تحليل خاص_ نبيل الشرعبي
__________
2_5_2016
__________
2_5_2016
_____________________
إن قراءة واقع اليوم في العاصمة اليمنية صنعاء يقود إلى مخاوف كثيرة ستنعكس على الوقت الراهن والمستقبل على حد سواء إذا لم يجري التنبه لما يحصل من ممارسات تدميرية ينفذها اتباع صالح وفق خطط معدة سلفا.
وهذه الخطط من شأنها إطالة بقاء صنعاء تحت قبضتهم في حين يتم زحزحة الحوثيين عنها عبر سوقهم خارجها تحت مظلات متعددة أبرزها للعيان توزيعهم على محافظات مثل ذمار وإب تعز والحديدة و...إلخ, بدافع ظاهري.
ويتلخص ذلك التبطين بالدفع للحوثيين ليكونوا في صدارة مراكز متابعة ومراقبة وتسيير القرارات المرتبطة بوظيفة الدولة_ ضمانا لهم للحفاظ على بقاؤهم في سلم الوظيفة العامة للدولة.
فيما هذه الوظيفة قد عمل اتباع صالح على إلغاؤها تماما_ وهذا يكشف تبطين صالح واتباعه توجههم لفسح المجال أمام الحوثيين لتصدر واجهة المشهد, والذي يهدف صالح واتباعه من خلاله إلى وضع نهاية للحوثيين في فترة وجيزة, أي بمجرد ثبوت فشل الحوثيين فشلا كليا في المجال هذا وتشكل سخط مجتمعي لا نهاية له تجاه الحوثيين فتكون القاصمة لهم.
وجراء الغوص عميقا في تفاصيل التوجه ذاك, يتكشف أن صالح واتباعه يضمرون للحوثيين من خلال ذلك الدفع بهم إلى وحل السقوط في مواجهة شرسة للغاية مع المجتمع اليمني ككل, على خلفية توجيه أصابع الاتهام إلى الحوثيين في انتهاج سياسة تحكم على كافة اليمنيين بالموت جوعا وحينها لن يكون بمقدرهم البقاء في مواجهة الانفجار هذا.
فيما المدبر لهذه الهاوية هو صالح واتباعه وإلصاقها بالحوثيين والتسويق لها عبر تسريب معلومات لاطراف مناهضة للحوثيين وتأجيج غضب جماعات متناثرة هنا هناك, وبقاء الحوثيين عاجزين عن التعامل معها وردعها لآن ما تنادي به هذه الاقليات مطالب فعلية ولا يمكن للحوثيين القفز عليها أو التسليم بعدمها لآنها من صميم سبل ضمان البقاء على قيد الحياة.
ولا يخفى كيف بدأ الحوثيين يفقدون السيطرة على كبح جماح السخط المتنامي تجاههم من قبل موظفي الدولة, جراء تحمل الحوثيين كامل وزر العجز عن دفع رواتب موظفي وحدات من قطاعات الدولة, وتوسع ذلك العجز أكثر فأكثر كل شهر.
ونحن هنا لا نبرأ الحوثيين عن الانهيار الذي حاق بالبلد بمجرد سقوط صنعاء بايديهم عبر تحالفهم مع صالح, بل نجزم أن الحوثيين يتحملون كامل وزر الانهيار لآنهم خذلوا أنفسهم قبل كل شيء وقبلوا تصدر المشهد والانجرار وراء صالح لتدمير البلد, في حين كانت مطالبهم لا تتجاوز حدود الحصول تعويضات وحقوق مرتبطة بحق العيش.
ولذلك فهم المسؤولين عن كل ما هو حاصل وقد يحصل ولن يعفيهم أي توجه للخروج من المشهد, بل سيتحملون كل التبعات وسيكون عليهم دفع فاتورة الانهيار الكلي للبلد وفاتورة الدم المراق.
ومثلها فاتورة تأصيل منابع لثأر سينخر عميقا في كيان حاضر ومستقبل أبناء الوطن, وسيكون على كل حوثي أن يقبل بمصير لا يختلف عن مصير من داس على جماجهم ليس لجرم غير تنفيذ رغبات صالح, في صنع فاجعة أواسط الشعب اليمني لا ينتهي وجعها مهما طال الزمن.
وبهذا يكون صالح قد صفع الحوثيين صفعتين قويتين بنجاحه في جر الحوثيين ليكونوا أداة تنفيذ رغباته وإلهائهم عن ثأرهم عليه والصفعة الثالثة تمكنه من صبغ أول توسع لهم بصبغة الخيانة والتأمر والعنجهية والتنكيل والقتل والقمع والسلب وحولهم في نظر وقرارة الجميع إلى عصابات تدمير وسلب ونهب وقتل.
وبذلك نجح صالح في تسخير الحوثيين ليكونوا أداة طيعة بيده لصياغة أبشع تضاريس دمار, وكذلك في قتل الحوثيين في المهد وضمن عدم قيام أي قائمة لهم لا حاضرا ولا مستقبلا مهما أظهروا من حسن سلوك وتعايش فلن يقبل بهم أحد حتى هم أنفسهم سيضيقون ذرعا بأنفسهم ولن يدخروا جهدا للانسلاخ من كيانهم وإلى الابد.
وبالعودة إلى قراءة واقع العاصمة صنعاء وبالذات من بعد خطاب صالح الأخير وتوبيخه العلني لقيادات الحوثي لاحتفاءهم بالذكرى الخامسة لثورة 11فبراير2011, كذلك التهوين والتقليل من شأنهم حد الاحتقار ومن ثم مراوغته في استمالة المقاومة الشعبية بالتراجع عن وصفهم بالخونة والمرتزقة إلى خطابهم بوصف المنتفعين وفوق هذا عدم انكاره لممارساتهم كونهم حد قول صالح فقراء ولا مانع من أن يعيشون.
أضف إلىذلك تجحيم صالح للحوثيين بقوله الحوثيين الحقيقيين هم قلة قليلة للغاية فيما البقية متحوثيين يبحثون على منافع وسيبيعون لمن يدفع أكثر ولذلك يجب الحيطة والحذر منهم.
وبذلك أحدث صالح وعن قصد شرخا كبيرا في صفوف الموالين للحوثيين ودفعهم لتخوين بعضهم بعض ويتجلى ذاك الشرخ أكثر في العاصمة صنعاء, حيث برز للسطح ذبول كبير في العزيمة أواسط جماعة الحوثي.
ناهيك عما أحدثه من ارباك أواسط جماعة الحوثي بصنعاء أعقبه انقسام في الرأي أولا ليتطور إلى انقسام في القرار ثم التأييد وامتد إلى السياسة الكلية فالاهداف والمصير, ورافق ذلك طغيان حضور اتباع صالح وتقليص مهام لجان الحوثي.
ثم تطور الأمر إلى نزع كثير من مهام لجان الحوثي وايكالها لاتباع صالح على مستوى الانتشار والدوريات وغيرها, حتى وصل الأمر إلى إلغاء شبه كلي لصلاحيات لجان الحوثي في أقسام الشرطة وغيرها.
بالاضافة إلى ارغام الحوثيين على تسريح اعداد من لجانهم الشعبية وتسليم اسلحتهم وتوقيف كافة ما كان يصرف لهم, وكذلك ايقاف كافة الصرفيات التي كانت تذهب للانشطة التي يقيمها الحوثيين, وتقليص صرفيات كبار القيادات الحوثية وغير ذلك مما يؤكد أن صالح يخطط للركلة الاخيرة ليوجهها للحوثيين.
وأكد موظفون في المؤسسة العامة للكهرباء بصنعاء أن توجيهات حوثية كانت صدرت لتجهيز فرق عمل لاعادة واصلاح منظومة كهرباء صنعاء مطلع العام الجاري 2016, ولكن قيادات تابعة لصالح في المؤسسة رفضت وحولت المبالغ المرصودة لذلك لطرف حساب في أحد البنوك التجارية.
كما تنامت أخبار حول قيام مستثمرون ينظون تحت مظلة حزب المؤتمر الشعبي العام, بالاعتراض على اصلاح منظومة كهرباء العاصمة, بحجة أنهم سيتعرضون لخسائر كبيرة إذا تم اصلاحها, حيث انهم كانوا استوردوا بدائل الطاقة وبمبالغ باهظة وعلى اثر ذلك تم ايقاف اصلاح منظومة كهرباء العاصمة صنعاء نزولا عند رغبتهم.
