قصة_ ناجي ناجي
عاشت الجمهورية..
تسقط الجمهورية الملكية..
تسقط الملكية
ظهرت نتائج الثانوية العامة، مصحوبة بقرار سنة الزامية للتدريس، كان ذلك في غرة يوليو من عام 1967، فأختار زكريا مادة التاريخ، وأختار إبراهيم مادة الرياضيات، وفي نفس الفترة، صدر قرار بنقل المقدم محمد حسين إلى هيئة الأركان في صنعاء وترقيتة إلى رتبة عقيد، فاظهر العقيد جديته في ديوان بيت عبدالكريم، في مقيل الوداع، بدء مشرق الوجه جاد الملامح، قال: عاد من القاهرة الأحمر والعمري وكل حلفائهم الذين سيسعون جاهدين لبسط جمهوريتهم على كل اليمن، وبات بقاء السلال قاب قوسين أو أدنى، والقوات المصرية، حدد موعد خروجها، يعني خلاص(تمينا)
- والملكية!!
- الملكية من الماضى.. والماضى لا يعود.. لكن التأثير المصرى السعودي هو الذى أطال أمد الحرب وكما قيل سابقا.. نحن اليمنيين (نسد بيننا البين)، حينها سيقرر اليمنيون.. لا للملكية بكهنوتيتها، ولا للجمهورية(بمجانينها).
فسأله أحد الحاضرين:
- وما هي الضمانات
-الضمانات، الأحمر، وقبلية حاشد.
*****
وحين حانت ساعة الرحيل، قاد عبدالكريم عمه العقيد إلى غرفة خديجة فتوادعا وداعا حاراً، بعدها رافقه إلى باب الدار.
صعد فوق سيارته ومضى إلى منزلهرغم إرتياحه من نقله إلى صنعاء وترقيته، كان أمله أن يرى اليوم عاتكة، ولو بطرف عين.. على الأقل كان عليها أن تسمِعه صوتها من خلف بابها، لشعر أنها ستفقد بغيابه شيئ بسيط مما يشعر به.
*****
تنفست عاتكة عن كربتها، فقد ضلت تراوغ القبيلي، وتتحمل مجاملته بتكلف من أعصابها ووجع راسها، فقالت: الحمد لله الذي كفانا شره.
*****
مر يوم 26سبتمبر بلون رمادي، وغطاء أسود يرتفع من الشرق رويدا رويدا، حتى أكمل بسط ردائه المظلم في سماء 5 نوفمبر 1967.
*****
بدإت السنة الدراسية، وراح زكريا وإبراهيم يواصلان مشوارهما الطويل كل صباح، من المدينة إلى مدرسة الكويت الإعدادية في الجحملية، والعودة من الجحملية إلى المدينة، لكنه الواجب، في كثير من الأيام، يكون الذهاب والعودة مشيا على الأقدام، وفي يوم من أيام أكتوبر 67، وبعد أداءه حصته في مادة التاريخ، ترك المدرسة عائداً إلى المدينة، شاعراً بضيق في نفسه، وفي ساحة باب موسى الخارجية، صادفه، ابن عباس- سائق شاحنة انتر ناشيونال، ربما الوحيدة في المدينة، كان ابن عباس زميل دراسة وزميل حارة، ترك المدرسة وعمل معاون سائق شاحنة ثم أصبح سائق شاحنة..
كان للسائقين حظوة بين الناس، في سوق القات وفي المطاعم، كان ابن عباس بفوطته الدنقل، الملفوفة حوله بعناية تامة، يلف في وسطه الكمر الاحمر وشميز مكوي، ناصع البياض، وفوق رأسه يلف مشدته الرشوان، منحنية إلى الأمام(لزوم الهنجمة)، عرض عليه أن يصاحبه إلى الحديدة، فقال له إنه ملزم بتدريس مادة التاريخ في مدرسة الكويت الإعدادية، فأكتفي بعزومة الغداء والقات، ذهبا إلى سوق القات .. عند مجرى سائلة باب موسى، أخذ ابن عباس لكل منهما أربعة مناديل.. قات صناحفي من الدرجة الأولى، ثم سارا إلى قبة العربدي، تناولا الغداء.. سلتة ولحم رضيع، ثم أفترقا..
إتجه زكريا إلى سوق الشنيني، أعطى والده منديل قات، وسار على غير هدى، فوجد نفسه يطرق باب بيت خبازة تفاجأت الخبازة بوجود زكريا يطرق بابها، فهو لم سيبق له المجيئ، رحبت به مفسحة له الدخول متسائلة: - ما الذي جاء بك.. ماذا تريد!!
- لا شيئ.. فقط لتناول القات بعيداً عن الناس.. أشعر بضيق في النفس.
أخذته إلى مكان قصى، أعطاها منديل قات، وطلب منها ألا تنشغل به كأنه غير موجود.
كانت تجلس معه، حين لا يوجد أحد، وحين يطرق باب المنزل، تقفل عليه الباب.
سألها متبسطا الحديث معها:
- من أين تاتين بكل هؤلاء!!
- أخذ ما عند الطرف الاول لتلبية رغبات الطرف الثاني وأخذ ما عند الطرف الثاني لتلبية رغبات الطرف الأول.
فضحك حتي كاد أن يشترغ بالقات.
*****
بعد آذان العشاء، كان زكريا غالب، في المنزل مع بقية الاسرة، كان الحديث بينه وبين فاطمة لا ينقطع في كل مساء حول إنقلاب 5نوفمبر، الذي لم يعني شيئا لغالب وزوجه، لكنه كان يبتسم لهما، كعادته، كانت فاطمة مستبشرة بفتح المجال واسعا أمام القوى الثورية لتأخذ مكانتها في قيادة البلاد وإخراجها من الظلمات إلى النور متأثرة بأخيها الملازم، في ما كان لزكريا غالب رأيً أخر، فقال بابتسامته الساخرة:
- الكل يعمل بعمل قانون الغلبة، وأول المتضررين هم العاملون به، وقانون الغلبة لا يعطيك الفرصة لتواسي المغلوب، وتهني الغالب. فقبل الوصول لتهنئته، يكون قد تحول إلى مغلوب من طرف أخر.. إنه قانون عجيب.
وفي مقصف المدرسة، ردد ذلك أمام زملائه المدرسين، والطلاب فقال أخر:
- لكنه قانون الحياة أو قانون الجدل..
كيف نعتبر القانون خارج اليمن تطور وتقدم!!.. وإذا أخذناه في اليمن، يكون نكوصا ورجعية!!.
- تقصد تحالفكم مع الرجعية في 5نوفمبر!!
- نعم
- تلعنون اليمين الرجعي في النهار، وتبيتون تحت أجنحته ليلا
- بقانون الجدل
- لأنكم في مرحلة الطفولة ستذهبون عطشانين وستعودون قتلى، ومن يعرف طفولة اليسار (الماركسيين والبعثيين والمستقلين) قد تستمر فيكم من ستين إلى ثمانيين سنة قادمة أو قد تزيد.
- أنت تخاف من الإقدام والمجازفة، وكل تحالف هو إقدام ومجازفة، والعمل السياسي إقدام ومجازفة قد تنجح وقد تفشل، لكننا نحاول المضي وفق القانون، الذي يقول، كل شيئ يحمل نقيضه، والقوى الرجعية ستحملنا معها.. ولأننا نقيضها سنقضي عليها.
- يبدو، أنكم أنتم تحملون نقيضكم الذي سيقضي عليكم.. تذهبون إليهم وتقولون لهم بأنكم ستقاتلون عنهم اليوم.. حتى ليسهل لهم قتلكم غداً.. لكي تموتون شهداء، وتذهبون إلى جحيم الجدل والتطور.. إنه الغباء الفاحش، وتفسيري.. بأن القلة منكم مؤمنون باليسار، إيمان صادق، وأن الأغلب معها قولا ومع اليمين الرجعي عملا، ذلك أن الاقتناع النظري لم يؤثر على سير الأفعال المرتبطة بنفسية الرعوي وبعقلية القروي، بالإضافة إلى ذلك وجود الإنتهازي والمنافق والعميل المزدوج، وفوق كل ذلك، هيمنة القبيلة السياسية.
- ربما يتحقق لنا ما تحقق لليونان من حصان طروادة
- ههههههههههههه
ضحك ضحكة طويلة.. ثم قال:
- ستكونون طروادة نفسها.... يتبع الحلقة السادسة.
نهاية نوفمبر 2015..
- والملكية!!
- الملكية من الماضى.. والماضى لا يعود.. لكن التأثير المصرى السعودي هو الذى أطال أمد الحرب وكما قيل سابقا.. نحن اليمنيين (نسد بيننا البين)، حينها سيقرر اليمنيون.. لا للملكية بكهنوتيتها، ولا للجمهورية(بمجانينها).
فسأله أحد الحاضرين:
- وما هي الضمانات
-الضمانات، الأحمر، وقبلية حاشد.
*****
وحين حانت ساعة الرحيل، قاد عبدالكريم عمه العقيد إلى غرفة خديجة فتوادعا وداعا حاراً، بعدها رافقه إلى باب الدار.
صعد فوق سيارته ومضى إلى منزلهرغم إرتياحه من نقله إلى صنعاء وترقيته، كان أمله أن يرى اليوم عاتكة، ولو بطرف عين.. على الأقل كان عليها أن تسمِعه صوتها من خلف بابها، لشعر أنها ستفقد بغيابه شيئ بسيط مما يشعر به.
*****
تنفست عاتكة عن كربتها، فقد ضلت تراوغ القبيلي، وتتحمل مجاملته بتكلف من أعصابها ووجع راسها، فقالت: الحمد لله الذي كفانا شره.
*****
مر يوم 26سبتمبر بلون رمادي، وغطاء أسود يرتفع من الشرق رويدا رويدا، حتى أكمل بسط ردائه المظلم في سماء 5 نوفمبر 1967.
*****
بدإت السنة الدراسية، وراح زكريا وإبراهيم يواصلان مشوارهما الطويل كل صباح، من المدينة إلى مدرسة الكويت الإعدادية في الجحملية، والعودة من الجحملية إلى المدينة، لكنه الواجب، في كثير من الأيام، يكون الذهاب والعودة مشيا على الأقدام، وفي يوم من أيام أكتوبر 67، وبعد أداءه حصته في مادة التاريخ، ترك المدرسة عائداً إلى المدينة، شاعراً بضيق في نفسه، وفي ساحة باب موسى الخارجية، صادفه، ابن عباس- سائق شاحنة انتر ناشيونال، ربما الوحيدة في المدينة، كان ابن عباس زميل دراسة وزميل حارة، ترك المدرسة وعمل معاون سائق شاحنة ثم أصبح سائق شاحنة..
كان للسائقين حظوة بين الناس، في سوق القات وفي المطاعم، كان ابن عباس بفوطته الدنقل، الملفوفة حوله بعناية تامة، يلف في وسطه الكمر الاحمر وشميز مكوي، ناصع البياض، وفوق رأسه يلف مشدته الرشوان، منحنية إلى الأمام(لزوم الهنجمة)، عرض عليه أن يصاحبه إلى الحديدة، فقال له إنه ملزم بتدريس مادة التاريخ في مدرسة الكويت الإعدادية، فأكتفي بعزومة الغداء والقات، ذهبا إلى سوق القات .. عند مجرى سائلة باب موسى، أخذ ابن عباس لكل منهما أربعة مناديل.. قات صناحفي من الدرجة الأولى، ثم سارا إلى قبة العربدي، تناولا الغداء.. سلتة ولحم رضيع، ثم أفترقا..
إتجه زكريا إلى سوق الشنيني، أعطى والده منديل قات، وسار على غير هدى، فوجد نفسه يطرق باب بيت خبازة تفاجأت الخبازة بوجود زكريا يطرق بابها، فهو لم سيبق له المجيئ، رحبت به مفسحة له الدخول متسائلة: - ما الذي جاء بك.. ماذا تريد!!
- لا شيئ.. فقط لتناول القات بعيداً عن الناس.. أشعر بضيق في النفس.
أخذته إلى مكان قصى، أعطاها منديل قات، وطلب منها ألا تنشغل به كأنه غير موجود.
كانت تجلس معه، حين لا يوجد أحد، وحين يطرق باب المنزل، تقفل عليه الباب.
سألها متبسطا الحديث معها:
- من أين تاتين بكل هؤلاء!!
- أخذ ما عند الطرف الاول لتلبية رغبات الطرف الثاني وأخذ ما عند الطرف الثاني لتلبية رغبات الطرف الأول.
فضحك حتي كاد أن يشترغ بالقات.
*****
بعد آذان العشاء، كان زكريا غالب، في المنزل مع بقية الاسرة، كان الحديث بينه وبين فاطمة لا ينقطع في كل مساء حول إنقلاب 5نوفمبر، الذي لم يعني شيئا لغالب وزوجه، لكنه كان يبتسم لهما، كعادته، كانت فاطمة مستبشرة بفتح المجال واسعا أمام القوى الثورية لتأخذ مكانتها في قيادة البلاد وإخراجها من الظلمات إلى النور متأثرة بأخيها الملازم، في ما كان لزكريا غالب رأيً أخر، فقال بابتسامته الساخرة:
- الكل يعمل بعمل قانون الغلبة، وأول المتضررين هم العاملون به، وقانون الغلبة لا يعطيك الفرصة لتواسي المغلوب، وتهني الغالب. فقبل الوصول لتهنئته، يكون قد تحول إلى مغلوب من طرف أخر.. إنه قانون عجيب.
وفي مقصف المدرسة، ردد ذلك أمام زملائه المدرسين، والطلاب فقال أخر:
- لكنه قانون الحياة أو قانون الجدل..
كيف نعتبر القانون خارج اليمن تطور وتقدم!!.. وإذا أخذناه في اليمن، يكون نكوصا ورجعية!!.
- تقصد تحالفكم مع الرجعية في 5نوفمبر!!
- نعم
- تلعنون اليمين الرجعي في النهار، وتبيتون تحت أجنحته ليلا
- بقانون الجدل
- لأنكم في مرحلة الطفولة ستذهبون عطشانين وستعودون قتلى، ومن يعرف طفولة اليسار (الماركسيين والبعثيين والمستقلين) قد تستمر فيكم من ستين إلى ثمانيين سنة قادمة أو قد تزيد.
- أنت تخاف من الإقدام والمجازفة، وكل تحالف هو إقدام ومجازفة، والعمل السياسي إقدام ومجازفة قد تنجح وقد تفشل، لكننا نحاول المضي وفق القانون، الذي يقول، كل شيئ يحمل نقيضه، والقوى الرجعية ستحملنا معها.. ولأننا نقيضها سنقضي عليها.
- يبدو، أنكم أنتم تحملون نقيضكم الذي سيقضي عليكم.. تذهبون إليهم وتقولون لهم بأنكم ستقاتلون عنهم اليوم.. حتى ليسهل لهم قتلكم غداً.. لكي تموتون شهداء، وتذهبون إلى جحيم الجدل والتطور.. إنه الغباء الفاحش، وتفسيري.. بأن القلة منكم مؤمنون باليسار، إيمان صادق، وأن الأغلب معها قولا ومع اليمين الرجعي عملا، ذلك أن الاقتناع النظري لم يؤثر على سير الأفعال المرتبطة بنفسية الرعوي وبعقلية القروي، بالإضافة إلى ذلك وجود الإنتهازي والمنافق والعميل المزدوج، وفوق كل ذلك، هيمنة القبيلة السياسية.
- ربما يتحقق لنا ما تحقق لليونان من حصان طروادة
- ههههههههههههه
ضحك ضحكة طويلة.. ثم قال:
- ستكونون طروادة نفسها.... يتبع الحلقة السادسة.
نهاية نوفمبر 2015..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق