وكالة أرصفة للأنباء_ تقارير
أثار قرار الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي يوم السبت بنقل جلسات البرلمان من صنعاء الى العاصمة المؤقتة عدن وإلغاء كافة القرارات الصادرة عنه منذ سيطرة الإنقلابيين على صنعاء ، موجة من الجدل في اليمن ، بين مؤيد ومبارك وبين معارض ومقلل من أهميته.
جاء قرار هادي مستنداً على المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وعلى نص المادة (66) من دستور الجمهورية اليمنية والمادة (5) من قانون اللائحة الداخلية لمجلس النواب اليمني، بحسب ديباجة القرار الرئاسي الذي أكد أنه جاء وفقاً للظروف القاهرة وللأوضاع الأمنية وللخطر الذي يهدد حياة اعضاء مجلس النواب وعدم امكانيتهم أداء مهامهم التشريعية والقانونية في مقر المجلس بالعاصمة صنعاء المحتلة من الإنقلابيين.
كما أقر هادي بإلغاء كافة القرارات الصادرة عن المجلس منذ سيطرة الإنقلابيين على صنعاء، واصفاً اياها بالقرارات الأحادية الباطلة، مشيراً بأنه سبق للحكومة الشرعية أن اعترضت ورفضت عقد جلسات البرلمان في صنعاء التي لاتزال تحت سيطرة الميليشيات الإنقلابية.
إنقاذ الأحمر
وما اثار الجدل هو سبب تأخر هذا القرار، لاسيما وانه جاء بعد نحو ستة أشهر من إستئناف الحوثيين لجلسات البرلمان بصنعاء، الأمر الذي اعطى للإنقلابيين فرصة سانحة لإتخاذ المزيد من الخطوات الإنقلابية وإصدار قراراتهم تحت قبة البرلمان لعل أهمها إقرار تشكيل المجلس السياسي الأعلى التابع للإنقلابيين.
وأكد المحامي الخاص للرئيس السابق علي عبدالله صالح “محمد مهدي المسوري” أنه صدر الإذن من النائب العام بإحالة نائب الرئيس اليمني اللواء علي محسن الأحمر إلى المحاكمة في قضية تفجير جامع دار الرئاسة في العام 2011 والذي تسبب بجروح بليغة للمخلوع آنذاك.
وأشار المسوري على صفحته في فيس بوك أن الدعوى الجزائية ضد اللواء الأحمر سترفع أمام المحكمة الإبتدائية في جلستها المحددة يوم الثلاثاء 14 فبراير2017م، مشيراً بأنهم لازالوا يترقبون مجلس النواب لإصدار قرار برفع الحصانة البرلمانية عن حميد ومذحج وهاشم الأحمر ليتم إحالتهم إلى المحاكمة بجانب علي محسن الأحمر.
وأكدت وثيقة رسمية حصلت عليها إرم نيوز صحة ذلك الحديث، حيث اثبتت الوثيقة أصدار وزارة العدل التابعة للإنقلابيين بصنعاء مذكرة رسمية للبرلمان اليمني تدعوه الى المصادقة عليها، طالبت فيه برفع الحصانة البرلمانية عن ثلاثة من أسرة الأحمر اعضاء في البرلمان وهم حميد ومذحج وهاشم الأحمر.
ويبدو بأن قرار الرئيس هادي يوم السبت بنقل جلسات البرلمان إلى عدن وإلغاء كافة قراراته جاء بعد هذه الأجراءات التي بدأت بتنفيذها الميليشيات الإنقلابيين بصنعاء ضد برلمانيون من حزب الإصلاح اليمني، وخشيت من إضفاء شرعية لها من البرلمان.
ويرى محللون وبرلمانيون يمنيون أن قرار نقل جلسات البرلمان إلى عدن يعد قراراً جرئياً لسحب البساط وإستعادة الشرعية من الإنقلابيين، فيما يقلل أخرون من قابلية تنفيذه كونه يحتاج إلى الكثير من الجهد.
غير قابل للتنفيذ
ويرى البرلماني اليمني المستقل أحمد سيف حاشد في حديث خص به إرم نيوز إن جميع الأطراف تعبث بالحياة السياسية وتغرق بمزيد من المقامرة بالوطن و تتعاطى مع الوطن بإنعدام مسؤولية، وكان يفترض أن تحيد ما بقي من أجهزة ومؤسسات الدولة عن هذا الصراع المحتدم.
ويقول حاشد إن هذا القرار غير قابل للتنفيذ لأسباب كثيرة لعل أهمها، أن عدن غير آمنة، وكذا لأن الدستور حدد أن العاصمة صنعاء مقر للمجلس وحدد ظروف نقل المجلس باللائحة وأناطها بصلاحية المجلس لا صلاحية الرئيس، بالإضافة إلى صعوبة توفر نصاب انعقاد المجلس في عدن وإستحالة اتخاذ القرارات التي تحتاج إلى أغلبية خاصة.
ولفت حاشد أنه من الصعب إدارة صنعاء من عدن في الوقت الراهن على الأقل ناهيك عن الانقسام الموجود في المؤسسات المتبقية، بالإضافة إلى أن الحرب لن تكون ظرف مهيئ لاتخاذ هكذا خطوة، وبإعتقادي فلا أظن أن اتحاد البرلمان الدولي سيعترف بهكذا مجلس.
ويوضح حاشد أن البرلمان أنعقد في صنعاء في اغسطس / آب الماضي، بالنصاب “خمسين زائد واحد” ولكن هذا النصاب لم يستطع تأمين أي أغلبية خاصة، بالاضافة أن المجلس كان يفترض هو من يتولى السلطة لا يمنحها لطرف سياسي آخر كالمجلس السياسي للإنقلابيين، ثم أن كثير من الإجراءات التي تمت عوراء وهو حال سيتكرر في عدن أيضا وبغلظة ربما أكبر حد قوله.
خطوة جيدة ومتأخرة
ويقول الباحث في الشؤون الاستراتيجية اليمنية علي الذهب في حديث خاص لإرم نيوز إن هذا القرار ياتي في سياق استعادة الشرعية لسلطاتها التي صادرها قسرا، انقلاب سبتمبر/أيلول 2014، لكنه يرى أنه جاء متأخراً نسبياً، لأن الوقت المهدور أتاح للانقلابيين ممارسة الكثير من خطواتهم الانقلابية تحت غطاء البرلمان، ولعل أبرزها إقرار تشكيل المجلس السياسي الأعلى.
واوضح الذهب أن دستور الجمهورية اليمنية يتيح في المادة 66 انعقاد جلساته خارج العاصمة صنعاء وفقا للائحة الداخلية للمجلس، لكنه لم يحدد مسألة النقل، كما تشترط المادة 72 لصحة اجتماعاته حضور نصف الأعضاء بعد استبعاد الأعضاء الخالية مقاعدهم.
ويرى أن ذلك يبرز مشكلتين اولهما دستورية النقل، وليس الانعقاد، بحسب ما نص عليه قرار الرئيس هادي، وثانيهما اكتمال نصاب صحة الاجتماع، مشيراً أن القرار يحتاج الكثير من الجهد ليجد طريقه للتنفيذ قريبا، ما لم فسيمر بمخاض عسر على غرار نقل البنك المركزي.
وحول مشروعية القرار وقابلية تنفيذه قال الذهب إن تفعيل القرار مرهون بجدية أطراف الشرعية جميعا، من المكونات الحزبية التي لديها أعضاء في المجلس وتستطيع جعل هذا القرار واقعا ملموسا، دون مخالفة نصوص الدستور .
وعن ردة فعل إتحاد البرلمان الدولي حول قرار جلسات البرلمان اليمني إلى عدن، يؤكد الذهب أن الأمم المتحدة والجامعة العربية لا تعترف سوى بالسلطة الشرعية، والبرلمان الدولي ليس أكبر من هاتين الهيئتين الدوليتين وليس لموقفه تأثير جوهري.
قرار موفق ولا جدوى منه
يقول المحلل السياسي اليمني منصور صالح إن قرار نقل جلسات البرلمان إلى عدن يأتي في سياق توجه الرئيس لفرض سلطاته على كافة مؤسسات الحكم في البلد، وهو خطوة مهمة على طريق سحب البساط من سلطات الانقلاب وكذلك نحو تأكيد قرار اعلان عدن عاصمة سياسية.
لكن منصور يرى في حديث خاص لإرم نيوز أنه لاجديد يتوقع من هذا القرار، باعتبار المجلس مشلول كليا خاصة وانه يعتمد في قراراته على مبدا التوافق وفق المبادرة الخليجية وهذا امر يستحيل تحققه الا بتسوية سياسية شاملة، مشيراً أنه لا يعدو كونه ورقة سياسية فقط لمنع استخدام مسمى البرلمان في قضايا ومواضيع سياسية قادمة.
ويؤكد أن البرلمان اليمني لا قيمة له خاصة هنا في الجنوب، باعتبار أن اغلب اعضاؤه ينتمون لحزب المؤتمر وهو حزب المخلوع صالح وجميعهم استحوذوا على مقاعدهم عن طريق تزوير ارادة الناخبين والكثير من هؤلاء ولاؤهم مازال خالصا للمخلوع.
ويشير منصور في ختام حديثه أن قرار هادي بنقل جلسات البرلمان جاء بعد يوم واحد فقط من تلويح الإنقلابيين بمقاضاة اللواء علي محسن الأحمر ورفع الحصانة عن ثلاثة من اشقاءه الاعضاء في البرلما ، لافتاً أن ذلك يؤكد أن قرار النقل جاء بسبب ذلك خشية من إضفاء شرعية لذلك القرار الموجه ضد ثلاثة من أبرز قيادات حزب الإصلاح الجناح السياسي لجماعة الإخوان باليمن.
المصدر إرم نيوز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق