ضياف البرّاق
________&
"نعم، أنا ضيافُ الغامضُ الذي يعجز كثيراً عن الوقوف الصريح أمام ستائر المنفى..يعجزُ نادراً عن البكاء في سراديب الفضاء المالح، وعنِِ الصمتِِ حين يُخرِس الخوفُ بطونَ الجميع ويطردهم من ذكرياتهم الجديدة.
ضيافُ الذي يُعرفُني أخيراً ولا أراهُ أولاً. ضيافُ الهاربُ مني دائما - نحو الغياب الصَلب، نحو سريالية الفراغ الحار وكذبة الحقيقة المُستَميتة، هذه.
نعم، أنا ضيافُ الحالِكُ عصوراً في سطورِ الوطن المذبوح الآن في طريقكْ، بين عينيكْ، في لسانِكْ الصريع، وعندَ تنهيدة الزيف التكنولوجي وطيف اليوتوبيا.
نعم، ضياف هو أنا، نسيتُ أن أُخبركم عنه ذاتَ حلمٍ جاحدٍ كسيح، حُلمٍ ماتَ جداً قبلَ صيف وبعدَ لحظة، حُلمٍ سخيف خائن في أحايين متنكّرة، كانَ لا يفارقني إلّا بعد الموت أو بعدمَا أنتهي من كتابة الرماد أوْ من مُغازلة نَفْسي لنَفْسِي بِنَفْسِي.
ضيافُ المعجونُ بِغُبارِ الكلامِ وفجرِ الظلامِ. ضيافُ المصلوُب فوقَ نعشي حتى في الخيال، ضيافُ الحزينُ عليكَ ربما، الساخرُ من نصوصِ اللصوص ومن لصوص الزمن الغابر، القادم للتو إلينا.
ضيافُ السفسطة الخفيفة الدم، التي تُغَنِّي للغُرباء وتُراقِص هزائمهم بالشموع، الفرحُ المُزوّرُ طوال الطريق، اللقاءُ البائت، المُستقبلُ البائد، الغُربةُ المُغلقة، الناي العصري لطاغور، الحربُ التي لن تأتي، الهوية المكذوبة، والحياةُ الصلعاء.
أنا ضيافُ الذي يحبكم سرمدياً كالحقيقة، يحنُّ إليكم كالحرية في الدم، يمنحكُم ابتسامته ويبقى وحيداً فارغاً إلّا منكُم.
مَن منكم لا يعرفني؟..حسناً، أنا فقط! كنتُ لا أثق بكم!
وربما قد لا أكون ضياف!
وربما قد لا أكون ضياف!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق