تقرير/ نبيل الشرعبي
قال صندوق النقد الدولي إن التقديرات تشير إلى بلوغ معدل النمو العالمي 3.1بالمائة في2015 ومن المتوقع أن يصل إلى 3.4بالمائة في 2016 و3.6بالمائة في 2017.
وأضاف الصندوق في تقريره الأخير ~ آفاق الاقتصاد العالمي~ يتوقع أن يكون تحسن النشاط العالمي خلال العام الجاري 2016 أكثر تدرجا مما ورد في عدد أكتوبر 2015 من تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي"، سيما في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.
ويتوقع استمرار التعافي بشكل محدود وغير متساٍو، مع استمرار تقلص فجوات الناتج
وفي الاقتصادات المتقدمة، بالتدريج.
وتتسم الصورة في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية بالتنوع وكانت محفوفة بالتحديات في كثير من الحالات~ حد ما ورد في التقرير~ وكالة أرصفة للأنباء حصلت على نسخة منه وتنفرد بنشره.
ولفت التقرير إلى أنه ستظل آفاق النمو في 2016~ 2017 تنوء بأعباء تباطؤ اقتصاد الصين واستعادته للتوازن، وانخفاض أسعار السلع الأولية، والتوترات في بعض اقتصادات الأسواق الصاعدة الكبرى.
ويعزى التحسن المتوقع في النمو خلال العامين التاليين بصفة أساسية — برغم استمرار تباطؤ النشاط الاقتصادي في الصين— إلى التنبؤ بتحسن معدلات النمو تدريجيا في البلدان التي تمر بضائقة اقتصادية في الوقت الحاضر، لا سيما البرازيل وروسيا وبعض بلدان الشرق الأوسط، حتى وإن كان هناك احتمال بإصابة هذا التعافي الجزئي المتوقع بالإحباط في حالة ظهور صدمات اقتصادية أو سياسية جديدة.
ووفقا للتقرير لا تزال المخاطر المحيطة بالآفاق العالمية مائلة نحو القصور ويتعلق معظمها بالتعديلات الجارية في الاقتصاد العالمي وفي مقدمتها:
1~ التباطؤ العام في اقتصادات الأسواق الصاعدة.
2~ استعادة التوازن في الصين.
3~ انخفاض أسعار السلع الأولية.
4~ الخروج تدريجيا من الأوضاع النقدية التيسيرية على نحو استثنائي في الولايات المتحدة... ومن شأن عدم النجاح في التعامل مع هذه التحديات البارزة أن يتسبب في عرقلة النمو العالمي.
آخر التطورات
وفي تناوله لأخر التطورات ذكر تقرير صندوق النقد الدولي أنه ظل النشاط الاقتصادي العالمي ضعيفا في 2015 فتراجع النمو في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية للعام الخامس على التوالي — في حين أنها لا تزال تسهم بما يزيد على من النمو العالمي — بينما لا يزال التعافي في الاقتصادات المتقدمة محدودا.
وحسب التقرير لا تزال هناك ثلاثة تحولات رئيسية تؤثر في الآفاق العالمية وهي:
1~ تباطؤ النشاط الاقتصادي في الصين واستعادته للتوازن بالتدريج مع تحوله نحو الاستهلاك والخدمات بعيدا عن الاستثمار والصناعات التحويلية.
2~ انخفاض أسعار الطاقة وغيرها من السلع الأولية.
3~ تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة بالتدريج في ظل صلابة التعافي الأميركي بينما تواصل البنوك المركزية في العديد من الاقتصادات المتقدمة الرئيسية الأخرى تيسير السياسة النقدية.
وأفاد التقرير أن النمو الكلي في الصين يشهد تطورا على نطاق واسع على النحو المتوخى، ولكن مع تباطؤ حركة الواردات والصادرات بوتيرة أسرع من المتوقعة، وهو ما يرجع في جانب منه إلى ضعف نشاط الاستثمار والصناعة التحويلية.
وعلى الشق الأخر~ حد التقرير~ تنتشر تداعيات هذه التطورات، إلى جانب مخاوف السوق بشأن أداء اقتصاد الصين في المستقبل، نحو اقتصادات أخرى من خلال قنوات التجارة وضعف أسعار السلع الأولية،
وكذلك من خلال تراجع الثقة وتزايد التقلب في الأسواق المالية.
فيما لا يزال الضعف يشوب نشاط الصناعة التحويلية والتجارة على مستوى ُ العالم، ويعزى هذا الأمر إلى ليس إلى التطورات التي تشهدها الصين وحسب، وانما يرجع كذلك إلى تراجع الطلب والاستثمار في العالم على نطاق أوسع — لا سيما تراجع الاستثمار في الصناعات الاستخراجية.
إضافة إلى ذلك، تنوء التجارة العالمية كذلك بأعباء ثقيلة من جراء التراجع الحاد في واردات عدد من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية التي تمر بضائقة اقتصادية.
وكما ورد في التقرير سجلت أسعار النفط تراجعا ملحوظا منذ سبتمبر 2015 انعكاسا للتوقعات باستمرار أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في زيادة الإنتاج و سط استمرار إنتاج النفط العالمي على نحو يفوق استهلاك النفط.
وتشير أسواق العقود المستقبلية حاليا إلى حدوث زيادات طفيفة في الأسعار في 2016~ 2017 وكذلك هبطت أسعار السلع الأولية الأخرى، وخاصة المعادن.
ويفرض انخفاض أسعار النفط ضغوطا على مراكز المالية العامة في البلدان المصدرة للوقود ويلقي بأعبائه على آفاق النمو فيها، بينما يدعم الطلب في قطاع الأسر ويخفض تكاليف الطاقة على قطاع الأعمال في البلدان المستوردة للوقود، خاصة في الاقتصادات المتقدمة، حيث ينتقل انخفاض الأسعار بالكامل إلى المستخدم النهائي.
ويعقب التقرير قائلا: برغم أن انخفاض أسعار النفط المدفوع بزيادة المعروض النفطي من المتوقع أن يدعم الطلب العالمي نظرا لزيادة الميل إلى الإنفاق في البلدان المستوردة للنفط مقارنة بالبلدان المصدرة للنفط، فقد أدت عدة عوامل في ظل الظروف الراهنة إلى إضعاف التأثير الإيجابي لانخفاض أسعار النفط.
وأشار التقرير إلى أن هناك التوترات المالية في كثير من البلدان المصدرة للنفط والتي تحد من قدرتها على تمهيد الصدمة، مما يستلزم تخفيض الطلب المحلي لديها بشكل كبير.
وكان لتنخفاض أسعار النفط تأثيرا ملحوظا على التستثمار في استخراج النفط والغاز، مما يقلل كذلك الطلب الكلي على مستوى العالم.
وأخيرا، ظل تحسن الاستهلاك في البلدان المستوردة للنفط حتى الآن أضعف إلى حد ما مما تشير إليه الأدلة على تحسنه في فترات انخفاض أسعار النفط السابقة، ربما نتيجة لاستمرار خفض التمويل بالديون في بعض هذه الاقتصادات.
وأضاف التقرير: ربما كانت محدودية انتقال آثار الانخفاض في الأسعار إلى المستهلكين تشكل كذلك أحد العوامل التي أدت إلى ذلك في العديد من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.
ويمضي التيسير النقدي في منطقة اليورو واليابان على نطاق واسع كما كان متصورا، بينما قام الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في ديسمبر 2015برفع سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية من النطاق الآدنى الصفري.
وبوجه عام، لا تزال الأوضاع المالية داخل الاقتصادات المتقدمة تيسيرية للغاية.
وهناك احتملات بزيادة أسعار الفائدة الأساسية في الولايات المتحدة بالتدريج كما ظهرت موجات من التقلب المالي وسط المخاوف بشأن آفاق نمو الأسواق الصاعدة، وهو ما ساهم في ضيق الأوضاع المالية الخارجية، وتراجع التدفقات الرأسمالية، وزيادة انخفاض أسعار العملة في كثير من اقتصادات الأسواق الصاعدة.
وأكد التقرير أنه ظل التضخم الكلي يراوح مكانه على نطاق واسع في معظم البلدان، لكنه من المرجح أن ينخفض مرة أخرى مع تراجع أسعار السلع الأولية مجددا وضعف الصناعة التحويلية في أنحاء العالم مع ما لذلك من تأثير سلبي على أسعار السلع المتداولة... ولا تزال معدلات التضخم الأساسي أقل بكثير من أهداف التضخم في الاقتصادات المتقدمة.
وأوضح التقرير أنه تعزى تطورات التضخم المختلطة في اقتصادات الأسواق الصاعدة إلى الانعكاسات المتضاربة لضعف الطلب المحلي وانخفاض أسعار السلع الأولية مقابل الانخفاض الملحوظ في قيم العملات على مدار العام الماضي.
وتشير التوقعات إلى بلوغ النمو العالمي 3.4بالمائة في 2016 و3.6بالمائة للعام 2017 للاقتصادات المتقدمة ويتوقع ارتفاع النمو في الاقتصادات المتقدمة بمقدار 0.2 نقطة مئوية في 2016 ليصل إلى 2.1 نقطة، وأن يستمر بصورة مطردة في عام2017.
ويظل النشاط الكلي محتفظا بصالبته في الولايات المتحدة، تدعمه الأوضاع المالية التي لا تزال ميسرة و أوضاع أسواق المساكن والعمل الآخذة في التحسن، غير أن قوة الدولار تلقي بأعبائها على نشاط الصناعة التحويلية، وانخفاض أسعار النفط يحد من الاستثمار في الهياكل و المعدات المستخدمة في التعدين.
ولتفسير الأوضاع في منطقة اليورو، قال التقرير: فقد ارتفع الاستهلاك الخاص بدعم من انخفاض أسعار النفط والمالية، مما عوض الانخفاض في صافي الصادرات.
ومن المتوقع أيضا أن يتعزز النمو في اليابان في عام 2016، استنادا إلى دعم الدخول المالية العامة، وانخفاض أسعار النفط، وتصاعد الأضاع المالية التيسيرية.
وأضاف: في اقتصادات اللأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية يتوقع ارتفاع النمو في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية من 4بالمائة 2016 — وهو أدنى معدل منذ الأزمة المالية التي وقعت في 2008~ 2009 إلى 4.3بالمائة~ و4.7بالمائة في 2016~ 2017، على الترتيب.
وناهيك على أنه من المتوقع أن يتباطأ النمو في الصين إلى6.3بالمائة عام2016 و6.0بالمائة عام 2017 وذلك في الأساس نتيجة لضعف نمو الاستثمار حيث يستمر الاقتصاد في استعادة توازنه.
وعلاوة على أنه ~ وفق التقرير~ تشير التوقعات عموما بشأن الهند وبقية بلدان آسيا الصاعدة إلى أنها ستواصل النمو بمعدلات قوية وإن كانت هناك بعض البلدان وهي التي ستواجه تأثيرات معاكسة قوية من استعادة التوازن الاقتصادي في الصين وتعافي الصناعة التحويلية في العالم.
وفي أميركا حسب التقرير تشير التوقعات الحالية بشأن أمريكا اللاتينية والكاريبي إلى انكماش إجمالي الناتج المحلي الكلي كذلك في 2016أقل مما كان عليه في 2015 برغم النمو الايجابي في معظم بلدان المنطقة.
ويرجع ذلك إلى الركود في البرازيل وفي بلدان أخرى تمر بضائقة اقتصادية.
وفي الشرق الأوسط قال التقرير يتوقع ارتفاع النمو في الشرق الأوسط، لكن أسعار النفط المنخفضة، إلى جانب التوترات الجغرافية-السياسية والصراعات الداخلية في بعض الحالات، ستظل تؤثر سلبا على الآفاق المستقبلية.
وحيال أوروبا لفت التقرير إلى أنه في أوروبا وان سجلت بعض التباطؤ في 2015 إلا أن التوقعات تشير إلى أنه من المتوقع أن تحقق أوروبا الصاعدة نموا مطردا على نطاق واسع.
فيما في روسيا ستظل تحت وطأة الركود في 2016، بينما تواصل التكيف مع انخفاض أسعار النفط والعقوبات التي يفرضها الغرب على صادراتها.
أما الاقتصادات الأخرى في دول الكومنولث المستقلة فيجرفها كذلك تيار الركود والتوترات الجغرافية-السياسية في رو سيا، وتتأثر في بعض الحالات بأوجه الضعف الهيكلي الداخلية وأسعار النفط المنخفضة؛ ومن المتوقع أن تحقق توسعا طفيفا في 201ع وأن تسرع ُخطى في 2016.
وبخصوص إفريقيا قال التقرير: سوف تشهد معظم بلدان إفريقيا جنوب الصحراء انتعاشة تدريجية في النمو ولكن ذلك لن يتجاوز معدلات تظل أدنى من المحققة أثناء العقد الماضي، في ظل انخفاض أسعار السلع الأولية.
ويرجع هذا الأمر في الأساس إلى التكيف المتواصل مع انخفاض أسعار النفط وارتفاع تكاليف الاقتراض، مما يلقي بعبء ثقيل على بعض أكبر التقتصادات في المنطقة (أنغوال ونيجيريا وجنوب إفريقيا), وكذلك على عدد من البلدان الأصغر حجما المصدرة للسلع الأولية.
تعديل التنبؤات
وعلى صعيد متصل ُبالتنؤات قال التقرير: خفِّضت التنبؤات للنمو العالمي بوجه عام2016 بمقدار 1.6 نقطة مئوية لعامي 2016~ 2017 وترجع أسباب هذه التعديالت بدرجة كبيرة، على سبيل المثال لا الحصر، إلى تحقيق تحسن أضعف بدرجة طفيفة عما ورد في تنبؤات أكتوبر الماضي.
وفيما يتعلق بالتكوين القطري عزى جزء كبير من هذه التعديلات إلى البرازيل، حيث ُيتبين أن الركود الناتج عن عدم اليقين السياسي، وسط التداعيات المستمرة منُ التحقيق في قضية "بتروبارس"، أعمق وأطول أمدا مما كان متوقعا.
كما يعزى إلى التداعيات الحاصلة لالشرق الأوسط، حيث انخفاض أسعار النفط يلحق الضرر بالآفاق المتوقعة للولايات المتحدة، حيث تشير التوقعات الأولية والحالية إلى أن القوة الدافعة للنمو ستظل ثابتة على وضعها الآني.
وهذا حسب التقرير: يجعلها تكتسب مزيدا من الزخم, بما يزيد على نصف نقطة مئوية لعام 2016 وهذا يعزى إلى التطورات التي تشهدها الصين وكذلك الاقتصادات التي تمر بضائقة اقتصادية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق