اخر الاخبار

تقرير الأمم المتحدة في اليمن ولوبي المصالح





عبدالرحمن بريك العليان
يتضح بجلاء ركاكة وعدم توازن التقرير في سرد المعلومات حيث يتوجب على الأمم المتحدة في تقرير مثل هذا أن تبين أسلوبها في جمع المعلومات

أوضح تقرير الأمم المتحدة غير المتوازن من جهة والمستند من جهة أخرى إلى معلومات مغلوطة من جهات تابعة للحوثي وعفاش، سواء كان ذلك بقصد أو دون قصد، مدى الاختراق الحاصل في هذه المنظمة من لوبي المصالح ومحركي الدُّمى داخل المشهد الأممي.
وباختصار، أدان التقرير دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وكذلك الميليشيات الانقلابية الحوثية بممارسة انتهاكات ضد الأطفال مما أدى إلى وضع التحالف العربي والميليشيات ضمن القائمة السوداء للأمم المتحدة فيما يخص انتهاك حقوق الأطفال. ومن اللافت في هذا السياق أن حصيلة الأطفال الذين قتلوا بلغت 785 طفلاً والإصابات 1168 طفلاً، حيث أبان التقرير أن التحالف مسؤول عن 60 % من حصيلة الإصابات والوفيات بين الأطفال، ويدرج التقرير في القائمة السوداء الجماعات التي «تتورط في تجنيد واستغلال الأطفال وكذلك ممارسة العنف الجنسي ضدهم وقتلهم وتشويههم والهجمات على مدارس أو مستشفيات ومهاجمة أو التهديد بمهاجمة الأفراد ذوي الحماية وخطف الأطفال».
بقراءة نقدية للتقرير يتضح بجلاء ركاكة وعدم توازن التقرير في سرد المعلومات حيث يتوجب على الأمم المتحدة في تقرير مثل هذا أن تبين أسلوبها في جمع المعلومات ومصادر ومدى مصداقية الأدوات المستخدمة، خاصة أن ساحة جمع المعلومات هي ساحة حرب ولا يمكن ضبط المعلومة إلا من خلال جهة ذات مصداقية وهي الجهة الشرعية في هذا البلد؛ ونعني بذلك الحكومة اليمنية وأدواتها وأجهزتها التي تعاونت وسهّلت أعمال الجهات الأممية في جوانب كثيرة حسب تصريحات المبعوث الأممي لليمن!.
تجاهل التقرير وبشكل فاضح الأرقام والمعلومات التي قامت الحكومة اليمنية بإرسالها إلى الأمم المتحدة التي تحدث دوريّاً حسب تصريحات المسؤولين اليمنيين. وتجاهل التقرير كذلك أخلاقيات وعقيدة دول التحالف الحربية التي تركز في هدفها على الأهداف العسكرية حيث انعكست من خلال الحرص على بناء بنك أهداف دقيق من خلال عمل استخباري ولوجستي عالي المستوى، وساعد في دقة الغارات استخدام التحالف الصواريخ الموجَّهة التي تعدُّ مكلفة جداً، ولكن كان هذا حرصاً على تجنب الخطأ المتمثل في إصابة الأهداف المدنية وغير العسكرية. تجنب التقرير وهمّش الدور الإغاثي لدول التحالف من خلال إنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة الذي سيّر الأساطيل البرية والجوية والبحرية لإغاثة الشعب اليمني سواء في الأجزاء المحررة أو التي مازالت تحت سيطرة الميليشيات والمخلوع التي كانت تحت إشراف مباشر من الأمم المتحدة.
وتجاهل التقرير كذلك الدعم السخي من دول التحالف لبرنامج حماية الطفولة الأخير للأمم المتحدة «اليونسيف» في اليمن وبمبلغ 30 مليون دولار. تجاهل التقرير جهود دول التحالف في إعادة بناء البنية التحتية في المناطق المحررة من ماء وكهرباء وطرق وإعادة فتح المدارس والمستشفيات ومدها بالمستلزمات والمؤن وإعادة تأهيل مطار عدن الدولي وعديد من المطارات المحلية لخدمة المواطن اليمني.
تجاهل التقرير كذلك نجاح دول التحالف في تحرير عديد من المدن والقرى في جنوب اليمن من تنظيم القاعدة الذي يجنّد الأطفال في أجندته المعروفة، وإعادة الحياة إلى طبيعتها في هذه المناطق المحررة. تجاهل التقرير كذلك -وبقصد- سعي دول التحالف للحل الدبلوماسي من خلال تشجيع الأطراف على التباحث وإيجاد صيغ لتطبيق قرارات الأمم المتحدة والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار اليمني المتفق عليها سابقاً وتكفُّل دول التحالف بمصاريف لجان التهدئة في خطوط التماس حرصاً منها على إنجاح الحوار اليمني اليمني وعلى وحدة التراب اليمني ومنع التدخل الخارجي الذي يريد تدمير النسيج العربي داخل يمن العروبة والشموخ.
ولعلي الآن أتساءل، لماذا هذا التقرير وبهذه الصيغة في هذا الوقت الذي يجتمع فية اليمنيون «حكومة وميليشيات انقلابية» في دولة الكويت وبرعاية أممية لإيجاد حل دبلوماسي؟ ولماذا تجاهل التقرير كل ما سبق من معلومات وحقائق وثّقتها الأمم المتحدة ومندوبوها في اليمن؟ وماذا تعني التسريبات الصحفية القادمة لنا من نيويورك أن التقرير كان خالياً من اسم التحالف العربي وزُجّ به في آخر لحظة من خلال مكتب الأمين العام بان كي مون وبطريقة غير مهنية؟ وما هو جدوى إدراج التحالف العربي في القائمة السوداء؟.
إن توقيت وصيغة هذا التقرير يؤكدان لنا وبلا شك أن الهدف من ذلك هو الضغط على المملكة العربية السعودية وتضليل الرأي العام الدولي من خلال المؤثرين في لعبة الأمم المتحدة وذلك لمواقفها المتزنة والثابتة تجاه الشأن العربي والإسلامي والدولي. إن موقف المملكة في القضية الفلسطينية وعدم تقديم التنازلات في مبادئنا تجاه هذه القضية هو عامل مزعج لعديد من دوائر صنع القرار الغربي.

يتضح بجلاء المواقف السعودية الثابتة في القضية السورية في ضرورة رحيل بشار الأسد الذي قتل وشرّد الملايين من شعبه وانتقال الحكم إلى هيئة انتقالية لها واسع الصلاحيات، وهذه المواقف لا تتوافق مع عديد من الدول ومنها إسرائيل التي ترى في بشار الأسد شخصية يمكن الوثوق بها ولو قتل نصف شعبه!

إن مواقف المملكة العربية السعودية الثابتة في العراق واليمن والمغرب كما في قضية الصحراء الغربية أزعجت بعض الدول التي لها مصالح في هذه النزاعات! إن الدعم السعودي للإسلام والمسلمين بمختلف منظماته وهيئاته ولجميع دول العالم الإسلامي دون تمييز أرّق كثيراً من الدول التي ترغب في تحجيم هذا الدور القيادي للمملكة العربية السعودية. إن القوة الدبلوماسية السعودية الصاعدة في الساحة الدولية كما في الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة وقوة تأثيرها المتنامي وذلك لمقدرة المملكة في جمع الأصوات العربية والإسلامية في إصدار وتمرير القرارات، يبدو أنها أصبحت تقلق بعض الدول التي ترى في ذلك خلطاً لقواعد اللعبة في الساحة الدولية لدولة تقدم مبادئها وقيمها ومصالحها ومصالح الشعوب العربية والإسلامية على كل اعتبار. إن صدور هذا التقرير وبهذه الصيغة يبين لنا أهمية أن نكون يقظين ومتنبهين للحراك من حولنا، وأن تكون خطواتنا أكثر قوة وصلابة مستمدين العون من الله ثم من تكاتف وتلاحم الوطن ومواطنيه قبل كل شيء، وهو الرهان الذي خسره الأعداء القريبون والبعيدون منا!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016