اخر الاخبار

الجراد... لوحة فنية بعبق الضوء*



د_ عبدالله عوبل
______________


تحدثت مع زهرة نبتت على عتبة بيتها،" حدثيني أيتها الزهرة الجميلة، لماذ توقفت عند هذا المكان المظلم، كيف ترين الشمس من هذه الزاوية البعيدة، ليتك كنت سنبلة تطفئ موجة الجوع المتوحشة، لماذا أتيت لوحدك إلى أرض العطشى، السنابل وحدها صنو الحياة، لماذا أسرعت الخطى إلى البقعة المجدبة، من حرم المنزل، ألم تخبرك هذه الجذوع اليابسة عن مصيرها، كانت وارفة وسامقة تتنفس أشعة الشمس ونتنفس نحن أريجها وهواءها النظيف، كنا نستظل تحتها، كانت حشائش وأزهار تنمو حولها، فجأة هجم الجراد ذات صيف، أكل اوراق الأشجار كلها، جردها من جمالها وظلها، نزع عنها خضرتها، أكل أوراقها وحتى أغصانها الرطبة، باتت كما ترينها الان، عيدان متفرعة عارية من اللون والنضارة، من يهزم الجراد الذي تحجب إسرائه ضوء الشمس..

الجراد يتدافعن فوق النار، من تلقاء نفسه، مع ذاك يتناسل بإعداد مخيفة، فما الذي أتي بك، وأنت الرقيقة الناعمة الزكية رفيقة الفراشات وغذاء النحل، وحبيبة الندى.

خبز جاف أو سنبلة مثقلة بالحبوب، ذلك ما نحتاجه، ألا ترين تلك الأجسام النحيلة،  الوجوه الشاحبة، والإقدام العارية، ماذا سيفعلون بزهرة أنيقة تنثر أريجها، وتعطر كل الأشياء الجافة برائحة الربيع.

اين اخبئك من أقدام العابرين إلى مرافىء الموت، اين ؟؟ ثمة أناس يمرون من هنا في دروب حملت معها رياح الجراد، هذه المدينة صارت من مجاهل التاريخ، فلماذا تزوريننا يا حبيبتي في هذه الأيام الموحشة، تمنيت لك موعدا يكون فرحا، وعناقا وذكرى جميلة، لكن الجراد داس باقدامه على كل فجوة يأتي منها نور، الجراد صنو المجاعة، والموت، المتعبون على مشارف الموت، ينتظرون السنابل، والانتظار ثقيل على العيون وهي ترنو إلى خالقها، ينتظرون بلهفة الأمل ويقولون ؛" ستأتي السنابل والمطر ".

2-2-2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016