د.علي عبدالرحمن الخليدي_ القاهرة
________________________
الاهداء: إلى بعض دعاة (المصالحة الوطنية) في قيادة الحزب الاشتراكي.. كفوا عن اللعب بأوراق المخلوع علي صالح حول ما يدعوها بالمصالحة الوطنية، فتاريخ الحزب أكبر من أن يعبث به كائنآ من كان.
إن ما يحصل منذ ثلاث سنوات 21 سبتمبر 2014م هو انتقام من الجغرافيا والتاريخ، هو تصفية حساب مع ثورة 26 سبتمبر 1962م وثورة 14أكتوبر 1963م ومن نضال الحراك الجنوبي السلمي، وثورة 11 فبراير 2011م، انتقام في شكل ثورة مضادة بأثر رجعي، وهو ما يعلنونه صراحة دون حذر أو تحسب من عواقب ردات الفعل الشعبية والوطنية من جانب غالبية الشعب العظمى، سقطت معه أطروحة ومعزوفة الأطراف المتقاتلة، وعدوان التحالف العشري، بعد أن تجاوز ظلم ذوي القربى كل الحدود وفاق كل التصورات والتوقعات حتى صار العدوان الداخلي هو العنوان السياسي الأبرز، وهو الأشد بشاعة ومضاضة على النفس من وقع كافة أوهامهم واعتباراتهم.... إننا نقرأ ونشهد ونتابع في تفاصيل ما يجرى من أننا أمام كتابة جديدة للتاريخ ممهورة بالدم والقتل والغنيمة والفيد للواقع وللتاريخ، كتابة تطال وجداننا الثقافي التاريخي، من خلال هندسة أيديولوجية وراثية جديدة لصياغة التاريخ الوطني صياغة مفبركة وملفقة، لكل شيئ، للمناهج التعليمية للطلاب رغماً عن الإرادة الوطنية الجامعة، ولم تتكلم الأحزاب-اقصد قيادات الاحزاب في غفلتها الوطنية- ولادعاة السلام، عن ذلك ببيان سياسي اعتراضي أو احتجاجي حول ما يجرى وكأنهم ضمنيا موافقين على ما يحصل أو غير مباليين- ما نبالي تضامنا مع شعار الجماعة الحوثية- فالصمت والسكوت على ما يحصل على هذا المستوى وكافة ما يطال وينال من تاريخنا السياسي والثقافي والوطني هي جريمة وطنية، وتاريخية.
إن الثقافة والتعليم والتاريخ السياسي والوطني هو المطلوب اليوم تجريفه وتغييره وليس تعديله وإصلاح اعوجاجه ولذلك فإن ما يجرى اليوم إنما هو إعادة إنتاج كتابة للتاريخ بأثر رجعي في سيرة سردية مغايرة للتاريخ ومناقضة له وعلى صعيد المناهج التعليمية، وهو البعد والعمق الأيديولوجي والثقافي للانقلاب(المساوي لكل الانقلاب) الذي تحول إلى ثورة مضادة شاملة طالت جميع مناحي حياة اليمنيين، ثورة مضادة تعيد تنظيم تراتبية المجتمع والثقافة والسياسة والسلطة، وفقا لانموذج دولة الإمامة التاريخية، أو دولة الولى الفقيه، الإمام المعصوم (المهدي المنتظر) في شروط تجلياته المعاصرة.
وبهذا المعنى نقرأ ونفهم التباينات في حركة المصالح الطارئة بين الحوثي/ وصالح بأنها ليست أكثر من محاولة لإنتاج صيغة جديدة لموازين القوة والسلطة فيما بينها، وهما يعلمان ويدركان أن تحالفهما (كاثوليكي)خاصة في شروط المصالح التاريخية، والاهداف السياسية الاستراتيجية، التي جمعتهما، وقادتهما للمشاركة في الانقلاب وتفجير الحرب، ويدركان على التباينات الطارئة فيما بينهما، وأكثر من غيرهم خطورة فكاك أو ضعف التحالف القائم فيما بينهما، فالمصالح المشتركة استراتيجية والتعارضات ثانوية/ تكتيكية، لأن تحالف الانقلاب والحرب تأسس على قاعدة العداء العميق لمخرجات الحوار الوطني الشامل، الذي محتوياته تنقض جذرياً أي إمكانية لبقاء واستمرار دولة المركز العصبوية التاريخية، والأمر الأخر الذي يوحدهما هو رفض القرار الأممي (2216) وهو ما يجعلهما دائماً يتجاوزان التعارضات الثانوية والعارضة في ما بينهما.
فلا ننشغل ونقف طويلاً أمام ما يروج له الإعلام الحوثو/ عفاشي، وزبانيتهم، أو بعض النخب الثقافية من جماعة صالح الذين جرى إقصائهم جزئياً أو نهائياً من صورة المشهد والقسمة (المحاصصة)، ومن يهولان من التعارضات العابرة ويرفعونها لحد التناقضات إنما هم أصحاب المصالح الصغيرة المفقودة والانتهازيين والمنتفعين الصغار من خارج دولة المركز التاريخي.
وقد قالها أبن خلدون "فاز المتملقون" الذين يعبدون الأرض لخراب الدول، لان الإنتهازيين ليسوا كأي قاتل مأجور يقتل بيده ويذهب إلى سبيل حاله، وانتهى الأمر، لان الإنتهازيين هم مقدمة واساس كل الفضائع والجرائم بقفازاتهم الحريرية يمررون ويبررون ناعم القتل، ومن خلال سلوكهم السياسي العملي المزدوج الرخيص يشرعنون لكل الجرائم، وبذلك سلاحهم أمضى من كل القذائف والمقاصل.
ورحم الله عبدالرحمن الكواكبي الذي قال:" إن ما يثير الدهشة حقاً هو استجابة العقلاء إلى الاستبداد وليس البسطاء، فما أكثر المؤرخين الذين يسمون المستبدين بالرجال العظماء، وما أكثر من تحدثوا عن الاستبداد بوصفه فضيلة، إن المستبد لا يمكن أن يكون عادلاً ".
ويبقى الاستبداد الحوثي/ الصالحي اليوم عارياً من أي دعوة للعدل والمساواة أو الحرية، إننا حقاً أمام انقلاب فاشي/ ديني (سلالي/ عائلي) يحاول جاهداً الحفاظ على ما تبقى من دولة "القُبل السبع" و لا مانع من المحاصصة في واقع موازين القوى الحاصلة اليوم على الارض، مع وافدين جدد (من خارج المركز السياسي التاريخي)، أخرون أقتحموا المشهد رغما عنهم، بقوة قانون الإصلاح والتغيير، وهو ما لم يدركه البعض من دعاة إيقاف الحرب والسلام والتسوية السياسية كيفما أتفق !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق