اخر الاخبار

عمال اليمن.. فاتورة صراع مكلفة



عمال اليمن.. فاتورة صراع مكلفة
وكالة أرصفة للأنباء/ وليد عبد الواسع- صلاح عبد الواحد
يمر عيد العمال العالمي هذا العام وعمال اليمن في وضع لايحسد عليه.. 5 ملايين موظف وعامل فقدوا مصادر دخلهم ووظائفهم وأعمالهم جراء الصراع والحرب الدائرة في البلد منذ ما يزيد عن عام، لينظموا إلى رصيف البطالة ضمن قطاع واسع من العاطلين عن العمل، يلملمون بؤس حياتهم ويحتسون وجع أيامهم، فاقة وعوز بعد أن تقطعت بهم السبل وانسدت أبواب وطرق العيش أمامهم..




*ينشر بالتزامن مع صحيفة أخبار اليوم


لم يكن لديهم سوى يوم وحيد يقدم لهم فيه المجتمع تكريم رمزي لما يقومون به من دور في بناء الوطن، حتى أتت الحرب بوحشيتها التي لا تبقي ولا تذر وأفقدتهم بهجة هذا اليوم الوحيد الذي يشعرهم بأن المجتمع يقدر لهم دورهم وجهودهم، فلم تأت الحرب لتفقدهم كرامتهم بقوت يومهم ولقمة عيشهم، بل لتفقدهم أيضا إنسانيتهم التي كانوا يجدونها فيه.
يحتفل العمال في مختلف البلدان بعيد العمال إلا في اليمن بعد أن أصبح الوطن عاطل عن العمل، كذلك العامل، والذي أصبح واقع العامل بعيد كل البعد ومختلف تماماً عن باقي بلدان العالم.. ففي ظل الظروف الراهنة أي عيد يحتفل فيه العامل اليمني وقد تفاقمت معاناته ليتحول الوضع من سيئ إلى أسوأ؟!..
دمرت المليشيات كل سبل العمل في معظم المناطق، وأصبح العامل اليمني هو الأكثر بؤسا بعد أن سُلبت حقوقهم وجردوهم منها ولم يعطوهم حقوقهم.. فهم لا يجدون ما يكفي قوتهم، فأصبح العيد بالنسبة لهم كغيرة من الأيام، غير أنه موجع بالنسبة لهم بسبب وضعهم التعيس وحقوقهم المسلوبة.
تدمير سبل العيش
تقرير أممي حديث، أكد أن عاماً من النزاع في اليمن أدى إلى تدهور شديد في الاقتصاد، وتسريح 70% من العمالة لدى شركات القطاع الخاص. وقال التقرير، الصادر عن الأمم المتحدة، إن واحدة من كل أربع شركات أغلقت، مشيراً إلى أن الحرب أدت إلى تدهور القوة الشرائية خاصة للأسر الفقيرة والمتضررة من النزاع.
وقدر التقرير أن نصف السكان المتضررين من النزاع دمرت سبل عيشهم نتيجة للأزمة وأن شبكات الأمان التقليدية بما في ذلك التحويلات أو المساعدات من الأصدقاء والأقارب أصبحت غير متوفرة بشكل متزايد. وأوضح أن الأعمال التجارية تواجه خسائر متزايدة تصل إلى 315 ألف دولار شهرياً (86 مليون ريال) للشركات الكبيرة ما يعني أن كل الشركات خسرت مبالغ باهظة منذ بدء النزاع.
وبحسب تقرير الأمم المتحدة، فإن ملايين الأسر تضررت سبل معيشتها و 7.6 ملايين سيتعرضون لخطر المجاعة، منهم 2.3 مليون في محافظة تعز (جنوب) و1.5 مليون في محافظة حجة (شمال) و84 ألف مواطن في عدن العاصمة المؤقتة لليمن و89 ألف في محافظة صعدة (شمال). وأكد التقرير أن 6 من أصل 10 يمنيين يحتاجون للأمن الغذائي أو لدعم سبل المعيشة.
في مدينة عدن- جنوبي اليمن- رغم انتهاء الحرب بين المسلحين الحوثيين من جهة والمقاومة الشعبية والجيش الوطني بمساندة قوات التحالف العربي من جهة أخرى منذ نحو تسعة، إلا أن الاشتباكات المتقطعة وحالات السطو والبناء العشوائي والوضع الأمني المضطرب لازالت تحكم المشهد في المدينة.
ويؤكد مستثمرون أن من أهم مساعي الاستثمار وجود الأمن والأمان، ويقولون إن أكثر ما يحصرهم ويعيق أفكارهم الاستثمارية للبدء بمشاريع كبيرة هو عدم استتباب الأمن بشكل تام في مدينة عدن أولًا، وعدم وجود العمالة ثانيًا بسبب توقف الكثير من العمال عن العمل والبناء، وبالتالي صعوبة التفكير بمشاريع كبيرة قد تحتاج في البناء لأضعاف الفترات المقدرة.
 من جهتهم عبر خبراء اقتصاديون أن مثل تلك المشاريع الاستثمارية التي بدأت تدبُّ رويدًا رويدًا في مدينة عدن يمكنها أن توفر المئات من فرص العمل للشباب وتقليص حجم البطالة المتضخم بسبب الحرب الدائرة في البلاد.
تضاعف البطالة
منذ بدء الحرب، أغلقت الكثير من المؤسسات والشركات والمصانع أبوابها تباعاً، وصار الهم الأول بالنسبة للمواطنين، الابتعاد عن أضرار الحرب المباشرة ودمارها وكيفية النجاة منها، فيما كان التجنيد والانضمام إلى أطراف القتال، هو الفرصة الأكثر توفراً. ولم تكن الجندية وظيفة تساعد على تأمين الحياة، بقدر ما كانت قفزاً إلى ميادين الموت، وهروباً من هموم وتحديات البطالة- توصيف تقارير صحفية.
بسبب الأضرار الكبيرة التي لحقت بالاقتصاد والعدد الكبير من المصالح العامة والخاصة التي تضررت، فإن القوى العاملة وغير العاملة تضررت إجمالاً، خصوصاً مع ارتفاع أسعار بعض السلع والخدمات، في حين أن تدني الأجور أحد أوجه المعاناة، حيث يوجد من يعملون بالفعل، لكن ما يتقاضونه لا يغطي حاجياتهم. ومن جهة أخرى تسببت البطالة في خلق وضع أمني صعب يضاف إلى الوضع الأمني المتدهور بسبب الحرب وغياب أجهزة الدولة الأمنية.
شركات نحو الإفلاس
تتأهب معظم شركات المقاولات في اليمن للإغلاق نتيجة توقف حركة البناء بشكل شبه كامل بسبب الحرب، مما أدى إلى تدهور أوضاعها المالية.. يقول عاملون بالقطاع إن عدم نجاح مفاوضات التسوية السياسية الخاصة بالأزمة اليمنية في الكويت واستمرار الحرب فترة أطول يعني إعلان إفلاس معظم شركات المقاولات البالغ عددها 1000 شركة.
وتؤكد مصادر أن قطاع المقاولات تكبد خسائر فادحة وكارثية بسبب الحرب، معتبرة أنه أكثر قطاع حيوي دفع ثمن الصراع. ويعمل في اليمن أكثر من 1000 شركة مقاولات، تشغّل 1.5 مليون عامل تم تسريح عدد كبير منهم، ويستفيد منها أكثر من 25 % من إجمالي السكان، حسب تقارير رسمية.
وكشفت المصادر عن توقف مئات الشركات نتيجة ما تكبدته من أضرار وخسائر، لكنها تحاول أن تؤجل رغبتها بإعلان إفلاسها أملاً في توقف الحرب وتعافي الوضع الاقتصادي. اتحاد المقاولين، في تقرير سابق، أشار إلى تواجد 270 من المقاولين المنفذين لمشروعات حكومية في السجون، بسبب عدم سداد الحكومة مبالغ العقود الواجبة والوفاء بتغطية ضمانات البنوك التجارية.
