اخر الاخبار

بين الغاية والوسيلة



‏عيسى عبده عبدالله قاسم‏
__________________&&

غالباً ما تقف "الآنا" والتي مالم يتم إلجامها حتى تُفسد الغاية بوسيلة تحكمها "الآنا" لا الغاية.

ذلك هو حال الجماعات الدينية التي لم تجعل من إقامة الدين بما يمثله من قيم ثابتة ( الحرية والعدل والمساواة ) غاية لها بما هي روحه وجوهره، وعليه تسعى في إبتكار الوسائل المناسبة للوصول لتلك الغاية بخلق مجتمع يسوده الحرية والعدل والمساواة فهذه القيم تُشكل روح وجوهر الدين ، إن غابت غاب الدين حتى وإن بقت شعائره شكلاً لا جوهر فيه ، فقد أفسدت تلك الجماعات قيم وروح الدين حين منحت نفسها حق التمييز على الاخرين بإدعاء ملكيتها للحق الألهي إما إستناداً لنسب أو لعرق أو قبيلة أو لعلم مطلق بالدين الألهي ذلك الإستناد الذي إنطلقت منه يُفسد بدءً قيم وجوهر الدين .

- لتفقد الحرية قيمتها بذلك الإستناد الذي لا يقبل بعد ذلك رأياً أخر مخالف لرؤية تلك الجماعات بما هي حق مطلق لا خيار للإنسان إلا في إتباعها دون حتى إن يستخدم عقله بما هو المسؤول عن الإختيار، وما سيترتب على ذلك الإختيار من ثواب وعقاب ولذلك مُنح الإنسان العقل وحرية الإختيار لقوله سبحانه وتعالى (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انْفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
[سورة البقرة 256] صدق الله العظيم .

- ويفقد العدل قيمته بذلك التمييز والتكريم الذي لم يستند على عمل يكون للإنسان القدرة عليه فيما لو آحب آن يُميز ويُكرم وفقاً للقانون الإلهي الذي ذكره الله سبحانه وتعالى (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ)[سورة اﻷنبياء 47] صدق الله العظيم .
- وتفقد المساواة قيمتها بتلك الإستثناءات التي إستندوا عليها خلافاً لقوله سبحانه تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [سورة الحجرات 13] صدق الله العظيم .

وبأن الإستثناء الوارد في الأية السابقة ينطلق من عمل الإنسان ببلوغ التقوى في عمله وبذلك إستحق عمله تمييزاً وتكريماً عند الله جل شأنه فهو العليم الخبير بمعنى أن التمييز والتكريم ليس شأن بشري بل شأن إلهي تحكمه فهو العليم الخبير وعنده حُسن الثواب .

الخلاصة
بما أن تلك القيم هي روح وجوهر الدين ومن آراد إقامة الدين حقاً عليه إقامتها ، لا أن تغلب عليه " الآنا " ليدعي أنه الوسيلة الوحيدة للدين وبهذا الإدعاء سن سنة سيئة سببت بظهور العديد من الجماعات الدينية المختلفة والتي تتصارع اليوم لإنتزاع حق لا تملكه مدعية بذلك آنها تنصر الدين ، فيما هي تهدمه بهدمها تلك القيم بما هي روح وجوهر الدين والضمان الوحيد للحفاظ على الحياة دون إفسادها وسفك الدماء فيها والذي بعده لا يكون من قيمة للشعائر التي تتمسك بها وكأنها الدين فيما هي شكلاً لا روح ولا جوهر فيه بعد أن أُفسدت تلك القيم...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016