اخر الاخبار

اليمن في الذكرى السادسة لهبوب رياح التغيير!





عصام القدسي
__________


ثورة فبراير 2011 تحول جديد لليمن، بغض النظر عن مآلاتها والأحداث المتعرجة التي قادت البلاد إلى الحرب، لكن التفكير العميق لطبيعة الأمور يقودنا إلى مربع اليقين بأن الحرب قد تكون تصفية لمايتبقى من الخبث الذي لم تستطع الثورة إزالته ، إذن جذور الحرب فعلاً ودن شك تمتد إلى فبراير 2011، التي بدورها أوقفت تخصيب تحالفات الفساد السلطوي، ومزقت اوردة الكيان القبلي الموازي للدولة. 

لولا الإطاحة التي أزاحت بالنظام وهوت به إلى مستنقع اللا حكم، وصياغة مسودة حوار وطني شامل أفضى إلى وضع لبنات دولة مساواة ونظام وقانون لأول مرة في تاريخ اليمن، لما كانت الحرب أحرقت المدن والقرى والأرياف، ربما كانت ستؤجلها الى سنوات قادمة، إذن لم تكن الحرب ناتجة عن ثورة 2011م فقط كما يصفها بعض من كانوا يفترشون بمصالحهم ارضية النظام الذي هوت به الثورة، البداية الحقيقية للحرب في اليمن أساساً بدأت قبل اندلاع الثورة بسنوات، كتأسيس لمشروع توريث، وتجديد للإطالة بالحكم، قد يتحدث البعض أن اليمن كغيرها من الدول التي طالتها رياح الربيع العربي، وان ما يحدث لبعض تلك الدول لليمن نصيبها، صحيح ذلك، لكن لا نغفل أن اليمن اوصلتها الثورة الى قاب قوسين من الدولة الحقيقية، وبفعل تقاطع خطوط المصالح الدولية اشتعلت فيها الحرب، فبراير قد يكون مهد للحرب، لكن الواقع يتحدث بأن طبيعة التغير للأحسن له ضريبة ايضا، والحرب ضريبته، لكنها وفقاً لأحداث وتجارب المدن التي مرت بالنزاع المسلح لإقامة دولة مواطنة متساوية، دائماً ما تكون الحروب طريق للبناء، بعيداً عما تحدثه من خراب وحرائق.

المتابع لمجريات الأحداث منذُ انطلاق رياح التغير العربي، سيجد أن الحروب ناتجة عنها، بالفعل ذلك، لكن معطيات وتجارب الواقع يؤكدان بأن البناء الجيد تُؤسس له ارضية صلبة ، فلا يمكن لعمار ماهر أن يبني مدينة سياحية فوق منازل متهالكة دون إزالتها، هكذا نستطيع أن نمثل ثورات التغير في بلدان المنطقة، فالانظمة التي حكمتها لا تقل سنواتها عن العقدين، وقد ضربت بجذورها إلى اعمق ما يمكنها من البقاء،  فالاطاحة برأس الهرم لا يكفي دون نزع العروق الممتدة في كل مفاصل الدولة، فالحرب الدائرة في كل عاصمة طالتها رياح التغير تمثل نزع هذه العروق.

في اليمن تحديداً الحرب لم تكن ناتجة عن ثورة 2011، الحرب بدأت قبل اندلاع الثورة بسنوات.. فعلى مدى مراحلها لم تكن بعيدة عن الحرب، منذُ صيف 94 حتى الثورة الشبابية السلمية ظلت الدولة في مواجهة مع القبائل، تلتها حروب صعدة الستة،  فالحرب التي كانت تعمل لصالح الدولة، إلى جانب الداعم الاقليمي واجهت الثورة ايضاً واجهضت أحلامها وامالها، فالمعطيات  أثبتت بأن الثورات الاخيرة التي شهدتها بعض بلدان المنطقة لم يكن فقط فشلها نقص الوعي، والمشروع الحقيقي، فذلك قد يعرقل من جوانب هامشية في مسارها، بل عملت بعض الدول لإعاقتها، خصوصاً التي أنظمتها لا ديمقراطية، وقفت بالمرصاد واخمدت نيرانها مبكراً قبل الوصول إليها.

بعيداً عن كل التوقعات الناتجة عن حروب اليمن والثورة وإلى ماذا أفضت ؟ وخلافاً لما كان غير متوقع، من هبوب رياح الربيع، ما تزال البلدان التي مرت منها تلك الرياح، تكتسحها النزاعات المسلحة، أما تلك التي نأت بنفسها بعيداً عن ذلك، ظلت هشة يتخللها التأكل الداخلي، وربما ستغرق مجدداً برغبة مطالبها، ايماناً منها بأن الشارع ما يزال يشكل قوةً، وأن الرياح قد تهب من جديد، يمنياً وفي لحظات الاقتراب من إكمال مسارات ما نتج عن الثورة، عادت الحرب بحُلة جديدة، وأكثر عنفاً وضراسة، بأذرع من خارج الحدود الاقليمية والدولية، وحدث ما لم يحدث قط، تحالفات عسكرية، وأدوات داخلية حتى صارت اليمن ساحة مفتوحة أمام كل ما هو متوقع وغير متوقع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016