اخر الاخبار

كلمة السر العميقة.. فشل اليوم كابوس الغد..!!


تحليل خاص/ نبيل الشرعبي*

أفرز الفراغ الواسع في إدارة وظائف حساسة في هيكل الوظيفة العامة للدولة منذ سقوط صنعاء بايدي الحوثيين واتباع صالح وحتى واليوم.

أفرز إرتدادات سلبية نخرت عميقا في صميم النشاط الكلي للدولة وعواقبها الوخيمة لن يقف تأثيرها على الوضع الراهن فحسب بل سيمتد إلى المستقبل.

وسيغدوا من أكبر العوائق التي ستعرقل قيام الحكومة القادمة عن القيام بوظيفتها كما يجب.

كون ما نجم عن الفشل العميق في إدارة وظيفة الدولة حاليا لم يكن القاصم الوحيد بل تلاه قواصم جمة وهي وإن كانت تمثل قاصمة اليوم فإنها ستكون كابوس الغد.

في حديث لشاب حوثي كان المقصود منه استعطاف ذوي الخبرة في إدارة وظائف الدولة والترحيب بهم لشغل وظائف حساسة, فشل في إدارتها منظويين تحت مظلة الحوثيين وصالح.

وفق تأكيدات صادرة من عمق هذا التحالف, في ذاك الحديث قال الشاب الحوثي والذي يصنف ضمن فئة المقربين من القيادات العليا ويعمل ضمن هرم القيادات هذه.

قال: إن القيادات الحوثية تبحث على أصحاب الخبرات في إدارة وظائف الدولة ومستعدة لافساح المجال أمامهم ~أي أصحاب الخبرات~ للعمل دون أية شروط لتفادي سقوط مريع يهدد وظيفة الدولة.

وأضاف ذاك الشاب متبعا حديثه بقسم مغلظ: والله الذي لا إله إلا هو أن علي محمد الحوثي وصل إلى قناعة فعلية بأن الحوثيين غير قادرين على إدارة دولة خاصة ما يتعلق بالموارد والوظائف المنبثقة عنها.

وحسب الشاب الحوثي فقد أفصح علي محمد الحوثي بذلك علنا وهو يتجول من وزارة إلى أخرى في شهر نوفمبر2015, مترجيا الوزراء والوكلاء ونوابهم ترشيح من يرونه قادرا على تسلم إدارة الدولة بشقها المدني وما ينظوي تحت مظلة هذا الشق ليتولى انقاذ البلد وحفظ ماء الوجه من السقوط المريع في مربع الفشل العميق.

وكذلك ما يتعلق بالشق العسكري والأمني, كونهم ~أي الحوثيين~ تحقق لهم عدم المقدرة على إدارة دولة, ووجدوا أنفسهم في واجهة مشهد انتكاسة لم تكن في حسبانهم, وكل يوم تتعاظم انتكاستهم نتيجة إلتفاف صالح واتباعه عليهم للتخلص منهم.

وما زال الحديث للشاب الحوثي: وكان حينها علي الحوثي يترجى المسؤولين عدم التخلي عنهم ~ أي عن الحوثيين, حتى أنه كان يرمي رديفه ~ الشال ~ أمامهم ويخاطبهم بجاه الله.. يا منعاه.. أنا بوجهكم لا تخذلونا الناس يسخرون منا.. أنا أعترف أني مقوت ما أفهم بشيء غير كيف ~ أبزغ~ يعني أقطف قات وأبيعه.

ويضيف محمد الحوثي ~حد ما نقل الشاب~ فرجاء غاية الرجاء انقذونا ولا تتركونا لوحدنا نغرق فالكل تخلى عنا حتى الذين كانوا قطعوا على أنفسهم وعود بأنهم سيقفون إلى جوارنا أخلفووا وعودهم ورفضوا حتى أن يوجهونا كيف نعمل.

ايضا أحاديث كثيرة تجمع في تفاصيلها على ما ذكره الشاب الحوثي, ونحن نقف هنا على شاهد هام للغاية نلفت النظر إلى مسألة غاية في الأهمية.

وتتمثل المسألة في كيف أن هناك أطراف كانت ترمي من دفع الحوثيين إلى واجهة المشهد كي تستغل سقوط الحوثيين لصالحها وتحقيق مكاسب لن تتحقق لها إلا من خلال ذلك.

وعلى خلفية المشهد الواضح الفشل عمدت تلك الأطراف إلى تعزيز عوامل سقوط الحوثيين من خلال ارهاق الخزينة العامة وتجفيف الموارد وخلق حالة سخط أواسط العامة على الحوثيين.

إضافة إلى إحداث شرخ وسط جماعة الحوثي نفسها, كي تعجل بسقوطهم وحرقهم كليا ومن ثم التفرد في احكام السيطرة على البلد بمفردها وتحت مظلة قوى جديدة تصنعها هي, وهو ما لا يمكن أن يحدث لأن كل حيل هذا الطرف باتت مكشوفة ومرفوضة كليا.

وجراء يقين هذا الطرف ~ أي الشريك المتحالف مع الحوثي والمتمثل في صالح واتباعه وايمانه اليقين أن نجاح الحوثي هو بداية نهايتهم.

عمد صالح إلى اجهاض قوى الحوثي قدر المستطاع وهو يدركون أن إجهاض الحوثي هو تعجيل بقادم سقوط مستبقله والذي هو في الأصل قد سقط منذ أمد, إلا أنهم ما زال به قليل من بصيص أمل في تعافيه ولو بنزر شحيح من البقاء تحت مظلات متعددة.

وهو ما أحتاج إلى تكتيك آني شرعوا به اتباع صالح من خلال استغلال غفلة الحوثيين والمضي في تنفيذه عبر الزج باشخاص من المخلصين لهم لشغل مناصب حساسة في هيكل الوظيفة العامة وأخرين دفعوا بهم إلى عمق المؤسسة الأمنية والعسكرية ومنظومة الاستخبارات.

ناهيك عن أخرين دفعوا بهم لشغل وظائف حساسة في الإعلام والقطاعات الأكثر حساسية في كافة مفاصل الدولة.

ويتجلى ذاك التكتيك أكثر عبر التدقيق في حجم الوظائف التي فرخها تحالف صالح على مدى عام وبضعة أشهر لمناصريه في كافة مفاصل الدولة وعلى أنها تمت لطرف الحوثيين وبتوجيهاتهم.

وكشفت تقارير إعلامية تمكين ألاف الأشخاص من مناصري صالح والمتحوثيين من شغل وظائف ذات حساسية مفرطة في هيكل الوظيفة العامة خلال فترة وجيزة.

وصار التعامل مع هذه التصويبة باعث للقلق سواء في الوقت الراهن أو مستقبلا كونه سيقود إلى خلق قوة هائجة في حال اتخاذ أي إجراء لتطهير الوظيفة العامة منهم.

علاوة على أن بقاءهم لا ينحصر القلق منه في مجال تحميل الخزينة العامة مزيد من النفقات والتي قد تصل في الشهر الواحد لمئات مليارات الريالات في وقت تعاني فيه هذه الخزينة من عجز كبير ومرحل صارت معه كثير من وظائف الدولة معاقة.

بل يمتد قلق هذا الكم من الموظفين والذين تم الدفع بهم لشغل وظائف متفاوتة وبعض منهم لا يحملون مؤهلات, يمتد هذا القلق إلى حيز أشد خطرا.

ويتمثل ذاك الخطر في تعمد هؤلاء إعاقة أي عمل وحرف مسار أي عمل عن مساره الهادف نحو الفشل للتعزيز من قناعة أن القادم الذي سيخول بإدارة الدولة فاشل ويقتضي واقع الحال زحزحته.

وهذا سيقود إلى عرقلة برامج الحكومات القادمة وسيخلق حالة فوضى يتسع مداها بحجم قدرة هؤلاء المقذوف بهم إلى صميم الوظيفة العامة للدولة على تمرير أجندة من دفع بهم.

ولذلك فإن خطورة ما يحصل من تمكين للوظائف حاليا ليست في مئات مليارات الريال التي ستنفق عليهم من خزينة منهكة وتعاني عجزا تجاوز الحدود الآمنة.

بل تكمن الخطورة في ما سيحدثونه من شرخ كبير في أداء الوظيفة العامة وإعاقة لمهام ووظائف الحكومات القادمة مهما بلغت حنكة هذه الحكومات وحازت دعم خارجي وتدفق للموارد فلن يكون مصيرها في ظل وجود هؤلاء غير الفناء.

وهذا من أهم الأولوويات التي يجب التنبه لها وعمل اللأزم لتفادي ضررها المتمد وغير المنتهي بزوال هذه الشريحة, كونها ستواصل التمهيد لشرائح جديدة تؤدي نفس الدور.

وهذا ايضا سيعمق من صعوبة التعامل مع المشكلة ومعالجتها وسيغدوا حينها ما ستسخره الحكومات من جهد وبرامج للتنمية موجه لبحث ومعالجة المشكلة.

ولكن دون جدوى لأن كلمة السر ليس بالسهل أمر كشفها وبالذات لأن من سيكلف في الوصول إلى كلمة السر هو واضعها.

ولذلك فإن هذا الواقع المر والمتمثل في فشل اليوم, سيغدو كابوس الغد والعائق الأكبر أمام حدوث أي محاولات نهوض أو تنمية.

وهو ما يستدعي الوقوف عليه بجدية وعمل اللأزم عاجلا لوقف نزيف هذا الفشل, ومنع عواقبه من التوسع ونهش كيان البلد.

تنويه:
* ينشر بالتزامن~ موقع "مكس نيوز " و "وكالة أرصفة للأنباء"..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016