اخر الاخبار

للنشيـد الطويـل


مي الصايـغ
----------


للنشيد الطويل الذي يفرغ الآن

رجْع كما النزف... لحناً فلحناً

ولكن وجه المدينة أصفرُ

والغيم يبرأ من لعنة الأرض

مرَّ الزمان سريعاً

وعما قليل سأنفض عني الطريق

وأنزع مني رماد الكلام

أسوّي فساتين أمي التي علقتها

قبيل الرحيل

فلا من معادٍ

أسوّى الأسرَّة

أجمع عنها سهاد الليالي...

وأحلامنا في حشايا الوسائد

أحرق وجداً

أمزق وعداً قديماً

قبيل انتشار الجيوش التي

سوف تغتال أسرارنا في الأزقة

إذ تحفظ الأمن للفاتحين...

   
أخبيء كيساً من الذكريات الحبيبة

كنا نزيِّن فيها هواء البيوت

أهرِّب موجاً صغيراً

يحب المسافة بين المياه وبين الشطوط

ولحناً قديما

(بلاد الجدود عليك السلام)

لعل الذي كان يوماً لنا

لن يكون

.....

أهرِّب صورة (موسى) أبي عن جدار (اللواء)

فما خدّش الوقت لون الجسارة في بؤبؤ العين..

خلف حياد الزجاج

ولن يحتويها الزمان

ولن تعتريها السنين

.......

.....

أصدق أن الزمان تفتت

أن الجدار الذي أسند الروح

لا يعبأ الآن

أن المواقد لا تتذكر خبز الصباح

إذا يعتليها الغياب

ولا تتذكر إنشاد أمي (هند)

لتشعل وجه النهار

ويصعد لحن النشيد دفيئاً إلى الله

في نكهة الشاي

أن المعاني تغادر

و راياتنا تخفق الآن للغاصبين

.....

....

وعما قليل سيأتي زمان

يعري عن الحلم أشواقنا زهرة زهرة

ويمنع شمس النهار بأن تستحم مساءً

على صفحة البحر

يمنع بدر السماء بأن يتسلل من فتحة الباب

يكسِّر فينا غداً لا يجيء

....

وعما قليل يجف الكلام

وتيبس في قلبنا الذكريات

لننسى بأن (اتفاق السلام)

الوداع الأخير لتاريخنا نجمة نجمة

في مدار العصور

وننسى بأنا نغادر فردوسنا

منزلا منزلا

في احتفال المغنين بالرقص فوق القبور

وفوق اليقين

....

....

أما كان حلواً بأن يسكن البحر فينا

ونفتح أبوابنا للرياح

ونأتي كما الغيم نحمل فينا

وعوداً من الخير للقادمين?!

ولم يُبْق هذا السلام سلاحاً لنا

كي نموت على جذعه واقفين

فداءَ شعاع شفيف على شاطيء البحر

عن ظلنا

عن بنفسج صبح المدينة في آخر الصيف

ذعر الهواء البليل

ارتعاش الزنابق تحت الرصاص

نجوم تظلل أرواحنا في الهجوم

فهذا انتحار الحضارة منذ ابن ماء السماء

لآخر زهرة فلّ تفتّح عبر القرون
............

الشاعرة: مي موسى الصايـغ (الأردن).. ولدت عام 1940 في مدينة غزة.. درست الفلسفة وعلم الاجتماع في كلية الآداب ـ جامعة القاهرة.

كرست حياتها للنضال الوطني, وتفرغت للعمل في حركة فتح عام 1968, وأصبحت عضواً في المجلس الثوري لحركة فتح, والمجلس المركزي, والمجلس الوطني لمنظمة التحرير منذ 1973.

شغلت منصب الأمينة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية 1971 ـ 1986.. شاركت في أسرة تحرير (فلسطين الثورة) 1971 ـ 1975.

عضو المكتب الدائم للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي منذ 1975, واتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين.

مثلت المرأة الفلسطينية في العديد من المؤتمرات والندوات العربية والدولية.

كتبت الشعر في سن مبكرة, ونشرت قصائدها ومقالاتها في مختلف الصحف والمجلات العربية.

دواوينها الشعرية: إكليل الشوك 1968 ـ قصائد منقوشة على مسلة الأشرفية (بالاشتراك) 1971 ـ قصائد حب لاسم مطارد 1974 ـ عن الدموع والفرح الآتي 1975 ـ الحصار (مجموعة نثرية شعرية 1988).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016