اخر الاخبار

عقبات تعترض طريق السلام في اليمن بعد عام ونصف من الحرب





صنعاء - أمل اليريسي
 ===========

-أكثر من عام ونصف مر من زمن بدء الحرب في اليمن، دون أي بوادر واضحة لإنهاء الأزمة، والعودة إلى طريق السلام، رغم عقد ثلاث جولات سابقة من المشاورات بين طرفي الصراع، من دون إحراز أي تقدم في مختلف القضايا المطروحة على طاولة النقاش.

ويعترض طريق السلام في اليمن العديد من العقبات، بسبب التمسك الكبير من قبل طرفي الصراع (الحكومة اليمنية من جهة، وتحالف الحوثيين والرئيس السابق، علي عبدالله صالح من جهة ثانية) برؤيتهما الخاصة بالحل السياسي في البلاد.

عقبات تعترض طريق السلام في اليمن بعد عام ونصف من الحرب


وفي الثاني من تشرين أول /أكتوبر الجاري، برز تطور جديد في المشهد السياسي اليمني زاده تعقيدا، بعد أن أقر المجلس السياسي لتحالف " الحوثي وصالح " تكليف محافظ عدن الأسبق، عبد العزيز بن حبتور، بتشكيل حكومة إنقاذ وطني، وهو ما اعتبرته الحكومة على لسان وزير خارجيتها، ورئيس وفدها المفاوض، عبد الملك المخلافي، بأنه" خطوات تصعيدية " تؤكد عدم رغبة الحوثيين وحليفهم صالح بالسلام.


وعلى هذا الصعيد يقول المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي، إن "ذهاب تحالف الحوثيين وصالح، إلى تشكيل حكومة، كذهابهم بوقت سابق في تشكيل المجلس السياسي، والذي يعد هروبا إلى المجهول."

وأضاف التميمي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، أن لجوء الحوثيين وصالح إلى هذه الخطوات، هو من أجل التحرر من الالتزامات التي يتعين عليهم الايفاء بها لإنجاح المشاورات.

وتابع أنهم " شكلوا المجلس السياسي الذي كان سببا في فشل مشاورات الكويت"، مشيرا إلى أن صالح والحوثيين يضعون العراقيل أمام أي تقدم حقيقي، على صعيد الحل السياسي.

وقال المحلل السياسي اليمني، إن تسمية رئيس الحكومة من جانبهم يهدف إلى التغطية على التداعيات الخطيرة لنقل البنك المركزي إلى عدن، الذي قوض سلطة الأمر الواقع في صنعاء فعليا، وقلل إلى حد كبير من مصداقية الحوثيين وصالح، وعرض ثقة الناس بهم في حاضنتهم الاجتماعية إلى هزة كبيرة.

وأعتبر، أن الحوثيين وصالح يريدون أن يبرهنوا بهذه الخطوة أيضا على أنه لا يزال بوسعهم التحكم بمآلات الأحداث، "لكن هذه المحاولة تفتقد إلى المصداقية بعد أن تعاظم الحمل على الناس وباتوا ينزفون دما في الجبهات وأموالا في مراكز التبرعات لصالح البنك المركزي في صنعاء الذي دعا الحوثيين المواطنين إلى التبرع له".

تباين وجهات النظر

ويتبادل طرفا الصراع في اليمن، الاتهامات بشأن عرقلة التوصل إلى حل سياسي للأزمة، باتخاذ قرارات أحادية بعيدا عن التوافق بين الجانبين، كقرار الحوثيين وصالح تشكيل مجلس سياسي أعلى لإدارة البلاد نهاية تموز/ يوليو الماضي، وقرار الحكومة قبل أسابيع نقل البنك المركزي من صنعاء الخاضعة لسلطة الحوثيين إلى مدينة عدن، جنوبي البلاد، وتغيير قيادته.

وفي الرابع من الشهر الجاري، أكد وفد الحوثيين وصالح في المفاوضات في بيان صحفي أن " استمرار غارت التحالف العربي في اليمن يفرض تعقيدات إضافية على مسار المفاوضات ويتسبب في عرقلته، ويؤكد عدم رغبة وجدية دول التحالف والقوات الحكومية اليمنية في السلام".

وأضاف البيان أن" أي مباحثات قادمة يجب أن تعتمد على مقترح لحل شامل وكامل من قبل الأمم المتحدة تقدمه مكتوبا بصورة رسمية كأرضية للنقاش، على أن يتضمن كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية والإنسانية وفي مقدمتها وقف ما وصفه /العدوان/ ورفع الحصار والتوافق على مؤسسة رئاسية جديدة تعنى بإصدار قرار تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية، باعتبار ذلك يمثل جوهر الحل في الجانب السياسي ، مشيرا إلى أنه إذا لم يتضمن المقترح التوافق على مؤسسة رئاسية جديدة فإنه يظل مجرد رؤية جزئية ومنقوصة لا يمكن أن تمثل أرضية للنقاش.

وفي المقابل أكدت الحكومة اليمنية مرارا في تصريحات لرئيس وفدها المفاوض، عبد الملك المخلافي، استعدادها لعقد جولة جديدة من المفاوضات، تحت المرجعيات الثلاث المتمثلة بالالتزام بمخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية والقرار الأممي رقم 2216 الذي يتضمن انسحاب الحوثيين وحلفائهم من المناطق التي سيطروا عليها، وتسليمهم للسلاح.

ويأمل اليمنيون، الواقع معظمهم تحت خط الفقر، بالخروج من الأزمة الحالية التي جعلت أكثر من 80% منهم بحاجة ماسة لمساعدات، وأجبرت أكثر من 3 ملايين منهم على النزوح داخليا، وفقا لتقارير منظمات دولية .

وفي هذا السياق يقول المواطن اليمني ياسر عبد الله " إن الحرب في اليمن أدت إلى خلق أوضاع نفسية سيئة وجانب معيشي متدهور لدى معظم اليمنيين في مختلف المحافظات"، مشيرا في حديثه لـ (د.ب.أ)، إنه لم يكن يتوقع أن تطول الحرب إلى هذه المدة.

وأضاف أن " مختلف الأطراف المتصارعة في اليمن لا تريد الخروج بحل سياسي عاجل للأزمة الكبيرة التي تعصف بالبلاد، لافتا إلى أن" الوضع الراهن، لم يعد بحاجة إلى مزيد من الحرب، فاليمنيون في أمس الحاجة حاليا إلى العودة للسلام والحل، والخروج من الواقع البائس الذي يعيشونه جراء الحرب التي دمرت البلاد، حسب قوله.

" أنا أو الآخر"

من جهته يقول الكاتب الصحفي فتحي أبو النصر، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إن أخطر ما في الحرب الأهلية في اليمن أن كل طرف فيها ينطلق من قاعدة صفرية هي " أنا أو الآخر". وأضاف "إنه وبكل أسف، صور كل طرف لأتباعه أن الحرب في صالحهم، وكل طرف رفع السقف في المشاورات بعد هذا الإحساس الوهمي".

وأعتبر أبو النصر أن " جميع أطراف الصراع في البلاد تهرب اليوم من دفع فاتورة السلم الأهلي في المجتمعات المحلية"، مشيرا إلى أن هناك تمزقا شديدا في النسيج الاجتماعي يحتاج لأرواح سلام قوية وأكثر شجاعة تطرح مبادرات ذاتية تكبر مع الأيام وتضع حدا لانتشار الانتقامات.

واستدرك أبو النصر بالقول "لكن الذين يهربون من هذه المصالحات يرون أن الحرب تمنحهم أفضلية متخيلة"، محذرا من النتيجة الأخطر على الجميع في اليمن، المتمثلة في فشل الحرب وفشل السلام معا.

وقال أبو النصر، " لقد صارت البلاد في مرمى التجاذبات الإقليمية الدولية، وهذا هو الأخطر في ظل ضياع بوصلة السلام الداخلية، مؤكدا في الوقت نفسه "أن الأطراف الخارجية ذات مصالح متضاربة في إبدال وتشكيل موازين القوى لصالحها، فيما أطراف الصراع في الداخل غالبيتهم يعيشون بنظرة براجماتية بحتة كما نعرف".

وأفاد، بأن هناك أيضا تجار للحرب في الداخل، كطبقة تكونت مع الحرب وامتزجت مع طبقة متكرسة، وجلها تتشكل من شلل فساد واستغلال ومصالح صغيرة وأنانية "من تجار وعصابات الحروب، والسوق السوداء واللادولة والتفكك العصبوي، الذين يتغلغلون بين الطرفين".

واختتم حديثه قائلا " لايزال السلام ممكنا في اليمن، إذا توفرت أرواح كبيرة ومتجاوزة تفرض السلام، أما الأرواح المراوغة فلم يعد يثق بها أحد".

يشار إلى أن طرفي الصراع في اليمن فشلا في التوصل إلى حل للأزمة رغم عقد ثلاث جولات من المشاورات برعاية الأمم المتحدة، في مدينتي جنيف وبيال بسويسرا خلال العام الماضي، وفي دولة الكويت التي ابتدأت في الثلث الأخير من نيسان/أبريل الماضي، و أعلن عن انتهائها في السادس من آب/أغسطس الماضي، من قبل إسماعيل ولد الشيخ، المبعوث الأممي، على أن يتم استئناف المفاوضات بمكان آخر خلال شهر، غير أنه لم يتم حتى اليوم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016