محمد عبدالله الفقيه_ القاهرة
_______________
كُثرت وتعددت، وتنوعت وعودهم الخلبية، ليس بصرف الراتب في زمن لن يأتي- إلا بالمقاومة- بل ويصرخون من أن الاتي هو الاجمل، فقط الصبر، على المكاره التراجيدية التي نعيشها اليوم، وبعدها سندخل إلى جنة الوعود المنتضرة، التي تقول جميع المؤشرات السياسية، والاقتصادية، والمالية، والحقائق العسكرية، الجارية إن القادم هو الاسوأ، على كافة المستويات، وكل ما يقولونه ليس اكثر من تهريج، و بيع للوهم والزيف في رصيف شارع الكلام الفارغ من المعنى، لشعورهم، بل وادراكهم ان زمن الفعل، وارادة الفعل، لدينا ما تزال في حالة سبات، وكمون، وتواكل، وانتظار، للذي يأتي، ولن يأتي.
ما يزال تاريخ الاستلاب، لإرادة الفعل لدينا، وفينا، يفعلان فعلهما. في استمرار اغترابنا، عن الفعل، وعن الدفاع عن الحق، نحن حتى اللحظة لم ندخل دائرة الدفاع عن (الحق) والحقوق عامة، حقنا، بالقول، والكلمة، والخطاب، وهي القضايا الاولية المصادرة، فكيف بنا والفعل، أو الدور الممارسي الغائب، بعد ان خذلنا ثورة الشباب(القوة الحية والفاعلة في المجتمع)، ولأكثر من ثلاث، واربع سنوات، نسير على ومع تاريخ ما راكموه وقاموا به من تضحيات بالقطع، وعدم التواصل والاتصال، كان خذلاننا لهم عظيما، مع تثبيطنا لعزائمهم، وعدم دعمنا ووقوفنا مع تحركاتهم الفعلية، من بداية رفضهم، السياسي، والعملي للانقلاب واصرارهم في كل ساعة وحين للنزول للشارع، وعدم تأييدنا مبادراتهم الثورية الجماهيرية الحية، بل وتقاعسنا عن الدفاع عن تحركاتهم الثورية حتى ببيان سياسي، والتي كان من الممكن أن تؤسس في حينه لفعل (ما)، لن نبكي اليوم على اللبن المسكوب، ولكن علينا أن نرى نصف الكأس المملوء، ونشتغل على ما هو حاصل من اختمارات، واعتمالات، وتململات، وتحركات تحت الرماد، أن مستعظم النار من مستصغر الشرر. كما اعلنها قديما الشاعر، الامير/ نصر بن سيار (أرى بين الرماد وميض جمر/فاحرص أن يكون لها ضرام/ فالنار بالعودين تذكي/ وإن الحرب أولها كلام)، ونحن حتى الان لا نفعل، ولا نتكلم بما يوازي الفعل ويسد عجزنا فيه، بل إننا لم نقل شيئا حقيقيا، يترجم موقفنا السياسي من الكارثة الوطنية، التي صنعها وانتجها فعليا تحالف الانقلاب، والحرب (الامامة/ والجملكية) في صورة ثورة مضادة شاملة، ما يزال البعض يسميها، بصراع، الاطراف المتحاربة، وذلك حقهم وخيارهم المقدر من لدينا كموقف سياسي لهم، مع اختلافنا الجذري معه، ويبقى في حدود الاختلاف في الرائ، وفي الموقف السياسي، الذي لن يفسد ما بين الناس من مودة، ويجب أن لا يحمل الاختلاف في الرائ أكثر مما يحتمل.
من يتصدر المشهد، ويرتقي منصة القيادة (الفعل) في عملية سياسية ثورية، عليه أن يدفع ثمن خياره، إن لم يكن فعلا ملموسا، فعلى الاقل قولا موازيا للفعل ومكملا له، وهذا اضعف الايمان، عملا بحديث رسولنا العظيم.
فالمواقع، والمراكز، في الاحزاب الثورية، ليست للمنجهة، ولاللنجومية الاعلامية، ولا هي مراكز تشريفية، فهي تكليف صعب، والقبول بها تحدي للدخول للاصعب، ومن لديهم غالباً حساسية، واحساس عالً، بالمسؤولية، هم من يرفضون هذه المواقع ليس خوفاً من تبعاتها، ولكنهم يتهيبون من عدم القدرة على الانجاز كما يجب، خاصة في الاحزاب التي لديها ادنى شبهة بالمعارضة، لأنه يدرك أن المطلوب منه، قيمة اضافية، اخلاقية، قبل السياسية، موقع، ومركز للانتاج المثمر الخلاق له تبعاته، خاصة وأنه يضعك في مواجهة مع المستبدين، والفاسدين، والطغات، ولا اعتقد أن اليمن، واليمنيين، شهدوا في كل تاريخهم القديم، والوسيط، وحتى التاريخ المعاصر، ما هو ابشع واسوأ مما يحييون فيه هذه الايام، لقد بلغ جنون الطغيان، اقسى درجات العنف، والوحشية ، لم تختطف فيه الدولة، ومؤسساتها، وتنهب اموال الشعب، قطرة، قطرة، بل وتغتصب فيه ارواحهم، وما تبقى من قوت يومهم، دون ذرة احساس-ما نبالي-ومن هنا اهمية، وقيمة الموقع في الحزب الثوري، وما نقوله ليس دعوة للمواجهة الانتحارية، ولاهي تحريض للقفز على حقائق الواقع على الارض، بل تمثل روح المسؤوليه، بما يستدعيه ويتطلبه الموقف، وليس هروباً، وتثبيطاً للعزائم.
ما تزال لدينا قدرة استنهاض إرادة الفعل للاصلاح، والتغيير، والواقع، يشيئ ويدلل بأكثر من مؤشر على ما يشير ويؤكد على هذا المعنى.
فقط نستنهض قوانا جميعا، ونتحرك باتجاه وحدتنا، ووحدة إرادة الفعل فينا جميعا، بعيدا عن المكايدات الصغيرة، واللعب الكلامية الصبيانية (ردات الفعل، التي تعكس عدم رغبة كامنة للفعل) وسيكون لدينا من إرادة الفعل، الكثير للتغيير، فقط نتحسس مكامن القوة فينا، بوحدتنا مع قوانا الحية الشابة، في جميع منظمات احزابنا، ومنظمات المجتمع المدني الحية، وكافة اصحاب المصلحة في الاصلاح، والتغيير، بعد اهمالنا للقضية التنظيمية طويلا، وهو ما يجب علينا استنهاضه في داخلنا، وفي احزابنا، لتعود الحياة الحزبية، والسياسية، إلى طبيعتها السوية.
فقط لنبدأ التفكير بخطوات عملية بهذا الاتجاة معا، وجميعا (شرعية/ ومكونات، وشباب ثورة) لان ما ينقصنا هو تشتت، وارتباك، العامل الذاتي فينا، وتضخم الأنا، والذاتية المريضة، افة الانتلجنسيا، في طور انحدارها، وليس قمة صعودها العظيم، وهذه واحدة من أمراضنا المزمنة، التي لم نساعد أنفسنا على تجاوزها والتخلص منها، لان البعض منا، ما يزال متحوصل ومتشرنق حول ملكوت اسمه، وذاته، وتلكم هي واحدة من مشاكلنا الذاتية المستعصية.
وفي تقديري إننا لن نتمكن من مواجهة المستبدين، والطغاة الفاسدين، ونحن محشورين، ومدججين، بالانتهازية، والانتهازيين، والوصوليبن، مرتزقة السياسة، للقفز للاعلى، الذين تدربوا، وتربوا عليها نفسياً، وسلوكياً، عبر تنقلاتهم بين المراتب، الوصولية، في مواخير السياسة، العفنة، العديدة، فالفساد، والفاسدين، لن يواجهوا سوى بقيم مضادة، قيم النزاهة، والاخلاق الرفيعة، والتضخية، دون مقابل، ما لم فسيبقى الفارق، بيننا وبين احزاب، وجماعات الفساد، فارقاً، في الدرجة، والشكل، وليس في الطبيعة، والجوهر.
حين ندرك ونعي كل ذلك، لن نحصل على بسيط ما تبقى من الراتب الذي لايقيم الأود، بل سيتحول الراتب إلى قضية سياسية، وبوابة تقودنا للتغيير، ولاستعادتنا للشرط السياسي الغائب، والمصادر في جب الانقلاب، متجاوزين حالة خوفنا وشلل قدرتنا على مواجهة الانقلاب، باسمه، وصفاته، كعنوان للكارثة، السياسية، والوطنية، التي نعيشها.
بعيدا عن خلط اوراق، الذاتي، بالموضوعي، ومكر المكايدات الذاتية الصغيرة، بالارتفاع إلى قمة هرم المسؤوليات الوطنية الكبرى الملقاة على عاتقنا جميعا، من قمة هرم المسؤولية، إلى ادنى مستويات المسؤولية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق