وكالة أرصفة للأنباء/ وليد عبد الواسع
دون غيرها من محافظات البلد، بدا عيد الفطر
المبارك في العاصمة المؤقتة عدن، جنوبي اليمن، هذا العام أفضل حالاً، وبكثير.. ولأول
مرة، منذ تحرير المدينة من مليشيا الحوثي وقوات حليفهم المخلوع صالح، في17 يوليو/ تموز
من العام 2015م، استقبل سكان عدن عيدهم وعاشوه بكل فرح وسرور..
وللباحث عن العيد وفرحته سيجدها مرسومة على وجوه الصغار
الذين يلبسون الجديد ويقهقهون ببراءة، وفي فرحة الكبار بعد أربعة أعياد عاشها المجتمع
العدني.. ولعب صرف مرتبات موظفي القطاع العام قبيل حلول العيد دوراً في أن جعل
المناسبة مغايره تماماً.
وشهدت العاصمة المؤقتة عدن، خلال أيام عيد الفطر
المبارك أجواء فرائحية، عاشها سكان المدينة، ورغم ذلك، لم تخلو المناسبة من منغصات
كادت تكدر حياة المواطن، لكنها لم تستطع أن تسرق فرحة الاحتفاء بالعيد الذي بدت
بهجته هذا العام في عدن غير..
طقوس فرح ودين
بمجرد أن أعلنت السلطات الرسمية عشية التاسع
والعشرين من رمضان أن يوم الأحد هو أول أيام عيد الفطر المبارك، سرعان ما بدأت
للتو طقوس الاحتفاء الترحيبية بالمناسبة الدينية العظيمة.
أضاءت سماء حارات عدن بالألعاب النارية وعلت مآذن
المدينة تكبيرات العيد "الله أكبر ولله الحمد.. الله أكبر كبيرا.. الله أكبر
ما هلل وكبر"، لتحل محل صلاة التراويح الرمضانية، كفاصلة زمنية بين طقسين:
روحاني ولى وفرحة مناسبة دينية دنى توقيت حلولها.
فيما خرج الأطفال يجوبون أزقة الحارات وهم يعزفون
بهجتهم أنشودة للعيد، مطلقين عنان براءة طفولتهم الشقية وسط أصوات المفرقعات،
وضحكات فرحتهم التي لاتوصف.. ولنسوة المدينة طقس معتاد يبدأ توهجه أكثر جمالاً
بالنقش والحنأ..
صبيحة يوم عيد الفطر امتلأت الساحات المخصصة لصلاة
العيد بالمصلين الذين تقاطروا من منازلهم كباراً وصغارا تحفهم الفرحة والسرور..
فمع تكبيرات الصباح الأولى لمساجد مديريات عدن المختلفة
هرع الناس مع بكور يوم عيد الفطر المبارك إلى المساجد والمُصليات لتأدية صلاة العيد،
في جو يسوده الأخوة وقلوب تحففها الطمأنينة وتهاليل ترددها أزقة ‘‘الحوافي’’ لتعج الشوارع
والأزقة بالصغارة تارة والكبار تارة أخرى لزيارة كلاً لأقربائه وأصدقاءه في صورة تجسد
معنى الوئام ومدى الانسجام في المجتمع العدني.
باكراً خرجت من سكني متجهاً لأداء صلاة العيد، حيث
الساحة المخصصة في المدينة الخضراء، وبفضول الصحفي المعتاد، كنت أجول بناظري في كل
اتجاهات وزوايا المصلى، محملقاً في ملابس الحاضرين صلاة العيد، الذين تأكد لي بأن
جميعهم كانوا يرتدون ثيابهم الجديدة، عدا نسبة قليلة جداً..
وحين أوعزت هامساً في أذن صديق كان يجلس بجانبي ما
لمحته، ابتسم قائلاً: "هذا العيد صدقني أحس أنه غير، ولأول مرة من بعد الحرب
وتحرير عدن".. فأيقنت أن العيد في عدن هذا العام غير.
ويجمع مواطنون على أن ما ميز هذا العيد عن سابقيه من
الأعياد التي أعقبت انتهاء الحرب في يوليو من العام 2015، هو تسلم موظفي الدولة لمرتباتهم.
وجاء عيد الفطر هذا العام في ظل وضع اقتصادي متحسن
يعيشه المواطن العدني، فقد تمكنت الحكومة الشرعية من صرف مرتبات الجزء الأكبر من موظفي
الدولة بشقيها المدني والعسكري، مما مكن المواطنين من توفير احتياجات العيد لعائلاتهم،
وقضاء أجواء عيدية سعيدة.
استعدادات تنعش الأسواق وتلهب الأسعار
مع اقتراب عيد الفطر، شهدت أسواق مدينة عدن جنوبي اليمن،
حركة نشطة لبيع وشراء مستلزمات العيد، فيما تعمل جمعيات ومنظمات خيرية على توزيع كسوة
العيد على المتضررين من جراء الحرب الأخيرة.
وعادت حركة التجارة في مدينة عدن إلى سابق عهدها، وذلك
بعد مرور عامين على استعادة السيطرة على المدينة من أيدي المتمردين الحوثيين ومليشيات
علي عبد الله صالح.
وشهدت أسواق المدينة إقبالا كبيرا من المتسوقين، كما
عرفت رواجا بشراء ملابس العيد ومستلزماته، بعد أن حرم الحوثيون سكانا من الاحتفال بمثل
هذه المناسبات على مدار عامين تقريبا.
ووجد باعة الأرصفة في رمضان وعيد الفطر مناسبة ذهبية
للكسب السريع، حيث لا تسمح الحالة المادية لبعض الأسر بشراء الملابس المعروضة في الأسواق
والمحلات التجارية، نظراً لأسعارها التي لا تتناسب مع دخلها.
رغم ما تشهده مدينة عدن من استقرار اقتصادي وسياسي
يختلف عن بقية المحافظات اليمنية إلا أن أسعار الملابس واحتياجات العيد في ارتفاع جنوني.
وفي ظل الارتفاع في أسعار الملابس أصاب الكثير من الناس
بالصدمة جراء هذا التطور الذي شهدته المدينة لأول مرة، حيث زادت الأسعاربما نسبته
30% على أقل تقدير.
ولجأت أسر إلى شراء الملابس من باعة الأرصفة، كون الأسعار
التي تقدمها بالنسبة لهم معقولة، دون الاهتمام بمدى جودتها.
وتوسعت أماكن بسطات بيع الملابس ومتطلبات العيد في
أرصفة الأسواق وامتدت لتأخذ حيزاً كبيراً من الشوارع في الأيام الأخيرة من شهر
رمضان.
وشهدت أسوق عدن انتعاشاً بشكل لافت منذُ تاريخ 25
رمضان حتى صبيحة يوم العيد، فمع تسليم رواتب الموظفين نزلت ألآلاف العائلات إلى الأسواق
لشراء ما تستهويه كل أسرة من ملابس ومتطلبات العيد من فستق وزبيب وبن وحلويات وكيك
وغيرها.
الحدائق والسواحل قبلة المواطن العدني
سواحل البحار والحدائق والصهاريج والمتنفسات كانت قبلة
الجميع خلال أيام العيد التي ضجت بالزوار والرواد. ووجدت الأسر ضالتها وسعادتها وابتسامات
مئات الأطفال وهم يمرحون منهمكين باللعب.
وبينما تختار بعض العائلات زيارة الحدائق، يُصر البعض
الأخر من ارتياد البحر كي يلعب صغارها على الشاطئ، فيذهب المئات إن لم يكن الآلاف من
العائلات يومياً ابتداء من اليوم الأول للعيد إلى شواطئ التواهي وخور مكسر والبريقة
والعشاق والعروسة وساحل أبين الغدير وعمران، وغيرها من شواطئ عدن.
وازدحمت الحدائق والمتنفسات، رغم محدوديتها في عدن،
إلى جانب المطاعم الراقية والتي تعد بعدد الأصابع، بآلاف المواطنين وعائلاتهم، أيام
عيد الفطر المبارك، وظلت مظاهر العيد وأنشطته بادية للعيان، وحظىت بزخم شعبي كبير.
وبدت ظاهرة ازدحام حدائق الملاهي والمتنفسات من أبرز
ملامح العيد في عدن، وساهمت أزمة الكهرباء المتوازية مع درجات حرارة ورطوبة مرتفعتين،
بازدحام الحدائق وحتى الشوارع بآلاف المواطنين، الذين أرادوا رسم البسمة على شفاه أطفالهم.
ويبلغ عدد حدائق الملاهي في عدن حديقتين اثنتين، في
حين توجد مجموعة من الحدائق الصغيرة في بعض الأحياء السكنية، لكنها تفتقر للخدمات الأساسية،
ومع ذلك فقد شهدت زحاما شديدا هي الأخرى.
وفيما بدت العائلات مستمتعة بأجواء العيد، يشكو الشباب
من عدم وجود أماكن ترفيه خاصة بهم، فقد أغلقت الحدائق والمتنزهات أبوابها بوجوههم،
فقد خصصت للعائلات فقط.
وكان أول أيام عيد الفطر، قد خصص للزيارات الأسرية،
والتي اعتاد عليها المواطنون في عدن، وصارت بالنسبة لهم طقسا سنويا، كما يصف مواطنون.
وأمام ذلك لم تجد شريحة واسعة من الشباب سوى
اللجوء إلى مجالس القات، بعد أن أغلقت أبواب الحدائق والمتنزهات أبوابها أمامهم.
كما اكتظت شواطئ مدينة عدن، بالمتنزهين في أيام عيد
الفطر المبارك. ودفعت الحالة الأمنية المستقرة التي تشهدها مدينة عدن، مئات الأسر لارتياد
شواطئ المدينة، والقيام بالرحلات الشبابية القادمة من المحافظات المجاورة.
وهروباً من ارتفاع درجة الحرارة التي تجاوزت 40
درجة مئوية، وانقطاعات التيار الكهربائي المتكررة التي تشهدها المدينة، وجد أبناء
عدن من الشواطئ متنفساً أفضل خلال أيام عيد الفطر.
ورغم ارتفاع درجات الحرارة شهدت شواطئ محافظة عدن إقبالا
كبيراً من الزوار والعائلات من جميع المحافظات اليمنية، التي اعتادت قضاء إجازة العيد
في عدن نظراً لجمال شواطئها، وروعة رمالها الناعمة وحرصهم على قضاء أوقات ممتعة.
ووسط الأعداد الضخمة التي شهدتها شواطئ عدن، يبقى الإقبال
على الحدائق والمتنفسات العامة ضعيفاً بسبب غياب الخدمات فيها، وعدم تأهيلها، وارتفاع
أسعار تذكر الدخول إليها.
الأمر الذي جعل الهجرة إلى الشواطئ تطغى على حركة الناس
في الشوارع والأزقة، بعد أن يممت الآلاف العائلات
وجهتها باتجاه السواحل.
ورغم ذلك فضل كثير من المواطنين ارتياد الحدائق والملاهي
الخاصة رغم ندرتها، وقلة الألعاب فيها، وكانت بالنسبة لهم أكثر أمنا لأولاده من إضرار
أشعة الشمس الملتهبة على الشواطئ، وارتفاع أمواج البحر الخطيرة التي تسبب في بعض الأحيان
حوادث غرق للأطفال.
منغصات العيد
وسط هذه الفرحة التي عمت أبناء عدن، إلا أن مشاكل الخدمات
التي باتت تورق المواطن العدني، كانت من أكبر المنغصات التي كادت أن تسرقه فرحته.
فالكهرباء والماء مشكلتان مازالتا ينتظرن الحل، ووسط
تكبيرات المساجد وتهاليل المكبرين تزاور الأهل والأقارب كما هي العادات والتقاليد والأعراف
الدينية وزيارة الأصدقاء.
إلا أن الهجرة إلى المتنفسات والحدائق طغى على حركة
الناس في الشوارع والأزقة وبدأت مئات العائلات تتهافت إلى الملاهي بالإضافة إلى السواحل.
كما ارتفعت أسعار القات في أسواق عدن بشكل جنوني،
وبلغت مستويات قياسية خلال أيام العيد، وبنسبة تجاوزت الـ100% عما كان عليه السعر
خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان، وتعدى سعر الربطة السمين التي كان سعرها قبيل
العيد 5 ألف ريال العشرة ألف ريال.
وأرجع كثيرون تصاعد أسعار القات في أسواق المدينة
بشكل عام إلى صرف الحكومة اليمنية مرتبات موظفي القطاع العام قبيل عيد الفطر.
ورغم هذا الارتفاع شهدت أسواق القات إقبالاً
وزحاماً كبيراً، كون العيد يمثل للمواطن العدني فرصة يغتنم إجازته للراحة من عناء
العمل طيلة السنة، وفيه تكثر مجالس القات، خصوصاً أن العيد يمثل مناسبة للزيارات
المتبادلة بين الأهل والأحباب وملتقى لتجمع الأصدقاء.
أيضاً شكلت أزمة البترول التي ظهرت فجأة مع دنو
العيد في عدن واحدة من منغصات هذه المناسبة الدينية العظيمة. وشكا مواطنون وسائقو
وسائل المواصلات من انعدام البترول في محطات المدينة.
الأمر الذي أثار كثير من الاستياء الشعبي، معتبرين
ذلك بأنه أزمة مفتعلة لتعكير صفو جو المواطن بعيد الفطر وتكدير فرحته به.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق