوى الدخان في فضاء الاستراحة المغلقة أبوابها ونوافذها بإحكام شديد فلا يجد منافذا يجتازها ليتلاشى سوى أنوف النازلين الإستراحة.
***
حاولت أن أشرح له أن إستراحته ستكون كاستراحة الصفاء بمدينة النشمة الممنوع استخدام كل أنواع الشيش والمعسل فيها وعبثا المحاولة التي ذهبت أدراج الدخان ورائحته المقززتين بابتسامة ساخرة منه تشي بأن لا جدوى من الملاحظة.
إزاء الفشل الذريع الذي منيت به لذت للصمت وتذكرت كيف أن نيوتن حول سقوط التفاحة إلى نظرية علمية حققت فتحا علميا كبيرا في علم الطبيعة لاتزال البشرية منذ بضعة قرون تجني نتائج القانون الذي اكتشفه نيوتن على إثر مشاهدته سقوط التفاحة.
وتذكرت كيف أن شعار أشهر وأغنى شركة عالمية اليوم جاء من قضم جزءٍ من تفاحة هي شركة آبل.
وتألمت كيف أن الإنجاز الذي حققه العربي من التفاحة هو أنه حتى لم يصنع عطرا اسمه عطر التفاح وإنما اهتدى لصناعة عجينة تبغ من رائحة التفاح يصعب محوها من داخل البيوت والاستراحات والأماكن التي تستخدمها لإشباع وارواء مزاج متعاطيها عوضا عن دخان السجائر لأنها رائحة المعسل تلتصق عابقة داخل الجدران وكافة أنواع الأثاث النسيجية.
وبينا كنت أنتظر اشتفاء ابن مالك الاستراحة وارتواء مزاجه من المعسل التفاحي تنتصب شيشة ثانية وثالثة...... ليغدو جو الإستراحة متشبعا برائحة إحتراق التبغ الممتزج بنكهة التفاح والليمون.
ذلك هو الفرق بين تفاحتهم وتفاحتنا.
أحس بدوار شديد بيد أني مجبل على المكوث لحاجتي لشحن الهاتف والاستفادة من بث النت رغم بطئه المقرف.
الغريب هنا أن إسم الإستراحة (بحر السكون).!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016