تعز - وجدي السالمي
______________&
حاولت أسرة الخمسيني اليمني، عادل نعمان، مرارا الحصول على أدوية مرض السكر التي يحتاجها عائلها الوحيد، من المنظمات المعنية بتوزيع الإغاثة الدوائية في مدينة تعز، "لكن دون فائدة" بحسب ما تقوله زوجته فاطمة الحبشي، التي أكملت حديثها بينما كانت تغالب دموعها: "ذهبنا إلى الجمعيات المعنية بتوزيع الإغاثة الدوائية أكثر من مرة ولم يعطونا الأدوية النفسية التي يحتاجها زوجي وكذلك علاج السكر، ماذا نفعل؟ نحن نازحون ولا نجد من يشفق علينا".
نزح نعمان برفقة أسرته المكونة من خمسة أفراد من منطقة المطار القديم إلى منطقة وادي الدحي، غرب مدينة تعز، وبسبب الحرب بات عاجزا عن شراء أدوية akisol ,tegral, ZEPID3 التي كان ينفق عليها شهريا مبلغ تسعة آلاف ريال يمني (ما يعادل 30 دولارا أميركيا) بسبب توقف الحكومة عن صرف رواتب الموظفين للشهر الثامن على التوالي، وهو ما ضاعف من معاناة أهالي تعز المحاصرين منذ عامين من قبل مليشيات الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وعلى الرغم من وصول 600 طن من أدوية الإغاثة إلى مدينة تعز خلال العام 2016، وفقا لما جاء في التقرير الختامي السنوي لائتلاف الإغاثة الإنسانية الصادر في نهاية العام 2016، إلا أن تلك المساعدات الدوائية المجانية لم تصل إلى نعمان و20 حالة أخرى وثقها معد التحقيق، إذ تباع الأدوية المجانية في الصيدليات، وفق ما كشفه ووثقه "العربي الجديد" عبر جولة في ثلاثين صيدلية خاصة في مدينة تعز.
وتقر عضو اللجنة الفنية للجنة الفرعية للإغاثة بمحافظة تعز، أروى الشميري، بعدم وجود رقابة على عملية توزيع الإغاثة الدوائية والغذائية قائلة لـ"العربي الجديد":"يوجد اختلال في توزيع المساعدات في ظل غياب الرقابة".
إخفاء علامات الإغاثة من علب الدواء
أثناء عمله في صيدلية البلبل الخاصة، تلقى الطبيب أمجد طاهر عروضا من سماسرة لبيعه أدوية إغاثية بعضها مفرق بالقطعة والجملة. يقول طاهر لـ"العربي الجديد": "أغلب أنواع هذه الأدوية هي الفيالات وهي حقن مضادات حيوية تستخدم للجرحى ودواء الإنسولين الخاص بمرضى السكر ومادة "الألبومين" وهو نوع من الأدوية الخاصة بمرضى الكبد، والمستخدمة في غرف العناية المشددة، ويصل سعرها الحقيقي إلى( 8500 ريال/ما يعادل 34 دولارا) فيما يبيعها السماسرة على ملاك الصيدليات بــ( 3000 ريال/ما يعادل12دولارا)، إلى جانب بيع دواء الأطفال بنديريكس الإغاثي بسعر 50 ريالاً للعلبة مع أنها تباع بسعر 250 ريالاً في الصيدليات".
تتطابق الإفادة السابقة، مع تأكيد الدكتور أحمد عبد القادر، الذي يعمل في صيدلية النور غربي مدينة تعز، بأن عاملين في جمعيات إغاثة يعرضون بيع أدوية الإغاثة عليه وعلى زملائه الصيادلة، قائلا لـ"العربي الجديد":"يعرضون علينا مستلزمات أطفال وحليباً وعلاج السكر والقلب مثل (الأتينولول). تلك سوق نشطة للغاية، إذ كانوا يترددون علينا أكثر من مرة في اليوم الواحد".
ومن أجل توثيق عمليات بيع الإغاثة الدوائية، تتبع معد التحقيق صنفاً من مساعدات الهيئة الكويتية للإغاثة، إذ اشترى دواء سيفودوكزيم الذي يبلغ سعره 800 ريال يمني أي ما يعادل ثلاثة دولارات، من صيدلية في وسط المدينة (تحتفظ الجريدة باسمها)، وعمد الصيدلي إلى وضع شريط لاصق على علب الدواء لتغطية العلم الكويتي الذي يوضح أن الدواء إغاثة مجانية غير مخصصة للبيع، وهو ما أكدته كشوفات سندات التوريد المخزني الخاصة بالأدوية المقدمة من الحملة الاغاثية لدولة الكويت، والتي حصل عليها معد التحقيق من مشفيي المظفر والثورة التي استلمتا الدواء.
تجري عملية توزيع المساعدات الدوائية في تعز عبر اللجنة الطبية العليا في المحافظة، والتي وفرت الدواء إلى 12 مشفى في المدينة بالإضافة إلى المراكز الطبية في أرياف تعز، بحسب ما قاله المدير التنفيذي لائتلاف الإغاثة الإنسانية في تعز، أمين الحيدري، لـ"العربي الجديد"، مشيرا إلى حصول المشافي الرئيسية على نسبة 35% من الكميات الموزعة مثل مستشفى الثورة الحكومي ومستشفى الروضة الخاص، في حين كانت أقل نسبة تم توزيعها هي 2%، وبلغت القيمة الإجمالية لما تم توزيعه من أدوية ومستلزمات طبية 1.262.312.775 ريالا يمنيا أي ما يعادل5.049.251 دولارا أميركيا، وفق ما جاء في التقرير الختامي الصادر عن ائتلاف الإغاثة الإنسانية في تعز نهاية عام 2016.
ويؤكد عضو اللجنة الطبية العليا، عبد الرحيم السامعي، أن دور اللجنة ينحصر في تحديد النسب المقررة للمشافي والمراكز الطبية، في حين تولى ائتلاف الإغاثة الإنسانية توزيع الأدوية، وفق آلية تتمثل في نسبة استقبال المستشفى للحالات الجراحية واستمرارية العمل في المستشفى ونوع التخصصات الجراحية الموجودة بها، ووجود أقسام العناية المركزة وحجم المديونية بالنسبة للمسنين.
المصدر العربي الجديد
الصور بعدسة المهندس عبدالباقي البهرمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق