اخر الاخبار

عبدالله الأشول... القابض على جمر المسؤولية




عمار الأشول*
_________&

وجد نفسه يتيم الأب، وبدلاً من أن ينكسر؛ كسر الحواجز وتخطّى الصعاب، ليبلغ المدى بروح عصامية انطلقت من الصفر إلى القمّة. صوته الجهوري لا يختلف عن زجيل معنوياته وهدير إصراره. رسم حياته ببنانه، ونقش مستقبله بكفيه، مستخدماً عَرقه المنهمر من سماء كفاحه لإضفاء الألوان والجماليات الحياتية، ليصبح اليتيم مسؤولاً عن أهم الملفات الأمنية وأكثرها حساسية في اليمن.

شهد العام 1958 ميلاد عبدالله الأشول، في قرية «بيت الأشول»، لأسرة تمتهن الزراعة، وتحترف صناعة الرجال، فبالرغم من الأوضاع الصعبة التي عاشها في بداية حياته، نتيجة فقدانه لوالده وهو في أحشاء أمه؛ إلا أنه أستطاع أن يكون ابناً باراً بأبيه، وبأمه، وباليمن.

درس في مدرسة الأيتام، التي تخرّج منها عُظماء اليمن، تدرّج فيها، وحصل على الشهادة الأساسية، وحصد بعدها الإعدادية، لينتقل بعد ذلك إلى أرقى المدارس الثانوية في اليمن «ثانوية جمال عبدالناصر» (مدرسة المتفوقين)، وخلال هذه المسيرة التعليمية في أمانة العاصمة، كان ابن الريف يعمل في أوقات فراغه لتغطية قوت يومه، وسد أحتياجات أمه، التي كانت تراقب من على الجبل، صعوده السريع وتبتسم، ويبادلها والده من السماء، بابتسامة أعرض.

إلتحق عبدالله الأشول، بكلية الشرطة عام 1982، وتخرّج منها عام 1985، ليصبح رجل مخابرات، وقبل تخرّجه، وعلى مدى أربعة أعوام، كان يدرس خمسة أيام ويعمل يومين في الأسبوع. العمل والعلم شعاره، من الابتدائيّة حتى تخرّجه من الكليّة.

بدأ مشواره الجديد، كضابط مخابرات في أقوى جهاز أمني في اليمن «جهاز الأمن السياسي»، عمل فيه منذ تخرّجه 1985 حتى اغتياله 2012، وخلال تلك الفترة، تحمّل العديد من المهام والمسؤوليات، وحصد الكثير من الأوسمة والشهائد، وأمسك أكثر بالمفات الشائكة. كان آخر منصب له هو «رئيس المركز الأمني الثاني في جهاز الأمن السياسي».

في سبتمبر عام 2012 أحبطت الأجهزة الأمنية، وللمرّة السابعة، محاولة اغتيال وزير الدفاع الأسبق، محمد ناصر أحمد، في العاصمة صنعاء، وكان المتهم في كل هذه العمليات «تنظيم القاعدة»، هذا الملف الشائك والمعقّد، أحد الملفات التي تولّاها عبدالله الأشول، ليتلقّى في خضم ذلك سيلاً من التهديدات.

وعلى الرغم من أهمية هذا الملف، إلا أن هناك ملفاً سبقه بأربعة أشهر، كان أكثر تعقيداً وأعظم حساسية، وبالطبع، فقد أُلقي على عاتق الأشول، وكان من أهم مسؤولياته؛ إنه «ملف السبعين»، تلك المجزرة التي راح ضحيتها أكثر من 120 جندياً من أبناء الأمن المركزي، أثناء قيامهم بعمل بروفات لإحياء احتفال عيد الوحدة، وتبنّاها، فيما بعد تنظيم «القاعدة».

تحمّل العميد عبدالله الأشول، هذه المهمّة بكفاءة، وكلّما أمسك بخيط من خيوطها، تلقّى تهديداً عبر هاتف المنزل أو هاتفه الخلوي، وعند كل تهديد كان يرد: «الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ».

في 24 سبتمبر من العام 2012، وأثناء خروجه من جامع المقبلي في العاصمة صنعاء، بعد صلاة العشاء، سمع صوتاً من خلفه ينادي: «فندم عبدالله»، ردّ قائلاً، كما يرد العسكر عادةً، «أخي»، فباغتته طلقة غادرة من كاتم صوت، فرّ بعدها القاتل هارباً على دراجة نارية حاملاً خيبته، ليترجّل الفارس، ويرتفع اسمه إلى عنان السماء. 

المصدر موقع العربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016