قصة.... ناجي ناجي
_____________&
في حديقة الجندي المجهول، كانت عصافير الدور تغني وتتراقص من غصن إلى غصن ومن شجرة إلى آخرى، في موجات متتابعة، قطع صمته دون أن يلتفت إليها:
- أتعلمين ؟؟.
ولم ينتظر منها الإجابة : - المدن اليمنية، مثل البشر .. منها في سن الأربعين، مدرك لما يريد ومتوجه نحو ما يريد بثبات، ومنها في سن العشرين، متحمس لما يريد نقي، لكنه لا يدري كيف يصل إلى مايريد، ومنها في سن الطفولة لا يدرك ما يريد، ولا يريد أن يدرك، مكتفيا بالصياح.
لم تعلق، وأكتفت بهز رأسها، فقال: - وهناك أمر أخر
- ما هو؟؟
- أود الارتباط بك
- في هذه المسالة. عليك. التحدث مع الخالة عائدة
- أكيد.. لكن أود معرفة رأيك أولا
إبتسمت ولاذت بالصمت، فاردف: لا يصح أن أقابلها الآن، ساغيب في المكلا بضعة أشهر، وحين أعود ساقابلكم، وسيتم الزواج، وسننزح سويا إلى حضرموت.
إكتفت بالصمت، وعلى وجهها إبتسامة الرضى، والتسليم بالنزوح.
. ***
عادت نبيهة إلى المنزل، كانت نوال قد أفاقت وأخذت إفطارها، وأخذت فرصة وجودها وحيدة في المنزل، فأعلنت نواحها وتنفست عن مكبوت مشاعرها، صرخت وبكت، وبثت همها لنفسها، ومع عودة نبيهة تشاركتا البكاء والنواح، خروجاً عن قانون عائدة، ثم.. ثم غسلتا وجوهيهما وأرتدتا ملابسهما وخرجتا إلى الشارع.
ولم ينتظر منها الإجابة : - المدن اليمنية، مثل البشر .. منها في سن الأربعين، مدرك لما يريد ومتوجه نحو ما يريد بثبات، ومنها في سن العشرين، متحمس لما يريد نقي، لكنه لا يدري كيف يصل إلى مايريد، ومنها في سن الطفولة لا يدرك ما يريد، ولا يريد أن يدرك، مكتفيا بالصياح.
لم تعلق، وأكتفت بهز رأسها، فقال: - وهناك أمر أخر
- ما هو؟؟
- أود الارتباط بك
- في هذه المسالة. عليك. التحدث مع الخالة عائدة
- أكيد.. لكن أود معرفة رأيك أولا
إبتسمت ولاذت بالصمت، فاردف: لا يصح أن أقابلها الآن، ساغيب في المكلا بضعة أشهر، وحين أعود ساقابلكم، وسيتم الزواج، وسننزح سويا إلى حضرموت.
إكتفت بالصمت، وعلى وجهها إبتسامة الرضى، والتسليم بالنزوح.
. ***
عادت نبيهة إلى المنزل، كانت نوال قد أفاقت وأخذت إفطارها، وأخذت فرصة وجودها وحيدة في المنزل، فأعلنت نواحها وتنفست عن مكبوت مشاعرها، صرخت وبكت، وبثت همها لنفسها، ومع عودة نبيهة تشاركتا البكاء والنواح، خروجاً عن قانون عائدة، ثم.. ثم غسلتا وجوهيهما وأرتدتا ملابسهما وخرجتا إلى الشارع.
في الشارع رأت ناصر مرة آخرى، يتقفز، تملئه البشاشة والأمل، سلم على نوال، وهو يقول: سنواصل الحياة، حتى يأتي الطبيب الماهر.
ومضى في تقفزه ونشوته، إلتفتت نوال مستفسرة: ماذا يقصد هذا المجنون !!.
أجابت: لاعليكِ.. سنواصل الحياة والأمل .. حتي ياتي الطبيب الماهر...
إستمرت عائدة بالمنزل، ولم تنزح، وأستمرت برعايتها لنبيهة، مثلها مثل نوال، لكن الفتاة أحست وتضخم إحساسها بأنها عالة على خالتها، مضت الأيام والشهور، والوظيفة لم تاتي، إنكمشت على نفسها، رات نفسها ريشة خفيفة، لن تقوى على الثبات أمام هفة نسمة خفيفة، فكيف سيكون حالها إن هبت عليها عاصفة، ستعصف بها ستلعب بها في كل الإتجاهات، ستأخذها عاليا ثم تهبط بها على صخور التواهي الناتئة، ستتفتت، فلن يبقى منها شيئ سوا الضياع، راحت تتردد وحيدة على حديقة الجندي المجهول، حتى صارت زميلاتها في الحارة يطلقن على الحديقة اسم حديقة الحالمة المجهولة، حاولت الخالة إخراجها من حالاتها بكل ما لديها من امكانيات/هي في الأصل امكانيات شحيحة/، راحت الفتاة تفكر بالنزوح إلى تعز، وتسائلت، إلى أين ستذهب، أما كان عليها أن تموت في تلك اللحظة التى مات فيها والدها وأخيها ووالدتها، لكانت وفرت على نفسها هذه المتاهة، من مقعدها تحت الشجرة، رفعت نظرها على صوت أليف، صوت جاء من ذكرياتها الجميلة، إنه صوت صديقتها
سماح، التى انقطعت عنها بعد نزوح سماح إلى كريتر،
بالكاد ردت عليها السلام، جلست سماح بجوارها، تعرض عليها النزوح إلى الشمال.
كان التلاسن بين صنعاء وعدن قد تصاعد منذرا باسوء العوقب، أقلها إغلاق الحدود وإعلان الحرب، راح الناس يسرعون في النزوح قبل فوات الآوان، فازدحمت الطريق بالنازحين من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال، نزوح ونزوح عكسي، حالة من عدم الاستقرار النفسي المضطرب، ردت: ومن لى في الشمال لكي أنزح إليه؟
أجابت سماح: ومن لك في الجنوب لكى تبقي فيه
قالت: عندي خالتي وعندي إبنة خالى
قالت: فلماذا اتخذتِ من حديقة الحالمة المجهولة إنعزالك
سألت: ماذا تريدين !!؟؟ .
قالت: إما إن تعودي كما كنتِ إلى خالتك، أو تقومي معى وأمي إلى الشمال.
ثم أردفت: ألا يكفيك أن أكون أنا وأمي وأنت في مصير واحد، كانت تريد أن تقول إن مصيرها مع الغائب في المكلا، لكنها خجلت فصمتت، من باب الحديقة البعيد، دخلت مجموعة فتيات، بدت في عيونها تافهات، بملابس أفراح باهتة، توقفت المجموعة عند الباب، فيما خرج من بينها شخص ما، وكل ما أقترب منها ابتعدت بخيالها ونفرت من نفسها ومن صديقتها، ومن يأسها انكرت عيناها، وحين تأكدت هبت نحوه، ثم تراجعت وأحتظنت صديقتها وقبلتها كما كانت من قبل، وتمنت لها نزوح سعيد، أسندت ذراعها على ذراع ناصر ووليا نحو باب الخروج، أحاطت بهما الفتيات والفتيان، وتقدمتهم سماح، وتوجهوا إلى منزل عائدة، دخلت سماح وخلفها نبيهة ويدها متكئة على ذراع ناصر، أطلقت الخالة زغروطة طويلة، ودخلت خلفهما مجموعة الفتيات والفتيان، وأقاموا حفلة زفاف غير معهودة، وقبل حلول المساء، سارا في الشارع، والجيران من النوافذ والشرفات، يرمونهما بالفل والزغاريد، ثم استقلا حافلة النزوح إلى المكلا المزينة بباقات الورود المفروشة بالياسمين...
ومضى في تقفزه ونشوته، إلتفتت نوال مستفسرة: ماذا يقصد هذا المجنون !!.
أجابت: لاعليكِ.. سنواصل الحياة والأمل .. حتي ياتي الطبيب الماهر...
إستمرت عائدة بالمنزل، ولم تنزح، وأستمرت برعايتها لنبيهة، مثلها مثل نوال، لكن الفتاة أحست وتضخم إحساسها بأنها عالة على خالتها، مضت الأيام والشهور، والوظيفة لم تاتي، إنكمشت على نفسها، رات نفسها ريشة خفيفة، لن تقوى على الثبات أمام هفة نسمة خفيفة، فكيف سيكون حالها إن هبت عليها عاصفة، ستعصف بها ستلعب بها في كل الإتجاهات، ستأخذها عاليا ثم تهبط بها على صخور التواهي الناتئة، ستتفتت، فلن يبقى منها شيئ سوا الضياع، راحت تتردد وحيدة على حديقة الجندي المجهول، حتى صارت زميلاتها في الحارة يطلقن على الحديقة اسم حديقة الحالمة المجهولة، حاولت الخالة إخراجها من حالاتها بكل ما لديها من امكانيات/هي في الأصل امكانيات شحيحة/، راحت الفتاة تفكر بالنزوح إلى تعز، وتسائلت، إلى أين ستذهب، أما كان عليها أن تموت في تلك اللحظة التى مات فيها والدها وأخيها ووالدتها، لكانت وفرت على نفسها هذه المتاهة، من مقعدها تحت الشجرة، رفعت نظرها على صوت أليف، صوت جاء من ذكرياتها الجميلة، إنه صوت صديقتها
سماح، التى انقطعت عنها بعد نزوح سماح إلى كريتر،
بالكاد ردت عليها السلام، جلست سماح بجوارها، تعرض عليها النزوح إلى الشمال.
كان التلاسن بين صنعاء وعدن قد تصاعد منذرا باسوء العوقب، أقلها إغلاق الحدود وإعلان الحرب، راح الناس يسرعون في النزوح قبل فوات الآوان، فازدحمت الطريق بالنازحين من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال، نزوح ونزوح عكسي، حالة من عدم الاستقرار النفسي المضطرب، ردت: ومن لى في الشمال لكي أنزح إليه؟
أجابت سماح: ومن لك في الجنوب لكى تبقي فيه
قالت: عندي خالتي وعندي إبنة خالى
قالت: فلماذا اتخذتِ من حديقة الحالمة المجهولة إنعزالك
سألت: ماذا تريدين !!؟؟ .
قالت: إما إن تعودي كما كنتِ إلى خالتك، أو تقومي معى وأمي إلى الشمال.
ثم أردفت: ألا يكفيك أن أكون أنا وأمي وأنت في مصير واحد، كانت تريد أن تقول إن مصيرها مع الغائب في المكلا، لكنها خجلت فصمتت، من باب الحديقة البعيد، دخلت مجموعة فتيات، بدت في عيونها تافهات، بملابس أفراح باهتة، توقفت المجموعة عند الباب، فيما خرج من بينها شخص ما، وكل ما أقترب منها ابتعدت بخيالها ونفرت من نفسها ومن صديقتها، ومن يأسها انكرت عيناها، وحين تأكدت هبت نحوه، ثم تراجعت وأحتظنت صديقتها وقبلتها كما كانت من قبل، وتمنت لها نزوح سعيد، أسندت ذراعها على ذراع ناصر ووليا نحو باب الخروج، أحاطت بهما الفتيات والفتيان، وتقدمتهم سماح، وتوجهوا إلى منزل عائدة، دخلت سماح وخلفها نبيهة ويدها متكئة على ذراع ناصر، أطلقت الخالة زغروطة طويلة، ودخلت خلفهما مجموعة الفتيات والفتيان، وأقاموا حفلة زفاف غير معهودة، وقبل حلول المساء، سارا في الشارع، والجيران من النوافذ والشرفات، يرمونهما بالفل والزغاريد، ثم استقلا حافلة النزوح إلى المكلا المزينة بباقات الورود المفروشة بالياسمين...
تمت.... مايو 2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق