اخر الاخبار

رمضان المعتقلين.. أوجاع تنهش أسر مغيبين ليسو على موائد الإفطار



وكالة أرصفة للأنباء- وليد عبد الواسع

كان عماد، طالب الهندسة على وشك التخرج من جامعة عدن، قبل أن تعتقله مليشيا الحوثي بينما هو مسافر مصاب، بسبب تعرضه لحادث قصف طيران- حد والدته، وتقتاده إلى الزنازين دون أن تدعه إكمال آخر فصل دراسي..



تصرخ أم المختطف عماد طارق الطالبي:" أطلقوا سراح ولدي المهندس الذي حرمتوه من الحياة.. أيام ويكمل العام وهو في الزنزانة التي يستحقها من أقتاده إليها.. أطلقوا سراح اﻷبرياء وحاكموا القتلة مجرمي الحرب وتجاره"..



في شهر رمضان لم تجد أسر المختطفين والمعتقلين في سجون جماعة الحوثي الانقلابية سوى رسائل وجعها على أعزاء غيبوا بين وحشة الزنازين وظلم السجان.. كلمات تحمل بين حروفها كثيراً من أسى البعد والفقدان..



"أطلقوا ولدي الذي حرمتوه من مشاركة زملاءه مناقشة مشروع التخرج والفرحة والاحتفال وتتويج 5 سنوات دراسية بنجاح في كلية الهندسة عدن": تواصل الأم صرختها، وهي ترفع كفها في ليلة رمضانية: "يمهل ولايهمل عين الله ترعاك ياولدي حيث ماتكون والفرج بيد أرحم الراحمين وإن تأخر" وتكتفي..

أم عماد واحدة من مئات الأسر اليمنية التي تكابد حسرتها وتعتصر وجعها، بينما تكافح في سبيل حرية أب أو أخ أو ابن أو قريب يقبع خلف قضبان جماعة الحوثي الانقلابية..

في شهر رمضان يزداد وجع أهالي أسر المختطفين والمعتقلين أكثر مما مضى بينما تقضي وجع الغياب بانتظارهم..

فيما الذكريات الجميلة لأعوام مضت عاشها هؤلاء المغيبين خلف القضبان مع أهاليهم تحولت في رمضان هذا العام إلى ذكريات أليمة وغصة حارقة، تحكيها رسائل أسرهم إليهم في مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر صفحة رابطة أمهات المختطفين بالفيس بوك..

ألم وفقد
في رسالتها لزوجها القابع خلف القضبان تخاطب زوجة المختطف/ محمد علي الأشول، شاكية ألمها وفقدها لها إلى حد لم تستطع وصفه بسوى أنه لا حد له..

تقول: زوجي الحبيب بالرغم من الألم والفقد الذي نعيشه إلا أن هناك أملا يخبرني بعودتك إلينا عما قريب.

تضيف:" أطفالنا ينادونك في كل وقت وحين حتى في نومهم يحلمون بعودتك.. نعم افتقدناك إلى الحد الذي لاحد له.. وكأن الفرح لا يأتي إلا معك.. ستعود إلينا وستعود الأيام الجميلة معك.. نحن في انتظارك حبيبي، فكن بخير لنسعد بحياتنا فلا معنى لحياتنا بدونك".

كما هو الحال بالنسبة لزوجة الصحفي المختطف عبد الله المنيفي بينما تخاطبه: زوجي الحبيب.. عبدالله.. لست ادري كيف تمر الأيام والليالي.. بدونك.. هاهي الأشهر الأربعة قد أوشكت أن تنتهي.. وأنت مبعد عنا..لا نعلم عنك ولا عن حالك أو صحتك..

تضيف أم رهف، في رسالتها:" كم افتقد ضحكاتك.. وكلماتك.. وروعة وجودك معي أثق تماما في قوة إيمانك.. وصمودك وصبرك.. كما أثق في رب العالمين.. الذي يسمع دعواتي.. في كل حين بأنه لن يخيب رجائي.. وسنجتمع قريبا بإذنه عز وجل"..

في حضرة الغياب
لاتكاد تحتمل زوجة المختطف يحيى المرقب موقف نظرات ابنها محمد في وجهها حين يسألها:" وين بابا".. تقول: في كل نظره من نظرات محمد أبني وهو يحمل سؤال: "وين بابا"؟!.. أتجمد ولا أستطيع البوح بكلمة غير "استودعناه الله".

تقلب أم محمد صور الذكريات، تستحضر في الغياب روح زوجها، وفي حضرة الغياب ينتفض صوته من بين ألبوم الصور.. لكنها لاتلبث أن تخبو حين لاتجده يصلي بجانبها في الثلث الأخير من الليل..

تقول: أنني وعند تقلب الصور دائما ما أجعل حضورك بروحك الطيبة تنفض من تلك الصور بتقليد صوتك الحنون و قول عباراتك المألوفة التي تحمل كل مشاعر الحب و الاحترام.

تضيف:" زوجي العزيز..كم كنت أتمنى حضورك بيننا في هذه الأيام المباركة، إلا إن أرادة الله وكرمه إن نجتمع في ساعات الثلث الأخير من الليل بالصلاة والدعاء بالفرج وإن نفوز برضاه على ما كتب لنا".. وتدعو له بالصبر والثبات.

مع أصوات الأذان ترفع ابنة الحوري يدها وتقول: "يارب يجي بابا عندنا في الطيارة"، ومعه تردد أمها في قرارة نفسها :"سيهون وينفك القيد وتبدد المسافات وتلتقي الأرواح بإذن الحي القيوم".

وجع آخر تحكيه نجلاء الرممي وهي تتذكر محادثات زوجها المختطف/ نبيل الحوري عبر الهاتف، ومزاحه وضحكته معها، دون أن يحسسها بتعبه..

تقول:"عندما أحادثك في الهاتف لا تترك مجال لقلبي أن يشك أنك متعب، تمازحني وتضحك معي وكأنني أمامك.. رمضان أتى وحرمت أن أسمع منك دعوة اللهم لاتحرمني من نجلاء"..

لاتجد الرممي إلا أن تصف زوجها المغيب خلف القضبان برجل عظيم كما عهدته.. مجرد ذكريات أليمة تعيشها نجلاء في شهر رمضان الذي تقضيه في حرمان من أبسط دعوات زوجها:" اللهم لاتحرمني من نجلاء".. وتكتفي بـ"صبراً حبيبي".

أحزان الذكريات
انطوى رمضان وأقبل رمضان آخر وأسرة الصحفي المختطف أكرم الوليدي تكابد أحزانها بفراق أكرم، والشوق يزداد إليه، كما تحكي أخته..

تقول شقيقة الوليدي: حزنت قلوبنا بفراق من نحب وبكت أعيننا لفراقهم ولا زالت أروحنا تشتاق لهم، ولكنا رضينا بقدر الخالق..

تضيف:" وستظل ألسنتنا تهتف بالدعاء لهم: اللهم إني أسألك بعظمة هذا الشهر أن تهون عليهم بعدهم وانس وحدتهم وارزقهم جناتك اللهم إنه انطوى رمضان وأقبل رمضان آخر، اللهم ارحمهم واستودعناهم إياك"..

أقبلت أجمل ثلاثين يوم.. وشقيقة الصحفي المختطف إبراهيم المجذوب تتذكر تلك الأيام الأجمل التي كان يقضيها إبراهيم مع عائلته، وكيف كان يسابقها بختم القرآن سوياً.. وتردد:" يا لأخلاقك العالية"..

ومن بين زحام الذكريات تتذكر حين أمي اتصلت به والدته قبل اختطافه: "تعال يا ابني لتقضي معنا الشهر الكريم"، فأجابها:" ياحبيبتي هذا شهر الخير وهل في غيره من الشهور يحصل الخير؟".. قبل أن يطمنها:"عذرا أمي لن أتي إلا بالعيد وسأكون بينكم"..

تقول شقيقة المجذوب عن شعور والدتها :" وكأن قلبها حس بأنه سيتم اختطافك في هذا الشهر الكريم، فها هي تقول لك: اصبر يامقلتي، وتوجه في ليلك إلى ربك وحدثه كما احدثه"..

وتضيف:" فصبرا ياحبيبي، فستشرق شمس حريتك عن قريب وستكون بمليء هذا الكون... دمت لنا يافخرنا"..

أشواق الفرحة الغائبة
بدا رمضان هذا العام، وفي أول يوم منه، تحديداً، وقد غابت الفرحة والبهجة المعتادة على أسرة البعوه بقدوم ابنها الصحفي ماجد..

وبحسب شقيقة ماجد المختطف لدى مليشيا الحوثي فإن رمضان هذا العام غلب عليه طابع الفقدان والحزن والشوق لماجد، وكأنها مرت أعوام وأعوام على غيابه.

تقول شقيقة ماجد: كم نحن في اشتياق لك.. وكم ننتظر رؤيتك بيننا؟!.. وتضيف:"والدينا الأعزاء لم ينساك من الدعاء في كل لحظه، وفي كل دمعة ذرفت كانت تحمل دعاء بأن الله يبعد عنك الأذى والحرمان وأن لا يحرمهما النظر إليك وشم رائحتك ومسح راسك والشعور بوجودك في البيت"..

تتابع:" هذه الأمنيات لم تفارقهما أبداً.. ومع الشعور بالفخر والاعتزاز بك.. وبأنك تستحق الثقة والرضاء منهما.. وتختتم:"سلامنا إليك ترسل من جميع أخوانك وأهلك، ودعواتنا لك بالصبر والثبات"..

على الطرف الآخر تنادي أخت الصحفي المختطف حارث حميد:" ياحبيبي وياقرة عين أمك وفلذة كبدها.. انقضى عام ومازلت في غيابات السجن.. والله إن الألم يعتصر قلوبنا على غيابك المر الذي خلف زفرة لاتفنى مع الحدثانِ"..

تخاطب أخيها الصحفي:" حارث.. كن بخير لأجل أم مكلومة، أعياها التعب من كثرة البكاء والسهر، ترقب عودة حبيب طال غيابه، استودعتك الحي القيوم، احفظه يارب بعينك التي لاتنام"..

فقدناهم
ثلاث زوجات أخريات يكتبن رسائل الوجع لأزواجهن المغيبين في زنازين الحوثي، أولهن زوجة المختطف عبد الحكيم حسين الآنسي التي تقول: كانوا معنا، يباركون لنا في رمضان، يوزعون ابتساماتهم في كل مكان، يأتي رمضان هذه المرة، نلتفت فلا نجدهم؛ لتشتعل في القلب "حرقة"، وتختلط معهم المشاعر بين فرحة رمضان ودمعة تتذكر أحبابها الغائبين؛ مما يُغيّر من ملامحنا كثيراً، فكيف سيمر رمضان دون أن نلمح من زرعوا الحُب في دواخلنا؟، غابوا وتركوا لنا "قصّة" عنوانها: "فقدناهم"..

أما زوجة المختطف/ عبدالله القامز فتخاطب شريك حياتها المغيب: غائبي الحبيب، كنت انتظر رمضان المبارك وكلي شوق وأمل أن تكون بيننا وتكون مجرد ذكرى مؤلمه انتزاعك العام من بيننا ولكن شاء الله تعالى أن يأتي رمضان. وأنت مازلت في محنتك. فالحمد لله على كل حال..

تضيف:" برغم أن قلبي يقول:" بأي حله جئت يارمضان بقلب منكسر وجرحاً دامي".. ومع ذلك الألم سأقول كما قال تعالى" (والذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون)..فك الله عسرك بيسر وردك إلينا سالماً معافا هو وحده القادر على كل شيء"..

كذلك زوجة المختطف حازم أحمد الحرف تكتب لحبيبها: زوجي الغالي.. غيابك عنا مؤلم لم اعتاد أن أتناول وجبة الإفطار من دونك.. أتناول السحور وغصة في صدري، ودموع القهر في عيني، ربي يفرج على كل مخطوف مظلوم".. ولاتنسى أن تدعو له:" اللهم إني استودعتك زوجي، اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وأعوذ بعظمتك أن يغتال من تحته"..

غصة أم وإبنه
في كل عام كان يهل فيه شهر رمضان الكريم كانت ابنة سمير الضبياني تنتظر، كما عودها هو، وصول تهنئته لها، بمناسبة حلول هذا الشهر الفضيل، لكن رمضان هذا العام لم تصلها التهنئة التي اعتادت أن تكون أول التهاني، فتكاد الغصة تخنقها وليس للفرح حضور وسط الأسرة، فوالدها خلف قضبان زنازين الحوثي..

تقول: حبيبي أنا معتادة أن تصلني أول تهنئة بمناسبة حلول شهر الرحمة منك أنت دون غيرك.. أبي لا أعرف ماذا أقول وكيف أصف شعوري المؤلم عندما أتذكر كيف كنت تسابقني لختم كتاب الله عدة مرات والآن من سيسابقني ويشجعني؟!

لاتخفي ابنة المختطف الضبياني وجع غياب والدها عن الأسرة في شهر رمضان، بينما تخاطبه: أبي الحبيب أتعرف تكاد تخنقني العبرات عندما مرت الأيام ودخلت أيام رمضان المبارك.. غائبي كيف لي أن أفرح وأنت لست معنا؟!.. كيف لي وأنا اشتاق لكل شيء فيك ويخصك؟!..

وقبل أن تذيل رسالتها بـ" ابنتك الفخورة بك دوما وأبداً".. تختتم ابنة الضبياني:" في الأخير أبي وحبيبي وقرة عيني لا أملك إلا أن استودعك الله في كل لحظة وثانية"..

فيما تنادي والدة معتز حاتم نجلها المختطف: ابني الغالي وفلذة كبدي.. هاهو رمضان الثاني يأتي وأنت لست بيننا.. كم نحن مشتاقون لك.. لقد بكينا جميعنا اليوم بحرارة ونحن ندعو لك وجميع المختطفين والأسرى عند الإفطار.. كان أملنا أن تصوم بيننا، لكن خيرة الله.. وأملنا في الله كبير أن يفرج عنكم في القريب العاجل لتقر أعيننا ويهدأ بالنا..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016