محمد دبوان المياحي
_____________&
يا الله هل ترى هذا الطفلُ الشاحب، انظر إليه ألا يُحزنك هذا يا إلهي، تأمّله قليلاً كم يبدو مُنهكا من عذابات الوجود، من ذا الذي أهدرَ حياة الأطفال هكذا يا الله..!
مزقتني صورتك يا طفلي المُعذب، مررتُ بجوارك وشعرتُ بالخجلِ من وجودي، التقطتُ لكَ هذه الصورة وأنت نائم، سامحني أيّها الصغير، ليس من حقي أن أصورك دون موافقتك؛ لكنني فعلتها، لم أشأ أن اوقظك، ولم أكُن أملك مصروفا أدسه في جيبك وأغادر، تأملتكَ لبرهةٍ من الزمن ومضيتُ، أحسستُ بتفاهةِ الحياة، شعرت بمرارة تنهشني من الداخل، حالة من الكربة الغريبة ضربتني في الاعماق، بكيت بحرقة، هذا أقصى ما يمكنني فعله لمعالجة ذاتي التائهة، ثم واصلت المسير، قلت سأخبر العالم عن الطفولة اليمنية المحروقة في القرى والجبال والأرياف، عن الهوان الذي يعيشه أطفال اليمن، وعن الحياة الهزيلة التي تفتك بالانسان اليمني منذ ميلاده الأول على هذه الأرض المستباحة، وعلى هذه الجغرافيا المسكونة بالجن والطغاة ومردة الحياة..!
سأخبركَ يا إلهي عن مأساة هذا الطفل، الساعة الثانية بعد الظهر، وبالتحديدِ في ثالث أيام العيد، ذهب الطفل يجلبُ الحشائش لمواشي أمه فأنهكته حرارة الشمس وداخ هنا، سقطَ جسده الغض متعباً، استرخى هنا ونام..
هذا طفلُ يا بني الانسان، جسده ما زال هشاً وسواعده نحيلة لا تقوى على عمل كهذا، ذهب الصغير يؤدي مهمة شاقة ونام بثيابه الممزقة تحت شجرة في الوادي، نام على بطنه وأسند ظهرة للسماء، كأنه يشكو إليك يا الله حاله في العيد، كأنه يقول يارب أنا منهك من الحياة، لسعتني حرارة الشمس وجلدي ما زال رقيقا لا يتحمل لهب كهذا.. يارب، نحن في العيد لماذا لا أملك لعبة مثل أطفال العالم، لماذا لا نخرج للحدائق مثل كل الصغار في هذا الكوكب، لماذا نحن بائسون هكذا يا مولاي..؟!
صغار الشعوب في نهارات العيد يصنعون المرح في الشوارع والازقة والحارات ويركضون في المنتزهات، وأطفالنا تنهشهم الحياة ويتناوشهم العذاب كل لحظة..
انظر يا رب ماذا فعل الأشرار بحياة أطفالك، عجل بخلاصنا يامولاي، تعبنا يارب، تعبنا كثيرا..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق