وكالة أرصفة للأنباء- متابعات*
ابتداء من الكابتن علي الشامي، القائم بأعمال رئيس
مجلس الإدارة، وصولاً إلى العديد من مديري الإدارات، تغلغل الحوثيون والمحسوبون عليهم
في شركة "طيران اليمنية"، كغيرها من مؤسسات الدولة، التي ترى تقارير رقابية
أنها تحولت إلى مراكز جباية تعاني من الفساد المالي والإداري.
وحسب المسافرين، دخلت الشركة الوطنية -المشغل الوحيد
للطيران داخل اليمن- السوق السوداء، وأسهمت في زيادة معاناة المسافرين والعالقين في
عدة دول منذ دخول الحظر الجوي على اليمن، مع انطلاق عاصفة الحزم في مارس/آذار 2015،
لتصل الزيادة في أسعار التذاكر ما يقارب 100%، في ظل رداءة الخدمات المقدمة للمسافرين،
وانعدام الدولار داخل البلاد.
تضاؤل
أسطول طيران اليمنية تضاءل كثيراً، بحيث أدى ذلك إلى
عرقلة عودة الطلاب لليمن، ومنهم المقيمون في السودان، فيما تكتفي اليمنية برحلة واحدة
كل 15 يوماً، ولكي تحصل على تذكرة سفر عبر اليمنية يتوجب عليك الانتظار شهرين على أقل
تقدير، والأمر ذاته ينطبق على الخطوط الأربعة الوحيدة التي تعمل بها اليمنية حالياً؛
"عمّان، القاهرة، الخرطوم، بومباي"، من أصل 22 خط تشغيل كانت تعمل فيها الشركة.
المهندس أصيل الخليدي أرجأ إقدام طيران اليمنية على
رفع أسعار تذاكر الطيران -رغم الوضع الاقتصادي المتردي، والحالة المادية الصعبة لدى
المواطنين- إلى غياب الجهات الرقابية، بقوله: "لا توجد ذمة أو ضمير".
وأشار الخليدي في حديثه لـ"الخليج أونلاين"
إلى أن "طيران اليمنية أصبح غير معتمد في نظام الإياتا الذي تعمل في إطاره كل
شركات الطيران في العالم، ليحمي حقوق الركاب، ويكفل لهم الأمان، ولذا ساهم الوضع الذي
مرت به اليمن في خروج الشركة من هذا النظام، وتحمّل المسافرون والمغتربون مشاكل جمة،
أبرزها أسعار التذاكر".
والخليدي هو واحد من المغتربين الذين يعانون من مشكلة
الارتفاع الجنوني لأسعار التذاكر، وقلة الرحلات، ومحدودية الخطوط المتجهة لليمن، وهو
أيضاً أحد الذين لم يتمكنوا من زيارة أهلهم منذ سنة وستة أشهر.
أعباء المسافرين
وفي ظل الحرب تحمّل المسافر اليمني أعباء أخرى، تمثلت
في عدم قدرته الدخول في العديد من المطارات دون فيزا، حتى في حالة الترانزيت، واضطر
المسافرون إلى دفع مبالغ إضافية للحصول على فيزا دخول في مطار القاهرة، ومواجهة متاعب
أخرى في مطارات الأردن، كما تحدثت تقارير عن فساد مالي في مكتب اليمنية بالخرطوم.
متابعون وصفوا إدارة طيران اليمنية من قبل الحوثيين
كإدارتهم للبلاد بعد انقلابهم المسلح، التي لم تزد المؤسسات إلا انهياراً وتراجعاً،
فبعد أن كان سعر التذكرة من صنعاء إلى عمّان 300 دولار قبل انقلاب الحوثيين، أصبح
1500 دولار بعد ذلك، وأصبحت الـ300 دولار مبلغ تأمين لضمان خروج المسافر من الأردن.
وعلى الرغم من أن طلاب اليمن يدرسون في 38 دولة، إلا
أن الشركة أشارت إلى "تخفيضات" للطلاب في مصر والأردن والهند فقط، دون المرضى،
والحالات الإنسانية الأخرى.
وأطلق اليمنيون في مصر حملة إعلامية شرسة تحمل شعار
"طيران اليمنية يسرق اليمنيين" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد رفع الأسعار
من 350 دولاراً إلى 1100 دولار لرحلات القاهرة صنعاء.
فساد واتهامات
وفي مارس/آذار 2015، عقب توقيع الحوثيين اتفاقية نقل
جوي مع الطيران الإيراني، أشار مصدر مسؤول في الخطوط الجوية اليمنية إلى أن الحكومة
السعودية طالبت الشركة بسداد مستحقات متراكمة للمملكة تصل إلى 800 مليون دولار، تمثل
نصيب الجانب السعودي في أرباح الشركة منذ عام 1978، حيث دخلت المملكة كشريك في الطيران
الرسمي اليمني بنسبة 49% من رأس مال الشركة.
وكان المدير العام للنقل الجوي اليمني، مازن غانم،
أكد في يونيو/حزيران من العام 2015م، اتهام مسؤولين في شركة الخطوط الجوية اليمنية
بالفساد في عملية إعادة العالقين اليمنيين بالخارج، حيث اتهمهم بأخذ مبالغ مقابل تذاكر
إعادة العالقين، التي كانت مجانية لنحو 25 ألف يمني كانوا خارج البلاد عندما فرض تحالف
"عاصفة الحزم" حظراً جوياً على اليمن.
وخصصت المملكة العربية السعودية -بحسب وزير حقوق الإنسان
اليمني، عز الدين الأصبحي- 30 مليون دولار للبدء بتنفيذ إجلاء العالقين وإعادتهم إلى
بلدهم.
أزمة مالية
وتعاني شركة الخطوط الجوية اليمنية من مشاكل داخلية
وأزمة مالية، أرجعتها مصادر إلى فساد مالي، وسوء إدارة للشركة الوطنية، كما لم تفِ
بعد بحكم أصدره القضاء الفرنسي يلزمها بدفع تعويضات بـ31.7 مليون دولار إلى أقرباء
152 ضحية في حادث وقع عام 2009.
مصدر خاص في طيران اليمنية تحدث لـ"الخليج أونلاين"
عن فساد بملايين الدولارات يديره الحوثيون، فبعد العبث بمخصصات العالقين في الخارج،
سطوا على عوائد تحصيل آلاف التذاكر، بالإضافة لمبالغ طائلة من رسوم الشحن والأوزان
والحمولات.
وأشار المصدر -الذي طلب عدم الكشف عن اسمه- إلى أن
الفساد استشرى في "طيران اليمنية" منذ التسعينيات، ومن ذلك إيجار طائرات
الـA330
بمبلغ زهيد حتى 2017 لشركة ILFC،
كما لم يتعامل النظام السابق مع عدة دراسات وتوصيات، منها دارسة لإحدى الشركة الأمريكية،
التي أوصت بإنشاء شركة طيران داخلية تكون بمثابة "Feeder"
لليمنية.
وأضاف: "إن أكبر الأخطاء المرتكبة هي عملية الدمج
بين اليمنية وطيران اليمن (اليمدا)، التي تسببت في إضافة أعباء على كلتا الشركتين،
ولم تسهم في انطلاقة حقيقية للشركة الجديدة".
نحو الانهيار
خبراء اقتصاد رأوا أن الحل الأقرب هو الخصخصة، أو الاكتتاب
العام؛ لتوفير رأس مال للشركة، وحمايته من أيادي الفاسدين، بما يسهم في توسيع أسطول
الشركة، لتتمكن من المنافسة والإيفاء بالتزاماتها.
الخطوط الجوية اليمنية أنشئت قبل أكثر من ستة عقود
بطائرتين من طراز "داكوتا دي سي ع"، لنقل مسؤولي الحكومة اليمنية، ونقل البريد،
ورجال الأعمال، ليتم تأميمها عام 1972 تحت اسمها الحالي بشراكة المملكة العربية السعودية،
وضم خطوط الطيران التابعة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمدا) إلى الخطوط
الجوية اليمنية في تسعينيات القرن الماضي.
ورغم أن الشركة بدأت بعد الدمج بـ17 طائرة، منها المخصصة
للرئاسة، والعاملة في حقول النفط إلا أن إدارة نظام المخلوع صالح الذي عين مقربين له،
أعادها إلى 5 طائرات، منها اثنتان تحت الصيانة، ولم يقدم أي مسؤول للتحقيق في الشركة
التي يبلغ عدد موظفيها 4000 موظف، فيما أسهم الحوثيون في انهيارها خلال أكثر من عام
من انقلابهم المسلح وسيطرتهم على مؤسسات الدولة، ومنها طيران اليمنية.
*المصدر: الخليج أونلاين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق