قصة... ناجي ناجي
___________
رستم بن افرين بن بهمن الاسطخري، شاب في الثلاثين من عمر، يُعد من أصغر القادة العسكريين، وهو حفيد بهمن الاسطخري، الذي كان يقود عصابة، تقطع الطريق، وتسلب ممتلكات المسافرين في المناطق الجبلية بين مدينة رشت ومدينة تبريز في فارس، ألقت الجبال قساوتها على أبنائها فكانوا قساة اشداء، أُلّقِى عليه القبض، هو وجماعته واودع السجن، فكان من ظمن من اطلق سراحهم للذهاب إلى اليمن برفقة القائد العسكري (وهریز انو شروان)، وفي صنعاء خلق والده افرين، مارس الجندية من صغره حتى بلغ مرتبة عليا.. هي.. قائد حامية صنعاء، قتل في موقعة شعوب بين شهر باذان وعبهلة العنسي، يومها كان رستم يقترب من الخامسة من عمره، اخفته أمه في بيوت صنعاء حتى قتل عبهلة، عادت للظهور، بعدها بأيام، أصابتها حُمى أودت بحياتها، وظل الصغير رستم تحت رعاية آزار حتى اشتد عوده، ارسلته إلى الجندية، أظهر الفتى براعته فيها، وتدرج حتى صار في مكان ابيه.. قائد حامية صنعاء، رغم صغر سنه، كانت الفتاة دنيا خلف نافذتها تنظر إلى رستم بجوار خالتها، إنه فتى، في ذراعه قوة المحارب وفي وجهه لطافة وفي قلبه حنان، كانت تشعر إنه حين يخطو، تحسُ أن الأرض تهتز من تحت قدميه، وتارة اخرى تشعرُ انه يخطو خفيفا، حتى ان اقدامه لا تلامس الارض، كأنه نسمة تسبح في السماء.
وحين اخفت الطريق الواسعة الملتوية خالتها ورستم، تركت نافذتها وصعدت إلى السطح، تنظر خارج المدينة، لوحات خضراء، راحت ترسم عليها ابتساماتها وامانيها الطرية بطراوة النسمة العليلة التى تهب من بساتين الروضة....
***
***
بلغت آزار ورستم سوق القوافل، كانت قافلة الشمال قد وصلت، والتجار ينزلون بضائعهم من فوق ظهور الجِمال والغبار يتصاعد من تحت اقدامهم، غبار خانق وشمس حارقة، راحت تسأل هذا، وتتاكد من ذاك، اكفهر وجهها، تفيد الاخبار بأن معركة قد تمت تسمى معركة الصفين، كاد الامام ان يحسمها سريعا، فانشق فريقه الى فريقين، إذاً.. فالخطر لا زال قائما، وقد تضاعف، والمواجهه قائمة لامحالة..
***
***
عادت ادراجها إلى قصر المخلصة، وولجت بابه، كانت الاخبار قد بلغت القصران، ونشرت الذعر من المجهول بين سكانهما، شريان داخل ديوان الاستقبال، وخارج الديوان تجمعت نساء القصرين وفتياتهما.. بروانة.. زوجة فيروز الاولى، بدت في عمر ضرتها أزار.. في الخمسين من عمرها بوجه كمثري ملموم عند دقنها بشكل ملفوف، وإلى جوارها ابنتها دنيا، وأفسانة زوجة الوالي الاولى، بدت في الثلاثين مربوعة القوام وعيون واسعة شديدة البياض، شديدة الزرقة، وابنتها ريحانة في الثانية عشرة من عمرها.. تبدوا ممتلئة، وزيتا زوجة الوالي الثانية.. اصغر من ضرتها..
في حدود الخامسة والعشرين، وهي ام حمزه، تركت مرقدها، بوجه شاحب، ممتلئة لحداثة ولادتها، قسمات وجهها دقيقة، وانفها حاد وفمها رقيق، إحتضنت مولودتها التي استقر الرأي على تسميتها(حكيمة)، أما (حمزة) فيلعب في الساحة، و(بهشم) لاهيا في طرقات وازقة المدينة، دخلت آزار، فتطلعت إليها العيون المفجوعة من تكرار ماحدث في السابق، نهضت بروانة تستقوي بضرتها على نساء ولدها وبناته، فهي اخبر في امور الملوك والولاية، ورغم انهما ضرتان فهما تتبادلان المحبة والتقدير الصادق، فَلِمَا تظهر المشاحنات والاطماع والغيرة.. طالما والعدل قائم.. فإذا غاب العدل، ظهرت الغيرة والمماحكة والاحقاد، انتقل هذا الوئام إلى نساء الوالى شريان، وتتقدم ازار بتقدير متميز عن غيرها ليس عند بروانة بل عند جميع النساء والرجال لدورها في استعادة الحق، الذي كاد ان يضيع، لذا استنجدت بروانة بها لعلمها ويقينها انها في هذه المسائل اخبر منها بها، لكن آزار لم تابه للعيون المفجوعة، والصدور الخائفة، فتوجهت إلى ديوان الاستقبال أولا، ففي هذه الساعة، وبهذا الموقف، فان الوالى أولى بها من غيره، بدا الوالي مرتبكا لا يدري ما يجب عليه عمله، فهو حديث عهد بالولاية بعد ان توفي والده قبل خمس سنوات، مات في سن صغير، وهو في الخامسة والاربعين، وما ان بدأ شريان في ممارسة الولاية في اجواء هادئة مريحة حتى أتت اخبار الشمال، قتل الخليفة عثمان امر مؤسف، لكنه ليس بالامر الجديد، المقلق حقاً.. هذه الانقسامات، وهذا الاقتتال بين كبار القوم، كل ذلك منذرة بالشؤم .
دخلت عليه خالته فهب نحوها:
- ماذا عليا ان افعل؟.
- في الوقت الراهن شيئ.
في حدود الخامسة والعشرين، وهي ام حمزه، تركت مرقدها، بوجه شاحب، ممتلئة لحداثة ولادتها، قسمات وجهها دقيقة، وانفها حاد وفمها رقيق، إحتضنت مولودتها التي استقر الرأي على تسميتها(حكيمة)، أما (حمزة) فيلعب في الساحة، و(بهشم) لاهيا في طرقات وازقة المدينة، دخلت آزار، فتطلعت إليها العيون المفجوعة من تكرار ماحدث في السابق، نهضت بروانة تستقوي بضرتها على نساء ولدها وبناته، فهي اخبر في امور الملوك والولاية، ورغم انهما ضرتان فهما تتبادلان المحبة والتقدير الصادق، فَلِمَا تظهر المشاحنات والاطماع والغيرة.. طالما والعدل قائم.. فإذا غاب العدل، ظهرت الغيرة والمماحكة والاحقاد، انتقل هذا الوئام إلى نساء الوالى شريان، وتتقدم ازار بتقدير متميز عن غيرها ليس عند بروانة بل عند جميع النساء والرجال لدورها في استعادة الحق، الذي كاد ان يضيع، لذا استنجدت بروانة بها لعلمها ويقينها انها في هذه المسائل اخبر منها بها، لكن آزار لم تابه للعيون المفجوعة، والصدور الخائفة، فتوجهت إلى ديوان الاستقبال أولا، ففي هذه الساعة، وبهذا الموقف، فان الوالى أولى بها من غيره، بدا الوالي مرتبكا لا يدري ما يجب عليه عمله، فهو حديث عهد بالولاية بعد ان توفي والده قبل خمس سنوات، مات في سن صغير، وهو في الخامسة والاربعين، وما ان بدأ شريان في ممارسة الولاية في اجواء هادئة مريحة حتى أتت اخبار الشمال، قتل الخليفة عثمان امر مؤسف، لكنه ليس بالامر الجديد، المقلق حقاً.. هذه الانقسامات، وهذا الاقتتال بين كبار القوم، كل ذلك منذرة بالشؤم .
دخلت عليه خالته فهب نحوها:
- ماذا عليا ان افعل؟.
- في الوقت الراهن شيئ.
- في الوقت الراهن شيئ.
في المساء تذكرت دنيا ورستم، فغادرت القصر إلى قصر البروانة، طلبت من شريان يد دنيا لرستم، فوافق..
***
في جولتها الصباحية والشمس حارقة، قطعت آزار الساحة، وجلست تحت شجرة الكافور، ومن قصر البروانة خرجت أسفانة، تحادثت مع عمتها أزار، قالت ستتمشى في السوق وولت باتجاهه، نادت أزار احد الصبيان الذين يلعبون في الساحة وطلبت منه الذهاب إلى مقر الحامية لطلب رستم، كان في نيتها ابلاغه بالموافقة، لكنها تشك، قد يكون تلقى الخبر من دنيا، لكن الاهم هو ان ترتب معه مايمكن ترتيبه، وقبل انطلاق الصبي، ظهر رستم من الطرف الجنوبي قادما من داره، وصح تخمينها، كانت ملامح وجهه المبتسمة تدل على علمه بالموافقة، ومن حركاته يود ان يغافلها وينظر إلى قصر البروانه الواقع على يمينه، وفعلا لوى عنقه باتجاه القصر رفعت نظرها إلى القصر كانت الفتاة دنيا تقف خلف نافدتها المشرعة، احست بها خالتها، كان قلبها يرقص، لقد حققت رغبتها، تقدم رستم وقبل راس ويد أزار، قالت: لم يعد ابلاغك الخبر بالمفاجئة، حياة سعيدة وذرية صالحة.
صمتت، وقالت بنبرة دلال:
- من ابلغك بالموافقة؟؟ .
تردد قليلا وهي تشجعه بغمزة من طرفها، فقال
بخجل هامسا: دنيا .
ارسلت ضحكتها: اللئيمة ،لم تترك لى فرصة الحصول على البشارة.
اتفقا على الذهاب إلى السوق لمساعدته في شراء ما يجب شراءه.. هديته لعروسته دنيا، إبتاع قطعتين من القماش الفاخر وتوابعها، كما ابتاعا حلقة وحراز ومشاقر فضية، وعادا من طريق أخر...
في المساء تذكرت دنيا ورستم، فغادرت القصر إلى قصر البروانة، طلبت من شريان يد دنيا لرستم، فوافق..
***
في جولتها الصباحية والشمس حارقة، قطعت آزار الساحة، وجلست تحت شجرة الكافور، ومن قصر البروانة خرجت أسفانة، تحادثت مع عمتها أزار، قالت ستتمشى في السوق وولت باتجاهه، نادت أزار احد الصبيان الذين يلعبون في الساحة وطلبت منه الذهاب إلى مقر الحامية لطلب رستم، كان في نيتها ابلاغه بالموافقة، لكنها تشك، قد يكون تلقى الخبر من دنيا، لكن الاهم هو ان ترتب معه مايمكن ترتيبه، وقبل انطلاق الصبي، ظهر رستم من الطرف الجنوبي قادما من داره، وصح تخمينها، كانت ملامح وجهه المبتسمة تدل على علمه بالموافقة، ومن حركاته يود ان يغافلها وينظر إلى قصر البروانه الواقع على يمينه، وفعلا لوى عنقه باتجاه القصر رفعت نظرها إلى القصر كانت الفتاة دنيا تقف خلف نافدتها المشرعة، احست بها خالتها، كان قلبها يرقص، لقد حققت رغبتها، تقدم رستم وقبل راس ويد أزار، قالت: لم يعد ابلاغك الخبر بالمفاجئة، حياة سعيدة وذرية صالحة.
صمتت، وقالت بنبرة دلال:
- من ابلغك بالموافقة؟؟ .
تردد قليلا وهي تشجعه بغمزة من طرفها، فقال
بخجل هامسا: دنيا .
ارسلت ضحكتها: اللئيمة ،لم تترك لى فرصة الحصول على البشارة.
اتفقا على الذهاب إلى السوق لمساعدته في شراء ما يجب شراءه.. هديته لعروسته دنيا، إبتاع قطعتين من القماش الفاخر وتوابعها، كما ابتاعا حلقة وحراز ومشاقر فضية، وعادا من طريق أخر...
يتبع الحلقة الرابعة...➡⬅
لمتابعة الحلقة الأولى والثانية من قصة "الصعود إلى السطح"، للقاص ناجي ناجي
الصعود إلى السطح"1_8"
قصة.. ناجي ناجي
في ذكري ليلة النصر على الأسود العنسي.. صعدت آزار الى سطح قصرها المسمى بقصر المُخَلِصَة، واشعلت النار قبل افول الشمس، وحين انسدلت ستائر الليل، توهجت السماء وانعكست على واجهه جبل نقم، الذي بدا كصفحة ذهبية، لم يكن ذلك في صنعاء وحدها، النار تشتعل في سطوح منازل سادة القبائل ووجهائها، وفي رؤس الجبال، تلك عادة حافظ عليها الناس من اكثر من خمسة وعشرين سنة، وقفت المخلصة آزار الزوج الثانية فيروز الديلمي، وقفت تنظر الى النار المشتعلة في سطح قصر البروانة.. نسبة إلى ضرتها بروانة ( وتعني بالفارسية فراشة).. زوج الأولى فيروز ، وأم شريان بن فيروز وإلى صنعاء وماجاورها، وطافت بنظرها على سطوح منازل صنعاء العالية، وامتلات بالسعادة والرضى..
البقية على الرابط
http://arsefa7.blogspot.com/2017/09/18.html?m=0
"الصعود إلى السطح""2_8"
قصة.. ناجي ناجي
قطع الساحة رستم الاسطخري متوجها إلى قصر المخلصة، وحين رأها في الساحة تحت الشجرة، توجه إليها، ألقى عليها السلام وقبّل راسها ويديها، ابقته إلى جانبها، وهو شاب يقترب من الخامسة والعسشرين.. أو يزيد، مفتول العضلات ووجه دائري ممتلئ، بدأ وجهه الابيض قد خالطه حمرة من حرارة الشمس، نهضت أزار، وسارت وهي ممسكة بعصاها وباليد الاخرى يد رستم، وبعد أن سارا بضع خطوات، سألها:
- إلى اين؟.
قالت: رافقني إلى سوق القوافل، لعلى قافلة الشمال قد وصلت، أو أنها على وشك الوصول.
- تودين أن تطلعي على أخبار البصرة والكوفة والشام.........
قطع الساحة رستم الاسطخري متوجها إلى قصر المخلصة، وحين رأها في الساحة تحت الشجرة، توجه إليها، ألقى عليها السلام وقبّل راسها ويديها، ابقته إلى جانبها، وهو شاب يقترب من الخامسة والعسشرين.. أو يزيد، مفتول العضلات ووجه دائري ممتلئ، بدأ وجهه الابيض قد خالطه حمرة من حرارة الشمس، نهضت أزار، وسارت وهي ممسكة بعصاها وباليد الاخرى يد رستم، وبعد أن سارا بضع خطوات، سألها:
- إلى اين؟.
قالت: رافقني إلى سوق القوافل، لعلى قافلة الشمال قد وصلت، أو أنها على وشك الوصول.
- تودين أن تطلعي على أخبار البصرة والكوفة والشام.........
البقية على الرابط
http://arsefa7.blogspot.com/2017/09/28.html?m=0
حفظك الله و رعاك يا استاذنا القدير
ردحذف