اخر الاخبار

رسائل من أهل تعز.. نحن فقط نموت..!



علي الصديق
______&


لا تقلقوا.. نحن فقط نموت!  
ناموا، ولا يفزعنكم صوت استغاثات هذه المدينة.. 
تدثروا جيداً، وغطوا عيونكم حتى لا تروا صور الأطفال بأقدامٍ مبتورة، وصور النساء بأنصاف أجساد!

صبوا العطر على أطراف أثوابكم، حتى لا تصلكم روائح الدم التي تفوح في أرجاء تعز!

احتضنوا أطفالكم، ولا تفكروا في أطفالٍ انتزعتهم نيران القذائف من أحضان أمهاتهم، بلا أدنى رحمة!

لا تقلقوا، لم يحدث شيء يا اخوتنا، يا أشقاءنا 
يا بني وطننا 
لا شيء يستدعي القلق.

كل ما في الأمر أن هناك أناسٌ يموتون، والحي أبقى من الميت كما يقولون، لذا عيشوا تفاصيل حياتكم ولا تبالوا! 

لا تبالوا بآهات تلك الأم التي فقدت ابنتيها دفعةً واحدة، ولا تهتموا لشأن الأسرة التي حاولت النزوح فجاءها قبح القذيفة إلى الشارع، لتدمر باص النزوح وتقتل من فيه.

لا تهتموا حتى لو كانت المدينة تفقد كل يوم دكتوراً ومهندساً ومعلماً، على يد شلة طراطير! 
الطراطير أيضاً بشر، ومن حقهم أن يثبتوا رجولتهم بقتل الناس، لذا لا تهتموا!

واصلوا مسلسل الصمت، واستمروا في أداء دور الأطرش الذي لا يعلم شيئاً في الزفة.. 
زفة الموت.

أعلم أن فيكم أرواحاً ثائرة بشكل يفوق ما نحن عليه، وأدري أن فيكم أساتذة نضال ورجال شرف ونخوة لا يقبلون الضيم، لكن في المقابل هناك عدد كبير ممن باعوا وخانوا، وسلموا رؤوسنا لمقصلة المليشيات، وجهزوا حبل مشنقة الطائفيين ليلفونه على عنق هذه المدينة الطاهرة! 

من يقتلوننا اليوم لم يأتوا من الفضاء، ولم يخرجهم مهديهم المنتظر من سردابه.. 

من يقتلوننا يمنيون أيضاً، وبعضهم من هذه المدينة أيضاً، يشاركوننا الماء والهواء وشظف العيش في هذا البلد.. 

لكنهم لا يشاركوننا أكسجين الكرامة، فلا يتنفسون إلا عبوديةً وانبطاحا! 
لن نتهمكم بالخذلان، فتعز أكبر من أن تُخذل.. 
ولن نبقى نوزع الاتهامات هنا وهناك، طالما والموت لا يترك لنا فرصة البقاء، بل يوزع أجسادنا هنا وهناك!

تعز تتعرض لجرائم إبادة، أسر بأكملها رحلت، الأب والأم والأطفال، ودميةٌ كانت تنام بجوار الطفلة التي رحلت، تاركةً لها سؤالاً محيراً: هل هؤلاء ينتمون إلى عالم الإنسان!

تعز كانت تعي حجم مخاطر خوض هذه المعركة، لكنها كانت أكثر وعياً بمخاطر عدم خوضها!

عموماً لا تقلقوا مطلقاً، لم يحدث شيء.. 

نحن فقط نموت!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016