فتحي أبو النصر
تشبعوا برهبة الموت.. فلكم نحن ضعفاء ومشدوهين بالحقيقة الوحيدة التي نحاول عبثا أن نتهرب من الإقرار بها.. استمدوا من الموت قدرتكم اللانهائية على الحب فقط.. وافسحوا الرغبة لدموعكم الدفينة بالاندفاع لهذا اليقين الراجف.. استكينوا وتطهروا ولو قليلا من غموض الحياة واحقادها واوهامها: كلنا سنموت.
غير أن هذا الموت المباغت أعرفه جيدا يامحمد عبده العبسي.. هذا الموت التراجيدي الصاعق النذل لن يخدعنا بسهولة.
كل أطباء العالم لايستطيعون اقناعي بأنهم لم يسمموك.. كنت أنصحك وكنت تسخر.
كنت تقول لي: يالحسك الأمني المبالغ فيه.
كنت أقول لك وأنا اعرعر: لا اخشاهم ولا اخشى الموت ولكن يجب أن نعيش أطول وقت ممكن كي نموت باطمئنان وقد قرأنا على الأقل كل تلك الروايات الرائعة.
كنت تضحك بملامحك الطفولية الذكية والشقية، وتستعد للحشوش أو للمكارحة.
ثم فجأة وأنت تحدق في المجهول البعيد تغادر المقيل ولا نراك إلا فجأة بعد أسابيع وتحديدا بحسب مزاجك الشاعري المثقل بالقصائد العاطفية والوجودية المهربة.
إن صناعة القتل تزدهر ياصديقي.. وما زلت مذهولا.. كيف لا ألقاك بعد الآن.؟
رحمك الله يا محمد عبده العبسي.. تفقد الصحافة اليمنية ربانها الاستقصائي الأجمل والأمهر والأروع وأفقد صديقي الواضح والمنفعل والمغامر صاحب القصائد الخجولة والتحقيقات التي ازعجت لصوص الفساد وحيتانه وعتاولته الكبار.
من سممك يا محمد!!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق