هشام محمد
تعرف الحرب العادلة بأنها " تلك الحرب المحدودة التي تجري وفقا لجملة من القواعد، الموجهة قدر الامكان الى الحد من استعمال العنف والإكراه تجاه السكان العزل"..
بعيد عن نظرية الحرب العادلة التي انطلقت في سبعينيات القرن الماضي بشكلها الفلسفي، مع اصدار مايكل وولزر كتابه حروب عادلة وغير عادلة؛ ودار حولها جدل مازال قائما إلى اليوم، وبشكل مبسط طرحت نطرية الحرب العادلة لاتاحة تدخل دولة في دولة أخري وشنها حربا ترى أنها عادلة وفقا لعدد من الضوابط كمنع حدوث مجازر وابادات جماعية إلخ.. وهو مافتح باب الجدل واستغلال ذلك من قبل بعض الدول التي وجدت لها أطماع في دول أخرى.. وهذا با جدل كبير لسنا بحاجة إلى الدخول فيه.
وبعيدا عن النطرية الفلسفية والجدل الدائر حولها، نهتم نحن بواقع الحال، أو بالسؤال المُلِحْ متي يمتلك أفراد المجتمع حق التمرد على قرارات السلطة المهيمنة بغض النظر عن اعتراف المجتمع بشرعية السلطات او لا، كما هو واقع الحال، بمعنى آخر متى تصبح الحرب ضد الدولة عادلة بالنسبة للمجتمع ..
من المعروف أن " الدولة " هي نتاج عن توافق اجتماعي "دستور" يحدد فلسفة الحكم وطريقة تولى السلطة وانتقالها، والتوزيع العادل للسلطة والثروة، وآليات العملية السياسية التي تحدد صلاحيات السلطات التي تقوم بمهام الإدارة المجتمعية، وفقا للضوابط المتفق عليها، وتتكفل الدولة ككيان وكمؤسسات بحماية الوطن والدفاع عنه وعن مصالحه والدفاع عن مواطنيه وحمايتهم..الخ، وعندما تهيمن إحدى القوى السياسية على مقدرات الدولة، وتصبح الدولة؛ كمؤسسات؛ مرتهنة لهذه القوة المهيمنة، وتصبح مقصورة على مصالح الفريق المهيمن، ويتم استغلال مقدرات الدولة لتكريس الهيمنة للسلطة، وتخرج بها عن الشرعية الدستورية المتفق عليها، فإنه يصبح جزء من المجتمع متضررا بشكل مباشر، وبالتالي فإن كلمة دولة لم تعد تعني الجزء المتضرر من المجتمع، ولايشكل وجودها أي أهمية له، فالمصالح التي تخصه أصبحت متضررة، وهنا من الطبيعي أن يخرج المجتمع ثائرا..
غير أن الانظمة المتسلطة سرعان ما تلجأ إلى استخدام القوة العسكرية لكبح جماح المجتمع الثائر، في تلك اللحظة تصبح مؤسسات الدولة فعليا ترتكب مايقوض وجودها، بالاعتداء على الشعب الذي يفترض انها تحميه، ومادامت تعتدي عليه فلافرق عنده بينها وبين عدو خارجي، ومن هنا تصبح الحرب عادلة من وجهة نظر المجتمع، تصبح عادلة أكثر كلما ارتكبت السلطات المهيمنة على الدولة انتهاكات في حق المواطنين، بل يجد المجتمع نفسه في حرب أصبحت ضرورة ضد تغول الدولة، يدافع به عن الحق في الحياة، والحفاظ على أرواح الأبرياء.
ومن هنا تصبح الحرب عادلة أيضا بالنسبة للدول التي ترى أن جناية الدولة ضد مواطنيها مبررا لأن تقود حربا تمنع فيه ارتكاب الفضائع ضد المدنيين، ومهما كانت مبررات السلطات المهيمنة على الدولة لشنها حربا ضد المدنيين فإن مفهوم الحرب العادلة التي قد تدعيه لن ينطبق عليها، فلامبرر للحروب العسكرية ضد المدنيين، مهما كان رأي السلطات القائمة..
ومن عادة الديكتاتوريات تكرار مصفوفة من الإتهامات لمن ترتكب بحقهم الفضائع لتبرير افعالها؛ حتى وإن كان المتهم هو عامة الشعب الرافض للديكتاتورية والتسلط..
المصدر العربي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق