اخر الاخبار

أحلام إيران التي تبخرت..!



وكالة أرصفة للأنباء_ أخبار اليوم_ ملف خاص أعده وليد عبدالواسع الشرعبي
______________&

رصدت صحيفة "أخبار اليوم"، رؤى مختلفة حول سقوط الأحلام الإيرانية في اليمن والتي كانت كانت تخطط لها عبر اشعال فتيل الحرب باسناد جماعة الحوثي المسلحة، لتأجيج الحرب واضطلاعها بتمويل هذه الحرب، في محاولة منها للتمكن من السيطرة على جغرافيا اليمن بمواقعها الاستراتيجية.

كيف ولماذا سقطت أحلام إيران، وأسئلة كثيرة يجيب عليها هذا الملف الخاص الذي اعدته صحيفة "أخبار اليوم" وتعيد "وكالة أرصفة للأنباء"، لأهميته.. الملف..


  "منذ عامين في مثل هذه الليلة نمت وكأني قائد عسكري كبير خسر أخر وأكبر معاركة على الإطلاق، نمت مشروغا بالهزيمة والذل الذي ليس بعده ذل": يقول البكيري.

غير أن صبيحة السادس والعشرين من مارس لم يكن يوماً عادياً في تاريخ اليمن المعاصر.. بل كانت لحظات فارقة في تاريخ البلد الذي كانت المليشيا الانقلابية قد أكملت قبضتها على كامل الخارطة اليمنية..

في صبيحة هذا اليوم، من العام 2015م استيقظ سكان العاصمة اليمنية على ضربات وانفجارات مدوية تهز أرجاء صنعاء وتضيء سماءها بالرعب في أماكن متعددة، دون أن يعلم أحد مصدر وطبيعة تلك الضربات..

قبلها كان نبيل يعيش وجع تلك الليلة:" نمت وخيوط ذاكرة التاريخ تزاحم خيالاتي وشريط ذكريات لا ينقطع بكل الهزائم والانتصارات التي كتبها التاريخ أمام أحط عصابة عرفها ليس تاريخنا كيمنيين فحسب وإنما تاريخ البشرية ككل.. ".

يروي البكيري ردة فعل صديقه، وهو يحدثه عبر الموبايل،" صحوت بفعل اتصال من صديق عزيز نام ليلتها يحمل نفس القدر من المهانة والهزيمة والانتكاسة.. قال لي: يا نبيل إصحى صنعاء لم تنم عصاباتها وأنت كيف تنام لقد فعلها الدم العربي أخيرا وعادت للعربي شهامته بعد أن جمدها الزمن. انهض يا نبيل هناك تحالف عربي وعاصفة حزم تدك أوكار العصابات وتذيقهم نخب الهزيمة من حيث لم يحتسبوا".

لحظات قصيرة مرت قبل أن تتصدر الأخبار القادمة من اليمن شاشات الفضائيات، متحدثة عن بدء طائرات عربية بقيادة السعودية في تنفيذ عملية عسكرية أسميت "عاصفة الحزم"، هدفها استعادة الشرعية في اليمن، وإنقاذ اليمنيين من الحرب التي شنها عليهم تحالف "الحوثي- صالح".

كان ذلك فجر الـ26 مارس من العام 2015 حين أعلنت المملكة العربية السعودية تشكيل التحالف العربي، وبدء أولى ضرباته الجوية على العاصمة اليمنية صنعاء، لشل القدرات العسكرية للانقلابين، وإغلاق المجال الجوي أمامهم، ومنعهم من استخدام سلاح الجو.

يضيف البكيري:" صحوت غير مستوعب سوى أن عجلة التاريخ لا يمكنها أن تعود للوراء، وأن منطق العصابات لا يمكن أن يحكم ويسود في عصر الفضاءات المفتوحة. لم يساورني أي شك حينها في تأييد هذه اللحظة العربية التاريخية، ورفعت الصوت بذلك لأنها لحظة صحو الكرامة والنخوة العربية المفقودة منذ زمن ولو عاد بي الزمان للحظتها لفعلت وقلت نفس الشيء، لمواجهة أحط عصابة في التاريخ على الإطلاق".

وكان هذا العمل الذي نفذ بطلب من الرئيس هادي نزل كالزلزال غير المتوقع على الانقلابين، واسهم في رفع معنويات المقاومة الشعبية ضدهم في مختلف المناطق والمدن اليمنية لاسيما في عدن. ومن ثم اتسعت نطاق العمليات العسكرية للتحالف العربي لتشمل مختلف المناطق التي يدور فيها القتال، وأبرزها العاصمة المؤقتة عدن.

وبعد عامين من الحملة العسكرية، يبدو اليمن- حسب مراقبين- على وشك تحقيق نصر قريب بإسقاط الانقلاب واستعادة الشرعية للدولة كاملة، تزامنا مع تقدم ميداني للمقاومة الشعبية والجيش الوطني بدعم ومساندة التحالف العربي، ومرابطتها على مشارف العاصمة صنعاء.

ويتحدث المسؤولون اليمنيون- وفي مقدمتهم الرئيس عبد ربه منصور هادي- والقادة العسكريون والتحالف العربي عن سيطرة المقاومة والجيش الوطني على نحو أكثر من 80% من الأراضي اليمنية، وأن معركة الحسم بتحرير صنعاء على وشك أن تبدأ قريبا.

نجاح وإخفاق وهزيمة
يؤكد محللون أن التدخل العسكري للسعودية والتحالف العربي الذي أنشأته أثمر عن تدمير معظم القوة الصاروخية والجوية والأسلحة البرية الثقيلة لمليشيات المخلوع صالح وحلفائه الحوثيين، وتأمين كافة الموانئ الإستراتيجية ومضيق باب المندب والمدن الرئيسية والمناطق النفطية والحيوية.

ويرى المحلل السياسي/ ياسين التميمي عامان مرا من عمر عاصفة الحزم كانا حافلان بالإنجازات العسكرية، وبالقليل من النجاحات السياسية والاقتصادية التي يبدو أنها المسئولة عن هذا القدر من الضباب الذي يحجب الرؤية عن الترتيبات المتعلقة بالمستقبل.

وما يصر عليه التميمي هو أنه لا أحد يجادل في النجاحات العسكرية التي تحققت خلال عامين من تدخل التحالف العربي. معتبراً عاصفة الحزم بأنها غيرت مجرى الأحداث وأحدثت الانقلاب الأهم في معادلة القوة على الأرض.

ويذهب إلى أنه بعد السيطرة الميدانية الكاملة للانقلابيين على البلاد، يتراجع حضورهم العسكري وينحسر إلى مساحة لا تتعدى الـ 30 بالمائة من البلاد.

وفيما يوضح أن التحالف العربي قام بتدمير القوة العسكرية والتسليحية للانقلابيين، عبر ما يزيد عن 90 ألف طلعة جوية نفذتها مئات الطائرات ذات الكفاءة القتالية العالية.

يؤكد ياسين التميمي أنه علاوة على ذلك نجح هذا التحالف في بناء قوات مسلحة جزء مهم منها يمكن اعتباره جزء من جيش وطني حقيقي ويتمتع بقدرات تسليحية ممتازة.

ويقول:" هذا الجيش بات اليوم على مسافة عشرين كيلو مترا من العاصمة صنعاء، وبدأ يطوق العاصمة من الجهة الشمالية الغربية".

ويضيف:" وثمة معركة وشيكة مع اثنين من أهم معسكرات الحرس الجمهوري المنحل التي تسيطر على الشمال الغربي لصنعاء، وتؤمن منشآتها الحوية وبالذات المطار الدولي والقاعدة الجوية".

وفي اعتقاده بأنه بفضل عاصفة الحزم والتدخل العسكري للتحالف العربي فقد خسرت إيران معركتها في اليمن، كون هذا التدخل جاء قويا وشاملا ومؤثرا، أربك حسابات إيران وأفقدها كل الأوراق.

لا يشك المحلل السياسي/ ياسين التميمي في أن التحالف العربي حقق جزءا مهما من أهداف عاصفة الحزم، إذ حدث تغير جوهري في المعادلة العسكرية لصالح السلطة الشرعية، واستطاع أن يدمر ترسانة السلاح التي كان يمكن أن تقوض استقرار اليمنيين لفترة طويلة من الزمن.

تداعيات خارجية
بخصوص التداعيات والنتائج الخارجية يقول خبراء أنه بالرغم من أن هذا التدخل جاء متأخرًا، فإن من أهم تداعيات ونتائج فشل العملية السياسية وسيطرة جماعة الحوثي على السلطة على المستوى الخارجي هو التغير الذي يمكن حدوثه في موازين القوى الإقليمية.

ويعتبر الخبراء أن ذلك هو ما أثار ردة الفعل الشديدة التي قام بها مجلس التعاون الخليجي، والتي أفضت إلى إيجاد تحالف إقليمي للتدخل المباشر في اليمن بسبب ما اعتبرته تهديدًا لأمنها القومي؛ إلا أنه يمكن القول إن العواقب الإقليمية أكثر من أي إحراج تطرحه هذه التغيرات.

ويؤكد الخبير العسكري/ علي الذهب أن وضع اليمن الآن كقوة إقليمية بجيش قوي كان ترتيبه السابع عربيا، لم يعد كما كان عليه قبل بدء عاصفة الحزم يوم 26 مارس/آذار 2015.

ويشير إلى أن التحالف العربي دخل الحرب بدوافع القلق على كياناته السياسية التي كادت أن تهدَّد فعليا جراء سيطرة الحوثيين على اليمن بوصفهم ذراعا إيرانية تضاعف بها قبضتها على الجزيرة من جهة الغرب والجنوب، إلى جانب العراق ولبنان وسوريا.

وفيما يلفت إلى أن السلطة الشرعية أمكنها من فرض سيطرتها على مناطق واسعة وطرد الحوثيين منها كمحافظات الجنوب، وتطهير المناطق التي حاولوا التسلل إليها كمحافظتي مأرب والجوف.

لم يغفل الذهب الإشارة إلى تمكن الشرعية من أن تبقى كجذع قوي تتعلق به كل فصائل المقاومة اليمنية ضد الانقلاب، رغم أن قوام الدولة المالي والسيادي ما يزال بيد الحوثيين في صنعاء.

إنهاء الأحلام الإيرانية
ويؤكد اليمنيون أن عملية "عاصفة الحزم" التي تحولت في مرحلتها الثانية إلى "إعادة الأمل"، أنهت الأحلام الإيرانية بأن تكون صنعاء العاصمة العربية الرابعة التي تسيطر عليها بعد بغداد ودمشق وبيروت، وقطعت دابر مليشيا الحوثيين في أن تكون خنجرا مسموما في يد طهران تهدد به السعودية ودول الخليج.

ويرى الناشط السياسي/ مصطفى ناجي الجبزي أن العاصفة بعد عامين قد ضمن ماحققته قد عملت على الحؤول دون انزلاق البلاد إلى صراع طائفي تهيمن فيه القاعدة وداعش كنقيض مذهبي لتشيع الحوثيين. 

ويشير، في تصريحه لـ"أخبار اليوم"، إلى أن عاصفة الحزم قد عملت احتواء جزء مِن الكارثة الإنسانية.

وفيما يؤكد أن أهم انجاز حققته العاصفة هو الفشل الذريع للانقلاب. يعتقد ناجي أنه ما يزال أمام هذه العملية العسكرية الكثير من الأهداف التي يتوجب انجازها، على الأصعدة العسكرية والسياسية والاقتصادية.

ويضيف:" فعلى الصعيد العسكري لابد أن تعمل من أجل استعادة كامل تراب الوطن وتحجيم الخطر المحلي الإقليمي والدولي للحوثيين ومن وراءهم إيران، وعلى الصعيد السياسي لابد من التحول إلى حلف ينقذ اليمن ويستوعبها سياسيا في إطار إقليمي أكبر، واقتصاديا من خلال إعادة الإعمار".

مؤشرات غيرت المعادلة
تقول المؤشرات، التي يوردها مركز مسارات للاستراتيجيا والإعلام، أن وصول قوات الشرعية إلي منطقة نهم نحو 25 كيلو شرق العاصمة صنعاء، أربك التحالف الانقلابي، وغير من المعادلة العسكرية والسياسية لمصلحة التحالف العربي والشرعية اليمنية، واكسبهما حضورا إقليميا ودوليا كبيرا على صعيد القضايا المتشابكة في المنطقة، ورفع من معنويات رجال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مختلف الجبهات القتالية.

الأمر الذي مكنهم، وفقا لمسارات، من تحقيق انتصارات مهمة، كما دفع هذا التقدم العسكري اللافت للجيش الوطني والمقاومة الشعبية إلي تمزيق التحالفات القبلية لجماعة الحوثي والرئيس المخلوع مع قبائل طوق صنعاء، ودفع بعدد كبير من هذه القبائل إلي تأييد الشرعية والانضمام للجيش الوطني والمقاومة الشعبية.

كما عمل على تحفيز وبروز حركة المعارضة لجماعة الحوثي داخل العاصمة اليمنية صنعاء، وظهور تعبيرات وأساليب مؤيدة لعاصفة الحزم والتحالف العربي، في شوارع العاصمة للمرة الأولى منذ جاءت العاصفة لإنقاذ اليمن قبل عام.

بحسب دراسة مركز مسارات، فالعاصمة الرسمية للبلاد المعقل الرئيسي للانقلابين تعد في حكم المحاصرة الآن عسكريا، وتنتظر بفارغ الصبر ساعة الخلاص من المليشيات الانقلابية، ومما ضاعف حالة الحصار هو سقوط مدينة ميدي ومينائها الهام غرب اليمن في يد قوات الشرعية، وهو المنفذ البحري الأكثر استخداما من قبل الانقلابين للتزود بالسلاح والمشتقات النفطية خلال الفترة المنقضية من عمر الحرب.

الأمر الذي ضاعف من تضييق الخناق على الانقلابين، ودفعهم إلي البحث عن خيارات السلام والاستسلام في موقف يدل على الضعف والهوان.

ويؤكد رئيس مركز مسارات/ باسم الشعبي أن عاصفة الحزم غيرت المعادلة تماما بعد مرور عام على انطلاقتها، أوصلت الشرعية إلي أبواب صنعاء، وأنقذت اليمن من مخالب إيران، وأنجزت نحو 90 بالمائة من أهدافها العسكرية، ومثلما أوجدت تحالفا عربيا في اليمن، أفرزت تحالفا إسلاميا لإنقاذ المنطقة كلها من خطر الإرهاب والتدخل الإيراني والخارجي.




القضاء على المخططات الإيرانية ذات الأبعاد الاقتصادية
في نظرته إلى الأبعاد الاقتصادية التي كانت تخطط إيران لتحقيقها من خلال إحكام السيطرة على اليمن تحت مظلة تمدد مشروع الحوثي على كامل الجغرافيا اليمنية، يصف الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي/ نبيل الشرعبي تلك الأبعاد لم تكن بالتي يمكن غض الطرف عنها سواءً من قبل القيادة التي تحكم اليمن أو دول الجوار بل وحتى الدول التي يعنيها أمن واستقرار طرق التجارة العالمية والملاحة الدولية.

ويوضح الشرعبي، في حديثه لـ"أخبار اليوم"، بأن تلك الأبعاد تتمثل في شقها الأول بالسيطرة على مضيق باب المندب للتحكم في أحد أهم ممرات التجارة العالمية ومن ثم التحكم في تدفق التجارة العالمية وفرض رسوم وجبايات على السفن التجارية، والاهم من هذا تأمين خطوط ملاحية دولية لضمان سرية نقل معدات المعامل النووية من روسيا إلى إيران بعيدا عن أعين الرقابة الدولية.

أضف إلى ذلك، حسب نبيل، إحداث إرباك في حركة التدفق التجاري بين قارة أسيا وأفريقيا، يترتب عليه توتر العلاقات بين القارتين وقيام إيران بدور الوسيط وابتزاز الطرفين وفتح منافذ لها للتمدد نحو القارة السمراء، وإقامة قواعد عسكرية لها في أفريقيا وخاصة في المناطق التي يتواجد فيها معدن اليورانيوم وبكميات كبيرة وغير مستغلة نظرا لفقر تلك الدول وعجزها عن استغلال المعدن، ولذلك إيران كانت تخطط لاستغلال ذلك الظرف والاستفادة منه للحصول على أكبر كم من اليورانيوم دون تكاليف.

وكذا الاستفادة من طفرة المعادن النفيسة في القارة السمراء وتغذية اقتصادها الذي يتآكل من الداخل، وامتلاك كميات من الذهب والفضة وغيرها من المعادن النفيسة تمكنها من التحكم بالسوق والبورصة العالمية الخاصة بالمعادن النفيسة.

وهذا بدوره، كما يوضح الشرعبي، سيؤهلها لتكون أحد أهم راسمي وصانعي القرارات والسياسات الاقتصادية والسياسية العالمية، ومعه ستغدو قوة عظمى لن يجرؤ أحد على اعتراض خططها النووية وغيرها من الخطط التي كانت تعمل من خلالها لإعادة الإمبراطورية الفارسية.

ويقول:" أيضا كانت تخطط إيران من عبورها إلى أفريقيا للسيطرة على الحركة الاقتصادية والتجارية وفرض قيود على الشركات العاملة في كل المجالات للعمل وفق ما تخطط له طهران، ويقابل ذلك إخضاع تلك الشركات لتسليم عوائد مبالغ فيها تحت طائلة التهديد بالمنع من عدم السماح لها بالعمل في المناطق الخاضعة لسيطرتها".

ويذكر أن إيران كانت تسعى للاستفادة من طفرة النفط في دول الخليج العربي، والتي بدأت بالضيق بأساليب إيران الابتزازية للسماح لناقلات النفط الخليجي العملاقة بالعبور من مضيق هرمز. حيث كانت دول الخليج قد بدأت بالتفكير الجدي بالتحول من تصدير إنتاجها الخام من النفط من مضيق هرمز إلى التصدير عبر صحراء حضرموت اليمنية.

ويتحدث عن أن دول الخليج كانت قد شرعت بالإجماع على اختيار شركات استشارية وتكليفها بإجراء دراسات جدوى لذلك، ومن أبرز الدراسات في هذا المجال دراسة لإنشاء أكبر ميناء تصدير للنفط في الوطن العربي في صحراء حضرموت اليمنية المحاددة للأراضي السعودية، وأن الشركات الاستشارية كانت قد شرعت بإجراء المسوحات والعمل على تحديد المساحات اللازمة لذلك وممرات العبور وكل ما يلزم لتأسيس ميناء يكون الأكبر والأهم عربيا يتدفق عبره النفط والغاز الخليجي والعربي كاملا.

وذلك في أول خطوة هامة تعمد إليها دول الخليج للتخلص من ابتزاز إيران لها، ناهيك عن تأمين مصدر واسع اقتصادي لليمن يتدفق عبره مليارات الدولارات سنويا، وهو ما سينعكس على استقرار اليمن والقضاء على تواجد القاعدة وغيرها من الجماعات الإرهابية والمسلحة، وهذا سيكون له مردودا كبيرا على دول الخليج.

ويقول الشرعبي:" حاولت إيران استباق خروج مشروع ميناء التصدير للنور وإفشال توجه دول الخليج لتحرير نفسها من الابتزاز الإيراني وكفاية اليمن من عائداته، وقامت بضخ كميات من الأسلحة الإيرانية الصنع بمختلف أنواعها إلى الجماعة الحوثية، وعززت ضخ السلاح بإرسال عناصر من الحرس الثوري الإيراني لتولي تدريب من سيقومون بالعمليات القتالية وإدارة الحرب".

