كتب_ نبيل الشرعبي
_________________
لن يُصدق أحد ممن سمع صوته الإذاعي المميز عبر أثير إذاعة صنعاء.. لن يُصدق أن ايقونة إذاعة صنعاء الاعلامي والكاتب والشاعر الغنائي عبدالعزيز شائف، يعيش منسياً على جغرافيا اليمن في شقة وحيداً بالعاصمة صنعاء، يفتت المرض جسده المتهالك، وينال من روحه نكران الجميع له وتركه يحترق مثل شمعة منسية في فلك مهجور..... بعد 60عاماً من أريج الاثير الإذاعي، كان الأحرى أن ينال تقديرا خاصا بامتياز لدوره الكبير في خدمة وريادة إذاعة صنعاء، لكنه وجد نفسه كومة من عظام ملفوفة بجلد الجسم ذي البشرة السمراء المعجونة بعبق الأثير الإذاعي المزهر على الدوام تجدداً وتميزاً طيلة 60عاماً...... عبدالعزيز شائف.. تذكروا هذا الاسم جيداً والذي لا يكاد يجهله أحد من اليمنيين_ اقصد العامة من اليمنيين، وليس الطوابير الطويلة والكثيرة من صفوف المتصارعيين، فهذه الطوابير من المتصارعيين ينهشون بصمتهم هامات الاعلام اليمني الهادف، ومثلهم طوابير أخرى يستظلون بمظلة الاعلام صار كل همهم تحقيق مزيد من الأرباح والأموال على حساب تفتيت المهنة، والجحود والتنكر لكل جهابذة الاعلام الفعلي..
مأساة الوالد الاعلامي القدير عبدالعزيز شائف، لا تقف عند الداء الذي نال منه وجعله طريح الفراش في المنزل وحيداً بين أربعة جدران موحشة إلا من ابنتين كما اعتقد تتجرعان فاجعة الخذلان التي مُني بها والدهما الذي لم يبخل ولا لحظة بتقطير روحه ليعطر أثير إذاعة صنعاء ومسامع وأفئدة المستمعيين.. مأساته لا تقف هنا بل تمتد عميقاً فقد صار عاجزا عن الحركة إلا بمساعدة من ابنتيه وفاقد السمع والنظر وحتى الذاكرة..
وجع الخذلان والتنكر لهامات الاعلام اليمني يُختزل في مشهد الوالد الاعلامي عبدالعزيز شائف.. وزيادة على هذا لم يتذكره حتى من تتلمذ على يديه وكذلك معظم رفاق درب العمل الإذاعي ناهيك على نقابة الصحافيين اليمنيين ووزارة الاعلام والدولة..
عبدالعزيز شائف، أجزم أن كثير يمنيين يحفظون هذا الاسم عن ظهر قلب، وفي الأرياف اليمنية يحضر هذا الاسم في اليوميات بلا توقف عبر إذاعة صنعاء، حيث كانت تتحفني كما غيري من الريفيين بصوتها المميز عبر برامج عدة..
صديقي وأخي عبدالمنعم_ الذي يكبرني بأعوام_ وهو مدرس مادة الرياضيات في إحدى مدارس شرعب، كان في زيارة لصنعاء مع والدتي حفظها الله_ في شهر فبراير من عامنا الجاري 2018، وخلال نقاش دار بيني وبينه حول الاعلام ودوره في التوعية والبناء المعرفي.. كان مستاء للغاية وهو يسألني عن أسباب توقف غالبية البرامج الإذاعية بإذاعة صنعاء والتي حد وصفه وأنا كذلك كانت برامج ذات نسق وتوجه معرفي ينشد الأخلاق والسلم المجتمعي وبناء إنسان متسلح بالقيم السوية..
عبدالمنعم_ صديقي كما يحلو لي منادته، ذكر متحسرا عدد من الأسماء الإذاعية العملاقة_ حد وصفه واوافقه الرأي، من أبرزها عبدالعزيز شائف، سامية العنسي، عقيل الصريمي، عبدالملك العيزري، عائدة الشرجبي، مها البريهي، قال إن غياب هذه الأصوات من أثير إذاعة صنعاء جعله يقاطع هذه الإذاعة..
لم يكن يعلم صديقي عبدالمنعم ولا أنا حين ذاك أن عبدالعزيز شائف يعيش مأستين: الأولى الداء الذي فتك به، والثانية: الخذلان من الجميع..
والدتي الغالية_عافاها الله، وهي مثل غالبية أمهات الريف اليمني_ رغم أنها لم تحظى بفرصة التعليم، تشاركت معنا الحوار وأكدت أنها كانت تجد في إذاعة صنعاء إلى ما قبل أعوام تجد فيها ما يجذبها للمتابعة والاستماع إليها، وبسبب توقف ما كان يجذبها للاستماع بإذاعة صنعاء لم تعد ترغب في سماع الإذاعات لأنه ليس فيها ما يفيد، بل العكس تحولت إلى مصدر لبث الخوف والفرقة والكراهية والموت..
غادر أخي_ صديقي عبدالمنعم بمعية والدتي الفاضلة صنعاء نحو ريف قريتنا بشرعب دون أن يجدا إجابة لسؤال: ماذا حدث لإذاعة صنعاء..؟!
واليوم وتحديدا الساعة الخامسة عصرا الـ 11 من يونيو 2018، وجدت الإجابة على سؤال: ماذا حدث لإذاعة صنعاء..؟؟!!، وجدت الإجابة في بقايا الجسد المتهالك الذي حملته فتاة يبدو عليها الكثير من الاعياء، حملته إلى غرفة متواضعة مخصصة للاستضافة... صعقنا المشهد ونحن نرى إيقونة أثير إذاعة صنعاء عبدالعزيز شائف، والذي طالما حلمنا برؤيته... نعم حلمنا برويته لكن ليس بالصورة التي شاهدناها اليوم، بل بحجم الصوت الذي وصل إلى مسامعنا على مدى عقود من الزمن..
استعين بالصورة لتحكي تفاصيل مأساة الوالد الاعلامي عبدالعزيز شائف، مأساته التي فشلت الكلمات في ايضاحها..
فمن أجل أمي الغالية نور وأخي عبدالمنعم وغيرهم من اليمنيين ممن عشق إذاعة صنعاء بأصواتها الإذاعية الابداعية، من اجلهم التفتوا للإعلامي عبدالعزيز شائف، اعيدوا لإذاعة صنعاء رونقها.. انتصروا لنافذة الضوء.. انتصروا لقيم الحب والإنسان السوي.. انتصروا لنافذة الضوء وروادها_ إذاعة صنعاء قبل أن تعلم أمي، فلو علمت أمي نور كيف يُعامل رواد أثيرها الإذاعي المفضل سوف تبكي كثيراً وستدعوا عليكم، فلا تجبروا أمي نور على أن تكرهكم أكثر.. انتصروا لرواد أثيرها الغالي..
الزملاء كافة، نقابة الصحفيين اليمنيين، وزارة الاعلام وكافة المعنيين.. التفتوا لـ عبدالعزيز شائف..
سيرة ذاتية:
عبدالعزيز شائف مقبل الأغبري، إذاعي وشاعر ومخرج يمني. ولد عام 1947 في قرية ضيعاني في محافظة تعز. تلقى تعليمه الأولي في كتاتيب قريته، ثم انتقل إلى عدن وألتحق بمدرسة بازرعة، وتلقى تعليمه الثانوي في مدرسة القديس جوزيف العليا.
عبدالعزيز شائف مقبل الأغبري، إذاعي وشاعر ومخرج يمني. ولد عام 1947 في قرية ضيعاني في محافظة تعز. تلقى تعليمه الأولي في كتاتيب قريته، ثم انتقل إلى عدن وألتحق بمدرسة بازرعة، وتلقى تعليمه الثانوي في مدرسة القديس جوزيف العليا.
التحق بالعمل الإذاعي بعد قيام ثورة سبتمبر مباشرة.. كتب في العديد من الصحف والمجلات اليمنية. وأخرج وكتب عدد من التمثيليات الإذاعية. وكذلك ساهم في كتابة مجموعة من القصائد الغنائية لعدد من الفنانين...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق