اخر الاخبار

"ناصر أبو الهيجاء".. ينثر تصبره في أقاصي العطر



وكالة أرصفة للأنباء/نبيل الشرعبي

بروحه السامقة أعلى من تلافيف شجر الصنوبر وجسمه النحيل الذي براه الوجد والحنين إلى ثرى وطنا مغتصبا.. قابلته لأول مرة مطلع العام 2013 فأغرقني بكثير مودته وتواضعه..


كان يقلق كثيرا حين لا يراني.. ويسأل كمن فقد بصره.. ولا ينسى قلقه إلا حين يهاتفني ويسأل عن سبب غيابي.. وفي اليوم التالي يعاتبني بشدة..

عرفته قبل أن أراه.. أبو الهيجاء فلسطيني الجرح.. يمني التكسر فوق عرش الماء.. عربي التدفق عشقا ووفاءا وبهاءا.. وروحا تسافر في المدى تعطر المقل الشاردة بشلالات البسمة..

ناصر أبو الهيجاء.. ينثر تصبره سنابل في أقاصي البرق فتمطر اللغة أيقونات "منسى".. ولا يلبث أن يقف على عتبات النسيان حتى ينسل كرفة رمش في غابات الندى.. يرف البوح.. ينهمر العطر..

 "كتاب"
 اُسمّي الجدار كتاب
واُسمّي الباب
وزماناً وحدهُ يطرقهُ
يمتصُّ, يقلب ُ, يعرضُ الحروف..
كتاب
واسمّي حتى الظل -كي لا يعاتبني ويقول إنك تحصد ما زرعوه شتلات تبغ وحدك..
كتاب
واقلب عينيها
أجدها
تجمعُ كلّ ما قلّبتُ في كلِّ
.."كتاب"

النجوم التي طرزت صفحات ذاك ال "كتاب".. روحه.. بوحه في مساء لفه الوجد.. وكان لما يزل بض يولد من قيثارة "كحبة ملح في دمعتك"
لو لا أن الجدار
يحك جلدك
يأتي بأصابع السقام لم يتعب
لولا الحجر الذي لا يغادرك،
ككل اللاعبين
لولاك تقرض الفرائض والنوافل
ما همك لو ما مرت فوق البئر القوافل
لو لاها تنام خضراء فوق صفصافك
فوق السكون يمشي باتجاهك
لما علمت أنك وأنت خارج الميدان منسيا،
تبرز مأذنة للراحلين تنادي صلاة الجنازات
وأنك مازلت حيا
كحبة ملح في دمعتك التي
لو لاها في النهارات والليالي المطفآت
تبرق
لما علمت أنك بين المغرب
والمشرق
تحترق..

"يوزسيف" ..يوسف.. هذا الزمان "منسي" بين جدران المنافي وحيدا يشدو

"منسي102"

ماذا جنيت لمنفاك الأول
هل لأن عدوك جاره؟
تناوبا على قلبك!!
رموك.. وقد جعلوك في منساك مرتين..
مرة تغزل السراب خلف الباب،
ومرة خلف الحدود للذئاب.
منفانا الأول المدبر:
ها أننا نضمر
يبخر الرمل ندى أبنائنا
منفانا المقبل..!!!!!!

أنا الغريب والمنفي فيك يا غريب بين قوم استبدلوا الجنات بالأشواق.. فأنت وحدك قبلت أن تتوضأ بالنور وتولد بين مرارة موتين مرتيين كما يقول الروائي الجزائري واسيني الأعرج في روايته "سيرة المنتهى.. عشتها كما اشتهتني"

ذات ليل وحيد صرت لساني وروحي وكنت تردد:

" تغربت عن لجة الموت"
 .ثلاثون عاما تغربت عن لجة الموت
وفي كل عام تعود حزينا تشبه اليابسة.
اشم خطاك في كل نجم
فأهفو إلى غيمة في الكتاب
أحادث يونس..
يونس: دلني كيف أخاصم شهوة الموت فوق البياض
فإني سئمت التقيؤ في مقلتي.
يونس قدني إلى الحوت
كي أكمل النص..

من حوارايات مسائية بين الشاعر والأديب ناصر أبو الهيجاء والصحفي نبيل الشرعبي ناثر هذه الأحرف الخجولة..

كعادته قبل عامين باغتني بكثير مودة قائلا:
صديقي نبيل الشرعبي
ليلان وقمر،
كانت صنعاء
تطوقها الغمامات والحمائم
سقط القمر،
فامطرت آزال اطفالها والجماجم..

ثم أضاف: وقد ضاقت بحلمي سبع قارات وبحار،
وقد غرست راسي بين النجوم اطارد دخان الحلم بوطن والفة لاخفي منفاي..
لكنني اقول:
تُخْفيهِ منفاكَ بين جدرانك
اِخفيهِ
تُبديه رغماً،
روحاً محشورةً
فيهِِ
**
تُميت منفاكَ بغفوةٍ،
والحلمُ،
يُبْديهِ
.كأنكَ منفاكََ ,اِبنهُ
شقيقهُ،
وأبيهِ.

وكان رد الشرعبي.. نعش ونعش أخر
وجنازة تفتش عن غريب في زوايا الأرصفة..!!
صنعاء ما أرتد الصدى إلا وأعلنت الجنازة موت قصيدة
فهل مهر المقابر يا صنعاء شاعر..؟؟
أبو الهيجاء ناصر..... إليك إنشطار الحرف أغنية حزينة وتناثر الغيم إغتراب... ولي قدر من الموت السخي على مشارف النسيان.

ثم تركته تهيج الكلمات في حنجرته.. ولمحت روحه تردد:
برصاصة الماء  الطائشة
أصبت بالحياة
ومضى العمر 
كنت أطلس 
يحمل كوكب منفاه 
كصليب  عشقه مغدورا
فاكتبوني
أنا من ابي
من سلالة
خرجت من  جنون أجراس الخيام
في الجوع والرصاص والقهر والتراب
 يجتاحنا في الغياب
وأموت كلما أموت
في جنون أجراس الخيام
فانتظروا  قيامتي من الرخام..

أبو الهيجاء ناصر.. إنسان كثير يعيش بوجع الإنسانية.. يقول ولدت في بغداد بين بساتين الكرخ وظلال حجارة بابل اتهجاها , وساقتني الهوية بحزام البندقية في منافي المقاومة أكتب النار  كما يفعل العشاق.. أشعل النار على ثلج السراب حالما بالعودة بي, بالتراب إلى ذاك التراب في حيفا , عين حوض عنواني الذي منساي منشغل فيه, منسانا اللامعقول..

شقاوة
وأنا أطارده.. أتلصص على مداخل روحه طيلة حوالي ثلاثة أعوام علني أظفر بنشوة الضوء.. لم أجرؤا على بذر شجونه النازفة على جدران معابد الحبر..

ولم أجد بد من الاعتراف بأني خسرت رهان الوقوف بمحاذاة برق يصهل في النجوم فتنكسر الجغرافيا بين شفتيه..

معذرة أيها الإنسان الذي وجدت نفسي مسجون فيه.. معذرة إن حاولت عبثا أن اتسلق شاهق عنفوان أهازيج قيثارة ألحانك..


وبشقاوة طفل لم أدرك إلا قد جرفني البوح والاعتراف بالبكاء.. بمحاذاة صمتك الأقوى.. فقد جرحت غمامي صلد أغاني صمتك الأنيق..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016