ويضيف:"ثم دفعت بالحوثيين معززين بعناصر من حرسها الثوري لتأجيج الحرب وإسقاط العاصمة اليمنية صنعاء ومن ثم التوجه للسيطرة على بقية محافظات اليمن، مع التركيز على صحراء حضرموت ومضيق باب المندب وخليج عدن وموانئ المنطقة الحرة بعدن وميناء الحديدة والمخأ ورأس عيسى وغيرهم، مما يمهد لها إفشال التوجه الخليجي والاستمرار في ابتزاز دول الخليج وغير ذلك من أبعاد إحكام السيطرة على اليمن".

ويشير الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي إلى أن سفير إيران لدى اليمن بعد تمكن الحوثيين من دخول عدن وحضرموت كان قد قام بزيارتين إلى عدن تم الإعلان عن أحدها والتقى فيها قيادات في المحافظة تابعة لصالح، وأعلن حينها رغبة إيران في الاستثمار بعدن، في إيحاء منه إلى المنطقة الحرة، وزيارة سرية غير معلنة ومثلهما زيارتين إلى حضرموت إحداها معلنة وزيارة سرية غير معلنة.

وفيما ينوه أن إيران كانت تخطط لتوسيع دائرة القرصنة على خطوط التجارة العالمية من خلال شبكة قراصنة تدار من ثكنات تتواجد على المياه اليمنية، حيث كان هذا سيحقق لها عوائد مالية بعشرات مليارات الدولارات. يذكر نبيل أن هذا التوجه الإيراني كانت قد حذرت منه المنظمة العالمية لمراقبة القرصنة والمركز الدولي المتخصص في تتبع أصول القراصنة والأطراف الداعمة، وثبت تورط إيران في عدد عمليات قرصنة في البحر العربي وفي المحيط الهندي بالقرب من الحدود المائية اليمنية، وتم التكتم عليها مقابل التزام إيران بدفع رشاوي باهظة للجهات التي كشفت تلك العمليات.

ومن هذا المنطلق، يعتقد الشرعبي أن أهم ما تحقق على الصعيد الاقتصادي المتوسط والبعيد المدى من عاصفة الحزم هو القضاء على المخططات الإيرانية السالفة الذكر وما كان سينجم عن التوجهات الإيرانية من نتائج كارثية على المستوى المحلي اليمني والعربي والقاري والعالمي.


آخر مشاهد فصول الحرب

في تقرير له بذكرى عاصفة الحزم في عامها الثاني، يحذر مركز أبعاد للدراسات والبحوث من تنظيم مسلح جديد تدعمه إيران، متوقعاً سيناريو "عسكري- سياسي"، كمشهد أخير لفصول الحرب. وكشف تقدير موقف لوحدة تحليل السياسات في مركز أبعاد عن محاولة إيرانية لتدريب تنظيم عسكري جديد لا علاقة له بالحوثيين يتكئ على تنظيم سياسي يحمل اسم "تيار السلام" يحاول استغلال الوضع الاقتصادي والإنساني للسيطرة على المناطق التي ينهزم فيها الحوثيون أو في المحافظات المحررة.

وأشار تقدير الموقف الجديد لمركز أبعاد- الذي جاء تحت عنوان "عامان على انطلاق عاصفة الحزم في اليمن.. الثابت والمتحول"- إلى أربعة سيناريوهات تواجه عاصفة الحزم في ذكراها الثانية. ويوضح رئيس مركز أبعاد/ عبد السلام محمد أن أسوأ هذه السناريوهات وأقلها احتمالا هو ما أطلق عليه السيناريو الرابع (الكارثي)، الذي يحذر فيه أبعاد من تدخلات دولية لخلط الأوراق ودعم تنظيمات مسلحة جديدة في مناطق محررة وتستهدف العاصمة المؤقتة، ومحافظة تعز التي تشهد تحركا لجماعات متطرفة تعطي مبررا للتيار الإيراني الجديد للاستقطاب والتجنيد بواجهة مختلفة.

أما عن السيناريوهات الأخرى، يأتي السيناريو الثاني (المتاح) الأكثر توقعا في حصوله، وهو سيناريو يفترض الجمع بين الحسم العسكري والخيار السياسي. ويفترض في حصوله تحرير القوات الحكومية لـ"ميناء الحديدة" واستكمال السيطرة على الساحل الغربي واستعادة مدينة صعدة والدخول إلى منطقة أرحب المطلة على مطار صنعاء الدولي والسيطرة الجزئية على العاصمة صنعاء، وضمان حصول تفكك بين طرفي الانقلاب لقبول الطرف المؤمن بحل سياسي للمشاركة في إطار اتفاق سياسي يشكل المشهد الأخير لفصول الحرب في اليمن.

أما السيناريو الأخطر وهو السيناريو الأول المسمى بسيناريو (القوة) فيشير إلى الحسم العسكري فقط، لكن المركز أشار إلى احتمال ضعيف لتحققه بسبب طول الحرب وتداعياتها الإنسانية، مالم يكن هناك مفاجأة في حال تم التخطيط بشكل أفضل لعمليات عسكرية سريعة. واستبعد عبد السام محمد، في ورقة تحليل السياسات الصادرة عن المركز تحقق السيناريو الثالث (التنازل)، والذي يفترض حلا سياسيا فقط من خلال مبادرة سياسية تشرك الحوثيين وحليفهم صالح في السلطة دون أي التزام بالتخلي عن السلاح، كون ذلك سيعطي إيران فرصة لامتلاك الثلث المعطل والسيطرة على الدولة مستقبلا.

وتطرقت الورقة إلى مكاسب الشرعية والتحالف من خلال عاصفة الحزم خلال العامين في حرب وصفتها بـ(حرب الضرورة) من بينها تحرير مساحة واسعة من قبضة الانقلابيين وتأمين العاصمة المؤقتة عدن وباب المندب ومنطقة الشرق النفطية، وبناء جيش وطني وقوات أمنية بأكثر من 200 ألف مقاتل، وعودة الرئيس والحكومة إلى الداخل، وتحول المعركة مع الانقلابيين من الدفاع إلى الهجوم.

وعن تأخر الحسم العسكري يوضح رئيس أبعاد أن "تقدير الموقف" أجاب على ذلك بأن السبب يعود إلى عامل الوقت الذي تحتاجه الشرعية والتحالف، فإعادة توازن قوات الحكومة كقوة عسكرية يحتاج إلى نظام سياسي قادر على التوازن بين التركيبات القبلية والسياسية والمناطقية المعقدة، وهو ما احتاج إلى وقت، إلى جانب الحاجة لوقت في تأسيس جيش يمني مُدرب وفق عقيدة وطنية كاملة بعدد كافي لفرض الأمن والاستقرار ومواجهة الإرهاب.

وأشار إلى عوامل أخرى أخرت الحسم مثل السياسة الدولية غير الواضحة في الشأن اليمني خاصة في عهد أوباما، ومراوغة الانقلابيين خلال المشاورات، وصعوبة جغرافيا وتضاريس الطريق إلى صنعاء والضغط الإنساني والاقتصادي الناجم عن تداعيات الحرب.

واعتبر محاولة جماعات متطرفة للظهور على أنها بديلا للحوثيين بأنه يشكل كابوسا مؤثرا على الحسم العسكري، مضيفا عاملا آخر وهو تأثر ملف التقدم العسكري بأداء المبعوث الأممي إلى اليمن ومحاولة أطراف دولية لإعطاء الانقلابيين فرص متعددة من خلال تحريك ملفات ناجمة عن تداعيات الحرب مثل القضايا الإنسانية ومكافحة الإرهاب.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016