اخر الاخبار

الأزمة السورية والدور الروسي





 تقع الأزمة السورية والموقف من التدخل العسكري الروسي في قلب التباينات السعودية - المصرية. فالسعودية تقف بقوة ضد السياسات الروسية في سورية، وتتوجس بتطور العلاقات الإيرانية - الروسية، وتعُدّ موسكو أهمّ ظهيرٍ دوليٍّ لطهران، وشريكتها في الدعم العسكري لنظام الأسد في سورية، وضامنتها في الاتفاق النووي. وتمتد الخلافات مع روسيا إلى المنافسات في سوق النفط العالمية التي شهدت اضطرابات كبيرةً في السنتين السابقتين؛ إذ تشكّ السعودية في محاولات روسية – إيرانية مفادها فرض شروط معيّنة عليها في إطار حربٍ على الحصص والأسعار.

أمّا مصر، فهي ترى أنّ روسيا، إضافةً إلى إسرائيل وإيران ومعظم دول الخليج، لا توجد لديها حساسية من الانقلابات العسكرية أو مسألة انتهاك حقوق الإنسان، في مقابل حرجٍ غربي من علاقات دافئة مع السيسي، على الرغم من التسليم بالانقلاب، وتقرّب كلّ من باريس ولندن إليه بضغط خليجي.

كما أنّ الدبلوماسية المصرية كانت، منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013، أقرب إلى الموقف الروسي في قصْر رؤيتها للمسألة السورية على موضوع مواجهة الإرهاب، متجاهلةً السياسات المدمرة التي يتبعها نظام الأسد في حق السوريين، والقصف العشوائي والوحشي الذي تمارسه الآلة العسكرية الروسية في حق المدنيين.

وفي حين ركّزت السعودية في ضرورة رحيل الأسد بوصفه جزءًا مركزيًا من معادلة الحل ومن منطلق صراعها مع إيران، تجاهلت القاهرة الحديث في موضوع مصير الأسد، بل إنّ نظام السيسي يَعُدّ الحفاظ على نظام الأسد منسجمًا مع ضرورة الحفاظ على النظام العربي القديم. وقد تعددت زيارات رسمية سورية معلنة وغير معلنة، تشمل مسؤولين على مستوى أمني رفيع، كان آخرها زيارة اللواء علي مملوك، رئيس مكتب الأمن الوطني السوري، للقاهرة.
وبوجهٍ عامّ، فإنّ مواقف القاهرة وسياستها إزاء المسألة السورية ظلت تبتعد باطّراد عن المواقف السعودية، ولا سيما في ضوء مساعي القاهرة للتنسيق مع موسكو وشركاء عرب آخرين بعيدًا عن السعودية.

وكانت السعودية عبّرت عن عدم ارتياحها للمشاورات التي جرت في موسكو خلال صيف 2015 بخصوص الأزمة السورية، وقد شارك فيها زعماء مصر والأردن ودولة الإمارات، ورأت فيها محاولات لتفتيت الموقف العربي ومسعًى لتجاوز دورها القيادي فيه، كما رأت في هذه المشاورات سلوكًا منحازًا إلى الموقف الروسي الداعي إلى بقاء الأسد، والقضاء على المعارضة السورية المسلحة. وفي إجمالٍ، تنظر السعودية بعين الريبة إلى أيّ مشاورات حول سورية تتم من دونها، وقد بيَّنت هذا الأمر حين سعت لعقد قمة خليجية - روسية بقيادتها في أيار/ مايو 2016 [1].  
مركز الدراسات العربية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016