وكالة أرصفة للأنباء- تقرير: وليد عبد الواسع
لا جديد في عيد اليمنيين منذ بداية الحرب الدائرة
رحاها في بلد كان يطلق عليه "اليمن السعيد"، ولم يعد سعيداً في عيده،
وكذلك أبنائه الذين وصفوا بأنهم "أهل الحكمة وألين أفئدة"، سوى أن مشاكلهم
الاقتصادية والاجتماعية تفاقمت وتعقدت أكثر عما قبل، ومعها تفاقمت معاناة أكثر.
للعام الثالث على التوالي، حل عيد الفطر المبارك واليمن
يعيش تحت وطأة حرب تعدى زمنها العام الثاني، واستقبل اليمنيون عيدهم هذا العام بظروف
أكثر قسوة مقارنة بأعياد عامين سابقين.
ورغم تدهور الأوضاع الإنسانية، إلا أن مواطنين
حرصوا على الاحتفاء به تحت قاعدة "إن العيد لمن استطاع إليه سبيلا".. فيما
وصل الحال بكثيرين إلى أن يلغوا فرحة السنة الوحيدة لأطفالهم وأقربائهم، ليمر
العيد عليهم بفرحة مبتورة.
أفراح مؤجلة
أتى عيد الفطر هذا العام، في وقت لا يزال اليمن يعاني
من أوضاع إنسانية واقتصادية صعبة للغاية نتيجة الحرب الدائرة منذ أكثر من عامين.
لقد حلّ عيد الفطر على اليمنيين هذا العام وسط غياب
مظاهر الفرح التي ترافق الأعياد عادة، بسبب الظروف بالغة السوء التي نتجت عن الحرب
المستمرة منذ أكثر من عامَين في البلاد والتدهور الاقتصادي الحاد.
خلافا للأعياد السابقة، جاء العيد الحالي ونحو مليون
و200 ألف موظف حكومي يعيشون بدون رواتب منذ 10 أشهر.
ما جعل رقعة الفقر تتسع بشكل غير مسبوق، ليصبح ثلثي
سكان البلد الفقير (27 مليونا)، على شفا مجاعة، ولا يعلمون ما إذا كانوا سيتناولون
وجبة تالية أم لا، وفقا للأمم المتحدة.
تفاصيل استقبال اليمنيين للعيد هذا العام، ستلاحظها
ربما بشكل واضح وأنت تتجول في شوارع صنعاء أو تعز أو غيرها من المحافظات اليمنية ربما..
ستلاحظ وستسمع قصص كثيرة مؤلمة بمجرد أن تفتح الحديث
مع أي شخص كان في الشارع أو الحي، وحتى في مواقع التواصل الاجتماعي سيشدك الحديث عن
العيد وكيف تحول إلى مناسبة مخطوفة وفرحة مؤجلة.
وأدت الحرب إلى فقدان آلاف الأسر لعائلها الأول إضافة
إلى عدم تسلم موظفي الدولة رواتبهم منذ عشرة أشهر.
للعيد في اليمن طقوسه التي تميزه عن كثير من البلدان
العربية بسبب العادات والتقاليد، اليوم وفي ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية نتيجة الحرب،
باتت احتياجات العيد تثقل كاهل كثير من الأسر اليمنية.
هذا العام، بدت الأسر اليمنيّة الأكثر فقراً ليست وحدها
العاجزة عن تأمين حاجيات العيد، إذ إنّ عشرات آلاف الأسر ذات الدخل المتوسط لم تتمكّن
من توفيرها، فالمصارف لم تسلّم مرتبات قطاعات حكومية كثيرة.
ويرى خبراء اقتصاد أن احتياجات العيد في اليمن تُشكل
تحدياً كبيراً أمام ما نسبته 80% من الأسر اليمنية، خاصة في ظل ضعف الدخل، مشيرين إلى
أن ارتفاع أسعار هذه الاحتياجات يعود إلى ضعف الإنتاج المحلي خاصة في ما يتعلق بالزبيب
واللوز إلى جانب الحلويات الأخرى، واللجوء إلى تغطية هذا الطلب عبر الاستيراد الذي
تعجز البلد عن توفير متطلباته من العملة الصعبة.
ضيف ثقيل
لقد بات العيد ضيفاً ثقيلاً على اليمنيين، وباتت كثير
من الأسر لا تهتم به، مع تراجع وفقدان مصادر دخل العديد منها، وارتفاع الأسعار التي
قفزت بشكل جنوني، نتيجة تردي الأوضاع، وصار اقتناء مستلزمات العيد من ملابس وكماليات
بحاجة إلى ميزانية مضاعفة في ظل زيادة الأسعار، وهو ما لا تقدر عليه موازنة الأسر اليمنية.
تردي الأوضاع المعيشية لكثير من الأسر اليمنية، أجبرها
على تلبية احتياجات العيد بطرق مختلفة، إذ لجأت الأسر الفقيرة لتلبية هذه الاحتياجات
من خلال خيارات متعددة، خصوصاً كسوة العيد التي تغطيها من البضائع ذات الجودة الرديئة
وأسواق البالة.
غير أن هذه الخيارات هي الأخرى لم تعد سالكة أمام الفقراء،
في ظل عجز ميزانية الأسر اليمنية وتزايد كُلفة متطلباتها الحياتية كالغذاء والدواء
والسكن، وفقاً لاقتصاديين.
ووجدت نسبة كبيرة من الأسر اليمنية نفسها أمام معضلة
اقتصادية كبيرة، لأن شراء نفقات العيد ومستلزماته تعتبر مكلفة، ولا تتناسب مع دخل هذه
الأسر، خصوصاً هذه الأيام، إضافة إلى أن دخل الأسر تراجع بمقدار النصف وأكثر، فيما
فقد موظفو القطاع الخاص وظائفهم ولم يعد لهم أي دخل.
فرحة مخطوفة
بدا طبق الحلوى أو ما يعرف بـ"الجعالة" في
العاصمة صنعاء ومدن الشمال اليمني، من الأساسيات التي يحرص اليمنيين على حضورها في
منازلهم لاستقبال "عيد مُر" بكل المقاييس، حتى وان تخلوا عن طقوس أخرى كانت
بالنسبة لهم هامة قبل الحرب.
وشهدت المستودعات الخاصة بحلوى العيد في صنعاء، إقبالا
ملحوظا من اليمنيين، لاقتناء أصناف الحلوى التي يتم تنويعها في أطباق مخصصة يتم تقديمها
للضيوف خلال أيام العيد.
واعتبر مواطنون طبق الحلوى بأنه آخر الملامح التي يتمسك
بها غالبية اليمنيين والتي تدل على أنهم يعيشون في أيام عيد.
واستغل غالبية موظفي الدولة ما يُعرف بـ"البطاقة
التموينية" التي سلمتها لهم حكومة الحوثيين بدلا عن الرواتب، في شراء حلوى العيد
من تلك المولات التجارية التي تم التعاقد معها.
وبحسب لتجار مكسرات وحلويات بصنعاء فقد حرص غالبية
السكان على اقتناء حلوى العيد، وإن لم يكن بالطريقة المعهودة خلال الأعوام الماضية،
إذ اقتصروا هذا العام على صنف أو صنفين، لكنهم كانوا حريصين على وجود الطبق في منازلهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق