اخر الاخبار

في صنعاء ضاق به المدى واتسع له قلب الغريب...!?!


وكالة أرصفة للأنباء/ خاص

في الأربعينيات  من العمر.. يحمل جسده المعفر بسمرة أنيقة_ يحمله بوهن ويجول ببقايا نظر شربته الفاقة يجول به في أفق ملبد بالوحشة باحثا عن بقعة تتسع له على رصيف يمتد ما بين وجعين.. حاول أن ينحني بجسده على قطعة كرتون كان يحملها معه بعد أن تركها بلطف على قارعة الرصيف, وقبل أن يصل جسده الشاحب الأرض باغته صوت أفزعه وجعله ينتفض كعصفور بلله القطر.. ممنوع الجلوس عندك وإلا لا تلوم إلا نفسك..

نظر بوجع تجاه مصدر الصوت وغادر يردد لا حول ولا قوة إلا بالله.. وغير وجهة خطاه في الاتجاه المعاكس وعلى بعد مسافة أبصر مكان آنسه فؤاده.. حاول أن يهبط بجسده على الرصيف وقد خالجه شعور بأن المكان سيتسع لوحشته وغربته, ولم يكد يصل بجسده الأرض ليعلو صوت ينهره.. إمشي من هنا يا جني قبل ما أقوم أطحن أبوك.. تلفت بحسرة وغادر عله يجد زاوية من رصيف تطمئن له.. وعلى بقعة ثالثة لم يتغيير الحال معه.. وظل يركض حتى وصل حد العجز عن التحرك وفيما هو يحاول الجلوس على رصيف خال صرخ فيه شخص يحثه على مغادرة المكان بدون نقاش.. جر خطاه بتثاقل وهو يرفع بصره في اتجاه السماء والدمع يترقرق في عينيه.

وعلى حين غفله لمحه شاب وهو يجفف الدمع من على خديه, وسأله هل أصابك مكروه.. تنهد ودار حديث بينهما وشرح له ما حدث.. وختم حديثه مع الشاب بالقول كيف يريدون الرحمة من الله وهم لم يرحموا ضعفاء البشر المشردين.. ثم غادر يردد إرحموا من في الأرض يرحمك من في السماء.

أطرق الشاب برأسه نحو الأرض ثم رفع رأسه مرددا: لماذا يا صنعاء تضيقين بالقادمين نحوك غرباء سلبهم القهر والبطش حق الحياة بأمن? ألا يكفي أنه فقد كل غال ونفيس ولم يعد يملك غير رجاءه بالله بألا يزيد حمله ثقل يقصم ظهره فيغدو عاجزا لا روح تواسي عجزه وتتحسس وحدته وتشرده..

كان الرجل الأربعيني قادم من منطقة نهم ولم ينجو من الحرب التي تأكل الأخضر واليابس غير هو أما بقية أسرته فقد قضت نحبها في هجمات المتحاربين, كما أنه فقد كل ما كان يملك ومنزله صار بقايا ركام محروق..

فقصد صنعاء يرتجي أن يجد بقعة على أي رصيف تتسع له وتقاسمه نزيفه, فلم يجد غير وحش بصورة إنسان يحاول التفرد بكل شيئ حتى الرصيف, ولم يعد في روح هذا الوحش المتلبس هيئة إنسان غير البشاعة.. فكيف بك يا صنعاء إن ضاق بك أبناءك وتنكرت أرواحهم لك حجرا...

كيف بك إن تكالبت عليك سيول العرم.. واستيقظت من نومها غطفان شاهرة سيفها في وجه المسند السبئي معلنة لحظة الثأر وساعة لا حان القدر لا ضجر لا ملل لا سبحة في المدى غير التشفي بأخذ الثأر...!!??...

كيف بك يا صنعاء وقد ضاق فيك على الغرباء القادمين نحوك حتى الرصيف.. حتى الرصيف صار لا يتسع إلا لمن يسجن أصبعه~ سبابته ~ في حلقة زناد البندقية.. كيف بك يا صنعاء وقد ضاق الأفق على الغرباء القادمين نحو ولم يتسع لهم إلا قلوب الغرباء..?!?..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016