اخر الاخبار

فتيات يمنيات



  
قصة قصيرة /جمال حيدره
~~~~~~~~`~~~~~~~

القاهرة -٢-٢-٢٠١٧م  
________________


كان الليل في منتصفه حينما دخلن تلك (الكافيه) كسرب حمام بدت للوهلة الأولى  ملامحهن اليمنية بوضوح، ترتسم على شفاههن ابتسامات خجولة، ادلفنا بدلال زائد وبخطوات واثقة وكأن كل واحدة منهن بلقيس.. كان المكان قد بدأ ينفض من بنات جنسهن -لتقدم الليل- ولذلك كانت دهشته كبيرة..

لم يكن بحاجة لدليل أكبر من ملامحهن على التحقق من انهن مواطناته ومع ذلك عزل أذنيه عن كل ما حوله وبدأ يسترق السمع من المكان الذي هبطنه.. طاولتان فقط تفصل بينه وبينهن؛ صديقه الذي كان يدير للباب ظهره متشاغل بتلفونه في حين بقى هو في مواجهة مباشرة مع مفاجأة بطلاتها سبع فتيات يمنيات جلسنا بشكل دائري حول عدد من الطاولات الصغيرة..

بدأن يصببن إلى أذن ذلك النادل طلباتهن في الشيشة بنكهاتها المختلفة والمشروبات الباردة والساخنة باللوانها المختلفة أيضا غير أن ما كان موحدا هي تلك اللهجة التي تسربت إلى وجدانه وقلبه كنسبم معطر بذكريات قديمة، وربما ذكرنه بحبيبته التي تشبه واحدة منهن إلى درجة تتجاوز الأربعين من الشبه المتعارف عليه..

كانت اصواتهن مرتفعة نوعا ما، وربما سكون المكان جعلهن كذلك وباستثنائه هو لن يفهم أحد من الموجودين فحوى الحديث المتجاذب بينهن تتخلل تلك الأحاديث ضحكات خفيضة ومؤدبة، كما لو أنهن كنا يتبادلن طرائف الحرب والسياسة والمعاناة التي يعيشها أهلهن في الوطن حتى أن واحدة منهن كانت تلقي عليهن جديد مواقع التواصل الاجتماعي، يضحكنا دفعة واحدة، فيتشقق عقله نصفين نصف مستنكرا ونص مرحبا؛ فأما الاستنكار فيجتره من أعماق ثقافة وتقاليد بلده التي لم تعتاد جلسات نسائية مثل هذه وفي وقت متأخرا من ليل مدينة ليست بمدينتهم؛ فأما الترحيب فيستمده من أجواء المكان ومن أحلام التحضر والمدنية التي هتف بها ذات يوم مع الجموع في ساحات وميادين ثورة الشباب ومن ثقافة المدينة التي باتت ملاذا آمنا للملايين من مواطنيه..

كان يرد على بعض استفهامات روحه مرة لصالحهن ومرة ضدهن حتى وصل إلى قناعة بأنهن شابات مثلهن مثل مئات الشباب ومن حقهن أن يهربنا كما يهربون من أوضاع نفسية سيئة إلى لحظات كتلك التي يستمتعن بها الآن..

هو نفسه جاء إلى ذات المكان لكي يروح عن نفسه ويستمتع بليلة تسبق فجر الجمعة؛ وهي يوم اجازته؛ فما الضير إذن في أن يكنا مدفوعات بنفس الرغبة ثم ما الفرق بينهن وبين الفتيات الأخريات من جنسيات عربية مختلفة اعتدنا ولوج المكان مع شباب ويحظين بنظرات إعجاب لا استنكار..

الساعة الثانية ليلا والوضع على ما هو عليه ولا مؤشرات لقرب مغادرتهن وسط أجواء من الانبساط والاستمتاع بما تبقى من وقت للفجر ، أما هو فبدأ في الدقيقة الأولى ما بعد الساعة الثانية في قراءة رواية (الخيميائي ) لباولو كويلو وهذه الرواية كان قد اقتناها مؤخرا وظلت بيده تنتظر فسحة من وقته، قال سأمضي الساعة القادمة في القراءة وانتظر نهاية هذه الليلة وأمر تلك الفتيات المذهلات، وكعادته أشغل من تلفونه أغنيته المحببة(يقولوا لي نسي حبك وليش تجري وراه ) للفنان المرحوم احمد يوسف زبيدي وراح يلتهم بنظره أول صفحة..

وما أن بدأ صوت اغنيته يشق طريقه بين الدخان باتجاههن حتى خُفضت الأصوات وساد التهامس فيما بينهن، صاحب ذلك نظرات دهشة تشبه نظرات دهشته لحظة دخولهن، وفهم لتوه أنهن فهمنا مؤخرا أن من يجلس على مقربة منهن هو واحد من البلد، استشعر ذنبه وقد أصبح مصدر قلق للحظات الجميلة، فقام يلملم اشياءه بسرعة وغادر هو وصديقه المكان؛ لا لشيء سوى حرصه على أن تكتمل السهرة كما أردنا هن أن تكون..

مضى وهو يحدث نفسه هل يصلح أن تكون هذه الليلة عنوانا لقصة قصيرة قابلة للنشر وكان الجواب نعم غير أن ما كان يود أن يقوله لهن ما يزال حبيس صدره، وملخصه بأن ما اقدمن عليه أمرا عاديا جدا وليس فيه عيبا أو نقيصة وقد كن في غاية التشريف له أو لأي  مواطن آخر  من ذات البلد،، وقد يكون انطباعه ذاك عنوانا لقصة قصيرة أخرى..

~~~~~~~~~~~~
ملاحظة.. كنت مترددا في نشر قصتي خشية أن تفهم في إطار خاطئ، لكن هي أولا وأخيرا رسالة لتصويب نظرتنا تجاه المرأة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016