اخر الاخبار

درس في احترام القانون مع والدي رحمة الله تغشاه


عيسى عبده عبدالله قاسم

كان عمري حينها لا يتجاوز العاشرة حيث ذهبت أنا ومجموعة من أولاد حارتي إلى إحدى الحارات المجاورة لنا.

وأثنا عودتنا حدثت مشكلة بيننا وبين أولاد تلك الحارة، ليقوم كل منا برشق الآخر بالحجارة، ما تسبب بإصابة أحدهم في الرأس (من أولاد الحارة المجاورة)، فهرعت أنا وأولاد حارتي هرباً عائدون إلى حارتنا..

بعدها عدت أنا للبيت وكنت خائفاً مما حدث ومعرفة أسرتي بذلك خصوصاً لو جاء أهل ذلك الولد لبيتنا شاكين بي مما حدث لولدهم..

وما هي إلا ساعات حتى حدث ما كنت أخشاه، بل وأشد، حيث كان برفقتهم عساكر ومحضر من قسم الشرطة فيه طلب إحضاري إلى قسم الشرطة..

كان المشهد بالنسبة لي مرعباً ومخيفاً، زادت حدة الخوف والرعب فيه وأنا أرى وأسمع والدي يطالبني بالذهاب معهم بإصرار شديد قائلاً:" يجب أن يتحمل الإنسان مسؤولية أخطائه"..

حاولت إخباره بندمي وأني لن أكرر هذا الخطأ مرة أخرى، كما أني لم أكن متقصداً إيذاء ذلك الولد بهذه الطريقة وأنها جاءت عن طريق الخطأ وليس التعمد..

رفض والدي كل ما قلته له مكرراً ما قاله لي مسبقاً، بدأت بالبكاء والصراخ وأنا اتخيل المصير الذي ينتظرني الذي كنت كثيراً ما أشاهده بالمسلسلات التلفزيونية حين يقتاد العساكر المجرمين مكبلين بالقيود وكذلك تلك الزنزانة التي سوف أكون فيها وبها المجرمين الذين كان يتم إظهارهم بصورة كنت لا استطيع تحمل أن أكون بينهم..

غادر والدي المشهد طالباً مني الذهاب معهم، فزاد خوفي وصراخي حتى بدأ صوتي يختفي، وشعرت بأن أقدامي لم تعد قادرة على حملي، وحينها حاول بعض أصدقاء والدي المتواجدين عنده بالتدخل وإقناع والدي بالتفاوض معهم بدفع غرامة لوالد الطفل ودفع أجرة العساكر لتنتهي المشكلة..

وهذا ما رفضه والدي قائلاً:" بأن المال ليس حلاً، خصوصاً وأن أعبائه لن أتحمله أنا فيما لو دفعه هو وبذلك قد يتكرر مني هذا الخطأ وأنا أجد من يتحمل أعبائه عني..

وكنت منذهلاً وأنا أرى والدي مغادراً ليتركني وحيداً أمام أصعب موقف لم أتعرض لمثله سابقاً، وظل درسآً قاسياً لم أكن أدرك حينها قيمته وأسباب والدي ليضعني فيه غير شعوري بأنه لا يحبني لأشعر حينها بالنقمة عليه مستسلماً لمصيري الذي صار مستحيلاً حينها عدم مواجهته..

غادر والدي المكان ليجد خالي رحمة الله عليه فرصة التدخل وبدأ التفاوض التي انتهت بدفعه غرامة لوالد الطفل وأجرة العساكر لأسقط بعدها مغشياً عليا غير مصدقاً بأني لن أغادر بيتنا مكبلاً بالقيود والعساكر تقتادني إلى الزنزانة التي ظل رعبها يرافقني ليحميني من القيام بأي سلوك يكون نتيجته الذهاب إليها، لأجد نفسي اليوم شاكراً ممتناً لوالدي الذي جعلني أحترم القانون خشية العقاب الذي قد يفرضه قيامي بسلوك يستدعي العقاب..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016