اخر الاخبار

عدن 27 رمضان.. ذكرى الانتصار



وكالة أرصفة للأنباء: تقرير- وليد عبد الواسع

احتفاء من بين ركام الحرب وثالوث الظلام والحر والخوف



سيظل السابع والعشرين من شهر رمضان الفضيل، عالقاً في ذاكرة أبناء محافظة عدن، جنوبي اليمن، وهم يتذكرون فرحة الانعتاق والنصر الذي حققوه على مليشيا الحوثي وقوات صالح الانقلابية في هذا اليوم، الذي شكل تاريخاً مفصلياً، ونقطة فارقة في تاريخ عدن المعاصر.

 
في تفاصيل الاحتفاء مع تحقيق الانتصارات في عدة أجزاء من عدن، خرج الأهالي لاستقبال أفراد المقاومة  الشعبية، جميعهم، رجال ونساء وأطفال يعزفون على مهج أفئدتهم أنشودة الخلاص من جحيم مليشيا الانقلاب.
الأم العدنية التي التقت بابنها المحارب العائد من السعودية

لكن المفارقة الأكثر تأثيراً هي قصة تلك الأم العدنية التي كانت واحدة من نساء المدينة، خرجن لاستقبال أبطال المقاومة، وهي تشاهد ابنها المغترب في المملكة السعودية على ظهر مدرعة، وقد شارك بمعركة تحرير العاصمة عدن.

كانت الصدفة والأقدار التي جمعت الأم بابنها ضمن المشاركين بمعركة التحرير، فكانت فرحتها فرحتين؛ النصر، ولقاء ابنها الذي عاد من السعودية، وانضم لصفوف المقاومة الشعبية الجنوبية لدحر المليشيا الانقلابية..


في ذكرى الانتصار الأولى يحتفي سكان عدن بالمناسبة وسط منغصات الحياة الكثيرة، انقطاع التيار الكهربائي، وخدمة الإنترنيت، والمياه، وأزمة وقود، ووضع أمني غير مستقر، وفصل صيف قائظ، تزيد فيه درجة الحرارة عن 40 درجة مئوية، والتي انعكست في مجملها على ظروفهم المعيشية الصعبة.. لكن رغم ذلك تأبى عدن إلا أن تحتفي بالنصر..

مبتدأ المعركة
نجحت المقاومة الجنوبية المسنودة بقوات التحالف العربي في تحرير عدن في 27 من رمضان الماضي ليتم طرد الإنقلابيين، منها بعد صمود أسطوري لقوات التحالف العربي والمقاومة الشعبية بمساندة الشعب اليمني.

لم يكن هذا الانتصار وليد اللحظة أو حادث مفاجئ، كما تحاول الميليشيات الإنقلابية تصويره، بل نتاج لإرهاصات وترتيبات واستعدادات بدأتها دول التحالف العربي مع بدء الحصار الذي فرضته ميليشيا الحوثي وصالح الإنقلابية، مطلع أبريل 2015، على مديرية التواهي التي لا تمتلك إلا منفذ بري واحد إلى جانب استمرار عملياتها العسكرية وقصفها الذي استهدف معظمه المدنيين من سكان المديرية الذين رفضوا مغادرة منازلهم.

في معركة كانت من أجل السيطرة على مدينة عدن جنوبي اليمن، بين الحوثيون والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، من طرف، وقوات ومسلحي المقاومة الشعبية و"الجيش الوطني" والسكان المحليين، من طرف آخر سطر فيها أبناء عدن أروع البطولات والتضحيات وصناعة النصر العظيم.

بعد سقوط مديرية التواهي، في السادس من مايو من نفس العام، وما رافقه ذلك من أحداث، كثفت قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، جهودها في البحث عن حلول سريعة تمكن الشرعية من استعادة السيطرة على المدينة التي أعلنها الرئيس عبدربه منصور هادي، منتصف مارس من العام الماضي، عاصمة مؤقتة للبلاد، قبل أن يهاجمها الإنقلابيون أواخر نفس الشهر، وجرى تكليف دولة الإمارات العربية المتحدة بمهمة التخطيط والإشراف على عملية تحرير المدينة.

في منتصف مايو 2015م، زار فريق عسكري يمني– إماراتي، عدن بشكل سري لدراسة أرض المعركة وتحديد احتياجاتها، بالتزامن مع بدء تدريب عشرات الشباب في معسكرات إماراتية للمشاركة في معركة التحرير التي لم يحدد أنذاك ساعة الصفر لها، ولكن الاستعدادات تواصلت، كما تواصلت زيارات الفرق العسكرية اليمنية والإماراتية.

شاركت قيادات عسكرية يمنية في إعداد خطة تحرير عدن التي اعتمدت على السرعة والتمويه بهدف تشتيت قوات الإنقلابيين الضخمة وجرها لمواجهات خارج المحافظة لتجنيبها أي دمار قد يحدث.. اعتمدت الخطة التي نفذتها المقاومة الشعبية التي جرى تدريبها، والقوات الإماراتية على البدء بكسر الطرف الغربي لهلال التطويق في منطقة عمران بهدف اختبار القدرات القتالية لقوات الشرعية وإخراج جزء من قوات الإنقلابيين من عدن لتعزيز عمران وفتح الحصار لدخول مقاومة الصبيحة إلی عدن، مع استخدام شبكة الهاتف المحمول للتواصل لتزويد الإنقلابيين بمعلومات خاطئة عن تحركاتهم.


عملية سرية
حين ذاك باتت عدن، وفق مراقبون، الحلقة الأبرز في مسلسل الأحداث والمواجهات في اليمن، وما غير الموازين على الأرض في المدينة كان وصول عناصر يمنية تم تدريبها في السعودية والإمارات، إضافة إلى معلومات أشارت إلى مشاركة قناصة إماراتيين في المعارك، ووصول آليات ومعدات عسكرية جديدة قدمتها الرياض وأبو ظبي.

جرى ذلك، وفق تصريحات مسئولين حكوميين، في إطار عملية "السهم الذهبي"التي أعدتها قوات التحالف العربي بقيادة السعودية سرا منذ شهرين لاستعادة عدن ومحافظة شمالية أخرى خلال شهر يوليو الجاري.
كانت المعركة بدأت في أواخر مارس عندما سيطرت قوات موالية لـ"صالح" على مطار عدن الدولي ومناطق واسعة في المدينة، وبقيت "المقاومة الجنوبية" تقاوم للدفاع عن مساحات صغيرة في المدينة، وبشكل رئيسي في شبه جزيرتين ساحليتين هما كريتر (مديرية صيرة)، حيث يقع مرفأ عدن الرئيس، وعدن الصغرى (مديرية البريقة)، حيث تقع مصفاة المدينة وصهاريج تخزين النفط، حتى تحولت إلى الهجوم في منتصف يوليو.

في 14 يوليو تمكنت "المقاومة الشعبية" من السيطرة على مطار عدن وعلى أجزاء من مدينة عدن بعد معارك عنيفة مع الحوثيين والقوات الموالية لـ"صالح". وقالت الحكومة انها بدأت عملية السهم الذهبي لتحرير عدن.

في 17 يوليو استعادت المقاومة الشعبية السيطرة شبه الكاملة على عدن، مدعومين بقوات برية من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية. وذلك بعد 4 أشهر من اجتياحها من الحوثيون ووحدات الجيش السابقة الموالية لعلي عبد الله صالح.


أول النصر
السابع والعشرين من شهر رمضان الفضيل العام الماضي، كانت القوات الموالية للشرعية قد بدأت عملياتها العسكرية لتحرير عدن، إذ انطلق الهجوم من منطقة فقم غرب المدينة من جهة الشريط الساحلي لمنطقة عمران والطريق الإسفلتي وكان الهدف منه قطع طريق الوهط (لحج)– عمران (عدن) ومحاصرات التعزيزات التي دفعت بها الميليشيات الإنقلابية لإيقاف الهجوم ومنعها من الانسحاب ومع انقضاء اليوم كانت المقاومة الشعبية وقوات التحالف العربي تسيطر بشكل كامل على مدينة عمران.

بعد ذلك بيوم واحد وبشكل سريع، انطلقت المقاومة الشعبية ومعها مقاتلين إماراتيين ومعززين بمصفحات ومدرعات عسكرية إماراتية لتحرير مديريات خور مكسر وصيرة والمعلا والتواهي من سيطرة الإنقلابيين.. كان الهجوم على ثلاثة مسارات، الأول: باتجاه جزيرة العمال لقطع الطريق بين خور مكسر والمعلا، والثاني: باتجاه المطار مروراً بمعسكر الصولبان مركز الإنقلابيين وصولاً إلى المطار، أما الثالث: باتجاه العريش وساحل أبين لمنع وصول أي إمدادات من أبين وكذا منع انسحابها وتدميرها.

الثامن والعشرين من رمضان، تمكنت المقاومة الشعبية والقوات الإماراتية من السيطرة على معسكر الصولبان في منطقة العريش الذي كانت تتخذه الميليشيات الإنقلابية مركزاً لها واستعادة مطار عدن بالكامل وأجزاء واسعة من منطقة خور مكسر شملت جزيرة العمال وساحة العروض ومعسكر بدر وحي القنصليات ومبنى كلية التربية والشوارع الرئيسية والفرعية للمديرية.

في نفس اليوم، واصلت المقاومة الشعبية تقدمها وتمكنت من السيطرة على أجزاء واسعة من مديرية المعلا، وفرضت حصاراً محكماً على مديريتي التواهي وصيرة، بهدف إعطاء ميليشيات الحوثي وصالح فرصة للإستسلام وتجنيب المديريتين مواجهات عنيفة قد تكون عواقبها وخيمة.

وفي أول أيام عيد الفطر المبارك أعلنت الحكومة الشرعية للبلاد، العاصمة المؤقتة عدن، مدينة محررة بالكامل من سيطرة ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي صالح. وقد أدى الآلاف من سكان المدينة شعائر صلاة العيد في ساحة العروض بمديرية خور مكسر، في حين صدحت مساجد المناطق المحررة بتكبيرات العيد والنصر، فكان لسكان عدن فرحتان، فرحة العيد وفرحة النصر.


بهجة  الاحتفاء
يعيش سكان العاصمة المؤقتة عدن، هذه الأيام مع الذكرى الأولى للانتصار الكبير الذي حققته المقاومة الشعبية الوطنية مسنودة بقوات التحالف العربي على ميليشيا الحوثي علي صالح بعد أربعة أشهر من سيطرة الإنقلابيين على بعض مديريات المدينة ومحاصرتهم للأخرى.

وفيما شهدت المدينة فعاليات وأنشطة متعددة.. تستعد مدينة عدن عاصمة اليمن المؤقتة لإحياء الذكرى الأولى للانتصار على ميليشيات جماعة "الحوثي" وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في مهرجان يعد الأضخم، من المتوقع أن تشهده عدن خلال إجازة عيد الفطر المبارك.

وأفاد رئيس مركز عدن للبحوث الإستراتيجية والإحصاء، رئيس اللجنة المنظمة للفعالية حسين حنشي، أن المركز سيقيم احتفالًا جماهيريًّا يشارك فيه كل أبناء عدن بمناسبة انتصار المدينة الباسلة على ميليشيات الحوثي صالح في أواخر رمضان من العام الماضي..

واعتبر حنشي الاحتفال تجسيد لتلك التضحيات الجسمية التي قدمها في المقاومون في عدن وكذا من قوات الجيش الإماراتي التي كان أبطالها في مقدمة الصفوف في معركة التحرير. وقال:"مهرجان عدن تنتصر يأتي امتناناً للدور الكبير الذي قامت به قوات المقاومة والتحالف العربي في التصدي للمشروعات التدميرية". ولفت إلى أن المهرجان سيستمر لثلاثة أيام متتالية في عدة أحياء العاصمة المؤقتة عدن.


فعاليات مجتمعية
احتفاء بالذكرى الأولى لتحرير عدن من قبضة مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية برزت الكثير من المناشط والفعاليات التي أحيتها جهات حكومية ومجتمعية وشعبية..

منظمات المجتمع المدني بادرت بإقامة ملتقى رمضاني بمناسبة ذكرى تحريرعدن.. ونظمت مؤسستي "صلة وآفاق" ملتقى رمضاني في مدريه المعلا بعدن تزامنا مع الذكرى الأولى لانتصارات المدينة. حضر اللقاء الرمضاني العديد من رؤساء الجمعيات والمنظمات المجتمعية التي كان لها دورا بارزا في خدمة المواطن قبل الحرب وأثناء الحرب في مدينة عدن.


احتفاء وسط الأنقاض
من وسط ركام الحرب الذي لحق بمنازل المواطنين وبات ذكرى أليمة تركتها المليشيات خلفها في حي القطيع، أقيمت، بطولة رياضية في لعبة الملاكمة لفئة البراعم، وسط حيّ القطيع بمديرية صيرة بعدن، الذي تضرر كثيرا أثناء الحرب. جاء ذلك في أول فعالية لحملة شعبية دشنها نشطاء تحت الوسم "عدن_ذكرى_النصر" احتفالا بالذكرى الأولى لتحرير المدينة من مليشيات الحوثيين وقوات صالح العام الماضي.

وقال ناشطون في الحملة إن الحملة الشعبية التي دشنها أبناء عدن تأتي احتفالا بالذكرى الأولى لهذا النصر العظيم الذي صنعه أبناء المدينة بدعم من قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في الـ27من رمضان من العام المنصرم. وأشاروا إلى أن الحملة الشعبية ستقدم العديد من الأنشطة الرياضية والشعبية والإفطارات في المدينة ابتدأ من الـ21 من شهر رمضان وحتى الـ6من شوال.

وذكر الناشطون أن الحملة التي انطلقت تحت وسم (#عدن_ذكرى_النصر) مبادرة شبابية طوعية تداعى لها نشطا من أبناء عدن استشعارا منهم للمسؤولية تجاه هذا النصر العظيم الذي صنعة أبناء المدينة بدماء شهدائها الزكية.

خالد سيدو مدير مديرة صيرة، قال:" إن بطولة الملاكمة التي تأتي تزامنا مع الذكرى الأولى لتحرير مدينة عدن من مليشيات الحوثيين صالح، جاءت لتؤكد أن المجتمع العدني مجتمع متحضّر يرغب في الحياة المدنية المسالمة.. وأضاف:" يبعث هؤلاء الأطفال الأمل فينا ولو كانوا وسط الأنقاض".

من جانبه، أكد منظم البطولة، الكابتن، نصر علي أحمد عوض، البطل السابق للجمهورية في لعبة الملاكمة، والمشرف الفني لاتحاد الملاكمة في عدن، أن البطولة جاءت لتأبين شهداء عدن الأبطال في ذكراهم السنوية، الذين سقطوا على تراب هذه المدينة الطاهرة حتى يتمكن هؤلاء البراعم من عيش حياة آمنة وكريمة، تملؤها الحرية.

شارك في البطولة التي دشنتها حملة عدن ذكرى النصر، عدد من لاعبي لعبة الملاكمة البراعم من أبناء الحي، بحضور كابتن المنتخب الوطني للعبة الملاكمة، والبطل العربي الحالي، بدر أحمد الكندي.


حملات شعبية
تشهد محافظة عدن وغيرها من محافظات الجنوب حملات شعبية احتفاء بالمناسبة التي ألهبت حماس المواطنين.. وعبر أبناء الجنوب عن تقديرهم وحبهم للقيادة السعودية، والملك سلمان بن عبد العزيز، بمناسبة مرور عام على تحرير محافظة عدن من أيدي المليشيات الانقلابية.

ودشن ناشطون حملات الكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تحت أوسمة مختلفة، تعبر غالبها عن بهجة النصر والاحتفاء بالذكرى الأولى لتحرير عدن.. وتفاعل نشطاء، في حملة دشنوها على موقع التواصل الاجتماعي- تويتر بوسم "شكراً مملكة الحزم، شكراً إمارات الخير"، مقدمين الشكر للسعودية والإمارات، على إطلاق عاصفة الحزم لإنقاذ اليمن من خطر الحوثيين.

وانتشرت، على موقع تويتر صوراً لأهالي الجنوب مع قوات الشرعية في الميادين العامة، ولافتات عليها صوراً للملك سلمان والجنود الذين شاركوا في ملحمة التحرير. ودشن ناشطون حملة عدن ذكرى النصر تحت هشتاج "عدن_ذكرى_النصر". متضمنة أنشطة ميدانية وإعلامية خلال العشر الأواخر من رمضان وحتى 6 شوال.

كما دشن عدد من النشطاء حملة أخرى، على موقع التواصل الاجتماعي- تويتر، تحت هاشتاج "#ذكري_تحرير_عدن"، لأحياء ذكرى مرور عام على تحرير عدن من مليشيات الحوثي. وترحم النشطاء على شهداء ملحمة عدن، داعين لهم بالرحمة والمغفرة، وكان منهم أول شهيد إماراتي عبدالعزيز الكعبي.

وقال نشطاء: في ذكرى تحرير عدن وانتصارها على جحافل البغي سنخلد ذكرى أول كتيبة وصلت عدن وهي كتيبة سلمان. وعلق ناشط آخر على الذكرى بقوله:"تحطمت أحلام الغزاة العابثين على أسوار عدن، وكانت العاصمة الأولى التي لم تستسلم للمد الصفوي الخبيث الفردوس للشهداء والشفاء للجرحى".

إلى ذلك هنأت حملتي "شكرا مملكة الحزم" و"شكرا إمارات الخير" القيادة السياسية ممثلة بالرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي وقيادة دول التحالف في ذكرى انتصار عدن على ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية.

* بالتزامن مع صحيفة أخبار اليوم اليمنية



 

1 التعليقات :

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016