وحسب مصادر فإن مشاكل الاتحاد في قطاع البناء والتشييد في اليمن تفاقمت منذ ثلاثة أعوام بسبب الشلل التام في مجال البناء، وبات القطاع مهدداً بالانهيار التام، كما يعاني جراء المماطلة والتسويف الحكومي في تلبية حقوق منفذي المشاريع.
ويعتبر قطاع الإنشاءات والبناء والتشييد حيوياً في تركيبة الاقتصاد اليمني.. وتشير تقارير وزارة التخطيط والتعاون الدولي إلى أن هذا القطاع تسارع نموه بشكل ملحوظ في 2009، حيث بلغ نموه نحو 31% كما ارتفع ناتج هذا القطاع إلى 275 مليار ريال (1.4 مليار دولار). ووفقا لتقرير لوزارة التخطيط اليمنية، فإن قطاع البناء والتشييد تصدّر بقية قطاعات الإنتاج السلعي خلال عام 2012 ليحقق نمواً نسبته 9.1% في مقابل انكماش نسبته 25.2% عام 2011.
تعميق المأساة
تقرير لمركز الدراسات والإعلام الاقتصادي ذكر أن توقف قطاع المقاولات أدى إلى تضرر نحو 1.5 مليون فقد معظمهم أعمالهم، وأن الحرب الجارية عمقت مأساة قطاع المقاولات، الذي تكبد خسائر فادحة منذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول عام 2014، وما تلاها من حروب ودمار شمل معظم المحافظات. وأكد التقرير، على توقف 800 شركة للمقاولات كانت تعمل في اليمن في القطاعين المنظم وغير المنظم.
وقال التقرير: تواصلت الانتكاسات لقطاع البناء والتشييد للعام الثاني على التوالي حيث أدى توقف البرنامج الاستثماري العام للدولة منذ عام 2015 إلى مزيد من الخسائر للقطاع المتأزم. وأشار التقرير إلى أن المشكلة لم تقتصر على قطاع البناء والتشييد فقط، بل تعدته إلى أكثر من 20 مهنة تجارية أخرى، منها قطاعات الكهرباء والإسمنت والبلاط والرخام والسباكة والتسليح وغيرها من القطاعات التجارية، التي تعتمد على البناء والتشييد بالإضافة إلى العمالة المتخصصة في هذه المجالات.
يقول خبراء الاقتصاد إن الحرب الدائرة حالياً فاقمت من معاناة المواطن اليمني بسبب فقدان الوظائف والأعمال والدخل، إلى جانب الارتفاع الكبير في أسعار السلع وخاصة المشتقات النفطية وانخفاض القوة الشرائية لمعظم المواطنين الذين استنفدوا كل مدخراتهم التي جمعوها خلال السنوات السابقة، مما يدلل على أن هذه الأوضاع تهدد الشعب اليمني بحدوث مجاعة خلال الأشهر المقبلة.
وفيما يؤكد اقتصاديون أن الحرب فجرت معدلات البطالة في اليمن، ذكر تقرير اقتصادي أن نحو 1.5 مليون عامل يمني، فقدوا أعمالهم بسبب الحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عام. مما تسبب في ارتفاع نسبة البطالة باليمن جراء الحرب.
ويعيش آلاف العمال اليمنيين ظروفا صعبة بعدما سرحوا من أعمالهم إثر تعرض بعض مصانعهم للدمار وتوقف بعضها بسبب الحرب بالإضافة للركود الاقتصادي، وقد ارتفعت نسبة البطالة إلى 64% الأمر الذي أثر سلبا على حياة آلاف الأسر اليمنية.
المعدل الأكبر
أثرت الحرب اليمن خاصة في واقع الشباب اليمني الذي وجد نفسه في ثنائية البطالة والحرب في ظل وضع سياسي واقتصادي بات جل الاهتمام فيه الخروج من الأزمة. فالتوقعات الاقتصادية التي كانت تتحدث عن انخفاض معدل البطالة إلى ستة عشر في المائة في نهاية ألفين وخمسة عشر ذهبت أدراج الرياح مع استمرار الحرب القائمة على البلد مسجلة ارتفاعا يصل إلى ثمانية وثلاثين في المائة بين أوساط الشباب.
الوضع الاقتصادي والسياسي الذي تمر به اليمن، جعل جلّ اهتمام الجهات المختصة الخروج من الأزمة الراهنة بعيدا عن إيجاد أي حل للعاطلين من العمل، في ظل مخاوف تتحدث عن ظروف حرب تمثل بيئة خصبة لاستقطابهم على يد الجماعات المسلحة والمتطرفة.
تقرير أممي أشار إلى أن معدل البطالة في اليمن يعد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، ما يمثل خطورة على مستقبل الشباب، مع توقف عجلة التنمية في البلاد نتيجة الحرب الدائرة.
العدوفي.. لقمة عيش صعبة
بدأ حديثه بتساؤل موجع: عن أي عيد تتحدثون أنتم؟! فنحن لسنا سوى طبقه مهضومة لا نجد أبسط الحقوق.. حسن العدوفي سائق باص يحاول- حد قوله- أن ينهض بالبلاد بينما يقوم أصحاب المراكز القوية بنهبها واخذ كل حقوق المواطنين.
عن معاناته يقول: في ظل الأوضاع الراهنة نحن نعيش حياة بائسة ويصعب علينا الحصول على لقمة العيش بسبب هذه الأوضاع التي خلفتها المليشيات فأنا سائق باص وفي ظل غياب المشتقات النفطية وبروز السوق السوداء يصبح الحصول على لقمة العيش من أصعب ما يمكن.
يأمل حسن أن تكون الأوضاع في حال أحسن، وعلى الأقل تتوفر المقومات الأساسية للحياة فهو- حسب قوله-  يستمد قوت أسرته من هذا الدباب الذي بات لا يفي بالمتطلبات اليومية التي تحتاجها أسرته.
 ويضيف:" يتحمل كل ما يحصل تجار الحروب الذين عبثوا بالوطن وتغنوا بأوجاع المواطنين وأوجاع الشعب ولم نلقى منهم جميعا غير التعاسة والوضع الحالي أكبر دليل ولا يحتاج إلى شرح.
عبد الله.. قتال المستحيل
ما لبث الأول من إنهاء حديثه حتى هم الأخر في ندب حظه كونه  ضحية أخرى مهضومة في هذه البلاد.. فهو عامل حر "حراج" أثرت الأوضاع الراهنة عليه وعلى سير حياته التي اعتاد عليها هو الأخر..
عبد الله سعيد يفيد أنهم كعمال لم يجدوا من هذا العيد غير الاسم وهم الأكثر تضررا في هذا المجتمع كون كل الأمور تقوم على أكتافهم وبعمل أيديهم التي تعرق بمقابل أجر يسد رمق حياتهم.
يقول: في هذه البلاد الذي ما بيقاتل على رزقه ويطوبر بالجولات ما بيلاقيش لقمة عيش، نجلس من أيام حتى نحصل مقاول يشغلنا معه أو صاحب عمل وإلا ما نلاقي.
ويضيف:" في هذه الأيام أصبح الشغل من المستحيلات وكان من قبل نحصل عمل هنا وهنا الآن ما فيش عمل ومافيش شغل والحركة كلها متوقفة ولا حد يعلم بحالنا إلا الله".
الحاج سيف.. تجاعيد حياة بائسة
استوقفت عامل آخر يدعى الحاج سيف مقبل ليحكي هو الأخر وجعه ومعاناته مع هذه الظروف.. تجاعيد وجهه تلخص البؤس الذي يعيشه هذا العامل..
يؤكد الحاج سيف، وهو عامل بناء، أنه كان يصعب عليه أن يلقى قوت يومه في ظل أوضاع كانت تبدو بالنسبة له أفضل من هذه بكثير.. لكنه في ظل الأوضاع الراهنة يستحيل عليه الحصول على القوت اليومي لتزيده هذه الأوضاع ظنك وشقاء.
ويقول: انعدمت الأشغال.. وأجبرتني على الجلوس عاطل لا ألقى ما افعله،  نظل بالجولات لساعات ولا أحد يعبرنا ولا يلتفت لنا، انعدام النفط والكهرباء والحرب هي من جعلتنا بهذه الحالة لا ماء ولا كهرباء ولا عيش كريم وفوق هذا كله ما نجدش رزق لأطفالنا.
بملامح الشيخوخة وتجاعيد وجهه الحزين يكتفي بتأنيب الحكومة أن توفر للمواطنين من أمثاله مصدر دخل فقط.. " لم نطلب من الحكومات أن نكون مثل الدول، نشتي منهم يأكلونا عيش فقط، نشتي يضمنوا لنا حقوقنا التي يتحدثوا عنها وما لاقينا منها شيء، نشتي أمن وأمان وبس".
الشوافي.. تائه في رصيف البطالة
كان فهمي الشوافي يعمل في إحدى الورش، لكن صاحبها اضطر قبل عام لإغلاقها بسبب غياب المشتقات من جهة وانقطاع الكهرباء من الجهة الأخرى..
اليوم لايجد هذا العامل البسيط أين يذهب.. بعد أن فقد عمله وانسدت كل سبل العيش في وجهه.. يقول:" لا أعرف أين أروح الآن وقد انسدت كل سبل العيش بطريقي وما معانا إلا الله المخارج".
يشكي حالته:" البيت لا زم لهم أكل وشرب، وصاحب البيت يشتي إيجار، ومافي لا ماء ولا كهرباء ولا عيشه زي الناس، وفوق هذا كله حرب وقتل بكل مكان، أصبحنا نخاف على أولادنا وأنفسنا مما قد يحصل.
هي معاناة المواطن اليمني بشكل عام التي طالما غفل عنها المسئولين، حسب الشوافي، الذي يرى أن المواطن كان مهضوم ومهمش في السابق وازداد  تهميش في الوقت الحاضر.
النويرة.. ضريبة حرب
"لا أظن هذا العيد مناسب لواقعنا الأليم في اليمن".. بهذه العبارة بدأ فهد النويرة، وهو عامل في أحدى الشركات التي تم توقيفهم من العمل بسبب الأزمة، يبدأ حديثه، قبل أن يتساءل:" عن أي عيد نتحدث.. فهذا العيد ليس سوى كذبة نخفي فيها كدحنا وتهميشنا على مدار السنة..
يضيف النويره: يأتي هذا العيد ويعوض تهميشنا بإجازة يوم واحد.. دون أي نية حقيقية لتحسين أوضاعنا وحل مشاكلنا.. هكذا هو هذا العيد  بالنسبة لنا وكل العمال اليمنيين.
وعن ما يدور في البلاد من وضع يقول فهد:" نحن في وضع مأساوي بسبب ما يحدث فأصبحت الحرب الاقتصادية والإنسانية هي ما تقلق أي مواطن، والأطراف التي تحارب جميعهم يمتلك المال والغذاء ونحن من ندفع الثمن دائما".
حداد بانتظار الموت البطيء
احد العاملين في مجال الحدادة تحدث عن الوضع المأساوي الذي يعيشه المواطن اليمني بشكل عام والعامل خصوصاً.. معتبراً الأزمة الحقيقية بأنها أزمة مشتقات كانت متوفرة من قبل أما مع هذا الوضع وانعدامها فالكل يلهث من أجل توفير مستلزمات الحياة لعائلاتهم..
فقد هذا العامل كغيره عمال عمله، ولذلك صار ينظر إلى مهمته في الحياة الآن بأنها غير مرضي عنها بتاتاً.. "عايش في المنزل منتظر الموت البطيء بكل ما تحملها الكلمة من معنى خصوصا مع  انقطاع التيار وغلاء المعيشة وليس لدي دخل نهائيا يوفر سبل العيش غير ما أحصل عليه من أقربائي وأصدقائي ومن تقديم الخدمات للناس والمحتاجين.
يرى أن عيد العمال في اليمن بأنه ليس له مكان في قلوبهم فهم يجرون بعد لقمة العيش دون أن يبالون به،  وهذا العام ليس له أهمية.. لذلك يخاطب جميع العمال ألا ينتظروا مساعدة من أحد من الساسة والأحزاب وغيرهم وأن يبدأ العامل  بتغيير نفسه ويتوكل على الله.
إجازة إجبارية مليئة بالإحباط
موظف تسويق في إحدى شركات الهواتف يقول" توقفت عن العمل بسبب الأحداث وأعطونا إجازة مفتوحة دون راتب ونواجه قليل من الصعوبات وخاصة في ظل ارتفاع الأسعار في المواد الغذائية وانعدام الخدمات الأساسية وقلة السيولة المادية "
يرى عيد العمال هذه المرة بأنه مليء بالإحباط واليأس له ومن حوله من العمال والموظفين بسبب الصراعات الدائرة والتي لم تجعل الموظف ينال حقه الفعلي في الحياة، كما ينظر إلى مشاورات الكويت بأنها لن تكون سوى كسابقاتها من المشاورات..
يضيف:" نحن من ندفع الثمن".. مخاطباً أطراف الصراع بقوله: دعونا نعيش حياتنا كما هي ومناسبتنا كماهي بعيداً عن مصالحكم وتصارعكم.. كفوا عن هذه الصراعات الداخلية وجنبوا البلاد ويلات الحروب.. دعو هذا الوطن ومواطنيه يعشون بأمن ورخاء وسلام.. وسخروا كل جهودكم للبناء وليس للهدم والدمار.
مدرس حكومي يشكي قساوة الواقع ومرارة العيد في ظل هذا الوضع، فالحياة يرثى لها، وبالكاد يوفر متطلبات الأسرة في ظل هذه الظروف الصعبة التي فرضت عليه أن يلجأ للبحث على عقد عمل في الخارج لان اليمن لم تعد تخارجه- حد تأكيده.
يقول: أصبحنا بحاجة ماسة لدخل جانبي غير الدخل الرسمي الذي لا يفي بمتطلبات البيت الأساسية، وفي هذه الأيام نغطي سبل العيش بجانب راتبي بالسلف والاعتماد على الأهل، والعيد لم أعرف طعم بحلاوته، لأن الجميع  كان في إجازة إجبارية وسنتمسك بالأمل وان المستقبل مبشر بالخير.
خمسة ملايين موظف وعامل فقدوا مصادر دخلهم نتيجة الحرب
يؤكد نبيل الشرعبي- صحفي متخصص بالشئون الاقتصادية- أن الموظف والعامل اليمني دفع فاتورة مكلفة للغاية جراء الصراع القائم والذي ينهش البلد.. مشيراً إلى أنه بحسب آخر إحصائية حول الذين فقدوا أعمالهم ووظائفهم ومصدر دخلهم بلغ حتى مطلع عامنا الجاري حوالي 5 ملايين موظف وعامل وما يندرج تحت هذا التوصيف..
وأوضح أن قطاع البناء والتشييد كان ضمن أكثر القطاعات التي تضرر العاملين فيه وبلغ عدد الذين فقدوا مصادر رزقهم في هذا القطاع حوالي 1.5 مليون وخمسمائة ألف عامل.. ثم يأتي قطاع السياحة وبلغ عدد من فقدوا أعمالهم ومصادر رزقهم في هذا القطاع ما يقارب نصف مليون.. ثم قطاع النقل البري والبحري والذي بلغ فيه عدد من فقدوا مصادر رزقهم فيه حوالي  800 ألف فرد..
ومثله قطاع الزراعة والصناعة والذي بلغ فيه عدد من فقدوا أعمالهم ومصادر رزقهم حوالي 1.2 مليون ومائتي ألف.. في حين بلغ عدد من فقدوا أعمالهم ومصادر رزقهم في بقية القطاعات حوالي 1.2 مليون ومائتي ألف عامل وموظف..
يقول الشرعبي أنه ترتب على ذلك انضمام خمسة ملايين إلى دائرة الفقر والبطالة.. وعلى ذات الصعيد أدى ذلك إلى دخول عشرة ملايين نسمة أيضا دائرة الفقر والحرمان حيث كانوا يعتمدون على ما يكسبه الخمسة ملايين عامل وموظف، وأنه بفقدان الخمسة ملايين أعمالهم صار عدد العشرة ملايين بلا معيل وانضموا إلى دائرة الفقر والحرمان.. وهذا هو ما رفع عدد الفقراء في اليمن إلى أكثر من 22 مليون نسمة..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016