اخر الاخبار

إلى اين تمضي العاصمة اليمنية ..؟


استطلاع/خاص

قد يجهل بعض أهمية ما وصل إليه وضع البنية التحتية في صنعاء من إنهيار غير مسبوق إما بسبب فعل الحوثيين أو ضربات التحالف, ولكن الوقوف على حال هذه البنية يكشف وضع مخيف فعلا.

ويمكن تلخيص دواعي الخوف هذه عبر ربط حال البنية التحتية بالنشاط العام لصنعاء سواء النشاط التجاري أو الاستثماري أو هجرة رأس المال وكذلك العقول والطاقة البشرية المنتجة, يمكن تلخيص ذلك بالآتي:

"فزع المال"
جراء تهاوي البنية التحتية في صنعاء حدث ركود كبير شمل كافة مناحي الحياة بلا استثناء, وأفرز ذلك الركود حالة فزع لدى رأس المال في المقام الأول رافقه هجرة غير معلنة لرأس المال وتوقف النشاط الاستثماري المدر للدخل ورفد الخزينة العامة بموارد لا يستهان بها.

ناهيك عما كانت تؤمنه تلك الاستثمارات من فرص عمل نوعية أو عادية أو ما كان يتحقق منها من نماء لرأس المال وتدفق للأموال وجذب لشركاء ومستثمرين أجانب يبحثون على فرص استثمارية في اليمن تحقق لهم عوائد مالية وتوسع لنشاطهم الكلي.

وكانت العملية الاستثمارية برمتها ومهما بلغت النظرة تجاه التزامها بمعايير العمل الاستثماري من عدمه إلا أنها ~وإضافة إلي ما ذكرنا سلفا, كانت تسهم وبشكل ملموس في سد فراغ كبير فيما عجزت فيه الدولة من وظائف, وفي مقدمتها تقليص مساحة الفقر وحجم البطالة وتقديم خدمات نوعية مختلفة ودعم أنشطة مجتمعية وتقديم مساعدات لفقراء ومحتاجين عجزت الدولة عن مد يد العون لهم.

"هزة قوية"
تهاوي البنية التحتية في صنعاء رافقه انهيار شبه كلي للمنظومة الاقتصادية والاعمال التجارية وحركة السوق المتمثلة بعمليتي العرض والطلب.

وما ينضوي تحت مظلة هذه العملية من علاقات ومكاسب وخلق شراكات وتعدد المصالح وفوائد كتبادل المنافع والخدمات وغيرها, أي هذه المنظومة تعرضت لهزة قوية واختلال كبير يستغرق اصلاحها وقت طويل وجهد أكبر وإمكانيات لم تعد في المتناول خاصة جراء اهتزاز الثقة وتمزق روابط العمل المشترك.

"توقف شبه كلي"
انعكس تهاوي البنية التحتية في صنعاء سلبا على ما حوله من قطاعات مختلفة ومع أن تهاوهي البينة التحتية يقابله نشاط اعمار إلا أن ما حصل العكس, توقف قطاع البناء والتشييد شبه كلي وترتب على ذلك ركود سوق مواد البناء وفي مقدمتها الحديد والأخشاب والأدوات الكهربائية والصحية والأسمنت.

وهذا الوضع جعل تجار يقفون على عتبات الافلاس وأسهم في اتساع ظاهرة البطالة حيث كان يأوي ألاف الأيادي العاملة سواء في وظائف اعتبارية أو من العمالة الأخرى.

وفي هذا المجال أكد تجار مواد بناء وتشييد خوفهم من طول فترة الركود وتعرضهم للافلاس في ظل مطالبات بتسديد ما عليهم من ضغوط للوفاء بما عليهم من حقوق للغير وأطراف خارجية وبنوك ضامنة وهو ما يفاقم من زيادة الضرر, وحجم الخسائر وارتفاع كلفة فاتورة الركود والعجز عن الوفاء بالحقوق المتوجبة للغير.

ويقدر خبراء اقتصاديون حجم الأموال التي غادرت صنعاء بأكثر من عشرين مليار دولار أميركي منذ سيطر الحوثيين على صنعاء وحتى اليوم ناهيك على المنشآت التي أغلقت أبوابها والتي جمدت أنشطتها ورافقها حالة تسريح واسعة للموظفين والعمال في حالات كثيرة دون تسوية أوضاعهم.

كما أن سيطرة الحوثيين على منشآت تجارية واستثمارية ووضع اليد عليها وايقاف أنشطتها وتسريح موظفيها وعمالها دون أي تسوية أو أعتبار لحقوق هؤلاء الذين بفعل الحوثيين انضموا إلى طابور البطالة وكذلك أصحاب الحقوق الفعليين.

هذا هو الأخر أفرز حالة قلق وخوف كبيرين أواسط رأس المال وشاغلي الوظائف الحساسة في القطاع الخاص, وهذا ولد لديهم قناعة أكيدة بالهجرة من صنعاء إما نحو دول جوار أو محافظات أخرى ضمانا لحياتهم ومن أن تطالهم تعسفات الحوثيين وتصادر حقوقهم وأملاكهم التي قضوا أعوام طويلة لجمعها, خاصة الذين يكن لهم الحوثيين وأتباع صالح العداء بسبب التأطير الحزبي.

وأثر هذا الوضع على تراجع مستوى عمليات الادخار بكل أشكاله لأن الأسر التي كنت تؤمن حاجات مستقبلها بالادخار لم يعد لديها ما تدخره والشق الأخر من المدخريين من الموظفين وأصحاب الدخول المستقرة جراء توسع دائرة الفوضى احجمت عن الادخار خوفا على ضياع مدخراتها, وزيادة على احجامها على الادخار عمدت إلى سحب ما كان لها من مدخرات تدريجيا.

وفيما يتعلق بمنظومة الخدمات العامة يمكن القول بأنه لم يعد هناك منظومة حيث قد انهارت كليا في ما كان يطلق عليه قطاع الطاقة الكهربائية ومثلها محطات تسويق المشتقات النفظية, بسبب انعدام المشتقات وتراكم خسائر الانفاق عليها وعلى العمالة الذين جرى تسريحهم بسبب طول الأزمة وتضاعف حجم الانفاق نتيجة غلاء المعيشة وازدياد حدة مخاطر غياب الامن.

كما أن المنظومة الصحية الحكومية لا تشذ عن حال الوضع العام لصنعاء, حيث بلغ مستوى الانهيار فيها حد جعلها عاجزة عن تقديم شيء يذكر غير خدمات أولية متواضعة وللقادرين على الدفع فيما كانت تقدم مجانا.

وهذا اوجد حالة انتعاش لا بأس بها في المستشفيات الخاصة وفتح أبواب الانتعاش للطب البديل والشعبي والعلاج بالجلسات, كما انعش تجارة السحر والشعوذة وشجع على ذلك أكثر غياب الرقابة.

وتكاد تكون منظومة الاتصالات هي المنظومة الوحيدة التي حافظت على مستوى نسبي من التوازن والاستمرار في تقديم خدماتها ولو كانت لا ترقى إلى المستوى المطلوب والسبب في تماسكها هذا هو أنها لم تعد منظوية تحت مظلة جهة رسمية في الجزء الأغلب منها والذي ينفرد به قطاع خاص.

والتعليم هو الاخر حافظ في شقه الاهلي والخاص على نسبة توازن لا بأس بها أما الحكومي فقد شهد أعلى نسبة تهرب وتراجع علاوة على اغلاق 152 مدرسة أبوابها في صنعاء بوجه الطلاب جراء تحويلها إلى مراكز إيواء للنازحين.

وعلى صعيد المياه والصرف الصحي فإن الواقع يقول إن كانت هذه الخدمة مشلولة والبلد في حالة استقرار وفي ظل وجود دولة فكيف سيكون في هكذا وضع ..?

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016