اخر الاخبار

اليمن.. طفولة على فوهات المدافع

وكالة أرصفة للأنباء- وليد عبد الواسع

في ظل الحرب الدائرة رحاها منذ أكثر من عام في اليمن، يبرز الأطفال إلى الواجهة، الأكثر تضرراً بالحرب، وعرضة للانتهاكات، التي تمس أرواحهم وحياتهم..

فهم إما قتلى أو جرحى أو يتامى أو مشردون في الشوارع، دون أدني مقومات الحياة، من خدمات الصحة والتعليم والرعاية، والحقوق الأخرى..

قد يكون هذا هو حال الأطفال في البلدان التي تعاني الحروب والصراعات.. لكن في اليمن يبدو الوضع أكثر سوءاً من ذلك بالنسبة لهذه الشريحة..

من لم تفترسه مخاطر الأمراض القاتلة، أو رصاصة مجنونة، يكون ضحية التجنيد للقتال في الجبهات والمعارك، إما مجبراً بسبب ظروف خلفتها الحرب، أو تحت ضغط جماعات مسلحة، إن لم يكن الأمر بدافع شخصي وأسري..


واقع يبدو مأساوياً ومخيفاً، وفق تحذيرات مراقبون ومعنيون بالطفولة، يعيشه أطفال اليمن، من بين فوهات المدافع، وويلات هذه الحرب العبثية، التي انتهكت حقوقهم، وصادرت عنهم أو حرمتهم من أبسطها: الأمان والحياة..

ثمن باهظ

 وكانت لجنة حقوقية يمنية ذكرت مؤخراً أنها رصدت تجنيد 387 طفلاً، وأعلنت أنها رصدت 387 حالة تجنيد أطفال للقتال. وأوضحت أن هذه الحالات هي ماتم رصده والتحقيق فيها من قبل اللجنة.

وكشفت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاك حقوق الإنسان في اليمن أنها وثقت 9816 حالة انتهاك بحق المدنيين خلال الفترة من مارس 2016 وحتى 30 يوليو 2016.

وقال التقرير الأولي للجنة أن هذه الانتهاكات تتوزع في عدد من القضايا، منها استهداف المدنيين، حيث وثقت اللجنة وقوع 3054 حالة قتل تمت بحق مدنيين في كافة المحافظات، بينهم 129 طفل.

في تقرير خاص حول ضحايا الحرب في اليمن من الأطفال، تذكر صحيفة دولية أن مئات الأطفال قتلوا منذ بداية النزاع المسلح في اليمن..

تشير صحيفة التايمز البريطانية، في عددها الصادر الثلاثاء الموافق23 اغسطس2016، أن 6 آلاف شخص لقوا حتفهم منذ بداية النزاع المسلح، نصفهم مدنيون، و1100 منهم أطفال، حسب إحصائيات الأمم المتحدة.

أمين عام الأمم المتحدة/ بان كي مون عبر عن قلقه من أن المدنيين وخاصة الأطفال يدفعون ثمنا باهظا للصراع في اليمن.

وذكر بيان صحفي صادر عن المتحدث باسم الأمم المتحدة أن المدنيين، وخاصة الأطفال، يدفعون ثمنا باهظا للصراع الحالي، إذ يستمر ضرب البنية الأساسية  المدنية والمدارس والمستشفيات.

حقوق منتهكة

كشفت الأمين العام للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة في اليمن/ لمياء الإرياني بأن الحرب انتهكت 90% من حقوق أطفال اليمن..

الإرياني وصفت الوضع العامّ للطفل والأمّ في اليمن، في ظلّ الظروف الحالية للبلد، بعد قرابة عام ونصف من الحرب، وصفته بأنه زاد  سوءاً.

وقالت: كان الوضع العامّ للطفل والمرأة قبل الحرب سيّئاً وبعد الحرب زاد سوءاً، كان قطاع الطفولة والأمومة مهملاً قبل الحرب واليوم زاد إهماله.

وأضافت:" للأسف لا يوجد وعي سياسي عند متّخذي القرار نحو شريحة الأطفال على وجه الخصوص، ويتمّ وضع قضاياهم في أسفل أجندة كلّ الحكومات المتعاقبة حتّى سقطت من الأجندة تماماً".

آثار سلبية

أمين مجلس لأمومة والطفولة في اليمن أكدت، في حوار للعربي، أن للحرب آثارها على وضع الأطفال المباشر، فهم إمّا قتلى أو جرحى، أيتام أو مشرّدون في الشوارع.

وقالت أن الطفل اليمني اليوم خارج أسوار المدارس، لا يجد الرعاية الصحّية، يعاني من سلوكيّات صعبة بسبب الحرب، الخوف، والقلق، والتبوّل اللاإراديّ، والفزع الليليّ، وغيرها ممّا لا مجال لحصره هنا.

وأضافت:"الطفل اليمني اليوم لا يجد الرعاية الصحّية ولا سبل الحماية. وانتهكت الحرب حقوق الأطفال بنسبة 90 %".

وعن أبرز الظواهر والآثار السلبية التي خلّفتها وتخلّفها الحرب، سواءً في الجانب التعليمي أو الصحّي أو غير ذلك..

أشارت الإرياني إلى أن التقارير التي وردتهم، أفادت بأكثر من ثلاثة ملايين طفل وطفلة حُرموا من التعليم، وارتفعت نسبة التسرّب إلى 49 % في سبتمبر 2015.

عرضة للخطر

أمّا في مجال الصحّة، فقد بيّنت التقارير، وفقاً للإرياني، أن 1601 طفل وطفلة قتلوا حتّى مارس 2016، وأن عدد الجرحى تجاوز 2258 حالة، كما بلغت حالات الإعاقة بسبب الحرب 1650 طفلاً وطفلة.

موضحة أن هناك أكثر من أربعة ملايين ونصف طفل معرّضون لخطر أمراض الطفولة القاتلة، نتيجة تأثر قطاع الصحة بالحرب..

وذكرت أن عدد المرافق الصحّية المتضرّرة في الحرب 412 منشأة صحّية، إضافة إلى أن 50 % من المستشفيات مهدّدة بالإغلاق لعدم توفّر الدواء.

وقالت أنه على نفس المستوى، تأثّر قطاع حماية الطفل، في مراكزه ومنشآته والخدمات المقدّمة للطفل، بشكل مخيف.

وطالبت الأطراف السياسية أن يجنبوا أطفال اليمن ويلات هذه الحرب العبثية، وأن يكفوا أيديهم عن حقهم في الحياة والأمان.. وخاطبت هذه الأطراف بقولها:" كفى عبثاً بماضي وحاضر ومستقبل اليمن.
 

وعاتبت الأمم المتّحدة على أدوارها في اليمن التي وصفتها بالمبتورة. وقالت، في رسالتها للأمم المتحدة:" أنظروا بعين العدل وحقوق الإنسان لكلّ الانتهاكات التي تحدث لأطفال اليمن جرّاء الحرب في كلّ المحافظات".

مأساة إنسانية

مسئولة دولية، معنية بالأطفال اعتبرت ما يحدث في اليمن للمدنيين، ومنهم الأطفال بأنه مأساة وخاطبت المتصارعين بأنه حرام عليهم ما يحدث لأطفال اليمن.

ودعت ليلى زروقي، الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة أطراف الصراع في اليمن إلى حل خلافاتها عبر الطرق السلمية.

وأعربت زروقي، في حوار مع إذاعة الأمم المتحدة قبيل اليوم العالمي للعمل الإنساني الذي تحييه الأمم المتحدة في 19 أغسطس/آب، عن غضبها إزاء ما يحدث.

وقالت:" أعتقد أن ما يحدث في اليمن مأساة. أشعر بغضب كبير لأن عشرات، مئات، آلاف الأبرياء يدفعون ثمنا غاليا يتمثل في الموت والدمار"..

واضافت:" القنابل تسقط من السماء والموت يصل من الأرض، مدارس تدمر، مستشفيات تحطم، عائلات تشرد، مئات الأطفال يصابون بعاهات مستديمة لأن العلاج غير موجود"..

وتابعت:" أستغل الفرصة لأقول أولا للمتصارعين في اليمن: حرام عليهم ما يحدث لأطفال اليمن".

مؤكدة لأطفال اليمن أنها ستواصل إعلاء كلمتهم وصوتهم، وستستمر في مناداة الطرفين المتصارعين وكل من معهم بأن يوقفوا سفك الدماء.

تصاعد مخيف

مسئولة أممية في منظمة الطفولة "يونيسيف" كشفت من جانبها عن تصاعد وصفته بالمخيف لتجنيد الأطفال في اليمن..

وأوضحت مديرة الإعلام في المكتب الإقليمي لليونيسيف/ جوليت توما أن تجنيد الأطفال وتدريبهم على حمل السلاح الثقيل، واستخدامهم في الصفوف الأمامية في المواجهات القتالية في اليمن، واحدة من الانتهاكات الخطيرة بحق الطفل.

جوليت وصفت، في تصريح لصحيفة الشرق الأوسط، هذه الحالة بـ"الظاهرة التي تشهد تصاعداً مخيفاً". وأشارت إلى أن تصاعد العنف في اليمن يعوق وصول المساعدات الإنسانية للأطفال المحتاجين..

وهو ما عدته توما السبب الأبرز في تعثر الخدمات التي تقدمها منظمتها "يونيسيف". محذرة من استمرار العنف النفسي والجسدي..

وفيما أعربت عن تخوفها وقلقها على مستقبل المنطقة، بسبب الوضع الحالي للأطفال الذين سيكونون مستقبل المنطقة، وسيعتمد عليهم وعلى إمكانياتهم في إعادة بناء المجتمع الذي تمزق من الحرب، حد قولها..

طالبت المسئولة الأممية بتقديم الحماية ووسائل المساعدة لهؤلاء الأطفال كي لا يفقدوا تعليمهم، ويصبح المجتمع غير متعلم.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016