اخر الاخبار

كاتيوشا..واليتيمة"4"



قصة_ ناجي ناجي


        


عاشت الجمهورية..
تسقط الجمهورية الملكية ..
تسقط الملكية

يجلس زكريا في الزاوية المقابلة للباب وبجواره تجلس فاطمة، وفي الجهه المقبلة يجلس غالب وزوجته يتناولا قصبة المداعة، والأربعة يتبادلون أحاديث البيت والسوق والجيران على ضوء اللمبة الكهربائية وقرقرة المداعة،  كانت الأسرة بالشقاء والفقر تتمتع بالسعادة والرضا، وهدوء البال وراحة النفس، في سويعات أول الليل تلتم فيها الاسرة، يتسامرون، ولا يخلو الأمر من مشادة كلامية بين زكريا وفاطمة في الأمور السياسية، كان غالب ينظر إليهما باسما، ثم ينظر إلى زوجته وهو يهز رأسه بالرضى والاعتزاز،  تغمره السعادة، فيحمد الله، ثم يفز من مجلسه، فيفز الاخرون معه إلى عجينه الحلاوة، بعدها يذهب إلى النوم، وتستمر فاطمة وزكريا، في مطالعة دروسهما.
       *****

في صنعاء نزل الرائد وعبدالكريم، كل منهما عند اقربائه، وكان في الصباح  يلتقيان في ميدان التحرير، ثم يمضيان 
إلى مكاتب ودواوين الوزارات، يتناولان الغداء وياخذان مقيلهما عند أحد الوجهاء المطلوبين  لتنفيذ مهماتهما، وكان قد مضى على وجودهما عشرة ايام من شهر يناير 67، وقد قاربت المهمة من الانجاز، كانا في انتظار بعض الاجراءات، ود الرائد محمد أن يقوم بزيارة خاصة لإحدى الخبازات، لا يحب أن يكون معه الصهير المرتقب، راح يبحث  في عذر، قال: غدا في الصباح، سأذهب في زيارة زميل قديم قعيد في منزله، وعند الساعة الثانية عشرة سنلتقي  في هيئة الاركان.

رحب الأخر بالفكرة، خصوصا أنه كان يفكر بأن ينفرد بنفسه غدا لنفس الغرض ولا يرغب أن يعلم به الرائد، فقال مؤيدا: لم يبقى أمامنا سوى الانتظار.. إذا من الأفضل أن نلتقي عند الساعة الثانية عشرة ظهرا
                    *****

عند الساعة الثانية عشرة، إلتقيا، كانت الاجرائات المنتظرة قد استوفت، وقف عبدالكريم مشدوها وهو ينظر إلى الأوامر الصادرة غير مصدق، فقال له الرائد: شفت.. يكونوا يسار.. يكونوا يمين.. هي بنا ولنا.
أخذا قاتهما وتناولا غدائهما عائدان إلى تعز.
            *****

عاد الرائد وعبدالكريم من صنعاء بأمرين، يقضي الأول بتعيين  محمد حسين نائبا لقائد لواء تعز، وترقيته إلى مقدم، والثاني  يقضي بتعيين عبدالكريم عبدالله عامل صبر.
         *****

دبت الحياة في المنزل الذي عُرف  بالسكون، وبدأ يتقدم إلى  الواجهة، بعد أن ظل غائبا مايقارب العشرون عاما، وبدأ الناس يؤشرون نحوه،(بيت عامل صبر)، واخرون يحملون كلاوت القات والكباش المقودة المرسلة إلى العامل من وجهاء المنطقة، ومع بدايه فيراير 67، كانت الترتيبات تجري على قدم وساق، لاستلام العامل العمل، فمن دار النصر ارسلوا البغلة، وربطت في باب بيت العامل، وفي اليوم المعلوم، ركب العامل فوق البغلة، يقودها سائسها ويلحقها عسكري العامل ويتبعه أصحاب القضايا، من أبناء المنطقة، سارت البغلة في الممرات الضيقة حتى وصلت إلى وادي المدام، ثم واصلت صعودها (في منطقة السواني)، ولصعوبة الطريق، اضطر العامل للنزول من ظهر البغلة وصعد مشيا على الاقدام حتى المجلية ثم ركب فوق البغلة والالتفاف خلف القصر الجمهوري، وصولا إلى  الدمغة، ثم الالتفاف في الجبل حتى دار النصر في صبر.

كان في استقباله خارج القصر كبار القوم، كان القصر بطوابقه الثلاثة، يحمل هيبته من ماضيه أما بنائه فقديم ولا يختلف عن بيته في المدينة بشيئ يذكر، وكانت ملحقاته زريبة الخيول ومخزن اعلاف وغرفة حراسة وبركة المياه، وبين القصر وملحقاته ساحة مرصوفة بالحجارة السقولة وحول القصر وملحقاته حائط ببوابة كبيرة. 
                *****

وبعد شهرين ونيف، اعلن عن زفاف المصونة(خديجة) بنت المقدم محمد حسين، على الشاب الخلوق عامل صبر السيد عبدالكريم عبدالله، جاء ظيوف الاسرتين من صنعاء، وهبية زوجة علي حسين وهو الاخ الاكبر للمقدم، وكريمة زوجة حميد رشوان، وهي اخت عاتكة، اقامت أسرة الفتاة حفلة الغسل، وفي اليوم الثاني خرجت الفتاة من بيت والديها بزفة حملتها سيارة، طافت بها المدينة واوصلتها إلى  بيت الزوجية.

وفي ثاني أيام العرس كانت النساء القادمات قد انسجمن مع النساء المقيمات، زالت التوترات، وهدات الاعصاب، وتبسطت النفوس، خاصة بين وهبية(زوج الأخ الأكبر للمقدم محمد حسين، القادمة من صنعاء)، وبن رضية(زوج محمد حسين)، اللتان لم تلتقيا إلا مره واحدة، كانت يوم عرس رضية، بعدها انتقلت رضية إلى تعز بحكم عمل زوجها في تعز، أما وهبية وعاتكة(والدة عبد الكريم)، فشيئ طبيعي أن يكون بينهما شيئ من التوتر لعدم المعرفة السابقة من ناحية، ومن ناحية اخري اعتادت عاتكة ان تسيطر على ما حولها وشعورها الدائم بعلو مكانها منحها الثقة بنفسها، وحين إلتقت بوهبية، رأتها في غاية الجمال، شديد البياض المشرب بالحمرة، كأنها قطعة رخام دافئة، ممشوقة القوام كأنها بنت الثلاثين، ممتلئة غير متهتكة، كل ذلك جعل عاتكة متحفزة لمواجهة أي غطرسة تبديها القادمة من صنعاء، لكنها فوجئت بغير ذلك، راتها غير الذي ظنت، مهذبة اللسان، رقيقة الطبع، تشيع على من حولها دفئاً بارد، فسرعان ما تقاربت النفوس إلى مودة وانسجام، وحين حلت ساعة المرواح، فظلت وهبية المبيت عند عاتكة، وطول الوقت راحت تلاحق زهرة(أخت عبدالكريم، ذات العشرين عام) بنظرات اعجاب، ثم راحت تناديها وتجلسها بجوارها، تمسح علي ظهرها وتقبل راسها قائلة: لقد أحببتك من أول نظرة، إن شاء الله تكوني من نصيبنا.

راحت كريمة هي ايضا تتنافس مع وهبية في التودد لزهرة، حتى ايقنت عاتكة بأن الأمر سينتهي بزواج الفتاة إلى أحد أبناء  وهبية، أو أحد أبناء أختها كريمة.

وفي اليوم الثالث والرابع، في بيت العريس جرى الأمر نفسه مع غالية بنت محمدحسين، رفع تفائل رضية بدنو زفاف غالية.

وفي اليوم الخامس، رحل الضيوف، وبقت القلوب معلقة علي ما ستإتي بها الايام
.                   *****

رغم كأبة يونيو67، التي أصابت المجتمع التعزي ، إلا أن الأصدقاء وأبناء الحارة والمعاريف، قد شاركوا الأسرتين أفراحهم رجالا ونساءً، كبارا وصغار، بما يقتضيه العرف والتقاليد، فزكريا صاحب إبراهيم مع بعض فتية الحارة، ترحيبا بالضيوف وتلبية حاجاتهم، ومؤانسة للعريس وأهل العريس والعروس.
              *****

ولم تمضي سوى أسبوعين، حتي أعلن عن زواج زهرة عبدالله، على الشاب علي بن على حسين، وزواج  غالية محمد حسين، على الشاب يحيى حميد( ابن خالة عبدالكريم)، فكما أن الحزن يجر خلفه حزنا، فإن الفرح يجر خلفه فرحا، فكان تعليق زكريا غالب  في بوفية الزاوية:
-طبعا.. يبدو أن هناك ترتيبات.. تستلزم.. تحالفات جديده.. وإحياء تحالفات قد يمه لأمرٍ ما.. جدع قصير أنفه.... يتبع الحلقة الخامسة..

نهاية Nagee Nagee  نوفمبر2015


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016