اخر الاخبار

كاتيوشا.. واليتيمة"6"



قصة_ ناجي ناجي
______________

عاشت الجمهورية..
تسقط الجمهورية الملكية..
تسقط الملكية


خرج العقيد وابن أخيه(زوج زهرة) وصهيره(زوج ابنته غالية) إلى الميدان صباح يوم الإثنين 29من نوفمبر 67، باتجاه باب الكبير، يرافقهم ابراهيم عبدالله، وكان العقيد يجيب على من يسأله عن سبب زيارته لتعز، أن إبنته (زوجة العامل) مريضة وأن أمها أصرت على زيارتها، وحين يُسأل عن صنعاء، كان يجيب، بأنها بأيدي أمينة.
            *****

لم يغب العقيد عن تعز كثيرا، كان قد نقل منها إلى صنعاء قبل خمسه أشهر، ها هو يعود إليها  في أواخر نوفمبر67، جاء العقيد بالأمس من صنعاء مع زوجه وإبنته غالية وزوجها وأم زوجها(كريمة)، وكذا، ابن أخيه وزوجه( زهرة) وزوج أخيه(وهبية)، إلى تعز، ونزل الجميع في بيت العامل.
        *****

 تجاوزوا باب الكبير ومضوا في شارع 26سبتمبر، كان في مقهى الابي نقاش ساخن بين بعض رواده من طلبة مدرسة الثوره الثانوية، والحقيقة إنهم كانوا من القلق والخوف حدا بالغا، من أن يؤدي حصار صنعاء إلى سقوط الجمهورية وعودة الملكية، كان متناغما مع الشارع السياسي التعزي، الذي سبق وقام بتعبئة الشباب وإرسالهم إلى صنعاء للذود عنها، قال أحدهم:
- إنضم الشباب من كل المحافظات.. من الحديدة وتعز وإب والضالع والبيضاء ولحج وعدن وابين، إلى المقاومة الشعبية، أخذوا على عاتقهم مسؤلية الدفاع عن صنعاء إلى جانب القوات المسلحة.
قال أخر:
- الامر في غاية الخطورة، طالما وكبار المسؤلين المدنيين والعسكريين قد فروا من صنعاء، هروبا من الملكيين المحتمل انتصارهم.. فهذا يعني أن الأمر خطير.

كان زكريا غالب، صامتا حتى سألوه عن رأيه، فقال:
- أعتقد أنه بعد خروج القوات المصرية، أصبح لزاما على القبائل التى حاربت الجمهورية تحت اسم الملكية، هذه القبائل ليست ملكية، بل مع جمهورية القبيلة السياسية، إتفقت مع كبار عكفتها، لافتعال حدث ما.. وليكن حصار صنعاء،
ويهدف إلى:-
1- إعلان إنتهاء الملكية

2- إرهاق الضباط الصغار الصاعدة شوكتهم، تمهيدا للقضاء عليهم. وبهذين، تتمكن جمهورية القبيلة السياسية من إحكام قبضتها على السلطة بدون منازع، استكمالا لانقلاب 5نوفمبر، لذا لن تسقط صنعاء ولن تعود الملكية.

قاطعه زميلا غاضبا قائلا:
- ما هذا الكلام السطحي والسخيف!!
أجابه بصوت هادئ:
- أعلم أنك مقتنع بكلامك، لكن لماذا لم تذهب وتقاتل؟؟.. ونرتاح من شططك.

أخذ كوب الشاي وجلس وحيدا في الطاولة على الرصيف، أمامه مدرسة ناصر، وخلفه مدرسة الثورة الابتدائية، في تلك اللحظة، كان العقيد ورفاقه يمرون من جوار المقهي، تصافح زكريا معهم، واحتلق الطلبة حولهم، يسألون العقيد عن حصار صنعاء، فقال:
- حتى لو حوصرت.. فلن تسقط.. إنها بيد أمينة.

ذهب العقيد وخبرته، وعاد زكريا إلى مكانه، أما الطلبة فقد إهتزت الصورة أمامهم من كلام العقيد، كيف أنه لو حوصرت.. فلن تسقط!!، فإذا كانت لن تسقط، لماذا فر كبار المسؤلين المدنيين والعسكريين منها، ومنهم هذا العقيد الفار!!

ذهبوا إلى زكريا، يسألونه، فقال:
- لقد أجبت عن أسألتكم الأولى، أما الأخير من وجهة نظري، أن فرار الكبار، هو الخوف من الرصاصة الطائش.
              *****

واصل العقيد وخبرته طريقهم  صعودا عقبة العرضي،  ثم انعطفوا إلى مبنى قيادة لواء صنعاء للسلام على الزملاء ومعرفة التطورات في صنعاء التي غادروها بالأمس صباحا، وهناك علموا أن الحصار قد استكملت حلقاته في الليلة الماضية، وما سمعه من  الطلبة كان صحيحا، فحمدوا الله أنهم خرجوا قبل ذلك.              
           *****

 إزدحم المنزل بساكنيه وضيوفه، كان العقيد وابن أخيه علي بن علي وصهيره يحيى حميد، في دخولهم، يطرقون الباب الخارجي (طريق.. الله الله طريق)، فتتقافز النساء إلى الغرف يفسحن الطريق للقادمين، فيدخلون الغرفة المعدة لهم ويغلق الباب عليهم، ولا يمر وقت حتى يعلو صوت أحدهم من خلف الباب (طريق.. الله الله طريق)، مستأذنا الذهاب إلى الحمام، وعند خروجه من الحمام يرفع الصوت معلنا الخروج (طريق.. الله الله طريق)، كان وضع الجميع محاصر من الجميع، أشد من حصار القبائل على أهل صنعاء، حتى قامت عاتكة ورضية بإعداد الغرفة المجاورة لغرفة إبراهيم في المطرح الأول، فتنفس الجميع الصعداء.
           *****

في صباح الأربعاء، جاء العامل.. كعادته من مقر عمله في دار النصر، وظل في المدينة إكراما للضيوف، وفي الزحمة.. رأى غالية مرة واحدة كلمحة برق، كانت كافية لإستعادة ما كان في خاطره، فبرق لها قلبه الذي كان يشتهيها، بَرْقَة أضائت زاوية عميقة كشفت عن شجرة عامرة، وهو الذي كان يظن أن تلك النبتة قد ذبلت وسحقها النسيان، ها هو اليوم يراها شجرة مزهرة وارفة الظلال، فينظر إلى ابن خالته، فيقول في نفسه: (سبحان مقسم الأرزاق)، كان يراها قبل حجبتها وبعده، وبعد الزواج ومغادرتها، لم يرها إلا هذه اللمحة، والحقيقة أنه وأمه كانا يريدان غالية، وتكلمت عاةكة مع رضية على غالية، لكن العقيد رفض ذلك رفضا قاطعا ومقنعا، إذ لايجوز أن تتزوج الصغيرة قبل الكبيرة، فأقتنعت عاتكة وأبنها وتحولت الأنضار إلى خديخة، وكان ما كان.
                  *****

هلّ شهر فبراير، انكسر الحصار، فعاد إلى صنعاء  كبار المسؤليين ومتوسطيهم، مدنيين وعسكريين، وكان لزاما على العقيد العودة إلى صنعاء، لكن النسوة المستمتعات باللمه، طلبن البقاء ولو لشهر اخر فقال محتجا:
- سنسافر غدا جميعا، ولن نترك صنعاء لأولئك المخربين.
إحتجت زهرة قائلة:
- قلتم عنهم.. مجانين، ثم.. أيدي أمينة.. اليوم قدهم.. مخربين!!.
- يابنتي.. لكل يوم شمس وريح.
                   *****

وفي صباح اليوم الثاني، غادر الجميع إلى صنعاء.
        *****

ما كان يشغل عاتكة في تلك الفترة هي تأخر حمل خديجة، وأعادت ذلك إلى عدة أسباب أهمها ربما يعود إلى تباعد الزوجين.. فهو في مقر عمله وهي في المدينة، لذا، أشارت على إبنها أن يأخذ زوجه معه، كانت بوادر الصيف قد لاحت مع بداية مارس، أرسل العامل البغله وربطت أمام بيت العامل، وبعد شروق الشمس، إمتطت خديجة البغلة يقودها سائسها وخلفها حامل أمتعتها واحد عساكر الناحية، سار الموكب بإتجاه وادي المدام صعودا منطقة السواني وصولا إلى الدمغة، وهناك أخذت قسطا من الراحة، ثم واصلت رحلتها صعودا إلى دار النصر، سارت خديجة تغمرها الفرحة لأسباب عدة منها إنها فرصة للإختلاء بزوجها، وهي فرصة لم تتوفر في بيت المدينة، كما إنها فرصة للتعرف على مكان جديد وأجواء جديدة، وهي ايضا فرصة لرؤية المدينة من علو، كل هذا جعلها تقبل على الرحلة متحملة مشقة السفر.... يتبع الحلقة السابعة>>>

نهاية نوفمبر 2015.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016