اخر الاخبار

خيارات الحرب... خيار السلم



هشام محمد
________


تقوم الحروب بين الدول على أربعة دوافع رئيسية: هي الأمن والمصلحة والمكانة والانتقام.

ومع أن هناك أسباباً أخرى، إلا أن منظري السياسات الخارجية، كريتشارد ليبو، يرون أنه لا يمكن التعرف على اتجاهاتها.

تتغير دوافع الحرب الدولية بتغير وتطور مفاهيم ودلالات السياسة الخارجية للدول.

وكما يرى ليبو، صارت الحروب المباشرة أكثر محدودية بالرغم من أنها حرضت على المناورات العسكرية أو صدم سفن أو احتلال أراض متنازع عليها، إلا أنه يعتقد أن الدول صارت حريصة على تجنب المواجهات التي تسفر عن خسائر بشرية، وأصبحت الحروب غير دموية، نتيجة لتغير آليات الحرب من المواجهات المباشرة إلى ميادين جديدة، كالهيمنة الإقتصادية والبحرية والمعلوماتية.

ولذلك رأينا دولاً تنشئ أو تدعم منظمات عابرة للحدود تنشط في مجالات متعددة، تستخدمها لنشر توجهات محددة، وتمارس الإحتجاجات السلمية ضد سياسات دول أخرى، ونحن - أيضاً - نشاهد نوعاً من تلك الحروب الحديثة المتمثلة في المطالبة والمطالبة المضادة، التي صارت - وفق ليبو - "القاعدة في المناطق التي تتسم اقتصادات دولها بكونها مترابطة على نحو متزايد".

ما تطرحه أطراف الحرب هو مبررات ودوافع متعددة لاستمرارها، وعلى النقيض من ذلك، تكون آليات ودوافع حروب القرن الثامن عشر كالهيمنة والانتقام والمصلحة هي التي تتسيد واقع الحال في اليمن، كنموذج لدول العالم الثالث ذات الإقتصادات الهشة.

فتتعدد الدوافع وخيارات الحرب في البلد المنهك، تبعاً للطرف المشارك فيها.

فالشرعية لها دوافعها، وتحالف صالح - الحوثي له دوافعه، كما أن لدول "التحالف" دوافعها التي تربطها على مستويين، محلي واقليمي.

غير أن أجندة تلك الأطراف تخلو من أي دوافع تجاه أي خيارات حقيقية - إن وجدت - للسلام، ليس لغياب أو عدم إدراك تلك الأطراف للدوافع التي يمكن أن تضع السلام خياراً رئيسياً، بل لعدم رغبتها في أن تظهر - عملياً - كطرف يدعو للسلم دون تحقيق مطالبه، كون ذلك سيعتبر انكساراً من طرفه هو، ولا يختلف الأمر حتى وإن كان متقدماً في الميدان، لأن العقلية الإقطاعية ما زالت تتحكم بالمصير السياسي وتقود الحروب بناء على ذلك، وتمارس السياسة أيضاً.

إن المؤشرات الكارثية التي يتجه لها الوضع في البلد، لهي أكبر دوافع السلم في اليمن، للحفاظ على ما تبقى من مظاهر الحياة الإنسانية.

وهو الدافع الذي يغيب عن أجندة أطراف الحرب، وبمقدوره أن يتغلب على مبررات الحرب ودوافعها، إذا استيقظ الحس الإنساني.

ففي الوقت الذي ترتفع فيه مؤشرات الإنهيار الشامل لمقومات الحياة الهشة، ويرتفع فيه النداء الإنساني، وتتكالب الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية، من مجاعات وتفشي أوبئة، وعمليات قتل جماعية للمدنيين بفعل الحرب، سواء من قبل طيران "التحالف" أو مدفعية وقذائف الحوثيين وصالح، أو انتشار لعصابات السطو المسلح والنهب، وتضافر لمؤشرات الفشل الإقتصادي، وانهيار لسعر العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، وانهيار للطبقة المتوسطة الدخل نتيجة العجز عن دفع رواتب موظفي الدولة أو توفير السيولة النقدية للسوق المحلية، وهي دوافع حقيقية لإيقاف الحرب وطرح التنازلات، يتم تجاهلها.

في مقابل ذلك، لا نجد أي مؤشر إيجابي قد يطمئن إلى استمرار الحياة العامة.

إن ما تطرحه أطراف الحرب - بغض النظر عن حمل صفة الشرعية أو الإنقلاب - هو مبررات ودوافع متعددة لاستمرار الحرب وتعدد خياراتها، وفق وجهات نظرها المتباينة، ولا يوجد مقابل ذلك أي خيار مطروح يبنى عليه لدفع عملية سلام قد تكون ممكنة في الوقت الحالي.

ونظراً لهيمنة القرار الخارجي في اليمن على الأطراف، فإن الخيار الوحيد الذي يمكن التعويل عليه لفرض سلام حقيقي أو هش هو اتفاق اللاعبين الدوليين في البلد.

 نقلا عن العربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016