وفي المقابل لم يستطع الحوثيون فعل شيء ورضخوا لذلك, وحينها نشرت احدى صحف الحوثي تقريرا بعنوان متنفذون يعرقلون اصلاح كهرباء العاصمة, ويسطون على مبالغ باهظة من الخزينة العامة للدولة, وقابلها تقارير صحفية نشرت في صحيفة اليمن اليوم التابعة لصالح, حول فساد الحوثيين وتبدديهم للمال العام.
ويقول خبراء اقتصاد إن اصرار اتباع صالح على إبقاء البنية التحتية بالعاصمة صنعاء منهارة, الهدف منها خلق فرص استثمارية لاتباع صالح عبر تخويلهم بالقيام بوظيفة الدولة في توفير الخدمات العامة.
ورغم توسع مساحة الفقر بالعاصمة صنعاء بشكل لم يعهد من قبل, برز أثرياء جدد ينظون تحت مظلة حزب المؤتمر الشعبي العام, حققوا ثروات طائلة من احتكارهم للجزء الاكبر من تجارة المشتقات النفطية في السوق السوداء تلاها منظومات الطاقة الشمسية, وشراء مولدات كهربائية كبيرة وتشغيلها وتوصيل التيار الكهربائي لسكان الاحياء الراقية مطلع الامر ثم توسع ذلك ليشمل احياء متوسطة الدخل.
وهذا التوجه له ابعاد آنية ومستقبلية وتتمثل الآنية في تجفيف مدخرات المواطنين في صنعاء مقابل الحصول على خدمات آنية, ويترتب على ذلك تحول المواطنين من الانفاق على لقمة العيش إلى الانفاق على الطاقة والمشتقات النفطية.
وبالتالي عدم توجههم لمواجهة قحط القادم بأي مدخرات سواء نقدية أو حبوب ومواد غذائية وغيرها, وهذا القصد منه جعل مصيرهم بيد صالح واتباعه, واستغلال حاجتهم للبقاء تخت مظلة تأييده وبالذات في قادم الايام.
أيضا من الانعكاسات الآنية حرمان خزينة الدولة من أي تدفق للموراد وتكوين رؤوس أموال مشبوهة لتمويل حروب صالح القادمة, وإلغاء لوظائف الدولة كليا ناهيك عن تشكيل عصابات اقتصادية متمردة على دفع ما يتوجب عليها من ضرائب ورسوم جمركية وغيرها.
وزيادة على هذا مضاعفة أعباء أي حكومة قادمة حيث سيتوجب عليها معالجة هذا الاثر وسيكلف ذلك مئات مليارات الريالات فيما الخزينة العامة مفرغة كليا وتعاني عجزا كبيرا للغاية, وهذا سيولد مشاكل جمة وسيضاعف من حدة التدهور الامني والاستقرار وسيقود إلى تعزيز فكرة أن مناخ الاستثمار في اليمن طارد.
كما أن هذا يعزز من حالة انفصام المواطن في العاصمة تحاه الدولة وقناعتهم بعدم جدوى خدمات الدولة وهذا سيجر إلى صراع المواطن والدولة في ارساء سيادة القانون وحرمان الدولة مت رسوم كثير من الخدمات الحكومية والتي كانت تسهم بنسبة تقارب 2.6بالمائة من مواارد الموازنة العامة.
وسينعكس تأثير ذلك بصورة مباشرة على الموازنة العامة للدولة ومضاعفة العجز وتعطل البرنامج الاستثماري وهيكل الاجور والمرتبات, وسيمتد إلى توقف عمليات التوظيف والتوسع في حالات الضمان الاجتماعي, وسيؤثر بشكل متنامي على برامج مكافحة الفقر والبطالة وتدني مستوى الخدمات الحكومية وغير ذلك.
وأخيرا سيوجد هذا الوضع حلفاء جدد لصالح غير معروفين على السطح, وهؤلاء سيؤدون دور العدو الخفي وهذا من القواصم الكبرى التي ستجهض وظائف الحكومات القادمة وسيحتاج التعرف إليهم وقت وموارد على حساب البنية التحتية وغيرها...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق