اخر الاخبار

الخلافات المصرية - السعودية: أزمة عابرة أم مقدمة لافتراق إستراتيجي؟




المركز العربي للدراسات- وحدة تحليل السياسات


بيّن تصويت مصر إلى جانب قرار روسي، بشأن الأزمة السورية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر 2016، وجود خلافات سعودية - مصرية.

وقد انتقد السفير السعودي في الأمم المتحدة عبد الله المعلمي السلوك المصري انتقادًا علنيًّا، في حين عبّرت الحكومة السعودية عن استيائها باتخاذ إجراءات منها استدعاء سفيرها في القاهرة أحمد القطان للتشاور، بعد مرور يومين فقط على جلسة مجلس الأمن.

وبعد ذلك أعلنت شركة "أرامكو" السعودية عن وقف إرسال شحنة وقود كان من المفترض توريدها إلى مصر، في إطار حُزم المساعدات التي تبذلها السعودية للنظام المصري منذ الانقلاب الذي أطاح حكومة الرئيس المنتخب محمد مرسي في 3 تموز/ يوليو 2013.

كما تمّ تجميد إرسال وديعة مالية، ضمن برنامج لتوفير حزمة جديدة من المساعدات الاقتصادية السعودية لمصر، والذي أُعلن عنه مع توقيع الطرفين اتفاقًا لنقل السيادة على جزيرتَي تيران وصنافير من مصر إلى السعودية، خلال زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز للقاهرة في نيسان/ أبريل الماضي.

خلفية التوتر

شهدت العلاقات المصرية - السعودية خلال الفترة السابقة خلافات صامتةً، كانت تعلن عن نفسها بين حين وآخر، من خلال مواقف إعلام الطرفين. وقد عكست هذه الخلافات تباينًا مطّردًا في وجهات النظر تجاه أهمّ الأزمات والقضايا في المنطقة؛ مثل الأزمة السورية، والأزمة اليمنية، والموقف من الدور الإيراني، والعلاقات مع تركيا. وعلى الرغم من مسارعة الجهات الرسمية في البلدين إلى نفي وجود خلافات وإعطاء انطباع بوجود تنسيق وتوافق، فإنّ الأزمة الأخيرة كشفت عمق الخلافات الثنائية، ما أثار عدّة تساؤلات من بينها: هل تتجه العلاقات بين البلدين نحو افتراق إستراتيجي؟ أم أنّ هذه الخلافات لا تعدو أن تكون أمرًا عابرًا آخر تعود بعده الأمور إلى سيرتها الأولى؟ ويمكن إجمال أهمّ القضايا التي تختلف رؤية الطرفين بشأنها وتُسبب توترًا في علاقتهما في ما يلي:

 مقاربات متباينة بشأن الدور الإيراني

لم يكن ممكنًا تخيّل نجاح انقلاب عبد الفتاح السيسي، وبقائه في الحكم، من دون الدعم غير المشروط الذي تلقاه من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. وقد عوّلت السعودية التي دعمت بقوة الانقلاب العسكري الذي أطاح حكم الرئيس مرسي، على دور أساسي للنظام الجديد في إستراتيجيتها الإقليمية لمواجهة إيران. ومع تزايد الضغوط الإيرانية، خصوصًا بعد أن استولى الحوثيون المدعومون من إيران على السلطة في صنعاء، أصبحت الرياض تتعامل بحساسية شديدة مع أيّ تباين عن سياستها في قضية أصبحت تمسّ أمنها مباشرةً. وقد تطلّعت السعودية التي تنبّهت لهذا الأمر، في وقت متأخّر نسبيًّا، إلى ضرورة نشوء موقف عربي موحّد لمحاصرة النفوذ الإيراني والإحاطة بمظاهره السياسية والاقتصادية والعسكرية في العواصم العربية المحيطة بها من دمشق إلى صنعاء، إلى دور مصري فعّال في هذا المضمار، خصوصًا بعد أن قادت السعودية عمليةً عسكريةً في اليمن لوقف التمدد الحوثي في اتجاه الجنوب والسيطرة على كامل اليمن. وفي وقت غدت فيه مواجهة النفوذ الإيراني ملمحًا رئيسًا لإستراتيجية المملكة الدفاعية والأمنية، وجدت مصر مشتركات كثيرةً مع الدورين الإيراني والروسي في الصراعات الدائرة في المنطقة. كما دفع اهتمام النظام في مصر بالعودة إلى تأدية أدوار إقليمية تسمح بتحقيق دعم دولي ومنافع اقتصادية إلى تمييز نفسه من الموقف السعودي في ما يتعلق بالعلاقة بطهران.

 لكنّ الطموح المصري إلى أداء دور إقليمي يحقق درجةً من الشرعية ويجلب منافع اقتصاديةً تحول دونه عوائق عديدة. فعلى الرغم من التاريخ الطويل في قيادة مصر للمنطقة، فضلًا عن موقعها الإستراتيجي ومواردها البشرية الكبيرة، فإنّها بدّدت خلال العقود القليلة الماضية، وخصوصًا بعد الانقلاب العسكري عام 2013، معظم مظاهر قوتها الإقليمية. كما أنّ أوضاعها الاقتصادية المتأزمة واعتمادها شبه الكلّي على المساعدات والإعانات الخارجية، وتراجع أدائها السياسي، من الأسباب التي تُشكّل عقبات كبرى أمام ادعاء إمكان العودة إلى القيادة الإقليمية، ما يجعلها باستمرار عرضةً لضغوط خارجية، سواء كانت من السعودية أو من أيّ طرف آخر يُلوّح لها بورقة المساعدات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016