اخر الاخبار

أسف يا أنور




صقر الصنيدي
_____________

خمسة أيام وأنا عاجز عن النظر فى ما تبقى من وجهك، وما بقي من ملامحك.. خمسة أيام وأنا أفشل في الافصاح عن صداقتنا.. عن حلمنا المشترك.. عن الطريق الطويل الذي لم نكمله معا.. أهذه الصورة التي تنشر!! صورتك.. أهذا انت.. أيمكن أن يصبح صديقي الممتلئ بالأحلام والأمل ناحلا إلى هذا الحد..؟؟ ما كنت اتصور أن اعيش وأن انظر نحو وجه اعرفه ثم لا أدري لمن هذا الوجه ... حتى اخاك حين كان في زيارة لمعتقل اخر لمحك ثم واصل سيره وسط المعتقل قبل أن يتذكر ويعود إليك.. اعاد النظر مرات ومرات كي يتأكد أنك أنت وليس شخصا اخر، أنك انت من قضيت معه الطفولة واعيادها وارتديت ثيابه حين كبرت.. كل ذلك غاب عن ذهنه وتوقد فى ذهنك اليقظ دائما.. فأخذت تشير نحوه حين عجزت عن نداءه..

في اخر لقاء قلت إنك اصبحت رئيس الدائرة الشعبية في حزب البعث العربي الاشتراكي وأنك تنجح فى تنسيب اعضاء جدد، اين كانوا وجلدك يزداد التصاقا بعظمك.. 
اين ذهبوا وكل ما حولك يذبل وعينك تعود اليك أكثر وكأنها شمس تغرب في بحر بعيد..

سأحدثك عن محمد الزبيري الذي كنت تعمل معه فى صحيفة الجماهير وكان ينتظر ما سيكتب أنور الركن وما سيثير قلمك ليرى جزء من الممر، لقد صار جنديا مخلصا فى صفوف المليشيات التي قتلتك في سجنها، صار نجما معتما في ظلامهم..

كيف لم ترى المكر فى عينيه والنسيان، ومن رأى المكر اصلا في عيون كثيرة.. المسرح الذي حلمت ان تكون نجما فيه انهار .. عدت من العراق عقب تخرجك وكان لديك ألف حلم وخشبة مسرح طويلة ونصوص مسرحية طفت بها شوارع مدينة لم تفهمك كما لم تفهم الاف العائدين من قبلك وبعدك، وفورا فهمت مسرحا مختلف وماتت نصوصك قبلك حتى نحن لم نكن نصغي حتى الفقرة الاخيرة في عباراتك..

كنا نهرب إلى القول خليها لما تتنفذ، لكن ما تنفذ امر مختلف.. الشخص الذي رأيناه لم يخطر ببالك.. الشخصية التي ظهر امامنا ما كان لنا ان نتخيلها بعد مئات السنين.. وحين لم نقدر على تخيلها جسدتها بجسدك..

الشخصية اليمنية الملقية فى غياهب السجن كانت دائما بعيده عن خشبة المسرح 
لكنها صارت على مسرح الحياة وكنت انت من يجسدها..

ونحن نصفق حتى نموت.. نعم نموت ونتركك وحيدا وناحلا وتنظر نحونا.. ونحن نفتش عن شخوص اخرى تصعد إلى جوارك..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016