هاجر هشام
_______&
ليل دامس وصمت يقطعه تلاطم أمواج البحر، هكذا تتذكر منى عوض، اللاجئة الصومالية، 20 عاماً، آخر مشهد هادئ في رحلتها البحرية للهرب من اليمن بسبب الصراع هناك، عبر ساحل الحديدة، غرب البلاد، مروراً بالسودان وليبيا، بهدف الوصول إلى إيطاليا، قبل أن يكسر الصمت صوت أزيز مروحية أعقبه طلقات تخترق سفينتهم.
تقول الفتاة، التي سكنت مخيم “حرز” لللاجئين باليمن، وكانت أحد الناجين، الشهر الماضي، من حادث الهجوم على قارب كان يقل 154 لاجئاً صومالياً، راح ضحيته 32 منهم، إنها رأت مصابين وآخرين يلقون بأنفسهم إلى البحر خوفاً من الموت بالرصاص ليموتوا غرقاً، بينما نال بعضهم فرصة أخرى للنجاة مثلها.
الهجوم الذي اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش “به قوات التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية، لكونها الطرف الوحيد الممتلك لمروحيات عسكرية بين أطراف النزاع اليمني، كان سبباً في فشل مسعى “منى” وآخرين للهرب من “عيشة لا تطاق”، حسب وصفها، أثناء الحديث مع “360 دوت ميديا”، قائلة إنها دفعت 2500 دولار لتصل السودان، وكان عليها دفع مبلغ 1500 دولار آخرين للوصول إلى إيطاليا.
هرباً من حرب دائرة في بلادهم في تسعينيات القرن الماضي، لجأ الصوماليون إلى العيش في اليمن بطرق شرعية وأخرى عبر مراكب هجرة غير مقننة، وظل الأمر كذلك حتى مع بداية الاضطرابات هناك عام 2011، فبحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، استقبلت اليمن 22 ألف لاجئ ومهاجر في الثلاث أشهر الأولى من هذا العام.
عبدالقادر أحمد حسن شيخ، أحد آلاف اللاجئين الصوماليين باليمن، الذين اندمجوا داخل المجتمع هناك، إذ استوطن صنعاء منذ عام 1993، وأنشأ منظمة لحماية حقوق الجالية الصومالية والدفاع عنها، سماها منظمة الحقوق المدنية الصومالية.
بعد الحرب اليمنية، أصبح “شيخ” يعاني كغيره من مشكلات الأمن وتوفير الغذاء في صنعاء بعد الحرب هناك، قائلاً لـ”360 دوت ميديا” إن كثير من الصوماليين خسروا وظائفهم ومصادر دخلهم، وأصبح النجاة أمراً صعباً إذ أن القادرين على توفير ثمن رحلة هجرة غير شرعية ليسوا بكثيرين بين الصوماليين، خاصة مع تدني المستوى الاقتصادي للقاطنين منهم في المخيمات.
آلاف الصوماليين باتوا يهربون من الوضع في اليمن عبر طرق غير شرعية، بعد دخول قوات التحالف العربي دائرة الصراع هناك، بحسب الأمين العام للجالية الصومالية هناك، سعيد حسن عيده، الذي أكد في حديثه لـ”360 دوت ميديا” أن فرص الهرب زادت بعد مشاركة السعودية في الحرب، وبحسب تقديرات مفوضية شؤون اللاجئين، فإن قوارب الهرب غير الشرعية حملت قرابة 117 ألف لاجئ خلال عام 2016، أغلبهم صوماليين.
كحال اليمنيين، يعاني الصوماليون، بحسب “عيدة”، من قلة توفر الغذاء والمياه، إضافة إلى تأثرهم بالظروف الأمنية هناك، وأشارت الإحصاءات الميدانية عام 2015، إلى أن قرابة 350 لاجئاً صومالياً لقوا حتفهم منذ بدء الحرب بين الحوثيين وقوات الرئيس هادي في المناطق الجنوبية لليمن. في تصريح، لـ”360 دوت ميديا”، قالت المتحدثة باسم المفوضية، شابية مانتو، إنهم يساعدون اللاجئين الصوماليين في اليمن، لكن الظروف هناك تصّعب إيصال كل الاحتياجات إلى مستحقيها.
“منى”، التي نجت من حادث الهجوم على القارب، ترقد الآن في مستشفى الحديدة، للتعافي من إصابتها، تؤكد أنها ستعيد الكرّة ثانية وستحاول النجاة بنفسها من المخاطر التي تحيط بها في اليمن.
المصدر موقع 360
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق